تونس – «القدس العربي» من حسن سلمان: قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي إن تراجع مكتب البرلمان عن إسناد رئاسة اللجنة المالية للكتلة الديمقراطية الاجتماعية يعبر عن حالة «الضعف» لدى رئاسة البرلمان والفوضى داخل نداء تونس، مشيرا إلى أن الجبهة الشعبية تسعى لاحتكار المعارضة و «التعالي» على بقية أطيافها، كما أكد أن حزبه يتجه لتشكيل جبهة جديدة تضم أطيافا عدة من المعارضة وقد تشكل قوة سياسية مهمة في البلاد.
وأكد في حوار خاص مع «القدس العربي» أن مكتب البرلمان الذي صادق قبل أيام على إسناد رئاسة اللجنة المالية لرئيس الكتلة الديمقراطية الاجتماعية إياد الدهماني، قرر الثلاثاء التراجع عن قراره، وعرض الأمر على الجلسة العامة للتصويت، مشيرا إلى أن كتلة نداء تونس قررت أيضا أن تدعم الجبهة الشعبية في هذا الأمر خلال الجلسة التي يفترض عقدها اليوم.
وأضاف «نحن نعتبر أن تراجع مكتب المجلس (البرلمان) عن قراره يعبر عن حالة الضعف لدى رئاسة المجلس وحالة الفوضى الموجودة داخل الحزب الحاكم (نداء تونس)، فاليوم مجلس النواب مرهون ومتوقف عن العمل بسبب الخلافات الموجودة داخل الحزب الحاكم الذي صوت في البداية على إسناد اللجنة للدهماني، ونحن اعتبرنا، بخلاف الجبهة الشعبية، أن رئاسة اللجنة ليست نهاية العالم، وأنه لا علاقة لصندوق النقد الدولي ولا لرئيس اللجنة المالية بتحديد السياسات المالية في تونس، لكن الجبهة الشعبية تعاملت مع الموضوع بتعالٍ كبير واعتبرت نفسها هي المعارضة الوحيدة في البلاد وهذا غير صحيح، لأن ثمة معارضات أخرى لا تقل نضالية عن الجبهة الشعبية، ونحن نسعى لتوحيد المعارضة وتمكين المجلس من العمل لأن انتظارات (مطالب) الشعب كثيرة ولا تنتظر».
وحول مساندة حركة الشعب لوجود النائب إياد الدهماني على رأس اللجنة المالية، رغم أنها خارج الكتلة الديمقراطية الاجتماعية، يوضح «كل ما في الأمر أن الدهماني طلب منا أن نسانده فقمنا بذلك، فيما لم تطلب منا الجبهة الشعبية مساندة مرشحها منجي الرحوي، ونحن نعتقد أن الدهماني جدير بأن يكون رئيسا للجنة المالية فهو معارض ومناضل معروف».
ويرى المغزاوي أن الجبهة الشعبية تسعى لاحتكار المعارضة، مشيرا إلى أنه من الخطأ محاولة تهميش 18 نائبا معارضا داخل المجلس لا ينتمون للجبهة الشعبية، فضلا عن الأحزاب الأخرى خارج البرلمان، و «نحن قلناه للأصدقاء في الجبهة الشعبية ان عليهم أن يتواضعوا قليلا، لأن النواب الآخرين لا يقلون نضالا عن الجبهة الشعبية بل ربما ناضلوا أكثر من ذلك، كما أن لدينا معارضات عدة في تونس، وكان علينا البحث عن القواسم المشتركة في ظل التغول اليميني الليبرالي على الحكومة التونسية، بدل الفرقة والتشنج والظهور الإعلامي».
ويرى بعض المراقبين أن «تحالف» النداء والنهضة داخل الحكومة والبرلمان أضعف المعارضة كثيرا، محذرين من أن يؤثر لك سلبا على المسار الديمقراطي عموما والذي يقتضي وجود توازن سياسي في البلاد.
ويقول المغزاوي «من الطبيعي أن تكون المعارضة داخل المجلس ضعيفة فثمة 33 نائب فقط، مقابل ائتلاف يميني ليبرالي يضم أربعة أحزاب، ولكننا نعتقد من جهة أخرى أنه لدينا معارضة «نوعية» في تونس، وهذا لا يقتصر على المجلس، بل ثمة معارضة في الشارع والمجتمع المدني والإعلام أيضا».
ويضيف «على الجميع أن يعتبر من تجربة حكم الترويكا، فالحكومة لا تستمد قوتها أو شرعيتها فقط من المصادقة عليها في مجلس النواب (حتى لو صادق عليها جميع النواب)، لكنها تظل بحاجة لأمرين هامين، أولا: قبول الناس لهذه الحكومة، وثانيا: شروع هذه الحكومة في تحقيق انتظارات (مطالب) الناس، إذا لم يحدث ذلك فلن تتوقف الاحتجاجات في تونس ولن يتوقف المسار الثوري».وتتجه حركة الشعب (3 مقاعد في البرلمان) وبعض الأحزاب الأخرى داخل البرلمان وخارجه لتشكيل جبهة سياسية جديدة ذات طابع «ديمقراطي اجتماعي» يفترض أن تشكل القوة الرابعة في تونس إلى جانب نداء تونس والنهضة والجبهة الشعبية.
ويؤكد المغزاوي أن مكونات التكتل الجديد تتفق في أمور عدة من بينها «النتائج الهزيلة التي حققتها هذه الأحزاب في الانتخابات التشريعية، وضرورة ملء الفراغ الكبير الذي خلفه الائتلاف الحاكم في البلاد، ولدينا مجموعة من القيم سندافع عنها، من بينها عدم عودة البلاد إلى مرحلة الاستبداد، والدفاع عن السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية بين الفئات والجهات، والجبهة الجديدة ستكون مستعدة للاستقاقات السياسية والانتخابية القادمة».
وتضم الجبهة الجديدة سبعة أحزاب هي حركة الشعب والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والحزب الجمهوري وحزب العمل الوطني والتحالف الديمقراطي وحركة الديمقراطيين الاجتماعيين والتيار الديمقراطي، ويفترض أن يتم الإعلان عنها رسميا في التاسع من نيسان/ أبريل المقبل.
ويعرف المغزاوي الجبهة الجديدة بأنها «تكتل وطني اجتماعي سيدافع عن القضايا الاجتماعية والوطنية (المسائل الأمنية وسيادة القرار الوطني)، ويمكن تصنيفها في إطار الديمقراطية الاجتماعية».
ويرى أن الجبهة الجديدة ستشكل قوة مهمة في البلاد، مذكرا بأن الأحزاب المكونة لها حصلت على أكثر من 350 ألف صوت في الانتخابات التشريعية، و «لو كانت مجتمعة لحصلت على عدد كبير من النواب، ونعتقد أن البلاد اليوم تحتاج لمعارضة مسؤولة تقدر مصلحة البلاد وأوضاعها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، ونحن ساعون لتشكيل هذه الجبهة لتحقيق التوازن السياسي المطلوب في تونس».
ويرى بعض المراقبين أن الأحزاب المكونة للجبهة الجديدة كان لديها خلافات كثيرة في السابق وخصوصا أن بعضها كان في الحكم بشكل مباشر (التكتل) أو غير مباشر (التيار الديمقراطي)، مستغربا التقاءها معا ضمن ائتلاف موحد.
ويعلق المغزاوي على ذلك بقوله «هذه الأحزاب تجاوزت خلافاتها السابقة ووعت خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد وضرورة إحداث هذا التوازن فاجتمعت على قيم تجمعها، وانطلقت هذه الأحزاب من فكرة تتلخص بأن أي حزب بمفرده غير قادر على مواجهة التحديات التي خلقها الائتلاف اليميني في تونس والتحديات الخارجية والأمنية التي تواجه البلاد».