سؤال الأتراك الأبرز رسميا وشعبيا: لماذا لا يتضامن العالم مع دمائنا؟

حجم الخط
2

إسطنبول ـ «القدس العربي»: «لماذا لا يتضامن العالم مع الدماء التركية التي تسيل في التفجيرات الإرهابية كما يفعل مع باقي الدول الأوروبية التي تتعرض لهجمات؟»، هذا السؤال يتجدد طرحه في تركيا رسمياً وشعبياً مع كل عملية إرهابية تستهدف تركيا أو دولة أوروبية، وتبدأ المقارنات بمستوى التضامن الدولي في الحالتين.
وفي الوقت الذي يطرح كتاب ومغردون ومواطنون أتراك هذا السؤال بشكل مباشر في المقالات والتحليلات ومواقع التواصل الاجتماعي، يحاول كبار قادة الدولة التلميح له عبر التأكيد على اختلال المعايير العالمية وعلى ضرورة التضامن مع جميع ضحايا العمليات الإرهابية بغض النظر عن جنسيتهم ودينهم.
ويقول الأتراك إن العالم يكتفي ببعض الإدانات المكتوبة والرسمية عند وقوع تفجيرات إرهابية كبيرة في بلادهم، بينما يلجئون إلى التعاطف والتضامن السياسي والاجتماعي والمعنوي مع أي هجوم يقع في إحدى الدول الأوروبية مع أن الإرهاب واحد والضحايا مدنيين، على حد تعبيرهم.
وعقب وقوع التفجيرات التي ضربت وسط العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول في الأسابيع الأخيرة وأوقعت مئات القتلى والجرحى من المدنيين عاد الأتراك للمقارنة بين التضامن الدولي الذي حصل مع فرنسا عقب هجمات باريس، وارتفع مستوى المقارنات والغضب الشعبي عقب الهجمات الأخيرة في بروكسل الذي أبدت العديد من الدول الغربية والعربية أيضاً تضاماً أكبر مع بلجيكا بسببها.
وركز بعض المغردين الأتراك على صورة لبرج خليفة الذي أضيء بالعلم البلجيكي تضامناً مع ضحايا هجمات بروكسل، مذكرين بأن الإمارات والعديد من الدول العربية لم تبدي أي تعاطف مع ضحايا الهجمات في تركيا، وهو نفس الانتقاد السابق عندما أضيئت أهم المعالم في دول الخليج العربي بالعلم الفرنسي ولم تفعل ذلك عند وقوع هجمات تركيا التي أعقبتها بفترة قصيرة.
رسمياً، أردوغان الذي قدم التعازي وأعلن التضامن مع هجمات بروكسل قال: «الشعب التركي الذي عاش هجمات مشابهة في الأيام الماضية، يشارك الشعب البلجيكي آلامه»، مضيفاً: «الإرهابيون استهدفوا اليوم بروكسل، بعد فترة وجيزة على هجمات «بي كا كا» في أنقرة، و»داعش» في اسطنبول التي أودت بحياة العشرات، وهذا يظهر مجددا عدم امتلاك الإرهابيين أية قيم إنسانية أو أخلاقية أو حدود لهجماتهم، وعدم وجود أي اختلاف في طريقة هجماتهم الدنيئة»، وجدد التأكيد في تصريحات أخرى على أن «الإرهاب يستهدف الإنسان ولا يفرق بين إسطنبول وبروكسل وأنقرة». رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، شدد على «الوجه العالمي للإرهاب»، وبين أن العديد من الأطراف والمثقفين يعملون بسياسة الكيل بمكيالين، موضحا أنه عندما تحدث انفجارات في باريس وبلجيكا، يظهرون تعاطفهم، أما عند حصول انفجارات في تركيا لا يسمع لهم أي صوت.
في السياق ذاته، دعا نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش، إلى التوحد والتكاتف في محاربة المنظمات الإرهابية، بغض النظر عن هويتها، معتبراً أن «الرأي العام الأوروبي، لا يزال غير مقتنع بأنّ هذه الأزمة باتت عالمية».
وفي تطور آخر، اعتبر الناطق باسم الخارجية الأمريكية «مارك تونر»، أن تنكيس بلاده لأعلامها عقب انفجارات بروكسل، لا يعد عدم احترام لضحايا الهجمات التي ضربت تركيا خلال الأسبوع الماضي، وذلك رداً على سؤال صحافي حول سبب تنكيس الولايات المتحدة لأعلامها بعد «هجمات بروكسل» وعدم تنكيسها عقب التفجيرات التي استهدفت العاصمة أنقرة، وإسطنبول.
وأمر الرئيس الأمريكي بارك أوباما، بتنكيس العلم الأمريكي حدادا على ضحايا الهجمات الإرهابية التي استهدفت العاصمة البلجيكية بروكسل، والتي أدت إلى مقتل وجرح العشرات. وقال المتحدث: «أمريكا قدمت تعازيها، وعرضت مساعدتها» في التحقيقات التركية، لكني لا أعرف السبب الذي دفع الرئيس الأمريكي إلى عدم تنكيس العلم حدادًا على ضحايا هجمات أنقرة وإسطنبول
وبجهود تركية وفي محاولة لمحاكاة المظاهرة العالمية التي نظمها زعماء العالم في فرنسا عقب هجمات باريس، نظم 19 قنصل أجنبي مسيرة في شارع الاستقلال في مدينة إسطنبول للتنديد بالتفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها تركيا وبلجيكا مؤخرا، وليظهروا أن بلدانهم تقف صفا واحدا في مكافحة الإرهاب.
وقد شارك في هذه المسيرة كل من القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل وقطر والكويت وكوريا وهولندا والنمسا والسويد ومالطا وسويسرا والبرازيل والأرجنتين وبنما وكرواتيا ومقدونيا وبلجيكا. كما زار القناصل موقع التفجير الذي استهدف شارع الاستقلال ووضعوا الزهور في مكان التفجير.
وفي خطوة حازت على اهتمام إعلامي وشعبي كبير في تركيا، اكتست مكتبة «فييشنيتسا» التي تعد من أشهر معالم عاصمة البوسنة والهرسك سراييفو، بألوان العلمين التركي والبلجيكي تضامنًا معهما، بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها البلدان، حيث قدم أردوغان شخصاً شكره للدولة على هذه اللفته.
الكاتب التركي المعروف إبراهيم قراغول اعتبر في مقال له أن الإرهاب يتوسع في العالم بسبب اختلال المعايير والتاقضات التي ينشرها الغرب في المنطقة، معتبراً أن العالم لا يتضامن مع تركيا بسبب الهجمات التي ينفذها حزب العمال الكردستاني كونه يستضيف قيادات الحزب ولا يعتبرها منظمة إرهابية.
وحذر من وجود مؤامرة أوروبية متصاعدة ضد تركيا، قائلاً: «قد نضطر لمقاومة قاسية في الأيام المقبلة تجاه عملية قذرة. قد تساق خطة دنيئة في الأيام المقبلة. لدينا شكوكات كبيرة من مشروع جديد يجهزونه عن طريق عناصر من الداخل ومن سوريا واوربا وأمريكا فهو ليس فقط عن طريق المجموعات الإرهابية».
من جهته، هاجم الكاتب التركي «محمد بارلاص» السياسات الأوروبية تجاه بلاده، وكتب في مقال له بصحيفة صباح: «هل بإمكان المسؤولين الأوروبيين الذين نبهوا مواطنيهم من خلال توجيه «تحذيرات لهم بعدم الذهاب إلى تركيا.
بسبب وجود مخاطر هجمات إرهابية» الآن رؤية الحقيقة؟ لأنه لا يوجد فرق بين باريس وإسطنبول، وبروكسل وديار بكر، ولندن وبغداد عندما يتعلق الأمر بأن تكون للإرهابيين.
هل هاجم الإرهابيون الملعب في باريس لأن هناك خللاً ديمقراطياً في فرنسا؟ وهل لطخوا محطة المترو ومطار بروكسل بالدماء لأن هناك انتهاكًا لحقوق الإنسان في بلجيكا؟».
وفي صحيفة ستار، كتب «أحمد تاشكاتيران»: «نحن نمقت الإرهاب وندينه أينما كان سواء في باريس أو في بروكسل. ولن نعمل أبدا على تبريره أو محاولة شرعنته وهذا واجبنا الإنساني. ولن نتمنى كذلك حصول العمليات الإرهابية هناك حتى يفيق هذا الوازع الإنساني عندهم. لكن لا بد لنا من إظهار العلامة الفارقة التي يتبناها العالم الغربي في امتحان الإنسانية هذا. ما نريد قوله وإيصاله، لا لفكرة «الإرهابيون خاصتكم»، وهذه هي النقطة التي اعترض عليها سيادة رئيس الجمهورية… أعترض على معاييركم الثنائية التي لم تتخلوا عنها أبدا».
كما ركزت وسائل الإعلام التركية على ما كتبته صحيفة الإندبندنت البريطانية قبل أيام، ولفتت من خلاله إلى أن الأيام الماضية شهدت موجة انتقادات للموقف الدولي الذي أعطى للهجمات الإرهابية التي وقعت في فرنسا وبريطانيا قيمة أكبر من تلك التي وقعت في تركيا.
وذكرت الصحيفة أن موقع فيسبوك لم يتِح للمستخدمين خيار تغيير صورهم الشخصية تضامنًا مع تفجير أنقرة، على الرغم من أنّه أتاح هذه الخدمة للتضامن مع هجمات إرهابية أخرى مثل هجمات باريس. وأشار الصحافي ألان هينيسي في مقالة له بصحيفة الإنتدبندنت أن «الحداد الاختياري على شبكات التواصل الاجتماعي يرقى إلى الدعم العام لخطاب أن أرواح البيض أعلى قيمة من الأرواح الأخرى، خطاب منقوع بالإمبريالية وتفوق البيض».

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أبو أشرف- ماليزيا:

    لماذا ؟؟؟
    ببساطة ووضوح: لأن النظام البلجيكي مثلا لا يقمع مواطنيه ويزج بالمعارضين في السجون ويغلق الصحف والمواقع ووسائل التواصل الحديثة. ولا يطمع في ثروات وأراضي الغير (سوريا- الأكراد- قبرص- العراق …)
    ولأنه لا يخلق عداوات مع الجيران
    ولأنه لا يلعب بالنار عبر تسهيل مرور الدواعش إلى سوريا والعراق
    ولأنه لا يطمع في استرجاع الامبراطورية المريضة التي خربت وأخرت تقدم العالم العربي والإسلامي
    ولأنه لا يتاجر بمآسي المهاجرين ويقبض المليارات على حسابهم
    هذه بعض الأجوبة البسيطة والواضحة للأتراك. غيروا سياساتكم حنى يتضمان معكم العالم.
    وتحيا الأمة العربية

  2. يقول م ح -الجزائر:

    ببساطة ووضوح: لأن النظام البلجيكي مثلا لا يقمع مواطنيه ويزج بالمعارضين في السجون ويغلق الصحف والمواقع ووسائل التواصل الحديثة. ولا يطمع في ثروات وأراضي الغير (سوريا- الأكراد- قبرص- العراق …)
    ولأنه لا يخلق عداوات مع الجيران

إشترك في قائمتنا البريدية