القامشلي – سعيد قاسم : حين تسير في شوارع مدينة القامشلي تشعر بالعجز. تحاول أن تصنف هذه المدينة في خضم الصراع. تسأل: هل هي من نتاج الثورة أم هي على قيد السلطة أم هي من صنع نفسها؟. المدينة التي تتعدد أبعاد هويتها، تحتفل في مهرجان «الربيع»، بتنوعها، وبأصوات شابة، تحاول ان تقاوم الاستبداد وقساوة الحرب.
تتعدّد الألوان المشاركة في المهرجان سواء في هويتها الثانوية (عربية ، كردية ، سريانية ، أشورية) أو في هويتها المشتركة الباحثة عن الحياة أو في الأدوات الفنيّة الباحثة عنها إن كانت من خلال الفرق المسرحية أو الغنائية أو الأفلام السينمائية القصيرة، أو في لوحات الحياة بعدسات ملتقطي الحياة. ويمتاز معرض التشكيل والفوتوغراف الذي يقام على مدار الأيام الثلاثة في المهرجان عن غيره من النشاطات بلمساته الفنيّة.
لعلّ مرد ذلك إلى أن زاوية الصورة أو اللوحة ليست بحاجة إلى ذلك الهامش الكبير من الحرية كغيره من ألوان التعبير الأخرى، كالسينما والمسرح أو ربما لكون العدسة هي الأداة الأكثر مواكبة. سواء لتفاعل الإنسان مع التطورات وتأثره بها أو لقرب حاملي العدسات من انفعالية الواقع. وتعبر الصور المعروضة عن زخم المشاعر والألوان في ذاكرة المدينة وريفها وقهرا لمسببات الموت فيها، كمسبّب خفي في الصور، وأحيانا يُخيّل اليك أن إهمال تلك المسببات هو انتصار من نوع آخر على الموت، أو ربما تكون الصورة تعبيرية توضح مأساة اجتماعية أصابت عائلة ما.
لا يمكن تتبع الصور الفوتوغرافية المعروضة دفعة واحدة. يسرقك المشهد بكامله، ما يستحقه من الوقوف ويستفزك الخيال كما في صورة للمصور نينوس شابو الذي التقط رصاصات فارغة معروضة مع قطع «الأنتيكا» في زاوية من المنزل. لوحة حاول المصور أن يقول عبرها ان المدينة تحررت من سطوة السلاح وأصبح الرصاص فقط جزءا من ذاكراتها البعيدة، هي دعوة للقول أن الحياة آتية وأن ما شهدته المدينة سيتحول إلى قصص للرواية و ليس للتكرار.
الصورة الفوتوغرافية كوثيقة لتهميش الموت وقهره، في لحظة معينة، وجدت فيها المدينة نفسها ثائرة ضد أشكال الموت. عصفورٌ يهرب من مناطق الاشتباك، يجد حيزا من الأمان على سطح منزل في حي فقير بعيد عن أطماع الرصاصة. يتماهى مع خوفه و مناجاته للعالقين في فضاءات الموت. لحظة قد تتكرر على سطح أي منزل وتجسد الرغبة بحياة بلون السلام في عدسة المصورة كاجيا عثمان.
الأمر يتّسق على جدران مجاورة لصالة المعرض بتفاعلية التشكيلي مع ألوانه وشحن تلك الألوان بدلالات التأثر والتأثير بما كان وما هو قائم. تفاعلية تبدو بوضوحها الرمزي المكثف بأبعاد الصراع بين لوني الأرض و الدم في لوحة الصرخة للتشكيلية نورشين حسن، التي تختار في لوحتها فضاءً معتما بالحرب. كخلفية لتجدد الصراع بين الموت والحياة. في لوحة يأخذ فيها اللون الأحمر بالمُشاهد ليكتشف أنّ دماء الجريمة تزيد من ألمها في وجود عدة تشكيلات للون الأحمر بعضها يمتاز بالجدة والآخر يشير الفاتح منه إلى أن جرائم الحرب نالت من الطفولة أيضا، إلا أن اللوحة تمتاز بهامش لا بأس به من المقاومة. مقاومة لون الأرض لألوان القتل و الدمار. الأرض حيث لا تزال تحتفظ بوعود لحياة مقبلة. حياة حيّة بالألوان استبقها بعض التشكيليين الآخرين في شوقهم لحياة أكثر أمانا، أكثر بحثا عن ألوان الفرح وتغنيّا بالألوان الزاهية.
الربيع في القامشلي عبّر عنه شباب مدينتها بأقصى ما لديهم من ألوان الحياة، و أخرجته إلى النور «منظمة شباب سوا» و «مركز أريدو للمجتمع المدني و الديمقراطية» ، في سفرٍ لانعتاق يشار إلى ان المهرجان هو جزء من الحراك الشبابي المدني في مدينة القامشلي يشارك فيه جميع أطياف المدينة، غير مرتبطين بجهات سياسية.
كلمات ربيعية رائعة تدخل البهجة لقلب من يقرأهذه الكلمات التي تصف المشاهد بواقعية جميلة
شكرا لقلمك الجميل سعيد قاسم و دائما في انتظار الأجمل منك
كلماتك المعبرة جعلتنا لوهلة نشعر بوجودنا في المعرض ونلتمس جمالية الصور المعروضة…دام قلمك ايها المبدع
كل من يقرء هذه الاسطر يحلق بخياله الى ربوع القامشلي و كلمة تابعت قراءتها احسست بأنك تقلب ألبوما للصور او تشاهد مقطعا مصورا شكرا لرحيق قلمك سعيد الغالي.