زرت أحد معارض الكتب، ووقع نظري على كتاب يحمل عنوانا موجها للنساء «كل ما أردتِ أن تعرفيه عن الجنس».
عنوان مثير يجذب الرجل والمرأة، توقفت عنده سيدة في الثلاثينيات من عمرها وأمعنت في العنوان وصورة الغلاف، واضح أن السيدة تريد أن تقتني الكتاب، ولكنها خجلت أن تحمله على مرأى مني، وممن يحومون حول تلك الطاولة. أدبرتُ كي أمنحها الفرصة، ولكن جاء غيري فانتقلتْ لمعاينة كتب سياسية واجتماعية وطبخ وقصص أطفال، يبدو أنها تنتظر لحظة أكثر ملاءمة مثل صياد ماكر لتعود إلى الكتاب نفسه.
الجنس موضوع حساس في حياة كل فرد، ولكنه يأخذ أشكالا مختلفة، تجارية ودينية وسياسية وطبية وأدبية وجمالية فنية.. إلخ.
أذكر في مراهقتي المبكرة إحدى المجلات اليسارية التي كان يصدرها حزب مبام الصهيوني واسمها (هذا العالم) التي رأِس تحريرها الصحافي اليساري أوري أفنيري، كانت تدخل إعلانا فيه صورة جنسية، كنت أطالع المجلة وأتوقف عند تلك الصورة كثيرًا، أقلب الصفحات وأعود إلى الصورة، كانت الصورة تختلف من عدد إلى آخر درءا للملل وإغراءً لاقتناء عدد جديد، هذا لم يفُت والدي رحمه الله فقال لي بهدوء: لا أريد إدخال هذه المجلة إلى بيتنا. فهمت السبب، ولكن تظاهرت بالسذاجة وسألته ليش يابا؟ فقال بلطف:لأنها مش نظيفة.
لا أفهم بالفعل ماذا كان القصد من هكذا إعلان مع صورة مثيرة عارية في مجلة يسارية تخاطب مجتمعا محافظا، هل كان اليسار الصهيوني يطمح لدخول بيوت العرب عن طريق إعلان جنسي، وهل اعتبر اليسار الصهيوني أنه بهذا يدفع المجتمع المحافظ إلى الحداثة! أم أنها كانت وسيلة رخيصة وأنجح لتسويق المجلة! أظن أنه كان إعلانا مدفوع الأجر، وطريقة وظفت الغريزة لإدخال المجلة وما تحويه إلى فئة الشباب، ويبدو أن كل شيء مباح في السياسة ما دام يخدم الهدف.
الجنس غريزة طبيعية في الحيوان والإنسان، مادة تجذب المتلقي في المجالات كلها.
أكثر المطالعين الشباب في الطبعة الأصلية لألف ليلة كانوا يتوقفون كثيرا، ويعيدون قراءة الكلمات الجنسية المباشرة في بعض القصص وينقلونها لأصدقائهم للمشاركة في المتعة والدهشة.
في رواية باولو كويلو إحدى عشرة دقيقة لم أجد ذلك الأدب العظيم كالذي أنتجه ماركيز أو أورهان باموق أو ميلان كونديرا وغيرهم، ولكن قبل عقدين تقريبا، كانت قراءة إحدى عشرة دقيقة صرعة، وكأنها في المنهاج الإلزامي لمحبي المطالعة، والفضل في هذا للجنس ولقطات الإثارة الكثيرة فيها.
رواية أو دراسة برهان العسل لسلوى النعيمي، طبعت أكثر من عشر مرات على ما ذُكر، وربما وصلت أكثر من هذا، لاحتوائها إثارة وكلمات جنسية مباشرة، قيمتها الأدبية تتلاشى بسرعة، وهي دراسة أكثر مما هي رواية.
عندما يُمنع كتاب أو فيلم ويُعلن بأنه للراشدين فقط، فهو إغراء وتنبيه للمراهقين والراشدين وحتى الشيوخ بأن يسرعوا ويقتنوا نسخة، وأي مادة تريد نجاح تسويقها فما عليك سوى كتابة عبارة ،للبالغين فقط.
اقتنيت كتاب القصائد المحرمة لأبي نواس أكثر من مرة لسبب بسيط، كنت أتركه في دُرج المكتب، فلا يلبث أن يختفي في مكتب عمِل فيه أكثر من عشرة موظفين وموظفات، إلى أن اختفى ولم أقتنه من جديد.
الجنس أيضا وسيلة لتشويه الدين، أضحكني بقدر ما استفزني أحد الشيوخ في تسجيل منتشر على اليويتوب يشرح فيه أعداد الحوريات اللاتي يحظى بهن المؤمن التقي في الآخرة، فله سبعون حورية، ولكل حورية وصيفتان ولكل وصيفة وصيفات ومساعدات.. إلخ، من المتواليات الحسابية حتى يصبح للمؤمن عشرات آلاف الحوريات القائمات على متعته، وكل لقاء جماع مع إحداهن يستغرق سبعين عاما، حتى تناديه حورية أخرى»أليس لنا فيك نصيب يا عبد الله»! بلى تفضلي. هكذا سوّق الشيخ نفسه وضاعف أعداد مشاهديه عشرات آلاف المرات. ولكنه جعل غاية المؤمن إقامة علاقة جنسية أزلية مع الحوريات، من دون أن ينسى حق زوجته الأرضية المؤمنة فيه.
إضافة لهذا، فهناك من كتب في الجنس مادة للتسلية، في الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي في الليلة الثامنة عشرة يذكر الجنس مادة للترويح فيقول: «إن الجد قد كدّنا ونال من قوانا وملأنا قبضا وكربا»، ثم يدلي بشعر ماجن بصريح العبارات مع الغانيات والصبيان، ومن بعدها يعود إلى الجد بعد الهزل، ومثله فعل الكاتب الجليل أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، ولكن الكتب الأبرز في الجنس كانت لشيوخ مثل النفزاوي(الروض العاطر في نزهة الخاطر) والتجاني في (تحفة العروس ومتعة النفوس) و(رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه) لابن كمال باشا، وللتيفاشي وجلال الدين السيوطي وغيرهم.
الجنس أيضا مقياس لانضباط المجتمع وأخلاقه واحترامه لنفسه ولخصوصية الآخرين، فالتحرش الجنسي منتشر في المجتمعات المغلقة والمنفتحة ولكن بنسب متفاوتة، والغريب أن نسبة عالية جدا من النساء يتعرضن للتحرش الجنسي في بلد مثل مصر سواء اللفظي أم الجسدي، علما أن مصر تعتبر بلدا محافظا شكلا على الأقل. كذلك يشير الجنس إلى وضع اجتماعي سياسي مأزوم، اغتصاب فتاة في حافلة في المغرب وتصوير الحدث في جهاز هاتف، يعكس وضعا اجتماعيا خطيرا، فهو يعني اللامبالاة واليأس وعدم الاكتراث بالعواقب، وهناك تقارير كثيرة عن ازدياد التحرش الجنسي بحق القاصرين والأطفال، وازدياد ظاهرة المثلية الجنسية في السعودية ودول الخليج.
قضايا الجنس لا تنتهي باختلاف المجتمع أو تطوره، ولكن يختلف شكل التعبير عنها، فالجنس في معظم دول العالم المنفتح بات سلعة تجارية خاضعة لسوق العرض والطلب كما تعرض أية سلعة أخرى، ومع التطور التكنولوجي بدأت تنتشر ظاهرة ما يسمى الإيذاء المُبْهج، وهي تصوير الاعتداء بما في ذلك الجنسي وبثه في وسائل التواصل الاجتماعي.
الطريق الذهبي والأقل ضررًا هو الوسط، ونحن أمة الوسط، التشدد والتزمّت والحرمان الشديد له عواقب وخيمة لا تقل خطورة عن الانفلات والإباحية والتحلل.
وعودة إلى السيدة وكتاب «كل ما أردت أن تعرفيه عن الجنس». لم تستطع السيدة المحترمة التغلب على خجلها وتردّدها، لفّت ودارت ولكنها لم تقتن الكتاب.
سيّدتي، لا داعي للخجل من تناول كتاب مثل هذا حتى ولو رآه الآخرون في يدك وفي مكتبتك، لأن فيه ثقافة واكتساب معرفة صحيحة وعلمية فيها مصلحتك أنت وشريكك في حياة زوجية أكثر سعادة ومن ثم مصلحة المجتمع كله.
سهيل كيوان
تحية تقدير للسيد سهيل كيوان على هذا الموضوع الذي تناولتموه بجرأة
–
ذكرتم فيما ذكرتم من كتب الثرات الي تناولت الجنس ” الروض العاطر ”
–
للعلامة النفزيوي وهذا الكتاب كان حتى بداية التسعينات رائجا
–
اذكر ان الكاتب الراحل محمد شكري صاحب ” الخبز الحافي ” كان قد
–
تعجب من منع سيرته الذاتية من التداول بينما حسب قوله كتاب نزهة الخاطر في الروض
–
العاطر ” كان يباع حتى أمام ابواب مساجد مدن المغرب
–
تحياتي
” لأن فيه ثقافة واكتساب معرفة صحيحة وعلمية فيها مصلحتك أنت وشريكك في حياة زوجية أكثر سعادة ومن ثم مصلحة المجتمع كله.” هل قرأت الكتاب يا سيدي ؟ وما أدراك أنّ الكتاب فيه معرفة صحيحة ؟
سمعت من معمر فلسطيني أن الصهاينة كانوا بالثلاثينات يجلبون (نساء جميلات) لبعض مالكي الأراضي والعقارات بفلسطين لغرض شرائها ؟
رجاء هذا السؤال للكاتب وهو من حقه تكذيب هذا الكلام خاصة وأنه من فلسطين !
ولا تنسوا الرأي والرأي الآخر !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
مقال جميل جدا
ونصيحة من ذهب
على ذكر ذلك الشيخ الذي يروي قصصا عن حوريات الجنة اللاتي يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به، فإن شيخا آخر مجهول الهوية كان يخطب في الجنس في الجنة وما يمكن ان يناله المؤمنون الصادقون، وكانت امرأة تستمع اليه فسألته: وماذا عن المؤمنات الصادقات اللاتي صن فروجهن في الدنيا ولم يخن ازواجهن وكن زوجات صالحات، فأجاب: إن المؤمنات الصالحات في الجنة سيجدن أزواجهن في الجنة بانتظارهن ولا يحق لهن ما يحق لأزواجهن، فما كان منها أن قالت: يا ويلي ” دخيلكم بطلت روح على الجنة”
*سامحك الله يا أخ سهيل
اخترت موضوع حريق ملتهب عند (العرب)..؟!
والحديث عن (الجنس) له بداية وليس له نهاية.
سأكتب أكثر من تعليق وكل عام والجميع
بألف خير .
سلام
*أتذكر عندما كنت في الإمارات
قرأت ملخص استبيان أجرته
جريدة(الخليج) عن موضوع
أهم ما يشغل الشباب من
(15-30) سنة اعمارهم.
80٪ قالوا (الجنس).
اعتقد هذا حال الشباب العربي
في كل البلدان العربية.
سلام
*(ليفني) سياسية إسرائيلية مشهورة
اعترفت انها مارست (الجنس) مع
ساسة عرب وفلسطينيين من أجل
الحصول على (معلومات) لصالح إسرائيل..!؟
سلام
مجتمعاتنا مقصرة في تثقيف الشباب من الجنسين ، ويجب إعطاؤهم المعلومات التدريجية حسب السن ، لينشؤوا التنشئة اللازمة لمرحلة الزواج ، ويجب التأكيد أن الجنس جزء من الزواج وتكميلا له ، وليس فقط اعتبار المرأة الزوجة أداة للجنس دون إعطاء حقوقها الأخريات ، ولذلك فإن أغلي الشباب الذين يفكرون بالجنس بسبب ضعف الثقافة من الأهل ، يعتبرون أن المرأة خلقت من أجل الجنس فقط ، فيتفاجؤون بعد أول أيام الزواج أنها خلقت لتصنع عائلة وتربي أفرادها وتحافظ على بيتها ، فينصدم الشاب المتزوج حديثا من هذا الواقع ، وتبدأ المشاكل الأسرية ، ليس إلا لأنه لا يتحمل المسؤولية في بيته .
الأخ صبحي
تحية طيبة وبعد:
الوعي الجنسي يختلف من انسان لآخر وهذا يتعلق بتطوره الشخصي وبيئته التي عاش وترعرع فيها أو انتقل للعيش فيها، وعليه لا نستطيع القول إن هناك وصفة دقيقة لحياة زوجية جنسية سعيدة نجدها في أي كتاب كان، فما يلائم(أ) قد لا يلائم (س) ورب كتاب ما يجدد لقارئ معين وقد لا يجدد شيئا لقارئ آخر، إلا أن هناك أساسيات في الجنس والعلاقة من المفيد معرفتها نجدها بالكتب المؤلفة من قبل مختصين، قد تكون الحياة الجنسية أيضا سعيدة بشكل تلقائي وعفوي بدون كتب، يتعلم الزوجان بعضهما على مر السنين والأيام، لقد ذكرت في مقالتي خجل السيدة العربية من تناول مثل هذه الكتب أمام الناس ليس كتابا بعينه ولهذا لم أنشر اسم المؤلف ودار النشر، وقد لا يكون عنوان كتاب كهذا موجودا أصلا، فقد اخترت عنوانا موجها للنساء بشكل خاص، علما أن هذه الكتب عادة موجهة للجنسين. الرسالة التي أردتها من المقال هي خجل السيدة العربية من أخذ كتاب يتعلق بالجنس على مرأى من الآخرين بسبب حيائها، أما أنها ستكون سعيدة بعد قراءة هذا الكتاب أو ذاك، فلا أحد يضمن ذلك، ولكنني أرجح أن المعرفة التي تكتب بأقلام مختصين بحد ذاتها قد تجعل الحياة الجنسية أفضل لدى أكثرية من يطلعون عليها، شرط أن يكون هذا المختص ابن البيئة التي يكتب لها، لأن الهدف من الجنس والمدى الذي ممكن أن يكون بهدف المتعة يختلف من مجتمع إلى آخر بل ومن إنسان إلى آخر، خصوصا أن هناك من يتعامل مع الجنس من منطلق ديني وبهدف النسل فقط، ليس فقط عند المسلمين فقط، فاليهود المتدينون مثلا يحرمون رؤية جسد الزوجة خلال المعاشرة.أتمنى أن أكون قد أصبت الهدف ولم أخطئه في مقالتي وتحية طيبة لك.