رياض الشعيبي لـ«القدس العربي»: لا مستقبل للأحزاب الأيديولوجية في تونس

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: قال رياض الشعيبي رئيس حزب «البناء الوطني» إن الأحزاب الأيديولوجية ليس لها أي مستقبل سياسي في تونس، مشيراً إلى أنها تعيش حالة من العزلة داخل المجتمع وقد تتجه للاندثار لفسح المجال أمام قوى سياسية صاعدة تعبر عن مشكلات التونسيين ومطالبهم في تغيير الطبقة السياسية الحاكمة، داعياً إلى إيجاد توافق سياسي حقيقي بين النخب التونسية لإيجاد نظام سياسي جديد ليحل مكان «التوافق المغشوش» السائد داخل الائتلاف الحاكم.
كما حدد، من جهة أخرى، ثلاثة أنواع للفساد القائم في تونس، تتعلق بالفساد السياسي والمالي والإداري، مشيراً إلى وجود «مغالطة» لدى القائمين على مشروع قانون «المصالحة» تتعلق بالتسويق للقانون وكأن هدفه العفو عن بعض الإداريين الذين أُكرهوا عن بعض الأفعال خلال منظومة الحكم السابقة، في حين أن الأمر يتعلق العفو عن رجال أعمال فاسدين نهبوا المال العام وتهربوا من دفع الضرائب، وقاموا بتمويل الحملة الانتخابية لحزب «نداء تونس» الحاكم في 2014، وهو يسعى لتمرير قانون «المصالحة» ليكسب ولاءهم ودعمهم له في الانتخابات البلدية المقبلة.
واعتبر الشعيبي، في حوار خاص مع «القدس العربي»، أن الأحزاب الأيديولوجية (الإسلامية واليسارية خاصة) ليس لها مستقبل في المشهد السياسي الحالي «لأن هذه الأيديولوجي لم تعد مقبولة للشارع التونسي ولا تلبي انتظارات التونسيين المتمثلة في التنمية والعدالة الاجتماعية، والأمر يتعلق هنا بالإسلام السياسي واليسار الإيديولوجي أيضاً، فكل القوى الإيديولوجية الآن تعيش حالة من العزلة داخل المجتمع التونسي وحالة من التآكل والاهتراء، في حين أن القوى السياسية الصاعدة الجديدة هي القوى المتخندقة في اهتمامات الناس والمدافعة عن مشاكلهم الاجتماعية والحياتية اليومية، بمعنى أن الأحزاب الأيديولوجية المُبشرة بوهم التغيير الشامل، لم يعد لها مكان ولن يكون لها مستقبل في الحياة السياسية في تونس».
وأشار، من جهة أخرى، الى أن المجتمع التونسي هو مجتمع نخب و»النخب كانت تلعب باستمرار أدواراً رئيسية في صناعة المشهد العام في البلاد، ولذلك نرى أن التوافق بين هذه النخب المثقفة والمختلفة في رؤاها وخلفياتها وتوجهاتها السياسية ضروري لصناعة استقرار سياسي واجتماعي لبناء النظام السياسي الجديد، لذلك كنا باستمرار مع الخط التوافقي، ولكن ليس هذا التوافق المغشوش الذي نراه اليوم بين مجموعة من الأحزاب السياسية التي لا يجمعها برنامج أو رؤية موحدة، وإنما توافق سياسي حقيقي حول رؤية وبرنامج يجمع الأطراف الوطنية الفاعلة ويساعد على صناعة بديل سياسي في البلاد لهذه المنظومة التي تحكم الآن والتي نرى أنها فشلت في عملها».
وأوضح أكثر بقوله «عملية التغيير التي نراها ضرورية في البلاد هي التي يمكن أن تنبع عن الإرادة الشعبية، أما عملية تغيير أخرى من قبيل تغيير الحكومة الحالية على أساس الأغلبية الموجودة نفسها في مجلس النواب، فإننا لا نرى أنها يمكن أن تحل المشاكل الموجود في البلاد، فالتحالف اليميني المتشكل الآن في الحكومة (سواء في خياراتها الاقتصادية والاجتماعية أو الشبهات التي تحوم حوله من خلال القوانين التي يقدمها لحماية الفساد والمفسدين) لا يستطيع أن يحل أزمة البلاد، ولذلك نحن نرى ضرورة العودة للإرادة الشعبية لأخذ الشرعية الضرورية لإدارة البلاد في المرحلة القادمة، وهذا ربما يتم من خلال التوافقات السياسية والتحالف بين بين بعض الأطراف حول برامج ورؤى ومواقف سياسية مشتركة».
وكان حزب «البناء الوطني» عقد قبل أيام مؤتمره التأسيسي الذي حدد هوية الحزب ورؤيته السياسية والاجتماعية وخريطة تحالفاته السياسية المقبلة، وخاصة قبيل الانتخابات البلدية المقبلة.
وقل الشعيبي «من ضمن القضايا التي ناقشها المؤتمر التأسيسي هو الخط السياسي للحزب وتموقعه خلال السنوات المُقبلة، وكان التوجه الذي صادق عليه المؤتمرون هو العمل على التنسيق السياسي مع مختلف الأحزاب السياسية حول مهام يمكن أن نرى فيها أولوية وطنية في هذه المرحلة ولا شك أن الانتخابات البلدية هي من أهم المحطات السياسية المقبلة، وبالتالي سنحاول استغلال إمكانية التنسيق مع أي طرف سياسي للدخول في هذه الانتخابات بشكل تحالفات».
وكانت شهادة عماد الطرابلسي صهر الرئيس التي أكد فيها منظومة الفساد السابقة ما زالت تعمل في البلاد أثارت جدلاً كبيراً في تونس، حيث اعتبر البعض أنها محاولة لنسف مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية»، فيما سارع بن علي وآخرون إلى «تفنيد» ما ذكره الطرابلسي، متهمين هيئة «الحقيقة والكرامة» باستغلاله لبث «الفرقة والكراهية» بين التونسيين.
وعلّق الشعيبي على ذلك بقوله «لم نكن بحاجة لسماع شهادة عماد الطربلسي للتأكد من أن هناك بعض الشخصيات الفاسدة التي ما زالت مستمرة حتى الآن في منظومة الحكم وفي مؤسسات الدولة، فنحن نعلم ذلك وكل التقارير التي صدرت تحدثت عن ذلك، ومن أبرزها تقرير المرحوم عبد الفتاح عمر (رئيس اللجنة الوطنية لقصي الفساد والرشوة) الذي تحدث عن عدد من الشخصيات والأشياء التي فيها شبهات فساد في البلاد، وإن كان عماد الطرابلسي كذب في بعض المعطيات التي قدمها ولا أعرف لماذا فعل ذلك، ولكن عموما هذا لا يزيدنا إلا يقيناً أنه لا بد من خوض معركة وطنية لمقاومة الفساد تشارك فيها كل الأطراف السياسية لأن الفساد أصبح التهديد الأخطر والأكبر لديمقراطيتنا الناشئة في تونس».
وحدد، في السياق، ثلاثة أنواع للفساد في تونس هي «فساد سياسي ومالي وإداري، وبالتالي لا يجب حصر الموضوع وكأنه مجرد الحديث هو عن فساد إداري، ولذلك ثمة مغالطة يحاول القائمون على قانون المصالحة تسويقها لتبريره وتأكيد الحاجة إليه من خلال القول بأنه مخصص للعفو عن بعض الإداريين الذين أُكرهوا عن بعض الأفعال، وهذا غير صحيح لأن عدد هؤلاء (الإداريين) لا يتجاوز 300 شخص، في حين أن الهدف الأساسي من هذا القانون هو تمرير عفو عن رجال أعمال فاسدين نهبوا المال العام وتهرّبوا من القيام بواجبهم الوطني في دفع ضرائبهم لسنوات طويلة، وهؤلاء دعموا حزب نداء تونس الحاكم الذي قدم وعداً انتخابياً في 2014 بالعفو عنهم، ولأن النداء يواجه انتخابات محلية يحتاج فيها إلى دعم هؤلاء فإنه اليوم يسعى لتمرير قانون المصالحة ليكسب ولاءهم ودعمهم، وفيما يتعلق بالفساد السياسي فهو مستشرٍ بشكل كبير جداً في تونس، ولعل تقرير مجموعة الأزمات الدولية الذي أصدرته أخيراً ويتحدث عن حسابات غير واضحة لبعض الأحزاب السياسية وتمويلات مشبوهة لبعض القوى السياسية، يحتاج للتوقف عنده في هذه المرحلة حتى نقوي ديمقراطيتنا ونثبت أركانها».

رياض الشعيبي لـ«القدس العربي»: لا مستقبل للأحزاب الأيديولوجية في تونس

حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية