سيناريو يوم القيامة الكوريّ

حجم الخط
25

بعد تجربة تفجير كوريا الشمالية قنبلة هيدروجينية حذر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الولايات المتحدة الأمريكية من أن عملا عسكريا ضدها قد يدفع زعيمها كيم جونغ أون إلى جعل عاصمة كوريا الجنوبية المجاورة سيول «تتبخر»، فرغم وجود كل الخيارات «على الطاولة»، كما قال، «فليس هناك حلّ عسكري سهل».
تصريحات جونسون جاءت بعد تلميح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإمكانية استخدام الخيار العسكري وتهديد وزير دفاعه جيمس ماتيس «بردّ عسكري هائل»، ولكن قبل إعلان كوريا الجنوبية أن جارتها الشمالية نجحت في تصغير سلاح نووي يمكن وضعه على صاروخ بالستي، وكذلك رصدها استعدادات بيونغيانغ لإطلاق صاروخ جديد، وهاتان معلومتان تكشفان أن قيادة كيم جونغ أون تزيد منسوب التحدّي وأن الخيارات أمام خصومها (وأصدقائها القلائل) تقلّ، وأن العقوبات الجديدة التي عرضت على مجلس الأمن الدولي أمس لن تردع بيونغيانغ وأن احتمالات الردّ العسكري ستزيد.
غير أن الخيارات العسكرية نفسها متعدّدة أشدّها هو عملية عسكرية استباقية تنهي ترسانة بيونغيانغ للأسلحة الشاملة، وتقضي على قيادتها السياسية، وتدمّر جيشها، أو عملية تقليدية محدودة باستخدام سلاحي الجوّ والبحرية وبعض العمليات الخاصة تؤدي إلى أعطاب كبيرة في القوّة الكورية الشمالية تبقي كيم جونغ أون ولكنها تضعف قوته وتجبره على وقف تجاربه النووية، والخيار الثالث يقوم على الإطاحة بكيم ودائرته المقربة، عبر الاغتيال، واستبداله بنظام أكثر اعتدالا يقبل بفتح كوريا الشمالية على العالم.
يبدو الخيار العسكري الشامل هو الأقرب إلى شخصية ترامب وجمهوره (أحد ملصقات حملات ترامب كانت: أخيرا جاءنا شخص قويّ)، وهو خيار يستلزم أكبر تعبئة عسكرية أمريكية منذ خمسينات القرن الماضي، ورغم أن كوريا الشمالية تمتلك جيشا يقدّر بمليون شخص وترسانة كيميائية وبيولوجية وعددا من القنابل النووية فإن مداها الهجومي ما زال محلّياً وإقليميّا، وهو ما يحدّ من خطرها الممكن على سكان الولايات المتحدة الأمريكية (لكنّه سيمثّل خطراً مهولاً على كوريا الجنوبية واليابان).
لكن حتى لو كانت العملية الاستباقية ناجحة تماماً فإن إمكانية ضئيلة للخطأ، بنسبة 1 في المئة مثلا، ستؤدي لعواقب كارثية، ومن المؤكد أن لا معلومات استخبارية دقيقة مئة في المئة فيما يتعلّق بمواقع السلاح النووي الكوري، وعلى الأغلب فهي ستكون محمولة على عربات أو أن تكون في ملاجئ نووية صعب الوصول إليها.
وحتى لو لم تلجأ بيونغيانغ لأسلحتها النووية فإنها قادرة على قتل الملايين وهو ما قد يكون أكبر عملية إبادة في تاريخ الجنس البشري، فاستخدام كوريا الشمالية لغاز السارين وحده، حسب أحد الخبراء العسكريين الأمريكيين، سيؤدي لقتل مليون شخص، كما أن ترسانة نظام بيونغيانغ من الأسلحة البيولوجية تتضمن عناصر أوبئة خطيرة منها الانثراكس، التسمم الوشيقي، الحمى النزفية، الطاعون، الجدري، التيفوئيد والحمى الصفراء، كما أن لديها صواريخ يمكن أن تصل إلى طوكيو، وهي حاضرة تضم 38 مليون شخص.
وحتى لو كانت الحرب الاستباقية ناجحة مئة في المئة فإن الخبراء العسكريين يتحسبون لما يمكن أن تفعله قوات الجيش التقليدية، فمعلوم أن كوريا الشمالية لديها خطا كبيرا من الأنفاق وأن قواتها يمكن أن تظهر في أي مكان من كوريا الجنوبية وأن استهداف عاصمتها، سيول، التي يقطنها قرابة 25 مليون ساكن، بسلاح نووي عبر أحد هذه الأنفاق هو احتمال واجب البحث.
يضاف إلى هذه الحسابات العسكرية الكثير، مثل الصعوبة الفائقة لاستخدام أسلحة نووية ضد بيونغيانغ خوفاً من تأثيرها على كوريا الجنوبية، واستحالة العمل السرّي لتحشيد أعداد هائلة من القوّات على الأرض والبحر الخ… وكذلك الحسابات السياسية المعقّدة لمواقف روسيا والصين وأوروبا، وحتى كوريا الجنوبية نفسها التي سيكون سكانها مهددين بالفناء.
كل ذلك يعني أن خطر كوريا الشمالية مؤهل للتفاقم وأن «الحل» سيكون كارثياً بكل الأحوال.

سيناريو يوم القيامة الكوريّ

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فادي / لبنان:

    الولايات المتحدة عاجزة عن فعل اي شيء سوى الكلام
    ولا اعتقد لديها الشجاعة لضربة استباقية !
    يختلف الامر في حال بدء الزعيم الشمالي
    بالهجوم ووجه ضربة الى اي من الدول المعنية

  2. يقول د ماجد ابوصيني:

    الذي يدرك حجم الكوارث للحروب غير التقليدية هم الخبراء والمستشارين وليس السياسيين ولن يسمحوا لأحد بالتفرد بإستصدار امر استخدام اسلحة غير تقليدية مهما وصلت سلطة السياسي من دكتاتورية

  3. يقول الله أكبر:

    الله أكبر

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية