سعياً لإجهاض خطة «المنطقة الآمنة» التركية:  تنظيم «الدولة» يتمدد في ريف حلب الشمالي

حجم الخط
0

إدلب ـ «القدس العربي»: اخترق تنظيم الدولة الإسلامية خطوط تماسه مع فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي، واستخدم المفخخات مجدداً في بلدة الوحشية الأسبوع الماضي، بعد أن ارتكب مقتلة بحق المعارضة المسلحة في أم حوش، شمال مارع.
 واشتدت المعارك على محور بلدة الوحشية، فيما بقيت معاقل التنظيم آمنة في المنطقة بعد اعتماده خلال الأيام الأخيرة من المعارك على الاختراق الأمني لصفوف الثّوار، قبل أن يقوم بعملية الاقتحام، وهو ما نجح به بالفعل في البلدة، فيما فشل في العملية الأخرى قبل سيطرته على الوحشية.
 وعن سير المعارك في الريف الشّمالي من حلب، قال قائد القطاع الشّمالي في حركة الزنكي، أبو بشير معارة لـ«القدس العربي»: «لقد استطاع تنظيم داعش، بعد سيطرته خلال الفترة الأخيرة على صوران إعزاز، الهجوم والسيطرة على عدة قرى وبلدات أخرى في المنطقة من بينها تلالين، حرجلة، أم حوش، الوحشية»، حيث يحاول الثّوار في المعارك الحالية استعادة السيطرة على الوحشية.
 ونفى سيطرة الفصائل بشكل كامل على الوحشية، مشيراً إلى أنّ الفصائل المشاركة استطاعت السيطرة على عدة أبنية في البلدة، من جهة بلدتي تلقراح وفافين، في حين حاول التنظيم ظهر الجمعة إحكام السيطرة على البلدة، من خلال تفجير انتحاري بسيارة مفخخة استهدف مواقع المعارضة فيها، حيث باءت محاولته بالفشل.
 من جهته، صرّح مدير المكتب الإعلامي في حركة نور الدين الزنكي، أحمد حماحر، أنّ السيارة المفخخة الّتي ضربت معاقل المعارضة في الوحشية تسببت بمقتل عدد من عناصر الفصائل وجرح آخرين، لكنه تحفظ عن ذكر أعداد ضحايا التفجير الانتحاري، في الوقت الّذي ذكرت فيه مصادر ميدانية أن ضحايا التفجير من الفصائل بلغ ما قرب من 40 عنصراً.
 وذكر أن الفصائل المشاركة حالياً في معارك الوحشية ضد التنظيم هي كلّ من: جيش المجاهدين، فيلق الشّام، الزنكي، الفرقة 13، صقور الجبل، والفوج الأول، في ظل غياب واضح عن المعارك هناك للشامية والفصائل الإسلامية.
 وكشف حماحر عن استخدام الفصائل لعدد من صواريخ التاو في تلك المعارك، ما أسفر عن تدمير بعض الآليات الثقيلة للتنظيم، ومقتل طواقمها.
ونجاح تنظيم الدولة في عمليات الاختراق الأمني لمناطق سيطرة المعارضة، كان سبباً أساسياً لسيطرته على أم حوش إثر عملية انتحارية، حيث حصدت مفخخات التنظيم في تلك العملية ما لا يقل عن 60 عنصراً من الفصائل، وأدت لسيطرة التنظيم على كامل البلدة.
 وحاولت فصائل المعارضة التشديد من قبضتها الأمنية، من أجل منع حدوث اختراقات أمنية مشابهة، حيث أصدرت اللجنة الأمنية في مدينة تل رفعت في الريف الشمالي من حلب قراراً يمنع بموجبه أهالي المدينة من التواصل مع ذويهم في النظام أو التنظيم، مهدداً بعقاب من يثبت تواصله.
 وحققت فصائل المعارضة إنجازاً أمنياً لافتاً، من خلال إلقاء القبض على مسؤول التفخيخ في التنظيم. وقال العقيد أحمد محمد، القائد العسكري في الجبهة الشامية: لقد تمكّنت الفصائل من إلقاء القبض على مسؤول التفخيخ في التنظيم ويدعى عمر حاج عمر، أثناء محاولته التسلل إلى مدينة مارع، كما تمكّنت من القضاء على خلية نائمة حاولت خلخلة الأمن في المدينة».
 وعزا العقيد الأحمد سبب الاختراقات الأمنية لصفوف الثّوار إلى كون التنظيم موجود في هذه القرى والبلدات، ويوجد منتسبون له، يوجهونه نحو المداخل والثغرات في المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار.
 وعن الآليات الّتي يجب اتخاذها من قبل الفصائل لمنع تلك الاختراقات، قال الأحمد إنّ «من الواجب الاعتماد على عناصر ذات كفاءة، بالإضافة لفرض قيود وتدقيق على الحواجز والمداخل الخاضعة لسيطرة المعارضة، فضلاً عن فرض حالة منع تجول في مناطقنا لشل تحركات الخلايا النائمة».
 ويُعتبر الريف الشّمالي من حلب، من أهم المناطق الاستراتيجية في المنطقة، كونه منفذ عبور بين حلب المدينة، والشّمال السوري، فضلاً عن تحكمه في معبر باب السلامة، المنفذ الحدودي الوحيد بين تركيا وحلب.
 ويرى الناشط الإعلامي ماجد عبد النور أنّ المواجهات في الريف الشمالي، هي»معركة استنزاف يخوضها الثوار نتيجة المسافة الطويلة لخط التماس مع داعش، والذي يتطلب أعداداً كبيرة جداً من المقاتلين لحماية نقاط التماس، فضلاً عن تميز داعش بعمليات التسلل والالتفاف وإرسال المفخخات، لذلك هي معارك صعبة وصعبة جداً».
 وأدت المعارك الدائرة بين تنظيم الدولة وفصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي إلى نزوح العشرات من الأهالي في تلك المناطق إلى المناطق الحدودية، حيث يصف عبد النور تلك الحالات بغير الكبيرة، مشيراً إلى أنّ من نزح من مناطق النزاع هم الأهالي الذين ينتمون إلى الجيش الحر أو لهم أقارب في الجيش الحر، والمتخوفون من بطش التنظيم بأهالي كل من ينتمي لفصائل الثوار، كما فعلت العام الماضي حين تقدمت شرق مارع.
وتكمن خطورة تقدم تنظيم الدولة في أنه إذا أحكم سيطرته على بلدة مارع، فهذا سوف يعني سيطرته على ريف حلب الشمالي بأكمله، بما فيه معبر باب السلامة. ويتلازم التقدم العسكري للتنظيم مع عزم تركيا على إنشاء منطقة آمنة، حيث يسعى التنظيم خلال تقدمه إلى الوصـول إلى مدينة اعزاز والشريط الحدودي شمالها، مما سيؤدي إلى إجهاض مشروع المنطقة «الآمنة « قبل ولادته.

منهل باريش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية