أنطاكيا ـ «القدس العربي»: التقت «القدس العربي» برجل أربعيني في أحد المشافي في مدينة أنطاكيا التركية، كان ينتظر على مقاعد الدور حتى يحين موعد دخوله للمعاينة، وقال إنه يسكن في مدينة أنطاكيا منذ ثلاث سنوات ففي عام 2012 خرج من مدينته السويداء، ولم يعد إليها حتى الآن.
ويقول الرجل والحسرة تعتصر قلبه: هل تعلم لماذا تركت السويداء منذ ثلاث سنوات؟ وتابع حديثه مبتسما نعم انا معارض لنظام بشار الأسد، ولكن لم أخرج لهذا السبب بالتحديد.
ويضيف: في أحد أيام عام 2012 طرق باب منزلي ليلا ابن أحد أصدقائي من مدينة درعا، وكان يلبس اللباس العسكري في الجيش السوري، إلا أنه عانقني فورا وطلب مني أن يدخل، فرحبت به وقمت باستضافته بشكل فوري.
وضع ذلك الرجل يده على صدره وقال بصوت مرتفع: «نحن تربينا على الكرم والشهامة والرجولة فكيف إذا كان ابن صديق لك، أليس من الواجب أن تساعده في الشدة، وخاصة إن كان ذلك الشاب منشق عن الجيش السوري، وكانت السويداء أقرب له من مدينته بالنسبة للثكنة العسكرية التي انشق عنها، فسارع للجوء إلى منزلي ليمكث بضعة أيام، ومن ثم يجد طريقة للوصول إلى أهله في مدينة درعا، ولكن بعد يومين من مكوثه في المنزل ذهبت لشراء بعض الحاجيات، وعند عودتي وقبل وصولي رأيت قوات الأمن تحيط بالمنزل، وكانوا قد اعتقلوا الشاب واقتادوه إلى مكان لا أعرفه حتى الآن ولو كنت موجودا في المنزل حينها لاعتقلوني معه أيضا».
يشير ابن السويداء إلى رأسه ويقول: لم أفهم كيف حدث ذلك، وكيف عرفت قوات الأمن بأن منشقا عن الجيش السوري في منزلي، لقد تألمت كثيرا لأجل ذلك الشاب، ومن حينها لم أعد إلى منزلي مطلقا، وتمت مداهمته أكثر من مرة، وكانت التهمة إيواء إرهابيين، وهذا ما دفعني إلى السفر والهروب إلى الأردن والتوجه إلى تركيا لأنها أفضل للمعيشة، وكان لدي بعض الاقرباء فيها، ومنذ ثلاث سنوات حتى الآن أنا مغترب وملاحق بهذه التهمة، والآن سأهاجر إلى دولة أوروبية مع عائلتي لتأمين مستقبلهم الذي حرمهم منه النظام السوري لأجل شهامة وعادات تربينا عليها.
ويختتم قائلا: «قسوة النظام جعلتنا غرباء في أرضنا، وجردتنا من كل أحلامنا على أرض وطننا وحتى خارجه، لكن هل من المعقول ان نتجرد من عاداتنا ومبادئنا فقط من أجل بقاء بشار الأسد على رأس الحكم؟».
ياسين رائد الحلبي