تونس – «القدس العربي»: اتهم عبد المجيد بلعيد القيادي في «الجبهة الشعبية» وشقيق القيادي اليساري شكري بلعيد أطرافا سياسية بالضغط على القضاء التونسي لعدم كشف حقيقة عملية اغتيال شكري بلعيد، متهما النيابة العمومية بمحاولة طمس الحقائق عبر إخفاء بعض الأدلة المتعلقة بالقضية. كما أشار إلى تورط قيادات أمنية في تهريب أبو عياض زعيم تنظيم «أنصار الشريعة» المتطرف وأحد المتهمين الأساسيين بعملية الاغتيال، إلى خارج البلاد.
وأكد من جهة أخرى، أن المكالمات التي تلقاها سائق بلعيد من الإمارات لا علاقة لها بقضية الاغتيال، كما نفى أي علاقة للجزائر بعملية الاغتيال، مشيرا إلى أن الجزائريين المتورطين في القضية هم متطرفون موجودون في جبل الشعانبي المتاخم للحدود مع الجزائر. وأشار من جهة أخرى إلى أن الرئيس الأسبق منصف المرزوق ووزير الداخلية الأسبق علي العريض (القيادي في حركة النهضة) كانا على علم بعملية الاغتيال.
وتحيي تونس هذه الأيام الذكرى الخامسة لاغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، حيث لم يتم حتى الآن التوصل إلى جميع الأطراف المتورطة في هذه العمليات، في وقت تتهم فيه «الجبهة الشعبية» (أكبر تكتل يساري) السلطات بالتراخي في الكشف عن الحقيقة الكاملة حول هذا الملف، وهو ما تنفيه الأخيرة.
وقال عبد المجيد بلعيد في حوار خاص مع «القدس العربي» إن هناك إرادة سياسية للضغط على القضاء من أجل ألا تكشف الحقيقة كاملة حول عملية اغتيال شكري بلعيد الذي قال إنها باتت مطلبا شعبيا، حيث اتهم النيابة العمومية بالمراوغة وإخفاء بعض الملفات، مشيرا إلى أن «قاضي التحقيق 13 (في المحكمة الابتدائية بتونس) عبث بالملف كما أراد واستعمل كل الأساليب القذرة لطمس الحقائق وتعويم الملف ورفض سماع بعض المتهمين الذين أدانتهم هيئة الدفاع وأمرت دائرة الاتهام بسماعهم وأخفى بعض الحقائق الأخرى».
وأضاف «ليست هناك مشاكل شخصية مع هذا القاضي أوغيره، لكن متأكدون أن هناك محاولة لتسييس القضية منذ أول يوم من عملية الاغتيال، حيث أُعطيت القضية لوكيلي جمهورية أحدهما في ولاية أريانا وآخر في تونس، ومن ثم تم تقسيم الملف إلى جزءين، الأول فيه المجموعة التي شاركت في التنفيذ وقدمت للمحاكمة وجزء منها موقوف الآن، والجزء الآخر فيه علي العريض وزير الداخلية الأسبق والمدير العام للأمن الوطني السابق وحيد التوجاني وعبد الكريم العبيدي (الرئيس السابق لفرقة حماية الطائرات في مطار قرطاج) ومجموعة من كوادر الداخلية التي خططت ونظمت، وهم انتظروا حتى يغرق الملف الأول حتى لا نستطيع استعمال الملف الثاني، ولكننا لهم بالمرصاد».
وحول اتهام هيئة الدفاع في قضية اغتيال بلعيد لقيادات أمنية بتهريب أبو عياض، قال عبد المجيد بلعيد «هنا إقرار من أحد الأمنيين بذلك، حيث قال لقد أخرجناه بأمر من علي العريض وزير الداخلية في ذلك الوقت، وإحدى الغرائب في هذا الأمر أن أحد المتهمين في القضية أصر قبل استنطاقه من قبل قاضي التحقيق على مقابلة علي العريض وزير الداخلية في ذلك الوقت، حيث التقاه في خلوة ومن ثم أدلى بشهادته لكنه لم يعترف بما دار بينه وبين العريض، رغم أن الحوار بينهما مسجل في ديسك رقمي ولكن حتى الآن لا نعرف محتواه ومكانه».
وكان العريض اتهم «الجبهة الشعبية» باستعمال قضية اغتيال القياديين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي لابتزاز بعض الأطراف السياسية وتحقيق مكاسب مختلفة داخليا وخارجيا، مشيرا إلى أنها تصر على تحميل المسؤولية لحركة النهضة «رغم أن الإرهاب اغتال ما يزيد عن 200 شهيد بين عسكريين وأمنيين ومدنيين».
وحول الحديث عن تلقي زياد الطاهري (سائق شكري بلعيد) لمكالمة من الإمارات بعد دقائق من عملية الاغتيال، قال عبد المجيد بلعيد «المكالمة المذكورة وردت من شقيقة زياد وهي متزوجة ومقيمة في الإمارات منذ سنوات، وقد اطلعنا على جميع مكالماته في السنوات الأخيرة وهي عائلية بحتة ولا غبار عليها، ولكن «أعداءنا» من قيادات حركة النهضة أرادوا استغلال هذه النقطة لإحداث نوع من اللغط».
وكان فوزي بن مراد الناطق السابق باسم هيئة الدفاع تحدث في وقت سابق عن تورط ثلاثة جزائريين في عملية الاغتيال، مشيرا إلى أنهم دخلوا قبل يوم من عملية الاغتيال وخرجوا بعد يوم واحد من العملية.
وعلق عبد المجيد بلعيد على ذلك بقوله «قد يكون هناك جزائريون بين المتورطين في عملية الاغتيال، ولكنهم من أولئك الإرهابيين الموجودين في جبل الشعانبي الذين يحاربهم الجيش الوطني التونسي، وبالتالي لا علاقة للحكومة الجزائرية بذلك إطلاقا، فدولة الجزائر تمثل بالنسبة لنا «الشقيق الأكبر» كما كان يسميها الشهيد شكري بلعيد».
لكنه لم يستبعد تورط جهات خارجية أخرى في عملية اغتيال شكري بلعيد، مضيفا «عملية الاغتيال هي جريمة دولة، وبلا شك هناك أطراف خارجية استعملت بيادقها في تونس لتنفيذها، والنهضة ما زالت تحاول تعطيل هذا الملف، لأن اثنين من أكبر قياداتها حرضوا ضد بلعيد، كما أن الشهيد شكري بلعيد حين اكتشف أنه يتعرض للمراقبة من قبل بعض الأطراف أعلم عميد المحامين والذي أعلم – بدوره – علي العريض وزير الداخلية آنذاك، إلا أن العريض أجابه: بعد التحري اكتشفنا أن شكري بلعيد يتوّهم، ولكن بعد مدة قصيرة وقع اغتيال شكري، وهذا يعني أن العريض ضالع بدرجة كبيرة في عملية الاغتيال، دون أن نستثني العلم المسبق للرئيس الأسبق منصف المرزوقي والمخابرات العسكرية بعملية الاغتيال».
وكان المرزوقي نفى في وقت سابق ما ذكره محمد جمور القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين (حزب شكري بلعيد) حول إعلامه لبلعيد بأنه مهدد بالتصفية وعرضه تأمين حماية خاصة له، حيث أكد المرزوقي أن هذه المعلومات «عارية من الصحة»، مشيرا إلى أنه لم يتلقّ أي معلومات من أي طرف أمني حول وجود تهديد لحياة شكري بلعيد.
حسن سلمان: