أنصار السيسي في أسوأ حالاتهم هذه الأيام، فقد انخفضت شعبية زعيمهم المفدى إلى مستويات لا تؤهله لخوض الانتخابات البلدية عن إحدى الدوائر في الريف أو في الحضر والفوز بمقعد عضو المجلس المحلي، ولأنهم ربطوا مصيرهم بمصيره، فإنهم يستشعرون خوفاً من المجهول، فإذا غاب أو غُيب انتهوا وإلى الأبد وقطعا سيدفعون الثمن إذا قامت ثورة ولم يحدث التغيير بالتراضي، ولهذا هم يحكمهم الظن، بأنهم يستطيعون تعويض انخفاض الشعبية، بفقرة في برنامج تلفزيوني! صاحب برنامج «على مسؤوليتي» في قناة «صدى البلد» المملوكة لرجل الأعمال والنائب عن الحزب الوطني في عهد المخلوع «محمد أبو العينين»، فتح المجال للجماهير للاتصال، والإجابة عن السؤال الحائر: هل انخفضت شعبية السيسي؟ ورغم أن هذا النوع من البرامج يكون خاضعاً للسيطرة، وكثير من الاتصالات تكون من الغرفة المجاورة للأستوديو، إلا أنني حرصت على مشاهدتها، وقديماً حاورت «لميس الحديدي»، جمال مبارك، لإعادة تقديمه للشعب المصري، ووضعت رقم هاتف للاتصال به على الهواء مباشرة، ومن أول الحلقة لنهايتها وأنا لم أتوقف عن الاتصال دون جدوى، وبعد ذلك اكتشفت أن رقم الهاتف الذي تم وضعه على الشاشة لاتصالات الجماهير، هو لمحل لبيع الموبيليات بميدان رمسيس.. هكذا قال دليل شركة الاتصالات المصرية!
فحتى لو كانت اتصالات برنامج «على مسؤوليتي» تحت السيطرة، فأنا يهمني أن استمع لوجهة نظر متصل يؤيد السيسي ولو تم الاتفاق على ما يقول، فما هو الكلام الذي يمكن تلقينه له؟ وفي التعامل مع مبارك، كانت هناك وجهة نظر لمن ينحازون له، تبدو للوهلة الأولى موضوعية، مثل أنه في سن والدنا، أو أنه بطل الضربة الجوية، وهما مقولتان رد عليهما الثوار في «يناير»، على الأولى بأنه إن كان في سن أبائنا فنحن نريد أن نريحه فلا يتحمل في هذا السن المتقدم أعباء الحكم، أما كونه صاحب الضربة الجوية في حرب أكتوبر، فليته كان ضربنا نحن وحكم إسرائيل!
أعمال الوظيفة
ومعلوم أن انتصار أكتوبر جرى اختزاله في «الضربة الجوية»، وهذه الضربة في شخص مبارك، ولم تكن كما قالوا قبل توليه الرئاسة إنها في تحطيم خط بارليف وعبور القناة، ولأن «هيكل»، كان كياداً، وأحيانا يريد أن يلفت نظر مبارك له، فيكون هذا ببضع كلمات، تجلب العداء ولا تحقق المراد، لأنها كلمات قاضية، فقد قال في لقاءاته مع قناة «الجزيرة»، «إن الضربة الجوية عملاً من أعمال الوظيفة» ولا تمنح شرعية للحكم! «السيسي» لم يشارك في أي حرب، وجلب التعاطف باعتباره في عمر والدنا، دعاية لم تعد تصلح، فضلاً عن أنه حريص على أن يبدو شاباً لم يدخل دنيا بعد، ومن خلال «وصلات» ركوب الدراجات. وفي المرة الأولى جلس الخلق في الاستوديوهات يستخلصون الدروس المستفادة من هذه الخطوة، وأعلن صاحب برنامج «على مسؤوليتي» أنه بالدراجة توصل الهمام إلى حل مشكلة المرور، ووعدنا الفتى أنه سيحذو حذو الرئيس، ثم انتهى هذا الأمر، ولم نتذكره إلا عقب كل «وصلة» من هذه الوصلات المتباعدة، وآخرها كانت مؤخراً في محافظة الإسكندرية للتغطية على صورته في صلاة العيد، فقد ضبطته الكاميرا في الوضع: عبوساً قمطريرا.
كل الدعاية التي استخدمت في السابق للترويج للسيسي انتهى مفعولها، بما في ذلك الترويج الإعلامي بأنه الوسيم، و»نساؤهم حبلى بنجمه» كما كتب أحد شعراء الغبراء، وقد تبين أنه «حمل كاذب»، وقد أرهقت نفسي في السابق، في شرح مفهوم الوسامة ومواصفات الوسيم، لكن الآن الشعب وقف على الأمر بنفسه، ولم يعد الكلام العاطفي والوعود الكاذبة تجد طريقها إلى عقله، وهو يشاهد فشلاً على المستويات كافة، وكل وعوده تبخرت، فقد بشر المصريين بأنهم سيأكلون «الشهد» بعد الانتهاء من حفر قناة السويس الثانية، فلما فشل، كانت الدعاية بأن المؤتمر الاقتصادي هو ذراع مصر، وأن انعقاده سيجلب الرخاء، فإذا به سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، وهكذا كانت المشروعات الأخرى من أول استصلاح مليون ونصف مليون فدان، إلى العاصمة الجديدة!
و«الذي زاد وغطى»، كما يقول المثل المصري، أنه أقدم على ثلاث خطوات، أفقدته ما تبقى من شعبية، الأولى بدعوته للسلام الدافئ مع إسرائيل، وزيارة وزير خارجيته للقدس، وما تكشف من علاقة حميمة تربطه بالكيان. والخطوة الثانية تتمثل في توقيعه على اتفاق المبادئ مع أثيوبيا، الذي أعطى شرعية لبناء سد النهضة، ولم يضمن حصة مصر التاريخية من مياه النيل الأزرق، مما يهدد مصر بجفاف غير مسبوق. أما الخطوة الثالثة فتنازله عن أرض مصرية هي «تيران» و»صنافير»، وكانت الأخيرة هي قاصمة الظهر. فإلى أي شيء يمكن أن يستند مواطن ولو كان في غيبوبة ليؤكد به أن شعبية السيسي لم تنخفض!
يخلق من الشبه أربعين
بدا لي أن مقدم برنامج «على مسؤوليتي»، قد فتح فعلا الخط لاتصالات المشاهدين، ربما لأنه يظن فعلاً أن شعبية السيسي في ازدياد مضطرد، ولأنه يخلق من الشبه أربعينا، فقد ظن أن من بين المصريين أربعين شخصاً هم «أحمد موسى» يمكن أن يتصلوا بالبرنامج ويعلنون عن تأييدهم للسيسي بالروح وبالدم!
«أحمد موسى» قال إن شعبية السيسي زادت بعد ارتفاع سعر الدولار، وهو قول لا ينتجه إلا عقل فقد صلاحيته، مع اختفاء قطع الغيار التي يمكن أن تستخدم في صيانته، فقد توقف المصنع المنتج عن صناعة قطع الغيار لهذا «الموديل» من العقول!
فارتفاع سعر الدولار يعني ارتفاعاً في الأسعار، وفشلاً اقتصادياً، وعندما تكون الزيادة بالشكل الذي يمثل قفزات للسماء للدولار وهبوطاً إلى المستنقع للجنيه المصري، ثم يقال إن شعبية السيسي زادت بسببه، فإن هذا خارج حدود التصور، وهنا نكون أمام حالة تمثل استثناء لقاعدة «يخلق من الشبه أربعين»، فمحال أن يكون على ظهر الكرة الأرضية أربعين شخصاً يشبهون لأحمد موسى!
ربما يوجد أشخاص مثله يعدون على أصابع اليد، لكن لا يصلون أبداً إلى الأربعين، وعلى رأسهم «عباس كامل»، سكرتير السيسي، الذي يقوم بدور «الملقن المسرحي» لمقدمي البرامج ومن بينهم «موسى»، ويتردد أنه يعتبره المذيع الأول في مصر. وبعيدا عن «عباس» هناك وزيرة الاستثمار التي قالت إن إعلان إفلاس مصر خطوة للتقدم الاقتصادي، وقد نظرت إلى مصر على أنها هاتف نقال، وعندما «يهنج»، فلا بد من الضغط على زر إعادة التشغيل، الذي يمثل في حالة مصر إشهار إفلاسها لتنهض من جديد!
لقد وجد كثير من الذين اتصلوا بالبرنامج فرصة ليعرضوا مشاكلهم الخاصة، ومنهم من تحدث عن وقائع فساد مستشر طالبا التحقيق فيها، وبعضهم أعلن عن تأييده للسيسي من باب تمرير مكالمته، ومنهم من لم يفعل وعرض مشكلته مباشرة، وهناك من تجاوز صاحب الحفل، وأعلن عن حبه للمذيع، «مطرب هذا الحفل الساهر»!
وحتى الذين عبروا عن تأييدهم للسيسي فقد جاء التأييد باهتاً يفتقد للحيثيات، بل تنقصه التهاب المشاعر، الذي كان ظاهراً في مرحلة سابقة.. الآن فقدت العلاقة وهجها بالزواج الذي هو مقبرة الحب، فالسيسي بتوليه منصب الرئيس خسر كثيراً، وكان يمكن أن يظل «فتى الشاشة» ولو لم يترشح، وقد كان في البداية متردداً في اتخاذ قرار خوض الانتخابات الرئاسية، لكن هناك من دفعوا به لنهايته، لأن ينقصه الستر الإلهي، فماذا لو قام بدور سوار الذهب؟ وظل في المنصب الأكثر أمناً والأكثر تحصيناً وهو منصب وزير الدفاع؟!
تعديل الدستور
لقد أثبتت فقرة برنامج «على مسؤوليتي» أن السيسي فقد الحماس له حتى في دائرة أنصاره، وفي اعتقادي أنه هو نفسه تأكد من انخفاض شعبيته مبكراً، ومنذ الانتخابات الرئاسية التي عزف عنها الشعب المصري، بشكل لم يحدث ولو في عهد مبارك، ثم حدث الانخفاض الكبير في الشعبية بسبب فشله، وهو الانخفاض المسؤول عن الحساسية التي تنتاب أنصاره كلما دعا داع لانتخابات رئاسية مبكرة، وهو يقف وراء الدعوة إلى تعديل الدستور، لتصبح الدورة الانتخابية ست سنوات بدلاً من أربع سنوات، واختفت تماماً الدعوة إلى تعديل النص الذي يحدد تولي منصب رئيس الجمهورية بدورتين فقط، فليس مضمونا له النجاح إذا خاض انتخابات رئاسية ثانية يحضر فيها الشعب! مع العلم أن المادة (226) تحول دون هذه الرغبة الجامحة؛ بمد مدة الدورة إلى ست سنوات، وإعفاء السيسي من مغبة خوض الانتخابات الرئاسية خلال عأمين من الآن، فالمادة أعطت لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء البرلمان الحق في طلب تعديل مادة أو أكثر من الدستور، وينبغي أن يوافق على التعديل ثلثا الأعضاء، ليعرض على استفتاء شعبي، «.. ولا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية.»! ولم تأت فقرة «على مسؤوليتي» بجديد، عندما تأكد للمشاهدون أن الإجابة بنعم على سؤال الفقرة ونصه: هل انخفضت شعبية السيسي؟ فهناك ما يشبه الإجماع في دوائر السيسي بأن شعبيته «في النازل» ويأخذ التعبير عن تدارك هذا الانخفاض مطالب مختلفة، فهناك من يطالبون بتعديل الدستور كما بيننا، وهناك من يخيفون المصريين بأن البديل للسيسي هم الإخوان، كما قال «حمدين صباحي» في جريدة «الأخبار» اللبنانية، فرغم اعترافه بأن السيسي فشل على جميع المستويات إلا أنه يحذر من إسقاطه خوفاً من الإخوان المسلمين! قبل بيع «تيران» و«صنافير» كان قطاع يساري معتبر يرى أن السيسي ضرورة لـ«سد الخرم»، فلا يوجد بديل له إلا الإخوان، إذن فليبق إلى حين العثور على بديل. الآن وبعد البيع والتنازل ارتفعت الأصوات مطالبة بإسقاطه، وتوقفوا عن الدعوة لسياسة «سد الخرم»، لأن حكم الإخوان لم يكن سيدفع بالبلاد إلى هذه المهانة! وإزاء هذا التدني في شعبية السيسي سيطلق الانقلاب قناة فضائية بهدف العمل على تبيض وجهه، تماماً كما فعلت واشنطن بإطلاق قناة «الحرة»، فهل نجحت في مهمتها؟!
ماذا تفعل الماشطة؟
صحافي من مصر
[email protected]
سليم عزوز
إلى السيد محمد صلاح.
كل منا يدافع عن من يراه على حق،فأنت تدافع عن السيسي لأنك تراه على الحق ويخدم البلاد والعباد ،ونحن ندافع عن مرسي هو الذي نراه نحن على الحق ،لهذا أرجو من الله العظيم أن يحشرك مع السيسي ويحشرنا مع مرسي والله لا يظلم أحدا.’
لا يزال المغيّب الذي يملأ الأرض سؤالاً وجواباً هو الأضنى و الأثقل على الفؤاد !
الامثال تضرب ولا تقاس ، عندنا مثل في العراق ،لا اعلم لم تذكرته هنا ، نصه :
غراب يقول لغراب ….وجهك أسود ! !