زيارة نتنياهو إلى واشنطن: دعم سخي للابنة المدللة رغم تمردها على الأم الحنون

حجم الخط
0

الناصرة ـ «القدس العربي»: في زيارته الأخيرة لواشنطن اتضح أن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو قد هزم البيت الأبيض وأن «الابنة المدللة» تتمرد على والدتها، تحرجها وتحصل على ما تريد منها وأكثر. بعد سنوات من المناكفة ومعاندة الرئيس الأمريكي في قضايا مختلفة أبرزها النووي الإيراني والقضية الفلسطينية زار نتنياهو قبل أكثر من عام الكونغرس الأمريكي وحاول تجنيده لرفض اتفاق فيينا بخلاف موقف أوباما الذي اتهم بالسذاجة مقابل إيران أيضا. قبل أيام عاد نتنياهو من زيارة واشنطن التقى فيها الرئيس أوباما هذه المرة بخلاف الزيارة السابقة وعاد بمكاسب لم يحققها من قبل رئيس حكومة إسرائيلي. لم تلب واشنطن سلسلة المطالب الجديدة لإسرائيل فورا لكنها وعدت بذلك قريبا. ويبدو أن الانتخابات الأمريكية الوشيكة المرتبطة دوما باللوبي الصهيوني والصوت اليهودي ستجعل مطالب البنت المدللة واقعا قبل دخول رئيس جديد للبيت الأبيض. وكرر نتنياهو خلال اللقاء مع الصحافيين عدة مرات قوله إن اللقاء بينه وبين أوباما الذي استغرق ساعتين ونصف كان من أفضل اللقاءات بينهما حتى اليوم. وأشار إلى أن الأجواء المتسامحة التي برزت في التصريحات أمام عدسات الكاميرات في بداية اللقاء تواصلت خلاله، بل إنه تحدث مع الرئيس حول العمل المشترك حتى في القضايا المختلف عليها.

سلة الطلبات

وتشمل سلة الطلبات الإسرائيلية بنودا كثيرة بعضها بدأ في التحقق فعلا ومنها أخذ مصالح إسرائيل في الاعتبار في أي اتفاق بشأن سوريا. وقال نتنياهو ان الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري اطلعاه خلال اللقاء على المحادثات التي جرت في فيينا بمشاركة إيران والقوى العظمى بشأن الحل السياسي الممكن في سوريا، مضيفا انه أشار أمام الرئيس الأمريكي إلى تشكيكه بشأن امكانية التوصل إلى اتفاق سياسي في سوريا وإعادة توحيد الدولة بقيادة سلطة ما.
وأوضح نتنياهو أنه عرض أمام الرئيس الأمريكي الخطوط الحمراء بالنسبة لإسرائيل، والتي تشمل عدم موافقتها على تعرضها للهجوم من الأراضي السورية، وعدم الموافقة على فتح جبهة إيرانية ثانية، في هضبة الجولان، وستعمل على إحباط نقل الأسلحة من سوريا للبنان.
وحسب مصادر إسرائيلية كرس نتنياهو وأوباما قسما كبيرا من اللقاء لمذكرة التفاهم الأمني التي تحدد حجم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل بين 2017 و2027. ورفض نتنياهو التطرق للمبلغ المالي الذي يجري النقاش عليه، لكن مسؤولين إسرائيليين كبار كشفوا أنه يقارب خمسة مليارات دولار سنويا على مدار عشر سنوات. واكتفى نتنياهو بالقول للصحافيين في طريق عودته للبلاد إنهما لم يركزا على تحديد مبلغ لكنه عرض احتياجات إسرائيل. كما قال نتنياهو إن الرئيس يتقبل تحليله بشأن المخاطر الإقليمية والمتغيرات التكنولوجية. وتابع «طرأت الكثير من المتغيرات منذ مذكرة التفاهم السابقة في 2007. الصواريخ والسلاح الدقيق يترسخ في المنطقة ويخلق تحديات جديدة لإسرائيل».

المنظومات العسكرية والتكنولوجية

ويستدل من تصريحات لوزير الأمن موشيه يعلون أن المسؤولين في الجهازين الأمنيين الإسرائيلي والأمريكي توصلا لاتفاق حول المنظومات العسكرية والتكنولوجية التي ستحصل عليها إسرائيل عقب توقيع الاتفاق النووي مع إيران. أما القرارات المتعلقة بالمساعدات المالية الأمريكية لإسرائيل فسيتم اتخاذها في وقت لاحق.
وكشف يعلون في أحاديث مع مراسلين عسكريين إسرائيليين أن لقائه مع نظيره الأمريكي اشتون كارتر لخص عمل الطاقم الذي حدد التهديدات والسيناريوهات والآثار المترتبة على الاتفاق مع إيران. وتتوقع إسرائيل ان يقود توقيع الاتفاق مع إيران إلى دعم اقتصادي إيراني كبير للتنظيمات الإرهابية في المنطقة كحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، ولذلك فان الجيش الإسرائيلي معني بتحسين قدراته التكنولوجية والعسكرية. كما سيؤثر على الاستعدادات الإسرائيلية التقدم الحاصل في صفقة الصواريخ «إس 300» الوشيكة بين روسيا وإيران.
ولم يفصل يعلون نوعية المنظومات التي طلبتها إسرائيل من الولايات المتحدة، لكنه يستدل من منشورات سابقة أن الحديث يجري كما يبدو عن طائرات «إف 35» وطائرات «إف 15» وكذلك طائرات « V-22 « التي وافقت الولايات المتحدة على تسليمها لإسرائيل، لكنها قررت تعليق نقلها حاليا. وأوضح يعلون ان إسرائيل معنية بالحفاظ على التفوق في الجو والبحر واليابسة ومجال السايبر في المنطقة، خاصة بعد حيازة دول خليجية سلاحا متطورا ولذلك قامت طواقم العمل ببناء «خطة للتزود بالأسلحة». مع ذلك، قال يعلون، ان نقل المعدات الحربية يرتبط بالتفاهمات التي سيتم التوصل إليها بشأن ميزانية المساعدات الأمريكية. وحسب ما نشرته صحيفة «هآرتس» في السابق فإن الإدارة مستعدة لرفع ميزانية المساعدات لـ 4.1 مليار دولار سنويا (مقابل 3.1 مليار حاليا). واتفق أوباما ونتنياهو على إيفاد طاقم أمريكي لإسرائيل في كانون الأول/ديسمبر المقبل برئاسة المسؤولة عن الملف الإسرائيلي في مجلس الأمن القومي الأمريكي، ياعيل لامفرت لبدء التفاوض حول مذكرة التفاهمات مع الطاقم الإسرائيلي والاتفاق النهائي عليها.
وحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن الرئيس أوباما يرغب في إنهاء ذلك خلال فترة ولايته. وتنقل الإذاعة عن مصدر إسرائيلي رفيع قوله إن هناك استعدادا مشتركا لمحاولة إنهاء الموضوع بشكل جدي ومعمق يأخذ في الاعتبار احتياجات إسرائيل. وفي الشأن الفلسطيني وبخلاف ما يقال بالهواء كشف نتنياهو أنه ناقش الموضوع الفلسطيني مع وزير الخارجية جون كيري بعدما عرض أمام الرئيس أفكارا تمت الموافقة عليها بالإجماع في المجلس الوزاري السياسي ـ الأمني بشأن خطوات لبناء الثقة في الضفة الغربية، تحسن من وضع الجمهور الفلسطيني.
والأهم قوله إن أوباما لم يطرح خلال اللقاء مطلب تجميد البناء في المستوطنات ونقل عنه قوله إن الهدف الأساسي يكمن في منع الاشتعال في المنطقة ما يعني تسليما أمريكيا بإستراتيجية إسرائيل بالحفاظ على الوضع الراهن وإدارة الصراع لا حله. وكرر نتنياهو بعد عودته ما قاله في واشنطن «لقد تم التركيز خلال اللقاء مع أوباما على كيفية تحقيق الهدوء والاستقرار. مسألة منع الاشتعال على الأرض هي مصلحة إسرائيلية بشكل لا تقل عن كونها مصلحة أمريكية».

تحالف استراتيجي

وعبرت تصريحات لوزراء إسرائيليين عن خضوع البيت الأبيض لتوجهات إسرائيل إذ قال الوزير يسرائيل كاتس المقرب من نتنياهو إن «الموضوع الرئيسي في اللقاء في البيت الأبيض لم يكن موضوع الدولتين». وتابع في حديث للقناة الثانية «لا توجد أي حكومة اتخذت قرارا رسميا في الموضوع الفلسطيني وفهم الأمريكيون أن هذا الموضوع لا يمكن أن يبقى في مقدمة جدول الأعمال، فيما هناك قضايا أمنية أكثر الحاحا كتأثير الاتفاق الإيراني ودعم إسرائيل أمام الإرهاب العربي والحرب المشتركة ضد الجهات المعادية كداعش وحزب الله».
أما نائبة وزير الخارجية تسيبي حوطوبيلي فكانت أكثر وضوحا بالكشف عن علاقات البنت المدللة مع والدتها فقالت إن «اللقاء أثبت مجددا أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة قوية وراسخة». منوهة في حديث لموقع «والا « الإخباري أن رئيس الحكومة سافر لواشنطن كي يضمن استمرار التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، واستمرار الدعم الأمني الواسع في السنوات المقبلة أيضا، وأنا متأكدة من ان الأمر سيكون كذلك».
وصدرت تصريحات مشابهة في صفوف المعارضة، أيضا، فرئيس «يوجد مستقبل» يئير لبيد قال إن «هناك أهمية عليا لتسوية الأمور بين إسرائيل والولايات المتحدة، والحفاظ على دعم الحزبين لتقوية المكانتين السياسية والأمنية لإسرائيل». وعلى خلفية ذلك لم توجه المعارضة في إسرائيل انتقادا لنتنياهو هذه المرة بخلاف زيارات سابقة له لواشنطن نتيجة إحراز مكاسب غير مسبوقة لإسرائيل من « العم سام».
كما تتجلى حميمية العلاقة بين الطرفين بدعوة البيت الأبيض الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لزيارة البيت الأبيض في الشهر المقبل. لكن المعلقة الإسرائيلية البارزة سيما كدمون تقول من واشنطن في مقالها(يديعوت أحرونوت الجمعة) إن أوباما سيثأر من نتنياهو من خلال استقبال خصمه السياسي ريفلين استقبال الملوك. وتنقل عن مصادر أمريكية قولها إن اللقاء كان جيدا وليس «رائعا» بعكس رواية وفد نتنياهو وينوهون إلى تقليص مدة اللقاء المفتوح أمام الكاميرات لتسع دقائق و 45 ثانية فقط مع منع الصحافيين من توجيه الأسئلة. وتتابع «رغب أوباما في طمأنة حزبه الديمقراطي أن العلاقات مع اليهود ومتبرعيهم لم تتضرر مثلما رغب بتطمين الإسرائيليين أما نتنياهو فرغب عبر توجهه المتصالح هذه المرة أن يثبت أن العلاقات بين الدولتين لم تتضرر رغم الهوة الواسعة بينه وبين أوباما».

ضم الجولان

وعلاوة على كل ذلك ألمح نتنياهو خلال اجتماعه ببراك أوباما إلى أن إسرائيل ستكون معنية بإجراء نقاش مع الولايات المتحدة حول موقفها من ضم هضبة الجولان لسيادتها على خلفية الحرب الأهلية في سوريا.
وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة على فحوى المحادثة بين أوباما ونتنياهو أن الموضوع لم يطرح بشكل موسع خلال اللقاء ولكن تمت الإشارة إليه باقتضاب من قبل نتنياهو خلال النقاش حول الوضع الإقليمي.
وقالت المصادر التي طلبت التكتم على هويتها بسبب حساسية الموضوع وفق صحيفة «يسرائيل هيوم» إن نتنياهو قال انه يشكك في إمكانية إعادة توحيد سوريا في دولة واحدة نظامية، وأن أحد أبعاد هذا الوضع إتاحة التفكير بشكل مختلف بـ «المكانة المستقبلية لهضبة الجولان».
ولم يرد الرئيس الأمريكي على كلمات نتنياهو هذه ولم يناقش معه الموضوع بشكل ملموس، وسئل نتنياهو عن هذا الموضوع خلال اللقاء الذي عقده مع الصحافيين اثر انتهاء اللقاء، لكنه رفض الإجابة.

وديع عواودة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية