أسئلة محيرة تنتاب كل مهتم بالشأن العربي. من هذه الأسئلة الحرجة: ماذا فعل العرب مجتمعين سينمائيا بتاريخهم الذي يمتد من فترة ما قبل الإسلام حتى اليوم؟ لا شيء يستحق الذكر، وكأنهم غبر معنيين بهذا التاريخ مطلقا، وكأنهم أمة ولدت من فراغ الوهم وليس لها أي تاريخ؟ أو ليسوا محصلة لتوترات ثقافية وحضارية؟ عندما أقول العرب، أتحدث بالطبع عن البعد الثقافي والحضاري، أكثر منه العرقي واللغوي، وإلا سنقوم ببتر مكون مهم من هذه الأرض.
باستثناء ما قام به الآخرون، ووفق رؤى مسبقة، لم نفعل شيئا مهما. سيدنا موسى كبر وتعذب في الأرض المصرية والفرعونية. ما هي رؤية العرب لهذا التاريخ القديم السابق للإسلام؟ نستهلك فيلم الوصايا العشر الذي أنجز وفق رؤية أيديولوجية ودينية محددة مع استثمار كبير لهوليوود، لكن ما هي رؤيتنا مثلا في هذا الموضوع، إذا توفرت لنا رؤية؟ التاريخ الذي نقرأه ونعيد إنتاجه سينمائيا، هو قراءة أيضا نورثها لأبنائنا وأحفادنا. ماذا فعلت السينما اللبنانية مثلا بالحقبة الفينيقية التي تدين لهذه الأرض بالكثير.
في لبناني اليوم شيء من فنيقي الأمس الذي كان تاجرا متنقلا، قليل الحروب، لا تهمه إلا المرافئ التي ينقل من خلالها سلعه. ماذا فعل المغاربيون سينمائيا بتاريخهم النوميدي القديم؟ صراعات ماسينيسا وسيفاكس ضد روما قبل أن يفترقا ويتقاتلا.
ويوغرطة الذي جاهد بقوة لبناء مجتمع متوازن يبين أن سكان هذه الأرض من الأمازيغ، لم يأتوا من العدم. تاريخهم الحديث الذي حوى نضالا كبيرا لم يلق حظ أن تُفرد له أفلام تصل الماضي بالحاضر ليؤمن الناس أن تاريخهم كبير وليس أقل من تواريخ العالم مثلما فعل الأمريكيون والصينيون والانجليز والفرنسيون. باستثناء الليبيين مع عمر المختار للمرحوم العقاد، لقد فشل المغاربيون أيضا في رسم صورة حية لهذا المغرب الحديث من خلال الأمير عبد القادر، عبد الكريم الخطابي وبورقيبة رواد النضال والحداثة والليبيرالية العربية، وكأننا لسنا أهلا لأبطالنا. أين هو اليمن السعيد؟ أين هو مجتمع التسامح الديني الذي يمنحها اليوم صورة بائسة ومنغلقة على مجتمع حوثي يكاد يكون حجريا تحكمه القبلية والتسلط. أين هي المماليك القديمة التي بنت المدن والسدود العظيمة. كيف نحب أوطاننا ونحن لا نعرفها. أليست السينما هي أكبر حالة سحرية نسترجع من خلالها هذا التاريخ المقتول؟ حتى على الصعيد العربي المشترك، لا نجد فيلما واحدا يجسد تاريخهم القديم وسقوط الأندلس، من أجمل الحضارات التي عرفتها البشرية، والتي ساهم العرب بقوة في صناعتها. التسامح الإسلامي كان حقيقة حية ولم يكن أيديولوجيا ضيقة. للأسف. ليس العرب والمسلمون هم من أظهروا القيمة التاريخية سينمائيا ولكن الغربيين. فيلم ريدلي سكوت مملكة السماء، نموذج حي لذلك، الذي يبدو فيه صلاح الدّين الأيوبي قويا ومتسامحا تجاه المسيحيين، وأنه لم يكن بادئا لكل الإعتداءات التي حصلت لاحقا، كانت تأتي من غيره وما أتى منه هو مجرد ردة فعل. الحضارة الأندلسية التي تبين اتساع العقل العربي وقدراته على احتواء التعددية والتنور في وقت متقدم، لم تغر السينما العربية مطلقا ولا حتى الإنهيارات التي أعقبت. أي فيلم عربي تناول هذه الظاهرة وغزا بها العالم من خلال إنتاج عالمي ضخم؟. حتى التاريخ الحديث والقريب منا جدا، لم يكن أوفر حظا.
لا يوجد إنتاج سينمائي عربي كبير برؤية عالمية قادرة على اختراق قاعات الآخر، يجسد هذا التاريخ العربي الحي بأرضه الواسعة وخيراته والتمزقات التي مسته من خلال اتفاقية سايكس بيكو، بالمسطرة والقلم الأحمر والأزرق. كان الغربيون الذين قسموا الأرض العربية، يقرؤون ما تحت الأرض، وكان العرب يتقاتلون على رماد الأرض. لا أنسى الحديث في هذا السياق، عن الثورات الوجودية التي قادها العرب وانتهى الكثير منها إلى هزائم وانتصارات مسروقة، لم تنل أي اهتمام من طرف الإنتاج السينمائي العربي. لا توجد أفلام كبيرة بالمنظور العالمي باستثناء فيلم معركة الجزائر الذي تناول جزئية صغيرة من هذه الثورة أو ما أنتجه مصطفى العقاد.
الباقي يظل دفين التاريخ الذي إذا لم يجد من يحركه في عصر الصورة سيموت. من الذي جعلنا نحب صلاح الدين الأيوبي، ودانتون ووليام غالاس ونابليون وروبنوود ولينكولن وقياصرة روسيا ولينين وغيرهم غير السينما التي منحتهم حياة جديدة؟ يحتاج العرب اليوم، إلى إجماع حقيقي لتغيير رأيهم من السينما، فهي ليست رفاها ولكنها سلاح فتاك ووسيلة حية. لا يمكن أن يظل العرب بهذا التخلف في هذا السياق وهم أيضا ضحايا الصور المصنوعة عنهم. يحتاجون إلى أن يستثمروا في تغيير الصورة التي صنعتها عنهم هوليوود والقنوات الأوروبية والأنغلوساكسونية. لماذا لا ينافسون بمالهم وعقلهم هوليوود وبوليوود، لماذا لا ينشئون مثلا استديوهات عربوود ويجعلون منها وسيلة قوية للوصول إلى العالمية وفرض تصورهم ورؤيتهم على العالم؟ بدون ذلك، ستزول في وقت قريب، تسمية عربي وتحل محلها، في المطارات العالمية، داعشي أو حوثي أو…
واسيني الأعرج
مع احترامي لدي سؤال مع معرفتي الشخصية الطويلة لصديقي واسيني الأعرج : ما علاقتك بالسينما ؟؟؟؟؟ اريد جوابا وإلى اللقاء .
اولا شكرا لك اديبنا الغالي وسيني الاعرع فوجودك انت واحلام مستغانمي والطاهر وطار علامة على افلاس مشروع ماما فرنسا الفرنكوفوني
اماعن سبب غياب تاريخ منطقتنا وابطالها في الاعمال السينمائية فهو راجع اولا لعدم وجوده في مخيال مبدعينا اصلا وان وجد فبايعاز من القادة كما هو الحال بالنسبة لفيلم عمر المختار مع العلم ان المخرج الراحل مصطفى العقاد كان ينوي اخراج فيلم عن بطل الريف عبد الكريم الخطابي حين كان يدير احذاث شريط الرسالة بالمغرب وحين ضغطت السعودية على الحسن الثاني كي يوقف نشاط المخرج اتجه هذا الاخير للقدافي فساعده على انهاء تصوير ماتبقى من تصوير للشريط
في المغرب هناك بادرة حسنة تتمثل في تشخيص شخصية زوجة القائد الامازيغي المسلم يوسف ابن تاشفين زينب النفزاوية
استاذ واسيني شكرا لانك فعلا وصلت الى لفت انظارنا الى حالنا من غير زيف شكرا لانك علمتنا ان نحب تاريخنا لعلنا يوما تخرج من اصلابنا من يستطيع ان يستكشف مناجم الذهب المردومة في عمق الخضارة العربية و الاسلامية و الامازيغية.
تاريخنا بكل بساطة و مجدنا اكبر منا …..شكرا