بيروت- «القدس العربي»: في وقت استراح لبنان لأول مرة منذ شهر من السخونة الناتجة عن الانتخابات البلدية والاختيارية إلا أن السخونة التي طبعت نهاية الاسبوع المنصرم كانت أشد وطأة وهددت بإشعال فتنة طائفية في البلد بسبب التطاول على المقدسات لولا حكمة البعض وسرعة تطويقهم لذيول الاشكال بين جمهور نادي الحكمة ذات الاغلبية المسيحية وجمهور النادي الرياضي ذات الاغلبية السنية والذي اختلط فيه الدين بالرياضة وبالسياسة. ووصل الامر ببعض الاوساط إلى حد القول إن الرياضة في لبنان باتت تشبه السياسة.
وفي التفاصيل أن المباراة حول بطولة لبنان في كرة السلة بين الحكمة والرياضي على ملعب غزير في كسروان توقفت قبل دقائق قليلة على نهاية الربع الثالث بسبب اشكال حصل على ارض الملعب عندما كانت النتيجة تشير إلى تقدم الرياضي بنتيجة (61-51).
ووقع الاشكال عندما توجّه نائب رئيس النادي الرياضي تمام الجارودي إلى طاولة الحكام، حيث ظهر وهو يعترض على أمر ما.
بعدها بدأت الامور تتشنج، ثم بدأ بعض الاشخاص برمي زجاجات مياه على ارض الملعب فأصيب امين سر النادي الرياضي مازن طبارة في رأسه ووقع ارضاً، فإنسحب بعدها لاعبو الرياضي من ارض الملعب، في وقت عملت القوى الامنية واعضاء الاتحاد اللبناني للعبة على محاولة تهدئة الامور.
واشار عضو اللجنة الادارية لنادي الحكمة باتريك عون إلى ان اللاعب الامريكي كريس دانيالز في فريق الرياضي عمد على استفزاز الجمهور بحركات غير اخلاقية اكثر من مرّة مما ادى إلى خروج الامور عن السيطرة.
في حين أعلن نائب رئيس النادي الرياضي تمام الجارودي ان اعتراضه أتى بعد احتساب خطأ على احد اللاعبين وبعد رمي احد المشجعين زجاجة مياه على ارض الملعب.
وعندما طلب الرياضي إخراج جمهور الحكمة من الملعب لاستكمال المباراة، رفض رئيس نادي الحكمة مارون غالب، فيما الرئيس الفخري لنادي الحكمة الاب جان بول ابو غزالة قال «أضع علامة استفهام على بعض الاشخاص الموجودين بين الجمهور، وانا اكيد انهم ليسوا حكماويين»، واضاف «هناك امور كثير ادت إلى هذا التشنج، والاتحاد يتحمل المسوؤلية الأولى عما حصل».
من ناحية اخرى، علّق رئيس نادي الرياضي هشام الجارودي، الذي كان يتواجد في ملعب فريقه قي المنارة مع جمهور كبير، على الاشكال قائلاً «نطلب من الاتحاد حل الامور بشكل سريع، إمّا اخراج الجمهور واستكمال المباراة او اعلان فوز الرياضي الذي يتقدم باللقاء».
وقال نائب رئيس النادي الرياضي تمام الجارودي «لا احمّل المسؤولية للجمهور بل للاداريين، واللعبة اكبر من مدرب او من رئيس نادي او حتى من ناديه»، وتابع: «نحن مستعدون لاستكمال المباراة في اي وقت».
أمّا وزير الشباب والرياضة عبدالمطلب حناوي فقال: «هناك جمهور واحد في غزير، ويجب على رئيس الاتحاد اللبناني ان يأخذ تدابير بما حصل»، ملمحاً إلى مسولية جمهور الحكمة في افتعال الاشكال.
وفي اليوم التالي لتوقف المباراة إتخذ الاتحاد اللبناني لكرة السلة برئاسة وليد نصار قراراً بإعلان فوز الرياضي على الحكمة بنتيجة 20 ـ صفر ما أغضب فريق الحكمة.
وتناولت «المؤسسة اللبنانية للارسال LBCI» التي تتولى نقل وقائع المباراة حصرياً ما حصل من اشكال على الشكل الآتي في مقدمة نشرتها الاخبارية «كرة السلة في لبنان تحوّلت إلى اللعبة الأكثر شعبية في العقدين الآخيرين، وذلك بفضل المستوى الذي بلغته، وبفضل العالمية التي حققتها وصار لها عشاقها، ولم يعد الاهتمام بها يقتصر على الرياضيين والعارفين باللعبة. كبرت اللعبة، لكن محيطين بها بقوا حيث هم فبدوا صغاراً حيالها. تقدمت اللعبة ولم يواكبها في التقدم لا بعض الجمهور ولا اتحاد اللعبة في مرحلة من المراحل، ولا رؤساء بعض الأندية في بعض المراحل. وبدلاً من ان يشكل هؤلاء رافعة ودعامة للفرق وللعبة، تحوّلوا إلى عبء عليها. ما حصل في ملعب غزير أسطع دليل على هذا الواقع، فريقان من أعرق الفرق اللبنانية ساهما معاً في ايصال اللعبة إلى المستوى الذي وصلت اليه. فلا يذكر «الرياضي» من دون «الحكمة» ولا يذكر «الحكمة» من دون «الرياضي»، إلى درجة يمكن القول معها لا رونق لأي «ماتش» ما لم يكن بين «الرياضي» و»الحكمة»، من دون التقليل من مستوى الفرق الأخرى طبعاً».
واضافت «هذا الطابع تحول إلى العلامة الفارقة لهذه اللعبة. هذا المستوى جعل اللبنانيين يعيشون في الأيام الأخيرة عرساً رياضياً، يتقدم على كل ما عداه من اهتمامات واستحقاقات، فكانت السلة أكثر اهتماماً من الصندوقة. وراح اللبنانيون يتابعون ما يدخل فيها من كرات، أكثر مما يتابعون ما يخرج من الصناديق من أوراق. لكن كل هذا الحلم انقلب إلى كابوس ليل الجمعة، بعدما تغلّبت انفعالات بعض الجمهور على اللوحات الرياضية الرائعة. وبعدما بدا بعض المسؤولين الاداريين في الأندية، أعجز من ان يضبطوا الجمهور.
فبعدما بدا الاتحاد قاصراً عن امتلاك الجرأة في اتخاذ القرار في اللحظة المناسبة، كان الثمن الكبير الذي دفعته اللعبة، وكان الاحباط الكبير الذي أصاب ملايين اللبنانيين الذين تسمّروا أمام الشاشات ليصعقوا بلوحات غير حضارية.
وفي الخلاصة، لا بد من القول أيها الاداريون، أيها المسؤولون في الاتحاد، يا بعض الجمهور الأرعن: ارفعوا أيديكم عن اللعبة ودعوا الرياضة للرياضيين وللفرق فهي وحدها قادرة على صناعة الفرق لا صناعة التفريق».
وتناول معظم الشاشات المحلية الاشكال الرياضي فرأت قناة OTV أنه «وسط مشهد التراجع العام والفوضى العارمة، عوّض فريق «الرياضي» على «المستقبل»، بفوزه ببطولة لبنان بكرة السلة. هو الفوز الوحيد. «الرياضي» أنقذ ماء وجه «المستقبل».
اما تلفزيون «الجديد» فأورد في مقدمته الاخبارية « لبنان سلّة، لا حكمة لبنيه وسياسييه، ولا روح رياضية تمكنت يوماً من التغلب على الأرواح الطائفية الطالعة من الكرسي إلى الملعب. وليلة «الحكمة»- «الرياضي»، على هذا المعدل، لن تكون مستغربة فهي طبق عن أصل. وإذا كان «ماتش» الأمس، قد وجد له حكاماً ولجان تقرير لاعلان النتيجة، فإن المباريات السياسية لا تجد حكماً يفصل بينها. وعلى هذا فإن الزعماء فالتون، وثمة زعماء قادمون ليملأوا الفراغ بالرجال المناسبة. وبمـا أن أشرف ريفي تقدم إلى صفوف فريق الهجـوم، بعد أن انتظر كثيراً في ملاعب الاحتيـاط، فالـوزير نهاد المشنوق انتقل من اللعب في خط الوسـط، إلى الهجوم والدفاع معاً، في رقصة سـياسية خطيرة لن يسجل فيها أي هدف ما لم يـسنده حارس مرمى مـستورد».
سعد الياس