زعماء عشائر الأنبار تعهدوا بإبعاد «داعش» عن حدود الأردن وحماية وإدارة المعبر مع جمارك المالكي

عمان- «القدس العربي»: هدوء الأعصاب الأردني عندما يتعلق الأمر بحقيقة ما جرى على الحدود العراقية الأردنية طوال الأيام العشرة الماضية له ما يبرره من الناحية العملية، فالأوضاع «على الحدود» ليست كما تصورها تقارير الإعلام والإجراءات العسكرية الإحترازية تخدم هدفا تكتيكيا أمنيا مباشرا يقول فيه الأردنيون لكل أطراف اللعبة في العراق بعدم الإقتراب.
«القدس العربي» توثقت ميدانيا من أن المساحة الفاصلة ما بين الأردن وأقرب نقطة تتمركز فيها دوريات المجاميع المسلحة لتنظيم «داعش» لا تقل عن مئة كيلومتر مربع في جوار الرمادي وسط إتفاق ضمني أو إتفاق «أمر واقع» شاركت فيه بفعالية القوى المؤثرة في العشائر العراقية.
داعش تجنبت وللأسبوع الثالث على التوالي ترسيم أي محاولة لإختراق الحدود الأردنية أو حتى للإقتراب منها والقوة المسلحة الموجودة الآن على نقطة حدود طريبيل تعتبر بالمعنى الأمني والعسكري «صديقة للأردن» وتمثل أبناء عشائر الرمادي والأنبار الذين تربطهم أولا علاقات «مصالح» قديمة مع السلطات الأردنية.
وثانيا يعتبرون الحدود الأردنية بمثابة «رئة» يتنفسون منها بسبب العزلة التي فرضتها حكومة المالكي على مناطقهم طوال السنوات الماضية.
يفسر ذلك عبور أكثر من 200 شاحنة أردنية بصفة إعتيادية رغم الأحداث في المنطقة من مركز طريبيل الحدودي تحمل فاكهة الصيف وعبور عشرات الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية الرمضانية للأسواق المحلية في مدن محافظة الأنبار حيث لا يوجد مصدر آخر غير الأردن للواردات إلى هذه المنطقة.
حلقات تجارية وترانزيت نشطت جدا في الأسبوعين الأخيرين رغم الإعلان رسميا عن إنسحاب قوات المالكي من نقاط العبور على الحدود وتبين مسارات الأحداث أن المجلس العشائري المركزي في الأنبار هو الذي تعهد للجانب الأردني «الصديق» بأن لا تقترب مجموعات داعش داخل المسافة الفاصلة والممتدة لأكثر من 100 كيلومتر.
لذلك كشفت مصادر «القدس العربي» عن حقيقة ما جرى حيث تولى الجسم العشائري في الأنبار نيابة عن الأردنيين التفاوض مع داعش وأتفق معها على عدم وجود اي مظاهر مسلحة داعشية قرب حدود الأردن كما تم تشيكل فريق من مسلحي العشائر لا يقل عن 400 مسلح تولى مهام الدورية الأمنية على طوال 200 كيلومتر تشكل المسافة الحدودية الفاصلة وبالإتفاق مع السلطات الأردنية.
رجال الجمارك وبعض رجال الشرطة التابعين لحكومة المالكي ظلوا في مواقعهم الوظيفية لإدارة الحركة من الجانب العراقي وبإتفاق جميع الأطراف، الأمر الذي يفسر إستمرار حركة ترانزيت التجارة والمسافرين عبر نقطة الحدود طوال الفترة الماضية.
على هذا الأساس تقاطعت المصالح في نقطة طريبيل فالأردن معني بتجنب إغلاق الحدود والمالكي سحب قواته العسكرية الطابع حفاظا عليها وأولاد عشائر الأنبار وضعوا أنفسهم في الواجهة مع السلطات الأردنية الصديقة لهم ولعبوا دور العازل بين الجيش الأردني وقوات داعش التي لم يصدر عنها في المقابل ما يوحي بأن لديها برنامجا للتصعيد مع الأردن حيث لا مصلحة لها ميدانيا ومرحليا في مواجهة جيش محترف ومدرب ورفيع الكفاءة.
من جانبه أرسل الجيش العربي الأردني رسالته عندما تحركت دورياته الجوية والبرية في المقابل في إستعراض قوة أمام كاميرات المراسلين هدفه إفهام داعش أن الأردن مستعد للإشتباك وبقوة كبيرة و»فتاكة» إذا ما فكر اي من المسلحين في الإختراق وتلك حصريا كانت رسالة محمد المهايرة قائد حرس حدود الأردن بصحبة مراسلي وكالات الأنباء .
بالنسبة للعلاقة بين عشائر الأنبار والدولة الأردنية فهي قديمة ومختبرة وقائمة على المصالح والثقة وهي علاقات سبق أن إمتنع الأردن عن التجاوب مع حكومة المالكي في إستعمالها للضغط على الإحتجاجات السلمية لأبناء العشائر في الأنبار بسبب تفهم الأردنيين لمطالب هذه العشائر ولمظاهر الإقصاء التي تمارسها حكومة المالكي ضدها.
إضافة لذلك يجلس الأردن في موقع مناورة ومبادرة نافذ عندما يتعلق الأمر بكبار زعماء العشائر وبنخب عشائر الأنبار تحديدا الذين لدى أغلبهم مصالح حيوية عبر الأردنيين أو معهم وتشكل لهم عمان محطة ترانزيت للمغادرة والسفر ورعاية مصالحهم .
ويعتقد إلى حد بعيد أن قادة عشائر الأنبار والمكون العشائري في محيط داعش والتنظيمات المسلحة هي التي تمنع وجود أدبيات في خطاب داعش في نسخته العراقية ضد نظام الحكم الأردني خلافا للأدبيات التي تظهر بين الحين والآخر ضد النظام الأردني في أشرطة فيديو يتم تصويرها من النسخة السورية من داعش وهي أشرطة من الواضح أنها تنتج عن العناصر الأردنية النافذة والكبيرة في داعش السوري وفي تنظيم جبهة النصرة .
عمليا حصل على حدود طريبيل توافق أو تقاطع مصالح في ظل ضمانات متبادلة وذكية كان الوسيط المركزي فيها القوة المسلحة لعشائر الأنبار الودية تجاه الأردنين والتي تربطها بهم أصلا حزمة متنوعة من المصالح الحيوية والأساسية .
لذلك تبدو كل الأطراف «شبه راضية» أو متقبلة للحد الأدنى من الواقع الموضوعي الذي فرضه المالكي عندما إنسحب عسكريا من المناطق المحاذية للحدود مع الأردن أملا في إحداث «شرخ» يورط الأردن مباشرة بالتفاصيل.
تلك على الأقل قناعة عدد لا يستهان به من صناع القرار الأردني الذين «رتبوا « الأمور جيدا مع زعماء عشائر الأنبار ودفعوا بالوضع الحدودي مع العراق إلى واقعه الحالي ونتج عن كل ذلك إدارة أردنية متعقلة وغير متسرعة عملت على أساس أولوية واضحة حددها رئيس الأركان الأردني الجنرال مشعل الزبن عندما تحدث عن حماية التراب الأردني من أي إختراقات قبل أي إعتبارات أخرى.
سياسيا تلعب الحكومة الأردنية مع حكومة المالكي بنفس طويل وبدون تسرع بالتوازي فتحافظ على إتصالاتها معها وتخاطبها كما كان يحصل بالعادة بصفة رسمية وعبر السفارات وتتجاهل في الوقت نفسه تكثيف الكلام عن النقطة الحدودية التي كان يفترض أن تشكل إحدى تداعيات ما حصل في الموصل قبل أن تدار الأمور أردنيا بطريقة فيها الكثير من الحكمة إلى أن تتبين مآلات القضية برمتها .

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مقهور:

    ألم تأتي داعش عبر الأردن؟

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية