في عزّ الحملة العالميّة لإيقاف القصف الوحشيّ على مدينة حلب قرّر أربعة كتاب فلسطينيين هم رشاد أبو شاور وخالد أبو خالد ووليد أبو بكر ومراد السوداني زيارة النظام السوريّ والتعبير عن تأييدهم له.
نظام بشّار الأسد، في أسلوبه المعروف، تلطّف على الكتاب الأربعة بلقاء نجاح العطّار نائبة الرئيس بشار الأسد «الافتراضية» للشؤون الثقافية والإعلامية، والتي كانت وزيرة ثقافة لفترة طويلة خلال عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، وهي، في الوقت نفسه، أخت أحد زعماء جماعة الإخوان المسلمين السوريين سابقا، عصام العطار، الذي حاول النظام نفسه اغتياله في منفاه الألماني عام 1981 فقُتلت زوجته، بنان الطنطاوي في المحاولة.
المقابلة بهذا المعنى تحمل دلالات بشعة لنظام موهوب بتصريف أي فعل كان إلى دلالات استخداميّة فظّة، فالنوّاب الفرنسيون أو السيناتور الأمريكي، وهم من طبقة «الخواجات» الذين يمكن استخدامهم للنيل من الديمقراطية الغربية وتحويلها إلى كاريكاتير احتفالي بالعنصريّة الغربية والاستبداد الشرقيّ، يقابلون الأسد، وكذلك كان الأمر مع همروجة الساسة والمثقفين الأردنيين، والذين حظوا بدورهم بمرأى الرئيس السوري، أما الكتاب الفلسطينيون فعوملوا كزوّار من الدرجة الثالثة يقابلون وزيرة، كانت مأثرتها الأساسية، بالنسبة للنظام، أنها تنكّرت لشقيقها ولمجتمعها الأهليّ، وهي مأثرة تشبه مهمتهم في التضحية بالرمزية الفلسطينية المقدّسة على مذبح نظام تمرّس في ذبح الفلسطينيين ومحاولة السيطرة على قضيتهم.
لا يتوقّف الأمر عند التوقيت المؤلم للزيارة والذي يتناقض، عمليّاً، مع أي إحساس إنسانيّ بالمأساة الفادحة للشعب السوريّ (بما في ذلك الخسائر البشرية للموالين للنظام أنفسهم!)، ولكنّه يمتدّ إلى تهافت منطق السياسة نفسه، والتي تحوّلت عبر هذه الزيارة إلى مقايضة تكشف أيديولوجيا بائسة لم تعد تملك قدمين للمشي (يساريون يقفون مع نظام سوري إجراميّ لا يحترم يميناً ولا يساراً ويتحالفون مع نظام إيرانيّ دينيّ طائفيّ أوغل في سفك الدم العراقي والسوري واللبناني).
كسّرت الثورات العربية دوغمائيات اليسار العلماني وحوّلته إلى شعارات فارغة، وساءلت قدرته على تبرير استتباعه المستمر للأنظمة والتنقّل، براحة ضمير، مثلا، من الاستماتة في الدفاع عن نظام صدام حسين إلى الاستماتة في الدفاع عن النظام الإيراني الذي شارك في احتلال العراق والقضاء على نظام صدام حسين، ودمّر النسيج الاجتماعي في كامل المنطقة العربية.
استند اليسار الاستئصاليّ المؤدلج في ممارساته على عداء تاريخيّ مع الإسلامييّن حوّل استبداد الأنظمة العربية إلى نعمة لا لعنة، وأيّد الظلم المعمّم معتبراً إيّاه دفاعا عن التقدّم والحداثة في وجه «الظلاميين»، وبذلك رفع مقام الأفكار والأيديولوجيا فوق الوقائع الاجتماعية والسياسية، وحذف الشعوب من المعادلة، وأهان آليّات دفاعاتها الثقافية (والإسلام من مرتكزاتها الكبرى)، فحوّل المعركة ضد الاستبداد إلى حرب للنخبة المصطفاة ضد الأهل الرعاع «الذين لا يعرفون مصالحهم الطبقية الحقيقية».
لقد استفاد زوار «الحضرة الأسدية» بالتأكيد من ظواهر كاريكاتيرية عربيّة من شخصيات مثل الدبلوماسي حامد الشريفي، العراقي، وكمال اللبواني، «المعارض» السوريّ، وكذلك من الاستثمار الانتهازي الإسرائيلي في التراجيديا السوريّة من قبيل استقبال جرحى من المقاتلين في صفوف المعارضة قصفهم النظام لتدعيم موقفهم المؤيّد لنظام لا يمكن تأييده.
كما بنى «الممانعون» حجج تحالفهم مع الاستبداد على أسطورة «حزب الله» شاطبين منها تصفيته المبرمجة لأي مقاومة «علمانيّة» (فلسطينية أو لبنانية) لإسرائيل، وطائفيّته، وصولاً إلى انغماسه الدمويّ في حرب النظام السوري ضد شعبه، وتعطيله الدولة اللبنانية، ناهيك عن تغاضيه (وأحيانا حمايته) للحقول الواسعة لزراعة الحشيش في البقاع.
لعلّ من فوائد الثورات العربية أنّها كشفت الكثير من الأوهام ومنعت الاستخدام اللفظي لمعاني المقاومة وخلطها بالاستبداد، من أنظمة كانت دائما الأشرس ضد شعوبها وضد الفلسطينيين، وأنهت، بالتالي، الاستخدام الوظائفي للقضية الفلسطينية وأعادتها إلى بؤرتها الأصلية بحيث يصبّ نضال الشعوب العربية للحصول على حرياتها مع نضال الفلسطينيين للخلاص من إسرائيل.
رأي القدس
للأسف أعلام اليسار العربي أثبتوا في ثورات الربيع العربي أنهم عبارة عن مرتزقة يعملون وفق أجندات خارجية لاتهمهم مصالح شعوبهم وأوطانهم
وهؤلاء بالنهاية محسوبين على بقايا الشيوعية والماركسية
مقال اكثر من راىع.يمكن ان نضيف القوميين الذين ارتموا في احضان الملالي واهدوهم مفاتيح مقاومة العدو ،فاصبح كل من يعارض نظام طهران خاىنا للامة،وكل شعب يثور على حاكم طاغية” ممانع”،شعبا عميلا .
و صارت المليشات جيش الامة الذي سيدحر العدو والانفصالي رمزا للكفاح وتحرر الشعوب.
مقال جميل ومعبر عن واقع بائس لليسار العربي رغم أني أرى بأطروحات اليسار حلولاً عملية لمشاكل كثيرة ولكن واقع اليسار عندنا سيء للغاية.
لا يهمنا اليمين او اليسار العربي كل مايهمنا تحرير فلسطين فاي الفريقين استطاع ذلك فنحن نحييه. اما الثورات العربية فقد قامت لان الفشل العربي في تحرير فلسطين قد بلغ مداه من الكل
فما ردكم عن الذي أهدى سيفا لبوش . .
ليس جديدا أو غير متوقع أن تتخد القدس العربي كعادتها ، موقفا مبدئيا لا يقبل المساومة والمراآة حين يتعلق الأمر بأخلاقيات العمل النضالي القومي؛؛ فهو أصل ولب قضيتنا الأولى ( فلسطين )، ولست هنا بحاجة لأية اطراآت ؛؛، فالقدس لا تحتاجها كما أني لست وبمواقفي الثابتة والتي يعلمها كل من يعرفني أترفع عن الرياء المعيب.؛؛ واشارة لظاهرة ( العار ) التي ارتكبها من يتلبس الهوية العربية الفلسطينة.؛؛فلا بد لي وأنا ممن رافقوا الثورة الفلسطينينة منذ بداية انطلاقها وحتى محاولة ابادتها في أيلول الأسود ، لابد لي الا وأن أستنكر وبمنتهى العنف الثوري هذه الظاهرة المشينة ، حين يحاول ( ضحايا ) الارهاب الصهيونصيري بالشدّ على أيدي نيرون العصر ؛؛ ولا بد لي من السؤال ( الغير مباشر ) لهؤلاء …الخوارج ..؛ كيف تناسيتم دبابات النظام السفاح في دمشق وهي تدك مخيم اليرموك1964 بقيادة الطائفي الخائن والمعروف ( سليم حاطوم ) ؟؟ أين كنتم حينها .أو على لأقل من أنجوبكم للحياة ولا بد أنهم قصوّا عليكم كيف ( طحن ) الطائفيون أكشاك اللاجئين وعجنوا صفيحها بالدم الفلسطيني الطاهر .؟؟ والسبب يا سفراء أنفسكم ؛؛؛هو الموقف المشرف والمعهود تريخيا لأحرار فلسطين من قدسية وحدة أمتنـا معركة ومصيرا ؛؛وأملا لتكون الطريق المقدس ليوم العودة.؛؛ وكم هي أعداد من استشهدوا دفاعا عن وحدة سورية ومصر وسقوا شوارع دمشق بدمائهم الزكية الطاهرة.؛؛؟ لست بحاجة للاستطراد فأنا شاهد حي كتب له شرف المواكبة.؛؛ فالخط النضالي قوميا واسلاميا هو الخط الممّيز والمشرف لكل من حمل الهوية العربية الفلسطينة كان وسيبقى .
وضع محير
تحية للأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور