شكيب خليل رئيسا للجزائر

حجم الخط
14

تعودت المخابرات الجزائرية والنواة الصلبة في الجيش على التوافق على اسم الرئيس المقبل في غرف مغلقة وبأساليب تشبه المؤامرة، ثم تطلق العنان لأحزاب وجمعيات ونقابات تحترف التزمير والتطبيل، لتسويقه وفرضه على أنه الرجل الضرورة والملهم، فتقوم الأخيرة بـ»الواجب» على أحسن وجه.
بيد أن هذا التقليد انقرض مؤخراً مع إصرار الرئيس بوتفليقة على إعادة الاعتبار للزوايا والكتاتيب التي ظلت، منذ الاستقلال، على الهامش إلا من رمزية لا فائدة من ورائها.
بعد الآن يجب أن ترضى عنك الزوايا أيضا وتباركك لكي تمضي في مشوار طموحك السياسي إن كانت عينك على قصر الرئاسة أو قصر الحكومة. وشكيب خليل، وزير النفط السابق، العائد إلى الجزائر بعد ثلاث سنوات من الغياب أحاطتها ألغاز كثيرة، فهمَ أو أُفهم هذا، فعرف من أين يبدأ رحلة رد الاعتبار السياسي له.
رحلة البراءة ورد الاعتبار بدأت قبل أن تطأ قدما خليل أرض مطار وهران بإلزام مصالح ولاية وهران بتبييض فليته في المدينة. واستمرت بالاستقبال الذي خصه به والي الولاية في المطار ساعة وصوله.
بعد استراحة دامت نحو أسبوعين، لم يواصل خليل رحلته من العاصمة. وليس من مقر حزب أو نقابة أو جمعية من جمعيات المجتمع المدني، وما أكثرها وكلها تحلم بأن تؤمر بفرش بساط أحمر له فتبسط عشرة. بل أطلق شوطها الثاني في يوم جمعة من سهوب ولاية الجلفة التي تبعد 300 كلم إلى الجنوب من العاصمة، وبالضبط من إحدى زواياها. تماما كما فعل الرئيس بوتفليقة قبله في أيام التهميش ثم في ايام الاستعداد للعودة المظفرة للسياسة.. كان يزور زوايا غرب وجنوب البلاد ويلتقي شيوخها ومرجعياتها بحثا عن تزكيتهم وبركاتهم.
ومثلما تلقى والي ولاية وهران أمرا باستقبال خليل شرفيا بالمطار يوم عودته (17 من الشهر الماضي)، واستدعاء الصحافة المحلية لتصويره، تلقت زاوية سيدي محمد بن مرزوق أمراً باستقبال خليل والاحتفاء به بطريقة تليق بالحاضر الذي يحاصره والمستقبل الذي ينتظره، واستُدعيت كاميرات محطات تلفزية معروفة بأنها أبواق لجماعة الرئيس لتوثيق «الحدث» وإرسال الرسائل التي حملها.
سيحفظ التاريخ أن الجمعة 1 نيسان (إبريل) 2016 تكريس خليل مسيرته نحو منصب سياسي وإداري هام قد يكون رئاسة الدولة. وفي أقل تقدير سيكون رئاسة الحكومة بعد أن تحترق ورقة عبد المالك سلال بالكامل.
يحدث هذا أمام أعين القضاء الجزائري ودون أن يستمع للوزير السابق قاض أو محام، بينما كان يقتضي الأمر أن يبدأ رحلة تحقيق قضائي ومحاكمة في قضايا فساد ورشى مرفوعة بحقه ولا تزال معلقة، فيُدان ويدفع الثمن أو يبرَّأ فيعاد له الاعتبار.
حالة خليل حملت صغعتين للعدالة الجزائرية التي أصدرت بحقه مذكرات اعتقال محلية ودولية. صفعة عودته، وصفعة ذلك الاستعراض المشهود في زاوية سيدي بن مرزوق وفي الطريق نحوها. وقد حمل الاستعراض رسائل سياسية ـ بصرية ـ لا تخطئها العين.
هل كانت مجرد صدفة وتقاطع بريء للأحداث؟ لا. في زمن بوتفليقة لا مكان للصدف. كل شيء محسوب ومخطط له بدقة ودهاء. لذا ليس من المبالغة القول إن حالة خليل تخص بوتفليقة شخصيا وعائلته وأصدقاءه. هذه الزمرة التي تمثل المزاج الشخصي لبوتفليقة في إدارة الشأن العام وتسهر على استمراره، توجه من خلال خليل رسالة انتقام إلى الداخل: أردتم إهانته وانتشيتم للتشهير به محليا ودوليا، ها نحن نرده معززا مكرما غصبا عنكم وفوق رؤوسكم جميعا.
لا يمكن فصل المسألة عن سياقها النفسي وعن الإسقاط الذي تكون «الزمرة» قد لجأت إليه: وزير الخارجية عبد العزيز بوتفليقة بُعيد وفاة الرئيس هواري بومدين في 1979 والإذلال الذي لحق به على يد رفاقه (وما ترتب عنه من عقدة الشعور بالاضطهاد لديه)، وشكيب خليل وما لحق به في 2013 على يد من تجرؤوا (مرة أخرى) على الإساءة لبوتفليقة وهو رئيس.
أما أسطوانة إعادة الاعتبار للمسيِّرين الجزائريين المظلومين، التي تغنى بها بعض السياسيين الانتهازيين في تبرير سمو خليل فوق العدالة، فمجرد ذريعة واهية. يقال إن عددهم 4 آلاف مسير بين مسجون ومفصول من منصبه ومهاجر. لن يذكرهم أحد بعد اليوم ولن يلقى أفضلهم حظا عُشر المعاملة التي لقيها خليل، لسبب بسيط هو أن قضية الأخير جزء من لعبة السرايا وليّ الأذرع وتتوج انتصار بوتفليقة على خصومه في المخابرات وانتقامه بطريقته. أين مسيّر بسيط أو مدير مغمور مظلوم من كل هذا؟ وأين مسيرو سوناطراك المسجونين في ذات القضايا التي ورد فيها اسم خليل؟ وأين مئات المسيِّرين الذين دمر حياتهم رئيس الحكومة أحمد أويحيى قبل 20 سنة ضمن حملة «الأيادي النظيفة»؟
رفض خليل، وهو يخطو خطوته الأولى نحو المنصب الجديد في الجلفة، أن يخوض في ما قيل ويقال عن القضايا المرفوعة ضده، وقال إنه يفضل النظر إلى المستقبل. وقال إنه يريد أن يضع خبرته وتجربته تحت تصرف بلاده، فبسرعة زكاه أويحيى في مقابلة مع ذات المحطة التلفزيونية سهرة الأحد. وهذا لا يزكي مجانا ولا يخسر الرهانات. زكاه ثم ابتسم بخبث لكي تُلتقَط الرسالة التي كان فحواها: انتظروه قريبا.

٭ كاتب صحافي جزائري

توفيق رباحي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    السؤال المهم هو :
    أين أخ الرئيس مما يجري
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سليم من الجزائر:

    الى الكروي اخ الرئيس يبارك ايضا لسببين
    اولا انه يعرف انه لن يكو ن الرئيس القادم
    ثانيا ان خليل اذا صار رئيسا فهو مفروض من الخارج كما فرض بوتفليقة قبله وكما يفرض كل رؤساء الدول العربية الاخرى وما على المسؤولين والمنظمات الجماهرية الا التطبيل والتزمير لاقامة العرس
    وفوق هذا وذاك فخليل صديق حميم لعائلة بوتفليقة فكان الرئيس من العائلة

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      شكرا عزيزي سليم على هذه المعلومات الصادمة والمخيبة
      والسؤال هو : وماذا عن رأي الشعب الجزائري ؟
      مع تحياتي ومحبتي وإحترامي لك وللجميع
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول صياد كمال خنشلة الاوراس:

    ياسيدى المحترم ادا لم تجرمه العدالة فمن يستطيع ذللك لكن تريد تصور كل شئ فى الجزائر على انه فاسد او مفسد فالاصل فى الانسان البراءة مالم يثبت عكس ذلك الجزائر تحتاج الى كل ابنائها

  4. يقول ب.ع:

    *=== (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) ===* عن أَنس رضي اللَّه عنه أَن أَعرابياً قال لرسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : مَتَى السَّاعَةُ ؟ قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَا أَعْدَدْتَ لَهَا ؟ » قال : حُب اللَّهِ ورسولِهِ قال : « أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ » .متفقٌ عليه ، وهذا لفظ مسلمٍ

  5. يقول سامح // الاردن:

    * ( الرئيس ) شأن داخلي يخص الشعب الجزائري الشقيق
    وهو أدرى وأعلم بمصلحته .
    * المهم : بقاء ( الجزائر ) مستقرا هادئا لأنه يشكل
    ( حجر الرحى ) في منطقة المغرب العربي التي تعيش
    على صفيح ساخن بسبب ملف ( الصحراء ) الشائك المعقد.
    سلام

  6. يقول السعيد بن أحمد / الجزائر:

    السؤال هل يرضى الشعب الذي هو مصدر كل سلطة دستورياً بهذا السيناريو الذي يحيكه النظام لخلافة نفسه بنفسه ؟
    متى يملك الشعب الجزائري حرية القرار وسيادته الفعلية في إنتخاب رئيسه وممثليه بطريقة ديمقراطية حرة نزيهة ؟
    يبدو أن النظام سيضحي ببعض أزلامه كقرابين لتنميق وتزيين صورة الشكيب لترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية .

  7. يقول Dr. Walid Khier:

    جل ما يهم الأخ سامح من الأردن هو الهدوء…. لا يهم إذا كانت الحقوق تسحق بالأحذيه…. لا يهم إذا كانت الحريات مغيبه…. لا يهم إذا كان الظلم متفشي…. المهم الهدوء، لذلك هدوووؤ يا اخوانا هدوء.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      صدقت يا دكتور وليد
      مع تحياتي ومحبتي واحترامي لك ولأستاذنا سامح وللجميع
      ولا حول ولا قوة الا بالله

    2. يقول ماجدة / المغرب:

      أتوقع أن الأخ سامح ما قال هذا الكلام الا بسبب حالة اليأس التي نعانيها جميعا وبسبب رؤيتنا لما آلت إليه الأوضاع في دول الربيع العربي
      يوم أراد الشعب أن يقرر بنفسه ويختار حاكمه كما تفعل كل الشعوب المتحضرة ، انطلقت سهام المؤامرات من كل حدب وصوب واشتعلت نيران الطائفية في البلاد التي كانت تتعايش فيها كل الطوائف بسلام
      وخرج المتطرفون من قماقمهم متصدين للعلمانيين والليبرالين والحداثيين … كل ينادي بالحرية التي لا يحسنون حتى استعمالها ولا يعون مفهومها الحقيقي وضوابطها… فما رأينا ربيعا بل خريفا قاتما أتت رياحه على الأخضر واليابس

  8. يقول سامح // الاردن:

    * حيا الله الجميع ( وليد خير والكروي وماجدة ) .. اسعدكم الله والجميع.
    * هو كذلك يا أخت ماجدة .
    * حال الدول العربية ( الثائرة ) تحول الى مصائب وكوابيس
    ولا تسر احد ..؟؟؟
    * استقرار ( الجزائر ) مهم وربنا يصلح الحال والأحوال وشكرا.
    سلام

  9. يقول وركا سعيد.:

    يجب تقرير مصير الشعب الجزائري وان يختار بنفسه رئيسه

  10. يقول عبدالواحد - المغرب:

    وأين هو عباس مدني الرئيس الشرعي للشعب الجزائري الشقيق ؟والمنتخب من طرف الشعب .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية