سوريا: نهاية الإنسانية؟

حجم الخط
15

تحت عنوان «سوريا: المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا» نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً طويلاً كأنه فيلم رعب لا ينتهي عن سجن صيدنايا العسكري والممارسات التي يرتكبها نظام بشار الأسد فيه.
وسائل الإعلام العالمية تناقلت الرقم المخيف الذي نتج عن عمليات الشنق الجماعي السرية التي تجري خارج أنظمة القضاء للمعتقلين المدنيين والذي قدّرته المنظمة الحقوقية بثلاثة عشر ألف شخص خلال الفترة بين أيلول/سبتمبر 2011 (عام اندلاع الثورة السورية) وكانون الأول/ديسمبر عام 2015، وتجري عمليات الإعدام مرة أو مرتين كل أسبوع حيث يشنق ما بين 20 و50 شخصاً في كل مرة ثم يجري نقل الجثث بشاحنات لتدفن في قبور جماعية.
يؤكد التقرير أن أوامر الإعدام توقع من قبل أعلى المسؤولين في الحكومة ويوافق عليها مفتي سوريا وكذلك موافقة وزير الدفاع أو رئيس هيئة الأركان كمفوضين عن الرئيس السوري، وبأن الانتهاكات داخل السجن صمّمت لإيقاع أقصى درجات المعاناة البدنية والنفسية وإهانة المعتقلين ونزع الصفة البشرية عنهم وتدمير أي شكل من أشكال الكرامة أو الأمل لديهم.
أول ما يتبادر للذهن عند قراءة التقرير هو فساد الرأي الذي أصبح، للأسف، سائداً عن وجود «حرب أهلية في سوريا» بين طرفين بحيث تتم مساواة آلة قتل طاحنة تحكم البلاد بالنار والحديد منذ خمسة عقود وتتصرف كجيش احتلال همجيّ مع الذين ثاروا عليها سلميّاً (والأغلبية الساحقة من السجناء والمشنوقين حسب التقرير هم كذلك)، أو الذين امتشقوا السلاح دفاعا عن أعراضهم وأرضهم وكرامتهم.
في الوقت الذي نُشر فيه هذا التقرير كان وفد جديد آخر من صحافيي العالم، هذه المرّة من بلجيكا، يلتقون الرئيس السوري بشار الأسد، المسؤول الأول عن هذا النموذج المصغر عن الفظاعات المهولة العامّة، ليقدّموا، بشكل أو آخر، تسويقاً جديداً له ضمن حملة علاقات عامّة كما لو كان هذا التسويق إسهاما من صحافيي وحكومات العالم في المقتلة السورية.
هذه المفارقة لا تني تتكشّف كلّ مرّة تتماهى فيها صورة الأسد مع صور المعذّبين والمهانين والمذلولين وشاحنات الجثث والعظام النافرة للقتلى والمساجين، وتنفضح واقعة أن سجون سوريا هي الوجه الحقيقي لرئيسها «الدكتور»، وأن بلاغات دبلوماسييه الأشاوس كوليد المعلم وبشار الجعفري هي نفسها كلاليب تعليق السجناء لتعذيبهم وشاحنات الموت وقذائف الغازات السامة والبراميل المتفجرة… وفي كل مرّة تهبط طائرات الصحافيين المدعوّين للمشاركة في تنظيف وتعطير المسالخ البشرية وتقديم المنبر للرئيس الطاغية ليُدلي بآرائه العجيبة، ومنها، حسب مقابلته الأخيرة إن انتخابه رئيساً لا علاقة له بأن أباه كان رئيساً. المسألة تتعلّق بمحبّة ودعم الشعب له.
لقد أصبح الأسد رئيسا إذن بدعم الشعب نفسه الذي أعدم منه في سجن واحد ثلاثة عشر ألف شخص.
حسب أحد الحراس السابقين للسجن الذين استنطقهم التقرير فإن سجن صيدنايا هو «نهاية الحياة ونهاية الإنسانية».
لكن الحقيقة أن نهاية الإنسانية هي في الممارسة المستمرة لتزيين المسلخ الذي آلت إليه سوريا تحت حكم الأسد وفي هذا يتساوى المفتي والوزير والدبلوماسي السوري مع صحافيين وسياسيين غربيين.

سوريا: نهاية الإنسانية؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Dr. Walid Khier:

    هل وصل ضعف الذاكره بنا إلي حد نسيان أن رفعت الأسد عم بشار كان يتباهي بقتله ل ١٥٠٠٠ سوري تحت التعذيب في معتقلاته خلال شهر واحد أبان أحداث حماة في الثمانينات؟ و أن سلاح الجو “العربي” السوري قتل ثلاثة أضعاف هذا العدد في القصف المساحي بالقاذفات في نفس الشهر؟ هل نسينا تل الزعتر؟ هل نسينا إبادة صدام للأكراد بالغاز و قصف عبد الناصر لليمنيين بالنابالم؟ فما الغريب بالله عليكم أن يعدم أحد أفراد هذه السلاله -و ندعو الله أن يكون آخرهم هو و أراجوز الإنقلاب في مصر- ١٣٠٠٠ في أربعة سنوات؟

  2. يقول عبود:

    عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا ليست جديدة والقتل في سوريا ونهاية الإنسانية تشمل كل سوريا بأطفالها ونساءه و شيوخها ليس في سجن صيدنايا فقط
    أنا أقول أن منظمة العفو الدولية ليست محايدة ولسيت بعيدة عن السياسة كما تدعي .الوقت الذي نُشر فيه هذا التقرير كان وفد جديد آخر من صحافيي العالم، هذه المرّة من بلجيكا، يلتقون الرئيس السوري بشار الأسد،وكذلك في هذا الوقت هناك لتطوّرات جديرة بالانتباه في الأردن ( القدس العربي) “”ثم عودة الإعلام الرسمي الأردني لاستخدام مصطلح «الجيش العربي السوري» بدل «الجيش النظامي»
    هل هناك جنون وفكر جديد في حرب سوريا هل هناك خوف من توسع إيران في سوريا وبناء إيران لمراكز عسكرية في سوريا قد تهدد أمن إسرائيل. هل هناك محاولة لفصل الأسد عن إيران ..الأسد وعذاب الإختيار بين العروبة وإيران. من يعذب غيره ….

    1. يقول د. اثير الشيخلي- العراق:

      فلتكن منظمة العفو الدولية ، منظمة يديرها أبليس نفسه !

      هل التقرير صحيح ام لا ؟! هذا الذي يهم !

      تسيسس او تجيير او اي غاية تريد المنظمة تحقيقها ، ما يهمنا نحن !

      محاولة حرف الموضوع من خلال التشكيك باهداف المنظمة ليس موضوعنا ! و محاولة بائسة من أجل تقليل شأن الكارثة و المجزرة و النسلخ البشري!

      انها سقوط للأنسانية في حمأة الدناءة و الحقارة ، وسيعلم بشار و ازلامه و مؤيدة و النصفقين له و المبررين لإجرامه أي منقلب سينقلبون

  3. يقول عمر:

    أين ألذين يحاربون الارهاب, لم نراكم تحاربون بشار ونظامه؟ أليس قتل الآلاف تحت التعذيب أشد أنواع الارهاب؟

  4. يقول محمد سالم الجزائر:

    انها عدمية العرب
    المثقف العربي ثقب ينضح بالجبن
    العسكرية العرب تجسيد للهزيمة
    السياسي العربي هو تجسيد للغباء
    البترول العربي نار تحرق الشعوب

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية