تعاطى الكثيرون من النخب السياسية والإعلامية مع القضية السورية كما لو أنّها نسخة تتكرّر من الحدث العراقي، والحال أن فكرة العلاقة البنيوية بين النظامين لا تخلو من وجاهة، رغم أن العداء بينهما كان «وجوديّا»، فالمعروف أن جوازات سفر السوريين كانت مفتوحة للسفر إلى كل بلدان العالم، وكان الاستثناء الوحيد المطبوع بصراحة على وثيقة السفر هو العراق، وكانت تهمة العمالة لأحد النظامين تودي بصاحبها إلى مجاهل «قصر النهاية» العراقي، أو سجن «تدمر» السوريّ المرعب.
النظامان، بحسب قوالب التحليل المعتمدة، كانا «علمانيين»، وكان الحزب فيهما الذي يقود الدولة على الطريقة الاشتراكية السائدة حتى نهاية الاتحاد السوفييتي، هو الحزب نفسه (البعث العربي الاشتراكي)، كما أن نظامهما جمهوري، ولأجهزة الأمن والاستخبارات اليد الطولى في كلا النظامين، كما كان القائد فيهما تجسيداً أمثل لفكرة الدكتاتور الذي لا يرحم أحداً، لا من خصومه الأيديولوجيين، من إسلاميين أو شيوعيين، ولا حتى من زملاء السلاح والحزب الذين تساقطوا قتلى أو دفنوا في السجون.
تنافس النظامان على الرأسمال الرمزيّ للعرب، من الإسلام، الذي هو، بحسب ميشيل عفلق، تجدد العروبة وتكاملها، إلى القوميّة، فانتشرت فروع حزب البعث «العراقي» و«السوري» في أنحاء العالم العربي، وعلى فلسطين، حيث كان لكل نظام منهما تنظيمه الفلسطيني الخاص به ومحاولاته المستمرة لتجيير القضية الفلسطينية لصالحه، مروراً بالعالم الثالث و«دول عدم الانحياز»، والأشقاء في «المعسكر الاشتراكي الصديق»، حيث كان لكليهما علاقات مميزة مع الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الاشتراكية واستخباراتها التي نقلت الكثير من خبراتها لكلا النظامين، فاشتهر في سوريا مثلا «الكرسيّ الألماني» في التعذيب و«السجن البولوني» في الاعتقال.
بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 توقّع عديدون أن تتجه الآلة المدمرة الأمريكية نحو سوريا، وقد تعامل الرئيس السوريّ المستجدّ (آنذاك) بشار الأسد مع الأمر على أنه خطر قادم فقامت أجهزة استخباراته بتنظيم وتحشيد وإرسال «المجاهدين» ضد «الغزاة الكفرة» الذين انضمّ كثيرون منهم لتنظيم «القاعدة»، ولكنّها، من جهة أخرى، أعادت ابني صدام حسين وأحفاده إلى العراق، بعد أن «صادرت» أموالهم، وانتهى الأمر بهم قتلى، لتؤكّد أن العداوة القديمة مع نظام صدّام كانت مستمرة.
وبعد الثورة الشعبية السورية عام 2011 استعاد كثيرون فكرة اجتياح الغرب للعراق، وماثلوا بين المعارضة السورية التي انبثقت من تلك الثورة والمعارضة العراقية التي جاءت على ظهر الدبابات الأمريكية، وتنبّأوا بسيناريوهات سورية مشابهة لما حصل في العراق.
ولم يقتصر استخدام النماذج الجاهزة على المحللين السياسيين العرب، بل إن دولاً غربية كثيرة استخدمت المسطرة العراقية أسلوباً لـ«حل القضية السورية»، فركّزت على دعم حزب الاتحاد الديمقراطي باعتباره ممثل الأكراد، كما فعلت في العراق (رغم عدائه لقادة الإقليم الكردي العراقي وعلاقاته الحميمة بإيران والنظام السوري وروسيا)، وحاولت، مع فشل ذريع، خلق «صحوات» سنّية مسلّحة في سوريا.
والواقع أن استخدام المساطر الغربية الجاهزة كان قد طبّق في العراق أيضاً، مع البريطانيين بعد الحرب العالمية الأولى الذين تعاملوا مع العراقيين كهنود، ما أدّى إلى ثورة عارمة ضدهم، ومع الأمريكيين بعد الاجتياح عام 2003 والذين تعاملوا مع العراقيين كأفغانيين وأدّى ذلك إلى ما نعرفه من خراب شامل للعراق!
يكشف التعاطي مع الموضوعين العراقي والسوريّ بأسلوب القصّ واللصق، سواء من قبل النخب السياسية العربية أو الغربية عن ركاكة فظيعة وتكشف نتائجه الكارثية على الأرض عن هشاشته، فلا سوريا هي العراق ولا صدام حسين هو حافظ الأسد (فما بالك ببشار الأسد؟).
يكشف العداء التاريخي بين النظامين العراقيّ والسوريّ (حتى سقوط صدّام حسين) عن أن حزب البعث كان مجرّد قناع لمنظومتين تاريخيتين تشابهتا بأساليب الدكتاتورية والاستبداد والتسلّط (التي كانت العلامة الفارقة لنظم العالم الثالث على اختلاف أنواعها)، ولكنّ مشروعهما التاريخي شديد الاختلاف، فالعراق تحت سلطة صدّام حسين جابه المشروع الغربيّ ـ الإيراني حتى نهايته الدامية، بينما انخرط بشار الأسد في المشروع الغربيّ ـ الإيراني، الذي قطفت طهران ثماره في أفغانستان والعراق، وها هو المشروع يستأنف، بعد انقطاع قصير سببته الثورة السورية، لينال مكافأته أخيراً، من خلال الاتفاق النووي مع إيران، ومنع المنطقة الآمنة التركية في سوريا، وتجويع السوريين حتى الموت، وصعود حظوظ حليف «حزب الله» ميشال عون بالرئاسة، وإطلاق مستشار الأسد المعترف بجرائم إرهاب ميشال سماحة في لبنان، وإبقاء الأسد على عرشه المبني على جماجم شعبه باتفاق روسيّ أمريكيّ.
رأي القدس
حزبي البعث العراقي والسوري متشابهان بالعلمانية والشمولية
ولكن الدكتاتور صدام يختلف عن الدكتاتور الأسد
فصدام وطني لكن الأسد باع الوطن
صدام خدم المشروع القومي بالدفاع عن البوابة الشرقية ضد الصفويين
أما حافظ فقد كان يرسل الصواريخ للصفويين لضرب بغداد
فمن هو القومي والوطني ومن هو الخائن والعميل
وماذا عن بيع الجولان مقابل الكرسي؟
ولا حول ولا قوة الا بالله
هذه هي الحقيقة ببساطة … شكراً
مقال أكثر من رائع .. والكثيرون لا يميلون إلى تصديق أن المشروع الغربي والأمريكي في الشرق الأوسط ( إيراني شيعي ) ..
لكن أعتقد إن إسرائيل تحاول ضرب هذا المشروع واستبداله بمشروعها ، وسوف تنجح في ذلك عبر الجمهوريين الذين سيفوز مرشحهم في الانتخابات الأمريكية القادمة ، الصهيونية العالمية ستدمر إيران في النهاية ، وهي لن تتردد في ذلك حتى لو أدّى لنشوب حرب عالمية ثالثة ، وأعتقد أن العالم كله سيدفع في النهاية ثمن الدماء السورية المراقة ..
أنا أوافقك الرأي أخ الكروي تحليلك صحيح لصدام و بشار الدموي.
بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم عنوانه( سوريا ليست العراق والأسد ليس صدام)
في تقديري ان الانظمة الديكتاتورية العربية والحركات والاحزاب التغريبية المصطنعة الداعمة لها ما هي الا استنساخ للروح الاستعمارية المعادية لطموحات الامة في الانضمام الى ركب الحضارة والنهضة العصرية،.وحزب البعث العربي الاشتراكي وغيره من الاحزاب القومية او الليبرالية او الاشتراكية الشيوعية من اصرخ الامثلة التي نادت -في ترديد ببغائي- بفصل الدين عن الحياة؛وهذا الطريق المشبوه الذي سارت عليه مثل هذه الاحزاب والحركات العلمانية هو احسن وصفة صهيوصليبية استعمارية لاضمحلال وسقوط الامة العربية الاسلامية. وهذه المشاريع والحركات والاحزاب والافكار المستوردة عملها في جسم الامة كمثل شجرة عملاقة تذبل وتموت لو فصلتها عن جذورها .فنحن قوم اعزنا الله بالاسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله.
والاسد وصدام امتطيا حزب البعث الذي صار مجرد (قناع لمنظومتين تاريخيتين تشابهتا بأساليب الدكتاتورية والاستبداد والتسلّط (التي كانت العلامة الفارقة لنظم العالم الثالث على اختلاف أنواعها)، ولكنّ مشروعهما التاريخي شديد الاختلاف، فالعراق تحت سلطة صدّام حسين جابه المشروع الغربيّ ـ الإيراني حتى نهايته الدامية، بينما انخرط بشار الأسد في المشروع الغربيّ ـ الإيراني، الذي قطفت طهران ثماره في أفغانستان والعراق، وها هو المشروع يستأنف، بعد انقطاع قصير سببته الثورة السورية، لينال مكافأته أخيراً، من خلال الاتفاق النووي مع إيران، ومنع المنطقة الآمنة التركية في سوريا، وتجويع السوريين حتى الموت، وصعود حظوظ حليف «حزب الله» ميشال عون بالرئاسة، وإطلاق مستشار الأسد المعترف بجرائم إرهاب ميشال سماحة في لبنان، وإبقاء الأسد على عرشه المبني على جماجم شعبه باتفاق روسيّ أمريكيّ).والاقتباس اعلاه هو ما ختم به كاتب رأي القدس اليوم مقالته المعبرة عن واقعنا الاليم
مخطئ من ظن ان حكم آل الأسد لة علاقة بالبعث و بالقومية و العروبة… مخطئٌ جداً من ظن ذلك، ركبوا موجة القومية ليخدعوا بها الشعب السوري العربي القومي بطبعة، ليسرقوه و لينهبوه بانين حولهم دوائر القوة الفاسده.
للذاكرة فقط. الرئيس الراحل صدام حسين. قبل اجتياحه الكويت .سأل السفيرة الأمريكية
أن كانت أميركا تعارض الاجتياح. قكان جوابها. ليست مشكلة.كل ذلك موثق .بالله عليكم لا تجعلون الدكتاتورية جميلة .شكرا للقدس العربي التي تعطي المجال للرد.
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا تدافع ايران الصفوية عن اتباعها في العراق وسوريا وفي كل مكان، بينما السنة وحيدون يقتلون ويهجرون بإسم محاربة الإرهاب دون ان يدافع عنهم احد؟ لابد أن تدعم السعودية وتركيا وباكستان السنة أينما وجدوا كما تفعل إيران لحلفائها، المشروع الامريكي والغربي الإيراني يهدف إلى تمكين إيران وحلفائها في المنطقة، لذلك يجب أن تنتبه السعودية وتركيا وباكستان وتقف بقوة في وجهه، ولا تترك سنة العراق وسوريا . لابد من دعم السنة بالمال والسلاح وتقويتهم. وشكراً.
من أراد سوريا عليه بإيران وحزب ألله وروسيا وكذلك فرنسا. صاحب البراميل إنما هو مفوض من قبل من لكل منهم سهم في سوريا. وبالطبع دون نسيان العدو الصهيوني الذي له الضلع الأكبر في سوريا.
شكرًا لرأي القدس وللمعلومات و المقارنة الممتازة.
الجهل والتجهيل هو الخطر الاكبر على امتنا.
الان يتم تسويق اسرائيل السنية وروسيا الشيعية ؟؟
لننظر لما تحتنا من خيرات فهي الهدف الأساسي .. الغاز والنفط والمياه !!
الحذر .. الحذر من الوقوع في هذا الفخ لانه نهاية لأمة المسلمين عامة والعرب خاصة.
لماذا تمتلك اسرائيل اربعة غواصات نووية ؟ وأعدائها على مرمى البندقية ؟
مشروع اسرائيل الكبرى ابتدأ تنفيذه .. الانتباه الانتباه لا تغفلوا عن العدو الحقيقي الاول والأخير والباقي كله ” خردة وفراطه”
يجب ان نعمل ونكتب ونتكلم ونحلم بان نعود كما كنا ..امة لا اله الا الله محمد رسول الله، ولا فرق بين عربي و أعجمي الا بالتقوى !!
نحن على وشك الرحيل عن هذا العالم ونحذر اخواننا من الخدعة والأكذوبة السنية الشيعية. نصلي في نفس الوقت ونفس الاذان ونفس الاتجاه ونفس الكتاب ونفس الحج ونفس الصوم ونفس الزكاة ونفس النبي وكل شئ هونفسه ولكن تجار الدين هم من يثير التفرقة …
لقد فشلنا بعد هذا العمر اللي عشناه والبحث العميق عن اي رجل دين او سياسي فقير الحال … الحذر الحذر وعليكم بكتاب الله وليس ما يقوله فلان وعلان فان مقتل الامة في ترك كتاب الله ” لن تضلوا من بعده ”
الفتنة هذه حصلت قبل الف وخمسمائة سنة .. اليس من العيب والجهل والكفر ان نتحارب ونقتل بعضنا البعض لاجل فتنة في ذاك الزمان .. اما آن الاوان ان نتعلم الدرس ؟؟
وشكرا للقدس الرائعة
الى حكمتusa
الان يتم تسويق اسرائيل السنية وروسيا الشيعية ؟؟ انتهى الاقتباس
لقد اصبت الصمبم نعم يتم التسويق لآسرائيل الصهيونيه كأنها دولة سنيه من قبل اغلب الدول العربيه الانبطاحيه واخر الاخبار ثقول ان الحكومة السودانية تمهد للتطبيع مع يسمى اسرائيل بعد ارسالها قوات للقتال في اليمن وقطعت علاقاتها مع ايران.
لقد اصبت الصميم بكل ما قلت بتعليقك لكن للآسف الشديد بعض الدول العربيه ستجر المنطقه الى حرب مدمرة على الجميع ان كانوا سنة او شيعه
سأحتفط بالتعليق لربما يوما انشره ثانية ان وقعت الواقعه ولا ارجوا ذلك
صدام كان حليفا للامريكان ورايتم ما صار اليه والاسد حليف لايران وسترون ما يصير اليه باذن الله ان فى ذالك عبرة لاولى الابصار