سنوات السيسي الثلاث على رأس السلطة المصرية

حجم الخط
39

مرّت أمس الذكرى الثالثة لإزاحة الرئيس المصري محمد مرسي واستيلاء الفريق أول عبد الفتاح السيسي على السلطة في مصر في انقلاب «شعبيّ» توافقت على صنعه أسباب عديدة ونتجت عنه نتائج خطيرة مصريّاً وعربيّاً وعالميّا.
يقدّم تآكل بعض مؤيّدي الانقلاب الإقليميين والمحلّيين، وكذلك دعمه اللاحق من دول أعلنت رفضه في البداية أو تحفّظها عليه، ملخّصا مفيداً عن تلك الأسباب والنتائج.
كان الخوف من وجود «الإخوان المسلمين» على رأس السلطة في مصر، والرغبة في تدميرها، هو ما جمع مروحة من النخب السياسية وبعض الدول الإقليمية والعالمية، على التحريض والتخطيط والتنفيذ لحركة الاستيلاء على السلطة، غير أن الآلية القمعية الفظيعة التي استخدمت ضد جماعة الإخوان (ثم ضد بعض الحركات السياسية الليبرالية الأخرى كحركة 6 إبريل والاشتراكيين الثوريين) أدّت إلى خلق مجموعة من المعادلات المحلّية والإقليمية والعالميّة الجديدة.
أول النتائج على المستوى المصريّ كانت تطوّر حالة استقطاب سياسيّ حادّ تم فيها استخدام كافة وسائل السلطات التنفيذية من الرئاسة والحكومة والأجهزة العسكرية والأمنية، وكذلك المؤسسات القانونية والتشريعية، ولعب فيها الإعلام دوراً تحريضيّاً كبيراً وأدّت إلى تأجيج حالة كراهية ومطاردة وبطش ضد الإخوان المسلمين واستعادت بذلك الأجهزة الأمنية صلاحياتها الكبرى وتحوّلت إلى آلة للإرهاب الذي اتسعت دائرته لتشمل كل من ينتقد النظام أو يكشف آليات الاستبداد أو الفساد فيه، كما حصل مع المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي انتهى به الأمر معزولاً وتحت طائلة المحاكمة.
أدّى ذلك عمليّا إلى تغييب متدرّج لدور الأحزاب والشخصيات السياسية وتخفيض لوزن منظمات المجتمع المدني والإعلام، ومنع لآليات الاحتجاج والتظاهر، وكما حصل مع جماعة الإخوان التي بدأ البطش بها وانتهى بكل من ينتقد، فقد بدأ البطش بقناة «الجزيرة» المصريّة وانتهى باشتباك عنيف مع نقابة الصحافيين المصريين، وبطرد مقدمي البرامج (كما حصل مؤخرا مع اللبنانية ليليان داود) واعتقال الناشطين الموسيقيين، وحتى المعترضين على تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
إضافة إلى الاستقرار السياسي والأمن فقد كان تحسين الوضع الاقتصادي للمصريين ثالث وعود السيسي. ما حصل فعليا هو تراجع مستمر للوضع الاقتصادي المصري بحيث وصل التضخم إلى مستويات عالية وتناقصت العملة الصعبة وتعرّض الجنيه لضغوط كبيرة وتباطأ النموّ الاقتصادي، وساهم التدهور الأمني الشديد نتيجة البطش بسكّان سيناء وتصاعد قوّة تنظيم «الدولة الإسلامية» وسقوط طائرتين روسيّة ومصرية، في تراجع مريع للسياحة، وهو ما كان ثالثة الأثافي التي أكدت فشل نظام السيسي وخسفت بوعوده السياسية والاقتصادية والأمنية.
على المستوى العربيّ فقد دعم استيلاء السيسي كفّة الأنظمة ضد الشعوب التي ثارت عليها، فساهم في خلق ظاهرة الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، وفي تمييع الموقف العربيّ من النظام السوري، وبدأ حملة لإغلاق حدود رفح المصرية مع الفلسطينية، وارتفع مدّ التحريض ضد حركة «حماس» وأزاح سكّان رفح المصرية لبناء سدّ مائيّ ضد غزّة. لقد كانت حركة السيسي، عمليّاً، إعلاناً لاستعادة الأنظمة المستبدة العربية المبادرة، وتعزيز الحلف الإقليمي العالمي ضد الشعوب الثائرة.
ونتيجة لهذا الحدث فقد استبدلت النظم الغربيّة حماسها الفاتر للثورات العربية باستعادة نغمة «محاربة الإرهاب» العتيدة التي اخترعها المحافظون الجدد أيام جورج بوش الابن والتي أدّت إلى إحدى أكبر الكوارث العالمية التي ما نزال نشهد فصولها تتوالى، وهذه الأجندة لا تفعل غير أن تجرّم الضحايا وتدفع المزيد منهم إلى أحضان التطرّف أو السجون.
إقفال باب إمكانيات تحسين ظروف الشعوب العربية من خلال إزاحة أنظمة الاستبداد والتدرّج الصعب نحو الديمقراطية والمجتمع المدني والاعتماد المتزايد على أنظمة ليس لديها غير القمع والفشل المتوالي كلّها أبواب مفتوحة على جحيم غير مسبوق.

سنوات السيسي الثلاث على رأس السلطة المصرية

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ماء مبلول:

    أحسن رئيس مجرم عرفته مصر .

  2. يقول Hassan:

    ثورة تصيب وثورة تخطئ فيأتي من أشد. سنوات السياسة العجاف لا تحسب في عمر الشعوب. الحكم ضرير يتحسس السلطة بعصا وسط جراجيف الفقر وحفر الإستبداد ترقبه وتتربص به من افتك لها بصرها ولم يتمكن من بصيرتها رغم ألم الإستبداد وفي غربة الوطن المأجور بحفنة الرز حتما سيقع يوما دون أن يسمى عليه وينهض أبناء أمة الدنيا ومعهم عرب ينتظرون ثورتهم الحقيقية التي تسحل المستبد ومن حام حوله. فصبر جميل.

  3. يقول شادي, الاردن:

    هل يوجد عسكري يؤمن بشيء اسمه ديمقراطيه؟مستحيل‬‎

  4. يقول رياض الخطيب - السويد:

    مصر من أكبر الدول العربية و تملك جيشاً من أقوى الجيوش العربية.
    لهذه الأسباب الغرب لا يريد أن يحكم مصر نظام ديمقراطي لا سيما أنها مجاورة للإحتلال الإسرائيلي.
    فما يحدث في سوريا الآن هو خير دليل على أن الغرب لا يريد في المنطقة أنظمة ديمقراطية، بالأخص الدول المتاخمة للإحتلال.
    بل يريد حكومات تسعى لتحقيق مصالح الإحتلال قبل مصالح شعوبها، فلم تشهد الجبهات مع الصهاينة إستقراراً إلا في أيام الحكومات الديكتاتورية.
    فالمستفيد من إستلام السيسي هي إسرائيل، و المستفيد من إنهاك الجيش السوري و تدمير البنى التحتية هي أيضاً إسرائيل.
    فعند نظام السيسي تهمة “التخابر” مع قطر (مع التحفظ على كلمة تخابر) عقوبتها السجن المؤبد بحق رئيس منتخب لم يتعدى حكمه السنة، و البرائة لرئيس نهب البلاد هو و أولاده ثلاثين سنة.
    فالمجرمون في بلادنا لا يحاكمون أمثال حسني مبارك و زين العابدين بن علي و عبدالله صالح و رفعت الأسد و غيرهم كثير منهم نعرفهم و منهم لا نعرفهم.
    لكن عزائنا الوحيد أنه لا شيء يضيع عند الله.

  5. يقول الحداد عبد الرحيم- المغرب:

    متي كان استلاء العسكر علي الحكم في البلاد العربية او غيرها مصدر خير علي الشعب. ان العسكر وظيفتهم معروفة ومتي سولت لهم انفسهم ممارسة السياسة كان ذلك وبالا علي شعوبهم. انه لمن السداجة بل من الخبال ان يعتقد نعض ادعياء الدمقراطية والحداثة منا ان العسكر يمكن ان ياتوا بالخلاص للامة.فهم من خوفهم المرضي من الاسلاميين -الذين هم ايضا لم يحسنوا فهم الاسلام في تفاعله مع قضايا السياسة- ارتموا بغباء بين انياب الغول المتترس بالة الفتك العسكرية التي نعرف مدي الخراب الذي احدثته في البلدان التي تسلطت فيها علي الحكم

  6. يقول عبدالقادر محمد/مصر الحبيبة:

    تحيا مصر يحيا الجيش المصرى البطل يحيا السيسى منقذ مصر من الفاشية الدينية

  7. يقول الكروي داود النرويج:

    الشعب الذي خرج بيوم 30-6-2013 يستحق ما يجري وأكثر لأنه باع حريته بأبخس الأثمان
    اللهم فك أسر الرئيس المظلوم الدكتور محمد مرسي وأصحابه الشرفاء الذين لم يلطخوا أيديهم بدماء الشعب المصري ولم يسرقوا كغيرهم
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول فضيلة، الجزائر:

      اللهم آميييين يا رب العالمين

  8. يقول د.حايك سويسرا:

    لا يجب على الديمقراطيه ان تأتي بالكوارث لأن السلوك الديمقراطي هو أهم من الديمقراطيه نفسها فلا يسمح بأن ينشطر الشعب على نفسه لتباعد الآراء و الأهداف إلى درجة العداء و في النهايه الى تدمير الآخر و تكون النتيجه ان يأتي المخلّص بشكل ديكتاتور يضع حدا للفوضى و ترجع الامور الى ما كانت بخسارة الجميع و لهذا يجب مراجعة سلوكنا الديمقراطي و ماذا حصل من أخطاء حتى لا تتكرر في محاولات اخرى لتحقيق الديمقراطيه السليمه التي نسعى اليها جميعا فالديمقراطيه لا تنتهي عند صناديق الإقتراع بل تبدأ هناك في تحمّل المسؤوليه لكل المجتمع فالفوز بالانتخابات ليس امتياز و لكن توكيل و هذا يعتمد كلّيّا على العامل البشري من القاعده إلى الرأس و بالعكس على اساس مفهوم الوطن و المواطنه و انه ليس لي رفاهية بدون رفاهية الآخر

  9. يقول عاطف الصغير:

    اتفق مع جل ما جاء في التحليل
    غير اني اعترض فقط على وصف انقلاب العسكر بالانقلاب الشعبي
    الانقلاب هو الانقلاب – وما يبدو فيه مشاركة شعبية جرى تضخيمها من ذات ادوات الانقلاب الذي امتلك وبقيضة حقيقية كل منافذ الاعلام وتوريد اكاذيب على انها حقائق
    اما الحقائق التي لا جدال فيها والتي يعترف بها مؤيدو الانقلاب ومعلارضيه
    فهي ان الرئيس الشرعي الدكتور مرسي جاء عبر ادوات ديمقراطية حقيقية تقيس الرأي العام بناء على آليات عددية دقيقة وهي اصوات الناخبين
    اما ما يزعمه مؤيدو الانقلاب من ملايين نزلت طلبا للاطاحة بالرئيس الشرعي الدكتور مرسي فليس هذا الا بعض من ترهات واضاليل واللعب بالكاميرات والحشود والاضواء ساعدهم في ذلك تواطؤ وقبول اقليمي ودولي وترويج كثيف من قبل قوى هي في الاساس كانت ضد الدكتور مرسي من اليوم الأول
    اخيرا فاز التيار الاسلامي والاخوان تحديدا بكافة الاستحقاقات الانتخابية والديمقراطية – وهذا منذ بداية ثورة يناير مرورا بانتخابات البرلمان بغرفتيه وصولا لانتخابات الرئاسة والدستور الشرعي الذي حاز على ثلثي اصوات الناخبين قبل الانقلاب على الشرعية بخمسة شهور وهو ما ينفي اي اكاذيب او اضاليل بشأن انحسار تأييد الدكتور مرسي او الزعم بأن الانقلاب كان شعبيا
    الانقلاب كان انقلابا عسكريا بالدرجة الاولى استخدم بعض من شرائح الشعب التي هي بالاساس لم تنتخب الدكتور مرسي متمثلة في الشريحة الاكبر من الاخوة الاقباط وكذلك فلول مبارك فضلا عن القوة الليبرالية واليسارية التي منيت بخسائر فاضحة كشفت عن شعبيتها الواهمة فلم يجد كل هؤلاء سوى الكيد والعمل على اسقاط من جاء به الشعب

  10. يقول سامح // الاردن:

    * للأسف الشعوب ( العربية ) مغلوب على أمرها
    وكان الله في عونها .
    * سلام

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية