«سي آي أيه» والقوات الخاصة تبدآن عمليات طائرات من دون طيار لملاحقة قادة تنظيم «الدولة» في سوريا

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: بدأت وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي أيه» والقوات الأمريكية الخاصة سلسلة من العمليات السرية من أجل تصيد وقتل أشخاص يشتبه بتورطهم بعمليات إرهابية في سوريا كجزء من حملة أمريكية واسعة ضد «تنظيم الدولة».
وعلى ما يبدو فقد وسعت الولايات المتحدة من حملة الطائرات من دون طيار التي تستخدمها منذ سنين في باكستان وأفغانستان واليمن والصومال وأجزاء من شمال أفريقيا والآن في سوريا.
وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن التعاون بين «سي آي أيه» والقوات الخاصة كان وراء سلسلة من العمليات الناجحة التي استهدفت قيادات في «تنظيم الدولة» في العراق والشام.
وأعلن المسؤولون الأمريكيون قبل أيام عن مقتل خبير دعاية بريطاني الجنسية وهو جنيد حسين.

تصعيد

وترى الصحيفة أن البرنامج السري يمثل تصعيدا واضحا وتدخلا من المخابرات الأمريكية في الحرب السورية، حيث تعتمد على المركز التابع لها وهو مركز مكافحة الإرهاب ضد جماعة يفوق خطرها التهديد الذي مثله تنظيم «القاعدة» في ذروة نشاطه. ورغم الدور الذي يلعبه المركز في تسمية وتحديد مواقع قادة «تنظيم الدولة» البارزين إلا إن الهجمات تنفذها عناصر من القوات الخاصة.
ويقولون إن البرنامج يهدف لملاحقة وقتل من ينظر إليه «كأرصدة ثمينة» في «تنظيم الدولة».
ويقول مسؤول إن تحديد الأشخاص واستهدافهم يتم عبر جهود أخرى مشيرا للمواطن البريطاني حسين الذي قتل في الفترة الأخيرة.
وترى الصحيفة أن تعاون مؤسستين بارزتين في الإدارة الأمريكية لمواجهة «التنظيم» يعكس قلق مسؤولي مكافحة الإرهاب حول الخطر الذي بات يمثله التنظيم الجهادي من جهة والإحباط من عدم إضعافه وهزيمته وهو جوهر ما دعا إليه الرئيس الأمريكي العام الماضي عندما قرر استهداف «التنظيم» بغارات جوية في العراق أولا ومن ثم في سوريا.
ونتيجة لهذا الوضع قررت الإدارة الاعتماد على مركز مكافحة الإرهاب الذي كان رائدا في تصميم استراتيجية الطائرات من دون طيار وقاد عمليات البحث التي قادت لقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن وإلى القوات الخاصة التي تضم وحدات نخبة والتي نفذت عملية قتل بن لادن.
وعلى خلاف تنظيم «القاعدة» فعدو أمريكا الجديد يمثل نوعا مختلفا من التهديد، فهو أي «تنظيم الدولة» يسيطر على أراض شاسعة في العراق وسوريا ويملك أداة دعائية قوية تضمن له تدفقا مستمرا من المجندين وتديره مجموعة من القيادات المجربة خدم معظمها في قوات الجيش والأمن لنظام الرئيس السابق صدام حسين. ورغم أهمية البرنامج إلا أن الغارات التي شنت حتى الآن ليست إلا جزءا يسيرا من 2.450 غارة شنت على سوريا و4.000 أخرى شنها طيران التحالف الدولي على العراق.

تأجيل خطط أوباما

وتعلق الصحيفة على مشاركة «سي آي أيه» في البرنامج بأنه يعقد من جهود الرئيس باراك أوباما الذي يعمل على إعادة الوكالة للدور التقليدي الذي تمارسه وهو جمع المعلومات الاستخباراتية ومنع تحولها لمؤسسة تدير ميليشيات عسكرية.
وكان أوباما قد أشار العام الماضي إلى رغبته في نقل مهام الوكالة العسكرية إلى وزارة الدفاع. وبدلا من هذا فقد انضمت سوريا إلى مجموعة الدول المستهدفة بـ»الدرون».
وفي الوقت الذي أكد فيه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بيتر بوغارد من أن أوباما لا يزال ملتزما بتفويض العمليات العسكرية للجيش الأمريكي والتأكد من الشفافية في عمليات مكافحة الإرهاب إلا أنه أشار لأهمية تنفيذ العمليات من دون فقدان القدرة أو النفوذ لاستخدام كامل قدرات مكافحة الإرهاب.
وتشير الصحيفة إلى أن البيت الأبيض حاول في الأشهر الأخيرة إحياء خطته ونقل السيطرة على استراتيجية الطائرات من دون طيار للبنتاغون، لكن أعضاء لجنة الاستخبارات في الكونغرس اعترضوا على الخطة.
وكتب هؤلاء مذكرة أكدوا فيها على دورهم في العمليات وحقهم في العلم بها عندما تنفذ. ويبدو أن الخلط بين دور المخابرات والقوات الخاصة في سوريا هو الوسيلة الوحيدة المتوفرة لدى إدارة أوباما لإنقاذ خطته. فمن ناحية ستحتفظ «سي آي أيه» بدورها في العثور على العناصر وتحديد مكانهم ولكنها ستترك للجيش مهمة إنهاء العملية. ويبدو أن هذا الترتيب سيقتصر فقط على سوريا ولا توجد خطط حسب مسؤولين لتوسيع الجهود إلى اليمن أو باكستان.
ولكن المسؤولين الأمريكيين يرون في التعاون بين الوكالتين في سوريا نموذجا يمكن تطبيقه في المستقبل على نزاعات أخرى.
وعليه فبرنامج «سي آي أيه – القوات الخاصة» يهدف لملاحقة قادة «التنظيم» البارزين والمتورطين منهم في عمليات تساعده على بناء الشبكة خارج مناطقه. ويعتبر قادة «القاعدة» أهدافا له أيضا.
وتشير الصحيفة إلى جنيد الذي اعتبر هدفا ثمينا بعد ربطه بهجوم قام به مسلحان على مسابقة كاريكاتير في غارلاند – تكساس ودعي المشاركون فيها لرسم النبي محمد (ص).
ومع أن حسين لم يربط بعمليات قتل الرهائن البشعة إلا أن قرار قتله كان واضحا في استهداف أي شخص له علاقة بنشاطات «تنظيم الدولة» حتى لو كانت إعلامية.
مع أن الإدارة في الماضي أكدت أنها لا تستهدف إلا من له علاقة بنشاطات قتل وإرهاب لا الدعاية. وعندما قتلت الداعية والناشط أنور العولقي في عام 2011 في اليمن بررت قتله بتورطه مباشرة بعمليات إرهابية.
وبحسب مسؤول أمريكي فقد كان حسين متورطا في عمل أكبر من الدعاية حيث عمل على تجنيد متعاطفين للقيام بعمليات ضد الغرب.
وتم تعقب حسين من خلال نشاطاته على الإنترنت وأنه تمت استشارة الحكومة البريطانية بقرار قتله. ويعتبر استهداف حسين جزءا من عمليات نفذت ضد قيادة «التنظيم».

مسألة قرار

ومن أجل تنفيذ البرنامج قامت «سي آي أيه – القوات الخاصة» بنقل طائرات من دون طيار وعناصر من مناطق مثل أفغانستان والباكستان وخفضت من وتيرة ملاحقة القاعدة. وتقتصر العمليات الجوية والملاحقة على سوريا وليس العراق.
وتم تنفيذ كل الغارات في سوريا بناء على السلطات الممنوحة في مرحلة ما بعد هجمات أيلول/سبتمبر وليس بناء على أمر رئاسي أو تعليمات نقلت للسي آي أيه، ما يعني أن كل عمليات إطلاق النار نفذتها القوات الخاصة.
وأشار بعض المسؤولين إلى أن الطائرات من دون طيار كانت مزودة بالسلاح وهو ما نفاه آخرون، لكن مسؤولين قالوا إن التعاون بينهما صمم لعمل أفرادهما جنبا إلى جنب. ويأتي التعاون في سوريا على خلاف الوضع في اليمن، حيث تدير كل مؤسسة ،سطولا من الطائرات الموجهة ويعتمد كل منهما على معلوماته الأمنية الخاصة.
ويرى المسؤولون الأمريكيون أن توسيع جهود القوات الخاصة وسي آي أيه في سوريا هو جزء من جهود تعبئة تشارك فيها كل مؤسسة استخبارات مهمة في الولايات المتحدة.
فأوكل مثلا لوكالة الأمن القومي مهمة اختراق شبكات الإتصال التابعة للتنظيم الذي استطاع تطويع وسائل التواصل الإجتماعي مثل «تويتر» و»فيسبوك» لصالحه.
ولا تزال سوريا منطقة بعيدة عن منال «سي آي أيه» حيث يقتصر وجود عملائها على الدول المحيطة بها.
وفي المقابل لا يوجد للجيش الأمريكي قوات على الأرض هناك مع أن القوات الخاصة – وحدات دلتا – نفذت عملية لقتل مسؤول البترول والمال في التنظيم أبو سياف واعتقلت زوجته أم سياف.
وتستفيد الوكالتان من المطارات المتوفرة في الشرق الأوسط لتنفيذ العمليات، فلـ»سي آي أيه» علاقات قوية مع المخابرات الأردنية وتدير عمليات سرية في الأردن وقام عملاؤها بتدريب وتسليح مقاتلين من المعارضة السورية.
ويستخدم الجيش الأمريكي والحلفاء الأمريكيين قاعدة موفق السلطي الجوية في الأردن لشن الغارات الجوية.وتطلق الولايات المتحدة طائرات من دون طيار من قواعد في تركيا والكويت والإمارات العربية المتحدة وقاعدة العديد في قطر.

روسيا ترسل

ولا تنشط الوكالات الأمنية الأمريكية في سوريا وحدها بل وتحركت روسيا التي تخشى من تمدد الخطر الجهادي إلى حدودها وقررت حسب تقرير كتبه مايكل ويس لموقع «ديلي بيست» إرسال عدد محدود من الجنود إلى سوريا فيما ينظر إليه عملية زاحفة للتورط.
وأشار الكاتب إلى التقارير التي نشرت الشهر الماضي حول الدور الروسي هناك حيث ذكر تقرير أن الطيارين الروس يجهزون أنفسهم القيام بطلعات مشتركة مع الطياريين السوريين لضرب مواقع للقوى المعارضة لنظام بشار الأسد وكذا «تنظيم الدولة الإسلامية».
ونقل الكاتب عن مسؤول سابق في الجيش الأمريكي قوله إن هناك بعض الحقيقة في التقارير التي تتحدث عن تورط روسي في الحرب السورية.
وفي بحثه عن إشارات لهذا الدور الجديد أشار لعبور السفينة الحربية نيكولاي فليتشنكوف مضيق البسفور في 22 آب/أغسطس والتي كانت محملة بمعدات عسكرية وشاحنات وأربع مدرعات من نوع «بي تي أر» في طريقها إلى جهة غير معلومة.
وذكر موقع «أوريكس» في 24 آب/أغسطس الذي يلاحق النشاطات العسكرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن مدرعة واحدة (بي تي أر) ظهرت على شاطئ مدينة اللاذقية السورية التي يقوم النظام بتحصينها ضد «جيش الفتح» و»جبهة النصرة» وجماعات أخرى.
وقامت إيران بتمويل عملية الدفاع عنها حيث حشد النظام هناك فرقا من الجيش السوري وقوات الدفاغع الشعبي ومجموعات من الميليشيات الطائفية.
وتختلف المدرعات التي تمت مشاهدتها في اللاذقية عن تلك التي أرسلتها روسيا لنقل الأسلحة الكيميائية بعد موافقة النظام السوري التخلي عنها عام 2013.
ويرى الكاتب ما يثير التساؤل هو قيام قوات الدفاع الشعبي بعرض المدرعة في تقرير إخباري وظهر في الخلفية شخص يتحدث الروسية كان يعطي الأوامر للفريق الذي يقود المصفحة.

مسألة تعريف

وكان وزير الدفاع الروسي أناتولي سيرديكوف قد اعترف بداية عام 2012 بوجود «مستشارين عسكريين وفنيين» في سوريا مع أن هناك فرق بين التقني والعسكري، كما يقول كريس هامر، الضابط السابق في البحرية الأمريكية والذي يعمل اليوم بمركز دراسات الحرب بواشنطن «في المفهوم الأمريكي هناك فرق واضح بين الرجل العسكري والفني ورجل سي آي أيه» لكن الروس يخلطون بينها.
ونقل الكاتب عن مسؤول أمني أمريكي قوله إن «أحدا لم يدهش من التقارير التي تحدثت عن معدات عسكرية جديدة من روسيا في المنطقة والتي تقترح وجود قوات روسية تقوم بعمليات تدريب، إلا ان الخط بين التدريب والمشاركة في القتال غامض، ولم ير المجتمع الأمني أدلة تشير لعدم مشاركة الروس في القتال».
وكان موقع إسرائيلي «واي نت» قد ذكر يوم الاثنين عن إرسال روسيا وحدة استكشاف إلى دمشق وقامت بتحويل منشأة جوية سورية إلى قاعدة لها. وقال الموقع إن الروس سيبدأون بالمشاركة في طلعات جوية «في الأسابيع المقبلة».
وكتب المحلل العسكري الإسرائيلي أليكس فيشمان نقلا عن دبلوماسيين أوروبيين أن «آلافا من العناصر العسكرية الروسية سيصلون إلى سوريا: مستشارون ومدربون وعناصر للأغراض اللوجيستية والفنية وعناصر من فرق الحماية الجوية وطيارون لقيادة الطائرات». ويرى الكاتب إن الهدف من وراء إرسال قوات إلى سوريا هو لمكافحة الإرهاب ويتساوق مع الهدف الروسي – الإيراني للدفاع عن نظام بشار الأسد.
وذكرت مواقع إعلامية تابعة للمعارضة في 12 أب/أغسطس ان «الميليشيات» الروسية متمركزة في في اللاذقية وأرسلت إلى هناك كجزء من جهود النظام لتعزيز الحمايات حول المدينة.
وقال الموقع إن الفريق الروسي كلف بمهمة الإشراف على تنظيم خطوط الدفاع عن المدينة بطريقة مهنية وأحضروا معهم معدات حديثة لرصد تقدم المعارضة.
ولم يتم التأكد من صحة التقارير هذه مع أن فلاديمير شامانوف، رئيس وحدة القوات المنقولة جوا قال إنه سيكون مسرورا لو كلفت قواته بمهمة. وبالإضافة للتقارير الأجنبية والمعارضة نشرت صحف موالية للنظام تقارير عن خطط روسية لبناء قاعدة عسكرية في بلدة جبلة. وقالت صحيفة «الوطن» إن روسيا تزود النظام السوري بصور فضائية وتقدم معلومات مهمة من أجل نشر قوة دولية برعاية الأمم المتحدة.
وأضافت أن روسيا تفكر القيام بعملية مشتركة مع منظمة التعاون الأمني والتي تمثل تحالفا من روسيا ودول وسط آسيا.
ويعلق الكاتب أن صحيفة «الوطن» في تقريرها ربما كانت تهدف للدعاية لكن ما يهم فيه هو أن روسيا كانت تتجسس على اللاعبين الدوليين في سوريا.ويضيف الكاتب إلى أن روسيا بعثت بعملاء أمنيين إل سوريا.
ففي كانون الثاني/يناير 2013 أطلقت النار على القاضي الروسي سيرغي ألكسندروفيتش بريجنيف في بلدة داريا حيث كان يقضي «عطلة» هناك.
ويقول الكاتب إن فكرة قضاء إجازة وسط الحرب غريبة. لكن الدليل الثابت عن روس يقاتلون في سوريا جاء في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 عندما نشرت صحيفة «فونتانكا» بمدينة سانت بطرسبرغ تقريرا عن «الفرقة السلافية» المكونة من مرتزقة مهتمتهم حماية البنى التحتية التابعة للنظام خاصة آبار البترول. ويعتقد الكاتب أن التقارير عن مضاعفة روسيا جهودها لحماية الأسد مرتبطة بالمتغيرات الجيوسياسية في المنطقة.
فبحسب محطة «فوكس نيوز» فقد سافر قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بداية الشهر الماضي إلى موسكو على متن طائرة تجارية إيرانية، حيث اجتمع مع مسؤولين روس هناك. وربط الكاتب الزيارة بالملف النووي وإمكانية رفع العقوبات المفروضة على إيران والمسؤولين الإيرانيين.
وهناك من قرأ في زيارة سليماني لموسكو تغيرا في الموقف الإيراني من الأسد، فبعد الاتفاق قد تفكر روسيا بالتخلي عن الأسد، حفاظا على مصالحها في سوريا التي تعتبر بلدا وكيلا لإيران.
ولن يتحقق هذا من دون صفقة بين موسكو وواشنطن. لكن الأسد لا يوافق على هذه التحليلات حيث ذكر بمقابلة أجرتها قناة «المنار» التابعة لحزب الله أن الحلف مع الروس قوي، كما ظهر طوال الأزمة. وكما يقول هامر «يريد الروس الحفاظ على حياة الأسد من خلال التركيز على «تنظيم الدولة» وهو ما يعطيه شريان حياة جديد».

qal

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية