بيروت- “القدس العربي”: عشر سنوات مرّت على حرب تموز التي إندلعت إثر عملية نوعية نفّذها حزب الله ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي على الخط الأزرق ووصفها قسم من اللبنانيين بأنها متهوّرة ورّطت ودمّرت لبنان، ووصفها قسم من الدول العربية بأنها مغامرة غير محسوبة. لكنها على الرغم من ذلك عادت بعد انتهاء الحرب وقدّمت المساعدات المتنوعة لدعم لبنان وإعادة اعمار قرى وبلدات الجنوب.
وبين تموز/يوليو 2006 وتموز/يوليو 2016 كثرت التعليقات وعملية التدقيق وإعادة القراءة والتقويم ، كما حصلت تغيّرات كثيرة وزاد حزب الله من قدراته العسكرية وانتقل من القتال على الجبهة الجنوبية ضد إسرائيل إلى القتال على الجبهة الشرقية في سوريا.
وبعد 10 سنوات على الحرب لفتت مطالبة مندوب إسرائيل الدائم لدى الأمم المتحدة السفير داني دانون مجلس الأمن الدولي بالعمل على «إزالة إرهابيي حزب الله من جنوب لبنان» على حد قوله .وقدّم دانون، في الجلسة التي عقدها مجلس الأمن حول الحالة في الشرق الأوسط، ما قال إنها «معلومات استخباراتية بينها صور جوية التقطتها طائرات إسرائيلية لقرية شقرا في جنوب لبنان» مشيراً إلى أن القرية تحولت إلى «مخزن لأسلحة حزب الله حيث تحول كل مبنى من ثلاثة مبان في القرية إلى مخزن لأنشطة الإرهابيين بما في ذلك قاذفات الصواريخ». وأوضح أنه «عندما تم اعتماد القرار رقم 1701 (عام 2006 والخاص بوقف العمليات القتالية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله) كان لدى حزب الله 7 آلاف صاروخ واليوم أصبح لحزب الله أكثر من 120 ألف صاروخ تستهدف المناطق السكنية».
وبدا أن تقويم المندوب الإسرائيلي للقدرات العسكرية لحزب الله هي في محلها، وهذا أمر لا ينكره الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ويعتزّ به حزب الله وحلفاؤه. وقد إستند هؤلاء إلى موقف مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة وإلى تقرير أعدته صحيفة «هآرتز» للإشارة إلى ما بلغته القدرة العسكرية للحزب الذي تحوّل من مجموعة مسلحة إلى جيش متوسط الحجم. وبحسب هذا التقرير «أن عدد عناصر حزب الله عام 2006 كان يبلغ عشرين ألفاً. أما اليوم، فارتفع العدد إلى خمسة وأربعين ألفاً، مستفيدين من خبرات إضافية اكتسبوها من القتال إلى جانب الروس والإيرانيين في سوريا. وبالنسبة إلى الصواريخ، كان حزب الله يملك زهاء اثني عشر ألف صاروخ قريب المدى، ليرتفع العدد اليوم إلى عشرات الآلاف، يضاف إليها آلاف الصواريخ متوسطة المدى، ومئات الصواريخ بعيدة المدى التي كان عددها يقتصر عام 2006 على العشرات». من حيث مخزون الصواريخ، قدرت «هآرتز» أنه بات أكثر بعشرة أضعاف، فضلاً عن تنوع منصات الإطلاق من تلك المثبتة تحت الأرض أو المخبأة في أماكن طبيعية أو المحمولة على شاحنات أو سيارات تجارية. وفي أي حرب مقبلة مع لبنان، بات حزب الله قادراً على إطلاق ألف وخمسمئة صاروخ في اليوم الواحد على أقل تقدير، في مقابل مئتين تقريباً سنة 2006. وعن مدى الصواريخ، أكدت «هآرتز» كلام نصرالله. فصواريخ المقاومة التي كانت تبلغ حيفا وما بعد بعد حيفا، أي على مسافة مئة كلم تقريباً من الحدود مع لبنان، صارت اليوم قادرة على الوصول إلى إيلات، أي على مسافة 400 كلم تقريباً من الحدود. وبالنسبة إلى الطائرات من دون طيار، كان حزب الله يملك عدداً محدوداً منها، في مقابل المئات اليوم. أما صواريخ الأرض-بحر التي فوجئت بها البحرية الإسرائيلية عام 2006 عندما أعلن نصرالله قصف البارجة في عرض البحر، فباتت الكمية التي تحوزها المقاومة منها أكبر وتصويبها أكثر دقة».
وكعادته فإن إعلام حزب الله لا يتوقف عن بث المعنويات في صفوف جمهوره والإضاءة على معلم مليتا الذي يضمّ دبابات وملالات إسرائيلية مدمّرة وبقايا طوافة عسكرية أسقطها مقاتلو الحزب. كما أن الإعلام الموالي للحزب لا ينفكّ يستعيد رواية تقديم الشاي لجنود الاحتلال في ثكنة قوى الأمن الداخلي في مرجعيون للتصويب على وزير الداخلية الأسبق أحمد فتفت ومن خلفه تيار المستقبل ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في اتهام ضمني بالتواطؤ ضد المقاومة.
وعلى هذه الاتهامات التي طالت السنيورة فإن أوساط «المستقبل» تردّ أن رئيس الحكومة السابق أثبت في كل مراحل الحرب التي دامت 33 يوماً أنه كان «رجل دولة مسؤولاً حيث ثبّت في سياسته مرجعية الدولة وجنّب البلد وشعبه مزيداً من الخراب والويلات، وكانت أولويته وقف الحرب بأي شكل من الأشكال، والجميع يذكر يوم طالب خلال انعقاد مجلس الوزراء بعد ساعات على بدء الهجوم الإسرائيلي، بوقف هذا الهجوم ودعا مجلس الأمن للانعقاد واتخاذ مواقف واضحة، وكيف عاد وأعلن خلال العدوان وتحديداً في الخامس عشر من تموز/يوليو، أن لبنان دولة منكوبة».
وتلقي الأوساط الضوء على المفاوضات التي قادها السنيورة في تلك الفترة بقولها «حصل تباين واضح بين الدبلوماسي الأمريكي ديفيد ولش والرئيس السنيورة بسبب تمسكه مع الرئيس نبيه بري الذي وصف حكومة السنيورة لاحقاً بحكومة المقاومة السياسية، بوقف نار فوري وتمسك مجلس الوزراء بالنقاط السبع في مواجهة المشروع الأمريكي الفرنسي، والتأكيد أن لبنان لن يسلّم لإسرائيل بما عجزت عن تحقيقه بالحرب، وقد شمل هذا المشروع: ترسيم الحدود وإقامة منطقة عازلة وإعادة فتح المطار والمرافئ وتطبيق الطائف».
وبعد 10 سنوات على تلك الحرب لا تزال الرواسب حاضرة ولا تزال القراءات المتباينة لأسبابها جليّة بين فريق إطمأن إلى وعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على طاولة الحوار في مجلس النواب بصيف آمن ومزدهر وعاد وحمّله مسؤولية تعريض لبنان تحت مقولة «لو كنت أعلم»، وفريق آخر اعتبر أنه استبق مؤامرة كبيرة عليه كانت إسرائيل تتحضّر لها والدليل انتقالها فوراً إلى شن حرب عدوانية بدل الرد على حادث حدودي محدود.
ورغم مرور كل هذه السنوات لا تزال الإشكالية قائمة حول نتائجها بين قائل إن حزب الله إنهزم في حرب تموز ودمّر لبنان ومنح إسرائيل حدوداً أكثر أمناً، وبين قائل إن المقاومة انتصرت وشكّلت معادلة ردع لإسرائيل. وبين النظريتين وحده الشرخ والانقسام السياسي والمذهبي هو المنتصر منذ حرب تموز إلى الحرب في سوريا.
سعد الياس
بعد أن قُتل الكثير من رجالاته في سوريا, لم يتبق سوى النسوة الثكالى والأبناء اليتامى يعتمد عليهم الحزب, الصورة أعلاه خير تعبير عن ذلك.
لو انتصر الحزب لما أنسحب شمال الليطاني