المواضيع ذاتها تتكرر مع كل قدوم للشهر الفضيل، أحدها ذكرته في المقال السابق والذي يدور حول العلاقة بين المجاهرة بالإفطار ومشاعر المسلمين، وآخر، وهو موضوع مقال اليوم، يدور حول صحية الصوم علمياً وهي النقطة التي يجتهد الكثير من علماء وعامة المسلمين على إبرازها وتأكيدها والتدليل عليها بآراء يفترض أنها علمية بعضها له شيء من الصحة ومعظمها لم يُسمع بها من قبل. ليس هناك من سبب منطقي للدفع بالفائدة العلمية للصوم، أو لغيره من العبادات والتي عموماً لا تحتاج لإثبات علمي لفوائدها، فالمفترض أن لها بعداً روحانياً نفسياً هو الذي يمكن أن يدور الحوار حوله، حيث أن العبادات يفترض أن تكون مبنية على ممارسات تأملية تغذي الروح وتلهم النفس، لا تقوي النظر وتحسّن عمل الجهاز العصبي.
إن هذه المحاولات المستمرة لربط الدين بالعلم، أو لمحاولة إثبات صحة التعاليم الدينية علمياً، أو للإجتهاد في إنتقاء آيات والدفع بتفسيرها في إتجاه التنبؤ العلمي، كلها محاولات إستشكالية تضع النص الديني في مواجهة غير ضرورية مع العلم، فالعلم متغيّر والدين ثابت، العلم يقوم على الشك والدين يقوم على القطعيات، العلم يدفع لهدم نظرياته وإعادة تركيبها لتوافق المعرفة والمعطيات المتجددة والدين يدفع لتثبيت أفكاره ومفاهيمه ويجتهد في المحافظة على شكلها الأًصلي. إذن لا الطريق واحد ولا الهدف واحد، فطريق العلم هو الشك في حين طريق الدين هو اليقين، وهدف العلم هو التغيير والتطوير في حين هدف الدين هو الثبات والتعزيز، العلم مشغول بأداة السؤال «كيف» في حين يتعامل الدين مع أداة السؤال «لماذا»، العلم يرحب بالنقد والدحض في حين الدين يقوى ويستمر بالإيمان الذي يتجنب التشكّك والتساؤل والإنتقاد.
إن نتاج المحاولة المستمرة لربط التوجهين، مع الأخذ بعين الإعتبار الطبيعة الشرسة للعلم في النقد ودحض المثبت والسعي المستمر للتغيير، ستضع الدين وتعالميه في طريق هذا القطار المتوحش السريع. ليس هناك من سبب للسعي لإثبات الفائدة العلمية الصوم، فالصوم في النهاية عبادة روحانية يفترض أنها تقوم على معاناة تورد المثوبة في النهاية أياً كان تفسير معنى هذه المعاناة أو الغاية منها. إن الإمتناع عن شرب الماء لما يقرب من الإثنتي عشرة ساعة وخصوصاً في الأجواء الصيفية الحارة لا يمكن أن يكون مفيداً علمياً على سبيل المثال، إلا أن هذا التعليم الديني لم يتم فرضه على أساس صحته العلمية أو فوائده البدنية، إنما بني على أساس معناه الفلسفي وبعده المعنوي. هذا، ومحاولة الربط المستمرة بين العبادة وفوائدها العلمية تضع معظم العبادات في مأزق لا داعي له، فلا يمكن أن يكون الحج على سبيل المثال مفيداً علمياً بما ينتج عنه من حشر لملايين البشر في أماكن محدودة وبشكل متلاصق مما يشجع إنتقال الأمراض ويرفع نسبة الإصابات البدنية والمناوشات الكلامية والجسدية، إلا أن الغرض من الحج ليس هو صحة الإنسان البدينة، الحج معني بمعانٍ أخرى مختلفة لربما أهمها الإرتحال عناءً من أجل الإله ومحاولة إزاحة الفوارق الطبقية ولو على مدى أيام بين الحجاج، وهو ما أصبح في الواقع منتفياً بالنسبة للكثيرين هذه الأيام بما نسمع من مخملية حملات الحج ذات الخمس والسبع نجوم.
إن هذه المحاولات ذاتها لصبغ النص القرآني بصبغة علمية تنبؤية قد خلقت مأزقاً لا يجب أن يكون حين التعامل مع نص روحاني أخلاقي. فمن محاولات لإثبات المعجزات الشفائية للقرآن الى الدفع بعلمية توصيفه مثلاً في موضوع التطور الجنيني أو حالة القمر الى الإستماتة في التفسير لفرض معاني تنبؤية على آياته، كل هذه من شأنها أن تجعل هذا النص عرضة للدحض والنقد العلميين، وعندما يكون العلم طرفاً في الموضوع، فلا يمكن عندها الإحتماء بقدسية أو تقاليدية، سيهبط العلم بسكينه الحاد يشرح ويحلّل بلا رحمة أو هوادة أو إعتراف بعيب أو حرام أو تمييز لأي خط أحمر.
الصيام فريضة، من إعتقد فيها لا يحتاج لإثبات علمي عليها، بل لربما المعاناة والضرر البدنيان يكونان مدعاة مثوبة لا مدعاة شك خصوصاً للمــــؤمن، فالإيمـــان، من لفظه وتوصيفه، هو إعتقاد بما لا دليل عليه ولا إثــــبات علمي له. أنت لا تؤمن أن الشمس نجم مشتعل في الفضاء على سبيل المثال، الموضوع لا يحتاج لإيمانك لأنه مثبت علمياً تراه بعينيك وتختبره على مسام جلدك، الا أنك تحتاج لأن تؤمن بوجود الجنة والنار اللتين لا دليل عليهما ولا إثبات علمياً لوجودهما. الأخيران يحتاجان لما يسمّى faith أو الإيمان، وهو الإعتقاد الروحاني بما لا يمكن تمييزه بالحواس الإنسانية الخمس. وماذا لو أتى العلم بدلائل قاطعة على ضرر الصوم مثلاً، هل يعني هذا التوقف عن ممارسة هذه الفريضة؟ هل يبيح ذلك إلغاءها من المنظومة الدينية؟
لقد قطعت الحوارات الإنسانية والعلمية طريقاً طويلاً، ونحن في مكاننا نراوح، ذات النقاشات البائرة كل سنة، لا معنى حقيقياً لها، لا ناتج عنها، لا تفتح سوى باب نقد قاس لا يحتمله المسلمون أًصلاً ولا يستطيعون مجاراة جرأته ولا يجب عليهم ذلك، فالمسلمون ليسوا كلهم علماء ولا خبراء ولا يفترض بهم الدفاع عن عقيدتهم علمياً، المسلمون، مثلهم مثل بقية أصحاب الأديان في هذه الدنيا، معنيون بتعاليمهم روحانياً ونفسياً وأخلاقياً، ولا يجب بهم أن يحمّلوا أنفسهم أو النص الديني أكثر من ذلك.
العبادات لها غاية في تشكيل شخصية المسلم. فالصيام غايته التقوى. و الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر. و الزكاة تطهر الاموال و النفوس. و الحج مؤتمر المسلمين و فيه دروس ومنافع لهم. و الشهادتان تأكيد حرية الانسان و ايمانه بوحدانية الله و اتباعه نهج نبينا محمد صلى الله عليه و سلم. و الدعاء تذلل الى الله و ايمانا بقدرته فوق عباده و هكذا..
فالله غني عن عباده و هو لا يكلف نفسا الا وسعها. و لاحاجة لله في ان يذر اي شخص طعامه او شرابه او يتعذب. و لكن يريد يهدي الانسان الى صلاح حاله وحال مجتمعه.
للاسف فان كثيرا من العبادات صارت شكلية. و صار لبعضها طقوس، كما في الصيام، عكس المقصود منها. فترى المسلم يستهلك من الطعام في رمضان اكثر من غيره. و يسهر في المقاهي ودور اللهو او مشاهدة التلفزيون و يمضي نهاره متثائبا متراخيا اهمل عمله مع انه يتقاضى نفس الاجر. بل انه يعتقد ان من حقه انقاص ساعات العمل لانه صائم مع ان ذلك ادعى لزيادة العطاء و زيادة العمل الصالح…
لو كنت مسؤولا لطلبت من الناس ان يتأكدوا من انهم يستهلكون طعاما اقل في رمضان و ان يتبرعو بفرق الكلفة لاعمال الخير. و ان يقضوا نهارهم مجاهدين بعمل اضافي مجاني و ليس انقاص ساعات العمل. و يمكن ان يكون الجهاد بالتدريبات العسكرية او الاعمال التطوعية او الحراسات. فشهر رمضان هو شهر الصيام و ليس شهر الاكل. و هو شهر القيام و ليس شهر السهر في المقاهي و الملاهي. وهو شهر الجهاد و العمل و ليس شهر الكسل و التثاؤب.
رغم كل شيء تبقى الشمس مضيئة وإن عكرت أشعتها غيوم هنا وهناك. فالشمس تلخص ما جاء في المقال ولا يمكن النيل من جوهر ما وُجدت من أجله.
جاء في المقال الكثير من الكلام المقنع من افكار السيدة ابتهال فصراحة انا لا افهم لماذا بعض المشتغلين
–
في الحقل الديني لا يكلون من ربط بعض الآيات القرآنية الكريمة بالحقيقة العلمية مع ان
–
الحقيقة العلمية نسبية في حين الدين نص مطلق بالنسبة للمؤمنين به و لذلك ارى انه
–
عكس ما يشتهي ألئك فالربط بين الامرين يضر بالدين لكون الحقيقة العلمية دائمة المراجعة و التمحيص
–
يقول عبد الوهاب رفيقي موجها كلامه لشيخ عرف عنه خوضه في الاعجاز العلمي للقرآن
–
( “يحاول ذلك الشيخ أن ينتصر لدينه ومعتقده من خلال منجزات الآخرين، يتصنع ويتكلف ويلوي للنصوص أعناقها ليثبت لنا أن القرآن
–
كتاب فيزياء وكيمياء ورياضيات وعلوم طبيعية. والأخطر من هذا كله، أن العلم قد يثبت بعد ذلك عدم صحة تلك النظرية، وينسفها بحقائق
–
جديدة، ويتحمل القرآن نتيجة جهل الشيخ و تجارته باسم الإعجاز”.
–
وأضاف رفيقي: “من الذي جرأ الكثير على القرآن ، فكتبوا عن الأخطاء العلمية في القرآن، والأخطاء التاريخية، والأخطاء الرياضية، سوى
–
تجار الإعجاز العلمي بخرافاتهم وحشرهم للقرآن في زوايا ضيقة هو أكبر منها وأجل في كل الأحوال”.)
–
حين فرض الله علينا شعير الصوم لم يربطها بحجة العلم بل بتقوى بمردود اجر و الاجر على قدر النصب
–
تحياتي
سلام :
مقال اليوم فيه نقاط مهمة حقيقة….
لايهدم الدين سوى اولئك اصحاب فكرة (الاعجاز العلمي في القرآن) !! لي اعناق الايات والنصوص الدينية وتحويل القرآن الكريم الى كتاب فيزياء وكيمياء وعلم بحار وكتاب حمية تناسب كل الاعمار والاوزان وو…كلها مسيئة ولاتقدم اي خير للمسلمين..
بل ان هناك فضائح وكذب ودجل قام به ولايزال الى اليوم يقوم به هؤلاء باسم الدين؟!! اي اخلاق هذه ..؟
واظن ان البروفيسور نضال قسوم قد صال وجال في هذا الموضوع ورد بالدليل العلمي تهور هؤلاء الذين يظنون انهم بفعلهم هذا هم يخدمون الاسلام ..
هناك مواد على اليوتوب فيها ماتفضل به البروفيسور تغني عن اي تعليق بهذا الخصوص…
العبادة ممارسة روحية وبدنية ترقى بالمؤمن وتسمو به الى اعلى درجات الصفاء والنقاء والانسانية ..
والقرآن ليس بحاجة لمدافعين من هذا الصنف ….الذي يزيد الطين البلة ويستقطب كل متصيد لهذا الدين…
اختي العزيزة منى تحية طيبة وتقبل الله الصيام. دعيني اختلف معك فيما طرحتيه.
صحيح ان بين الدجل والاعجاز العلمي في القرآن الكريم خيط رفيع ولكن صدقيني لو كانت الاشاكلية في وجود الدجالين وحسب لما تحدث المقال عنهم اليوم!! فلا ارى هنا على الاسلام حرصا. هناك فئة اخرى وهم علماء حقيقيون من المتخصصين في اللغة والفلك والطب الخ. ومنهم غير مسلمين
تحدثو عن ظواهر اعجازية علمية واضحة في القرآن الكريم. هؤلاء بالذات شكلوا معضلة حقيقية للادينيين. لهذا ارى ان التعميم الذي ورد في تعليقك غير موفق للاسف.وسأعطي مثالا قائما الى الان وهو تحدي الاتيان بسورة من مثل هذا القران ( الاعجاز البياني) مثل سورة الكوثر. فهذا تحد للبشر والجان في كل عصر وزمان وهذا التحدي قائم الى قيام الساعة. ان الطبيعة البشرية تميل الى عدم التصديق، لهذا اتى كل نبي لقومه بمعجزات ولان القرآن كتاب الله الى البشر كافة والى قيام الساعة كان لابد لهذا الكتاب ان يكون بحد ذاته كتاب اعجاز مستمر. ان الاعجاز المقصود يشمل كل المجالات وهو لكل زمان ومكان.فليس المقصود بالاعجاز العلمي الكيمياء والفيزياء والرياضيات وحسب كما قد يتبادر الى الذهن، بل ان ذلك يشمل مجالات العلم والحياة، قد أختصر هذا في مصطلح شامل وهو اعجاز المنهج والمنظومة. فلو كان القرآن للتعبد فقط لما ورد فيه نظام مالي دقيق مبني على اسس اقتصادية دقيقة ( تحريم الربا ، تحريم الاستغلال والاتجار بالمحرمات، فرض الزكاة الخ). هذا بالتحيد ما دعا خبراء اقتصاد مرموقين في عام 2008 للدعوة الى تبني الاقتصاد الاسلامي عالميا وهذا علم قائم بذاته. والسبب ذاته جعل اعضاء في البرلمان الالماني في الثمانينيات يدعون لمناقشة فكرة تبني قواعد الارث في الاسلام. كذلك في القران نظام اجتماعي له اسس واضحة ( صلة الارحام، تحريم الزنى الخ.) ان مجرد وجود هذه المنظومات الدقيقة في الاسلام يجعل القرآن كتاب اعجاز. ولا يمكن انكار ان هناك اعجازات علمية تخص ظواهر علمية مكتشفة حديثا وقظ تكتشف لاحقا. لا يمكن غض الطرف عنها لمجرد الخشية من تصيد الاخرين!! لا يمكن اهمال هذا لان بعض الدجالين خاض بنفس الموضوع أو لان هذا سبب ازعاج لبعض اللادينيين. امثلة عديدة تحتاج الى التأمل.
( وكل في فلك يسبحون) ( وكل شيء خلقناه بقدر). الاسلام ليس دينا للتصوف والدروشة والتعبد في مغارة. هذا ما يسعى اليه المستبدون واللادينيون.
بسم الله الرحمن الرحيم
فعلا نحن نصوم لان الله أمرنا بهذا. ولكن هل للصيام فوائد؟ هنا في المانيا انشئت مئات المراكز الطبية لعلاج المرضى عبر الصيام. تخليص الجسم من السموم هو كلمة السر التي اجمع عليها كل الخبراء في ابحاثهم. ورد في المقال أن الامتناع عن الشرب لمدة تزيد عن 12 ساعة ضار بالصحة وأنا اقول هنا من ناحية طبية صرفة هو فعلا ضار بفئات محددة خاصة من لديهم مشاكل في الكلى الخ وهؤلاء لديهم رخصة بالافطار! أما التعميم الذي اطلقته الكاتبة بأن عدم الشرب لمدة تزيد عن 12 ساعة ضار للجميع، فهذا لا يتوافق مع العلم ولا مع نتائج الابحاث الحديثة التي اثبتت ان الصيام والامتناع عن شرب الماء يؤدي الى ضعف وموت الخلايات السرطانية عند المصابين وأن استجابة هؤلاء للعلاج الكيميائي تضاعفت. وبالتالي فإن الصيام
يقلل كلاجراء احترازي من الاصابة بالسرطان خاصة لمن يصوم في ايام اخرى غير رمضان فيقضى بذلك على الخلايا السرطانية وهي في طور التكون عبر تدمير الخريطة الجينية للخلايا الخبيثة لعدم تحملها للصيام مقارنة بالخلايا الطبيعية. لهذا انصح كل مريض بالسرطان ان يصوم خاصة في اثناء تلقي جرعات الكيميائي. المستهجن هو المحاولات البائسة لربط الدين بالمرض عبر ذكر الحج وانتقال الامراض ولا اعلم لماذا لا يتم الحديث مثلا عن عشرات الاف مشجعي كرة قدم حينما يتجمون في استاد مع كميات كبيرة من الكحول؟!! او تجمع عشرات الالاف في حفل موسيقي ماجن وربما شاذ. وهل يستطيع الانسان تجنب الازدحام في هذا العصر؟ ولعل اهل مدينة كالقاهرة لديهم الجواب.
تذكرت جزءا من محاضرة للدكتور مصطفى محمود رحمه الله ذكر فيها الآية من سورة البقرة:
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)
يتبع ……. لطفا
تتمة التعليق لطفا…
فعقب رحمه الله على الاية الكريمة بما معناه:
ان الله خلق هذه الكون من اجل هذه الفئة القليلة لميزها عن غيرها ويكرمها ايما اكرام ثم قال:
اللهم اجعلنا ممن يقاوم ما يحب ويتحمل ما يكره، لان الشاربين المنغمسين في شهواتهم هم حطب شهواتهم في الدنيا وحطب جهنم في الاخرة.
فالقرآن بالاساس كتاب هداية ولكن لا يمكن الغاء فكرة انه كتاب معجز لما ورد فيه من حقائق علمية راسخة. ثم ان القرآن يدعونا الى التفكر والتدبر والتأمل ودقة الملاحظة وهي اولى خطوات البحث العلمي وبكل الاحوال يمكن الاجماع على ان القران الكريم يدعو الى العلم كيف لا واول ما نزل منه هو ( اقرأ). وما يثير العجب هو حرص اللادينيين المصطنع بادعاء الحرص على ( مصداقية) القرآن حتى اصبحوا يطالبوا بعدم الخوض في الاعجاز العلمي وخلافه، والحقيقة ان هذا الموضوع بالتحديد قض مضاجعهم وهدم بيوت عناكبهم؟ ماذا سيفعلون بآية مثل ( مرج البحر يلتقيان.. بينهما برزخ لا يبغيان) او مراحل تطور الجنين او ( والسماء والطارق). وما رأيهم بهذه الاية (سنريهم آياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق)؟؟ فصل القران ككتاب هداية عن العلم، هي فكر بائسة وفاشلة لان هذا الكتاب المعجز انزل بعلم الله وفصل على علم والله هو مبدع هذا الكون بكل تفصيلاته ومكوناته.
(فستذكرون ما اقول لكم وافوض أمري الى الله ان الله بصير بالعباد)
الدكتورة الفاضلة ابتهال الخطيب : الكاتب حرّ فيما يكتب لتحقيق رسالته ؛ بما يناسب المخاطب ووسيلة الخطاب.وغالب منهجية كتاباتك تفكيكية.وهذا ليس من الخطأ.بل أسلوب مثيركي يكشف الغمة وينير.لكن مأخذي على كلامك التفكيكيّ هذا ؛ أنه هوذاته ( رائب ).أرجو سعة الصدر؛ سأشيرإلى عبارة في مقالك الموقر: { العلم مشغول بأداة السؤال «كيف» في حين يتعامل الدين مع أداة السؤال «لماذا }.وهذا غيردقيق منطقيًا ؛ لأنّ الدّين ليس رجال الدّين.وسأجيبك بمودة.العلم يستخدم كلّ أدوات السؤال والفرضية لتحقيق الجواب النظريّ والعمليّ والتجريبيّ : كيف ولماذا ومتى…لكن الدّين لا يستخدم أداة أيّ سؤال إلا عرضًا.وأعني به هنا الدّين الإسلاميّ ؛ فهوبيت القصيد.وسأذكّرك بحقيقة تعرفينها وغالب القراء ؛ وهي ما معنى أنّ القرآن ( ذكر)؟ الذكرهوالجواب.القرآن يقوم فقط على الجواب لبيان الحقيقة من لدن منزل الكتاب.القرآن لا يشغل نفسه بالأسئلة فهذه مهمة العلم والفلسفة.لهذا لا تجدين أي جواب عند الفلاسفة ؛ فقط هم يثيرون أسئلة عن الإنسان والكون وووولتنشيط العقل والحواروالمنطق.القرآن خالفهم جاء بالذكرمباشرة وهوالجواب لحلّ وإصلاح مشاكل الحياة.والدليل لحضرتك قول القرآن في سورة الكهف الذي جمع السؤال لبيان الذكر: الجواب : { ويسألونك عن ذي القرنين ؟ قل سأتلوعليكم منه ذكرًا }(83).أي جوابًا وافيًا مفيدًا.{ إنّا نحن نزلنا الذكر…}( الحجر9).أي الجواب الربّانيّ.وجاءت هذه الآية في سورة الحِجر.والحِجرمعناه : العقل.أما الشمس ؛ فهذه قضية أخرى ؛ لها تعليق في وقت آخر.فقط أشيرإلى أنّ للشمس في القرآن أكثرمن معنى ودلالة.فهي نجم الشمس المضيء.وهي عند العرب اسم من أسماء مصر؛ وهي اسم من أسماء الخمر.والأسماء الثلاثة جاءت في القرآن.وأتفق مع حضرتك أنّ ما يسمّى الإعجازالعلميّ ؛ أساء لآيات القرآن.والسبب أنّ الإعجازعلم ( حديث ) وتفسيرآيات القرآن علم قديم غيردقيق.فهم كمنْ يضع الصاروخ كروزفي غمد السيف.
وهذا محال يادكتورة ابتهال.لكنه البحث عن وظيفة وهمية وتجارة باسم الدّين على المساكين والمهابيل.
مروجو نظرية الإعجاز العلمي ينتقون أشياء ويغضوا الطرف عن أخرى وعلى ذكر الشمس مثلا : ”
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)) (سورة يس).
هذه الآية لايذكرونها حين يتحدثون عن الإعجاز العلمي , ماذا يقول فيها المفسرون :
فِي صَحِيحي البخاري ومسلم عَنْ أَبِي ذَرّ أنّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(سأَلتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن قولِه : {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}. قال : ( مُستقَرُّها تحتَ العرشِ ) .( الراوي : أبو ذر الغفاري ، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم: 7433 ،4803 ، خلاصة حكم المحدث : ]صحيح[).
(سألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن قولِهِ تعالى : }وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا { [ 36 / يس / الآية – 38 ] – قالَ : (مستقرُّها تحتَ العرشِ)) (الراوي : أبو ذر الغفاري ، المحدث : مسلم ، المصدر : صحيح مسلم ، الصفحة أو الرقم: 159 ، خلاصة حكم المحدث : صحيح ، انظر شرح الحديث رقم 6676
(كنتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المسجدِ عِندَ غُروبِ الشمسِ ، فقال : ( يا أبا ذَرٍّ ، أتَدري أينَ تغرُبُ الشمسُ ) . قلتُ : اللهُ ورسولُه أعلمُ ، قال : ( فإنها تَذهَبُ حتى تَسجُدَ تحتَ العرشِ ، فذلك قولُه تعالى : { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ{ ) ) ( الراوي : أبو ذر الغفاري، المحدث : البخاري ، المصدر : صحيح البخاري ، الصفحة أو الرقم: 4802 ، خلاصة حكم المحدث: ]صحيح[)
(قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي ذرٍّ حينَ غَرَبَتِ الشمسُ : تدري أينَ تَذْهَبُ . قلتُ : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال : فإنها تَذْهَبُ حتى تَسْجُدَ تحتَ العرشِ ، فتَسْتَأْذِنَ فيُؤْذَنَ لها ، ويُوشِكُ أن تَسْجُدَ فلا يُقْبَلَ منها ، وتُسْتَأْذَنَ فلا يُؤْذَنَ لها ، يُقالُ لها : ارجعي مِن حيث جِئْتِ . فتَطْلُعُ مِن مَغْربِها ، فذلك قولُه تعالى : والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) (الراوي : أبو ذر الغفاري.
اشتراك البشر والشمس بالاذعان لله بالسجود، لا يشترط فيه تشابه السجودين بالكيفية والهيئة. فالسجود في اللغة يعني مطلق الخضوع. فسجود الشمس قد لا يستدعي توقفها عن الجريان بل قد يكون في نقطة معينة وبهيئة معينة اثناء ذلك كأن تصل الى نقطعة معينة تكون متجهة فيها الى العرش كما نتجه نحن في الصلاة الى الكعبة. ولو افترضنا اختفاءا كليا للشمس في سجود في واحد من المليار مثلا من الثانية، فهل يمتلك الانسان من القدرات الحسية والعقلية ليلاحظ هذا؟؟ وفي الحديث ان اقرب ما يكون الانسان الى ربه هو في سجوده. مع ان الانسان مازال موجودا على الارض!!!! والله تعالى اعلم واحكم ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
إن تذرع البعض ببعض ذوي العقول المغلقة من المتدينين, لضرب الدين برمته, هو تضليل وخداع وفجور. إن فكرة الإيمان بخالق لهذا الكون هي كفكرة الإيمان بأن الرياضة مفيدة لجسم الإنسان عضوياً ونفسياً, وبالتالي ليس كل من يمارس الرياضة هو رمز ومثل أعلى للرياضة. قد يكون إنسان ما يؤمن إيمان مطلق بفكرة الرياضة, لكن بسبب إدمانه على المخدرات أو نتيجة تربية خاطئة أو نتيجة ضعف إرادته, فإنه فقد صوابه وعزيمته وراح يمارس الرياضة بأسلوب خاطئ ومضر لصحته الجسدية والنفسية. فهل يعقل أن نلحد بالرياضة بسبب هؤلاء المنحرفين الذين يمارسون الرياضة بأسلوب خاطئ؟ وهل يجوز أن نعتبر كل رياضي هو خطر على المجتمع وهو رمز الجهل والتخلف؟
لا شك أن هذا الرياضي المتخلف والجاهل, هو مؤمن حقيقي بالرياضة, ولا يجوز تكفيره مهما اقترف من مخالفات لمبادئ الرياضة, لكن لا يجب إعتباره قدوة رياضي, ولا يجب تقييم الرياضة وفقاً لسلوك هذا الرياضي المنحرف.
إن المؤمن بالرياضة, لا يعتبر الأحكام التي تضبط ممارسة الرياضة بأنها شعوذات وترهات. بل يعتبرها ضوابط وتوجيهات من أجل ممارسة سليمة تؤدي إلى نتائج صحية جسدياً ونفسياً.
وكذلك هو المؤمن بخالق لهذا الكون, والذي يعبر عن إيمانه من خلال ممارسات وسلوكيات تعبدية كي تبقى بطارية إيمانه مشحونة تذكره بأن هناك خالق وأن الإنسان ليس وحش منفلت يعبث كما يشاء في حقوق أخيه الإنسان. إن الإيمان بخالق لهذا الكون يحل معضلة عدم استيعاب عقل الإنسان أن يتكون الكون وما فيه من مخلوقات من لاشيء, وبالتالي هذا الإيمان يشفيه من أمراض نفسية ومعاناة مع الذئاب الشاردة من البشر التي آثرت أن لا تؤمن إلا بمبدأ إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب.
إن غياب فكرة الإيمان بخالق لهذا الكون, يعني القبول بأن الإنسان حيوان يعيش في غابة يحكمها التوحش والظلم والقتل والإستبداد. وبالتالي حتى الديمقراطية التي تحارب فكرة الإيمان, ستؤدي إلى تبوء الوحوش سدة الحكم وممارسة السلوك الوحشي من خلال نشر المخدرات والأسلحة والمافيات واللوبيات العنصرية والرأسمالية المستعدة لذبح شعب كامل من أجل برميل نفط.