كنا «مساخيط» صغارا، لما كنا نسمع عن قدرة أمريكا على الوصول إلى غرف النوم من خلال أجهزة فضائية تلتقط ما يدور وراء الأبواب المغلقة، أو حتى تحت الهدوم، وقد اخترعنا وسائل تطمينية مشتقة من إشاعات أو توقعات وقائية تقينا هذه الأجهزة الغامضة، كأن نرتدي ملابس داخلية سوداء بمقدورها الحد من قدرة الإشعاعات الصادرة على اختراق ينيتنا التحتية، وقد سرت هذه الشائعة مسرى النار في الهشيم حتى نفذت الذخيرة من سوق المدينة!
كان ذاك زمانا أهبل وعبيطا، ولكنه كان مستشرفا أيضا، رغم عجزه عن تطوير أدوات أكثر ذكاء من الغيارات الداخلية، لكنه يعكس معنى الشرف الوطني في هذا المشرق!
طوني خليفة: احذر أن أحبك!
لا يمكن لأي إعلامي مصري مهما بلغ نفوذه أو وصلت جرأته أن يوجه أسئلة من العيار الثقيل لضيوفه كما يفعل طوني خليفة على قناة القاهرة والناس في برنامجه «أسرار من تحت الكوبري»، فمن يمكن له أن يحاجج ضيفا مصريا كعبد الحليم قنديل مثلا حين امتدح بوتين وموقفه من السيسي وتكريمه له، بسؤال يقلب الطاولة: ماذا لوكان أوباما هو الذي منح السيسي هذا التكريم، هل كان موقفك منه سيكون كما هو الآن؟
لن تهم الإجابة لأن العبرة بالسؤال!
في حلقته ليلة الأربعاء، استضاف خليفة محمد علي بلال، نائب رئيس القوات الحربية المصرية الأسبق، والذي كان ضمن الفرقة العسكرية في رفح في الخمسينيات، وقائد سرية في حرب الـ56، وال67، وحرب 73، ومستشارا قاد إلى نصر العراق واسترداد خليج الفاو في حرب إيران، ثم قائدا للقوات المصرية في حرب الخليج الثانية التي رفض أن يطلق عليها حرب تحرير الكويت وأصر على أنها حرب تدمير العراق، فلماذا سأحبك بعد كل هذا يا طوني خليفة؟ وللتذكير فقط: لم أزل أتحدث بكامل ذكورتي!
رغم أن طوني خليفة اعتبر صدام مسؤولا أولا عن هذ الدمار، لم يفته أن يحرج ضيفه الذي دافع عن الجيوش العربية باستماتة وهو يدين المخطط الأمريكي الذي وضع في السبعينات لتدميرها على ثلاث مراحل، حيث تساءل: ألا تعتبر أن القوات العربية هي المسؤولة أولا عن تدمير الجيش العراقي الذي كان فاتحة لتدمير الجيوش العربية بعد ما سمي بالربيع العربي!
السؤال الأخر كان الأكثر إفحاما، فالسيد محمد علي بلال رأى أن أكثر الجبهات خطرا على أمن مصر هي الجبهة الغربية التي تمثلها ليبيا وجماعة فجرها التي تستقر في طبرق وبنغازي، مؤكدا على أن الجبهة الشرقية آمنة ولا خوف منها، ليضحك خليفة بمرارة واستخفاف متسائلا: معقول لهالدرجة انقلبت الأمور، وأصبحت اسرائيل أكثر أمنا من ليبيا على جيش مصر؟!
الإجابة بعد الفاصل!
صدام اتخبل بعقله
كنا كبرنا قليلا على حادثة البنية التحتية في الفقرة الأولى، وعرفنا معنى أن تكون لنا جيوش عربية ووحدة قومية نواجه بها أمريكا بأكثر من الملابس الداخلية التي كنا مستعدين لافتداء جيوشنا بها لو وقعت الواقعة، ونفدت الذخيرة، ولا تستغربوا من هذا، فالماغوط افتدى وطنه بحذائه، ولما استدعي إلى المحكمة، رد على المحقق في القصيدة: كنت حافيا يا سيدي عندما رأيت أن الوطن يساوي الحذاء! ونحن العراة أمام تاريخنا الذي بترت عوراته، لن نكون أفضل حالا من حذاء القصيدة!
كان الملك حسين عائدا من القمة الثلاثية بين الأردن والعراق ومصر، وكان طلبة المدارس يصطفون على جانبي الشارع لاستقباله، وكنت بينهم، ضمن فرقة حملة الأعلام… سأرفع العلم للجيش العربي الأبي، هكذا فكرت ببلاهة وأنا أبكي يا الله، ولكن!
يا فرحة ما تمت! فمحمد علي بلال يكشف ما حدث وقتها في برنامج طوني خليفة، لقد تلقت هذه الوحدة التي قامت من أجل تأسيس جيش عربي يواجه اسرائيل، تهديدات مباشرة من أمريكا تأمر بفض أركانها، كنا نغني لوحدة انسحب منها مبارك مستجيبا للأوامر الأمريكية، بينما ظل صدام مصرا على المضي قدما في سبيل تطوير القدرة العسكرية والحربية، أما مصير قرار الملك فبقي مجهولا في حديث بلال … مركزا على ما دار في كواليس انهيار الوحدة، حيث (حافتهم الصفنة) من تحدي صدام لأكبر قوة على الأرض قائلين: (إيه ده باين الراجل اتخبل في عقله يارجاله)، فكان أن وقع في فخ المرحلة الثانية من مراحل تدمير الوحدة العربية، وهي حرب الخليج الثانية، أما المرحلة الأولى حسب تحليلات الضيف فكانت بعد حرب ال67 التي جَرّت مصر للتدخل في سينا لنجدة سوريا، وبعد حرب ال73، حيث قررت أمريكا إنهاء القوة العسكرية للجيوش العربية التي ساندت مصر وقتها من الجزائر والعراق وليبيا والكويت والمغرب حتى قيل عنها أنها القوة السادسة في العالم، من هنا ابتدأ العمل على تقسيم الأمة، وفعلا انشطرت الوحدة الشعبية بين 11 دولة مع الكويت وعشرة دول مع العراق، مما أدى إلى تفكيكها، ثم إضعافها داخليا بالاقتتال الطائفي، أما المرحلة الأخيرة فهي أن تتحكم الدول المستوردة للبترول بتحديد أسعاره وليست الدول المصدرة خاصة بعد زيادة في التخزين أدت إلى فائض كبير .
داعش وإيران
طوني: ماذا تنتظر مصر الآن؟ ما الذي خرج للعلن من هذه الخطة؟
بلال : «رغم نجاح أمريكا بالإطاحة بأقوى الجيوش العربية، فإن الأعظم لم يزل مخبأ ولم يظهر منه شيء… فمصر هي نقطة النهاية، المطلوب تدمير جيش مصر الآن»!
طوني خليفة لا يعتمد على المعونة المعرفية وتلقي الأسئلة من غرفة التحكم، بقدر ما تتداعى الأسئلة في ذهنه الذي يختزن كما معلوماتيا يعينه على المحاججة الفورية حتى لو اضطره الأمر لمقاطعة ضيفه أكثر من مرة عند كل نقطة، دون انتظار تصريح فضائي من جهاز الإعداد أو من جهاز المخابرات، فحريته التي تعززها معرفته وعدم انتمائه لشلة المطبلين الإعلاميين في مصر، والتزامه بالمهنية والمصداقية والحس النقدي النابع من وعي يرفض الاستكانة لثقافة الرعاع الهابطة، والتمسك بالعروة الوثقى بين الحقيقة والأمانة، كلها تؤهله لأن يتربع على عرش الإعلام المصري، متقاسما حصته مع ليليان داود التي لا تتوانى عن تشريح المشهد بكل جرأة وشجاعة، فهل نحن أمام إعلام مصري جديد أو مدرسة إعلامية في مصر يقود دفتها وتدار بعقلية وأداوت لبنانية ترفض الانطواء تحت راية الظل وتتصدر المشهد لتصبح هي المشهد بذاتها؟!
لن تستغرب خاصة لما تعرف أن طوني خليفة ابتدأ عمله الإعلامي كمراسل عسكري في حرب الخليج الثانية! وبين داعش التي اعتبر طوني أنها بعثية كما أن الحوثيين صناعة علي عبد الله صالح، وحزبا يمنيا لله، وبين إيران التي تسعى للإستئثار بمضيق باب المندب استنادا إلى حق الفرس التاريخي فيه، وسيطرة اسرائيل وأمريكا عليه، يصر بلال على أن إيران هي مظلة نووية أمريكية وداعش صناعة أمريكية، فأين السؤال؟!
لم يرق لطوني اعتبار أمريكا شماعة لكل ما يدور في المنطقة ولكن ضيفه سأله: هل بالصدفة يقوم الربيع العربي بالتتابع والتوالي لينتج عن كل الثورات نظاما إسلاميا يحكم كل المنطقة؟ مخالفا اعتبار محاوره لداعش صناعة أسدية لأن أسلحتها ليست شرقية بل أمريكية خالصة، وطلب من المشاهد أن يتفكر قليلا بما يحدث ليستخلص العبرة من الفخاخ!
كانت الصحوة إذن مجرد لعبة وتنفيذا لمخطط استعماري قديم، اعتاد أن يتكئ على ولاتنا والآن يسخرنا نحن لمصلحته، فهل نحن أبناء طغاتنا؟
رقصة المطار
أجمل تعليق ورد من متصلة على قناة اليرموك الأردنية في حلقة تخصصت للحديث عن رقصة السياح اليهود في مطار الملكة علياء هو: آه لو كان الدقامسة هناك لما سمح بهذا! متصل آخر تصور مجموعة من الأردنيين يقومون برقصة أردنية في مطار بن غوريون، وتوقع أن يكون مصيرهم (الترفيش بالبطون)!
أما المتصلة التي لم تتصل كانت تتذكر رحلة عائلية سياحية في أحد المنتجعات قبل توقيع معاهدة السلام مع الأردن، حيث سمعت سياحا يتحدثون العبرية، وتمنت لو اتصلت بالبرنامج في هذه الميمعة الاستنكارية، وبرأت معاهدة السلام من تهمة التجرؤ على إحياء طقس يهودي في المطار بكل استخفاف و تجاوز ونكائية خالية من العفوية أو مجرد الاستمتاع بالوقت أو التعبير عن فرحة الحنين لوصول أرض ميعاد قديمة، كما يفعل العائدون من المنافي … وبس!
كاتبة فلسطينية تقيم في لندن
لينا أبو بكر:
استمتعت بقراءة هذا المقال الساخر للنهاية
أصبحت يا أستاذة لينا منافسة قوية للأستاذ عزوز
هكذا مقالات تزيل قليلا من الهم الجاثم على القلب من أفعال ايران ببلادنا
ولا حول ولا قوة الا بالله
احسنتي وننتظر المزيد سيدة لينا
* سأكتفي بالتعليق على جزء بسيط من مقال الأخت ( لينا ) الدسم .
** أصبح معروفا للجميع أنّ قوى الشر العالمية سواء كانت ( أمريكا )
أو ( اسرائيل ) أو القرود ( ما تفرق ) ؟؟؟
* قضت ودمرت ( الجيش العراقي ) و ( الجيش السوري )
ولم يبق ع الساحة سوى ( الجيش المصري ) ؟؟؟
** قوى الشر العالمية : تعمل وتخطط ليلا ونهارا على ( الإطاحة )
بالجيش المصري وبالتالي تطمئن ( اسرائيل ) وتعيش في شهر عسل
لعقود قادمة لو نجحت ( لا سمح الله ) ؟؟؟
*** ( مصر ) الآن هي أمل ( العرب ) بالنهوض من جديد
شاء من شاء وأبى من أبى .
* شكرا والشكر موصول للأخت الكاتبة ( لينا ) .
لن تموت فلسطين وفيها نساء مثلك .. يا لجمال عقلك وطيب طبعك..ادامك الرب بلسما لجروح
اﻻمة، ولك ياسيدتي اجمل سﻻم واحلى تقدير
إنهم يرقصون في قصورهم ومكاتب حكمهم وفوق رؤوسهم … فهل رقصة المطار مشكلة…!!؟؟
لا اعتقد ان الجيش المصري برأي الاخ سامح هو امل العرب … هذا الجيش الذي لم يخض حرباً منذ اكثر من اربعين سنة وبالمقابل اسرائيل على اهبة استعداد دائم بينما الجيش المصري يتدخل قادته في شؤون الدولة السياسية والاقتصادية وبجميع مفاصل الدولة فإذا كانت الدولة قوية من الداخل فجيشها قوي أيضاً وهذا لاينطبق على مصر الآن … ولاننسي عملية السلام المشؤومة مع الكيان الصهيوني التي كبلت مصر وجيشها …. وبالنسبة للجيش المصري وإعلامه الأن العدو الأول بالنسبة له غزه والأنفاق وليس اسرائيل فمن مصلحة اسرائيل ابقاء الجيش المصري حامياً لاسرائيل قوياً بهذا فقط … ودمتم
القراء الكرام أصدقاء اللغة تحية لكم جميعا واحترامي لآرائكم مهما تباينت أو تآلفت مع وجهة نظر خاصة .
لما تمت محاكمة توني بلير بجرم خديعة الرأي العام وجر الجيش البريطاني للحرب على العراق ، طالب الشعب البريطاني بعزله ومحاكمة كبار القادة في الجيش ، ولم نر جماهيرا تحتشد لإسقاط كلمة العسكر ، وهذا هو ديدن الإيمان بالجيش وعدم إقحامه في أخطاء قادته أو صفقاتهم القذرة ، فلا يمكن لأمة في الأرض مهما كان جيشها أن تطالب بمحوه واستبداله بفرق وجماعات عصاباتيه لا تمتلك من الخبرة أو المقدرة ما يؤهلها على تقمص دور الجيوش .,وقد تطرقت لهذا تفصيليا في مقالة سابقة .
هناك ثغرة أمنية كبيرة ستنتج حتما عن إسقاط الجيش ، وستحتاج بالضرورة إلى أعوام كثيرة حتى تعيد ترتيب قوتها من جديد …الجيش يجب ألا يدفع ثمن الخيانة والانحطاط القياداتي ، والسياسي …
لم نزل نطالب هذه الجيوش بدور يليق بمآسينا وهزائمنا المريرة ، ولن نسامح من يتواطأون مع المطوة البوليسية ويحرفون الجيش عن مسار مهمته التاريخية والأمنية …ولكننا لن نكون أبدا مع المخطط الثلاثي الأبعاد الذي يسعى لزلزلة كياننا ..ولنا في العراق وسوريا وليبيا عبرة …
تحيتي لكم جميعا ولكم جميعا قبلة لغة من نار
لينا أبو بكر
* يا أخ ( نبيل ) لو سمحت عاود ( إقرأ ) تعليقي مرة ثانية ؟؟؟
** أنا قلت ( مصر ) هي أمل العرب بالنهوض ؟؟؟
*** ومصر : تشمل جميع المجالات و ( الجيش ) أحدها .
* تقدم مصر ونهضة مصر هي ( الرافعة ) و ( القاطرة )
للعرب أجمعين والعكس صحيح .
* هذا رأيي الشخصي ولا ألزم أحدا به .
* شكرا .
الحمد لله اصبحت الجيوش العربيه مخصصه فقط للقتال فيما بينها كما تقصف الطائرات العربيه اليمن السعيد لتزيد سعادته ونسوا اسرائيسل لانها اصبحت صديقتهم المحببة وطز بتحرير فلسطين وطز بالقدس
عندما يصنف جيش عربي بأنه قوي, على أية معايير تبنى هذه القوة ؟ عدد الأفراد أم المعدات العسكرية أم الإثنين معا, أهل هو التدريب العصري العالي المتقدم أو الفئة العمرية للجنود أو اللياقة البدنية أم فقط أرقام بمئات الآلاف من أغلبية رجال في النصف الأخير من العمر والبعض ببنية جسدية غير مريحة. الجيوش العربية قوية ضد مواطنيها صحيح.
لننظر في تركيبة مقاتلي داعش مثلا , من أي فئة يستقطبون مقاتليهم ؟ أليسوا فقط من الشباب وأغلبهم إن لم يكونوا كلهم من المتعلمين؟ ثم سن التقاعد في الجيوش العربية؟ تراهم شيوخا يحملون أسلحة يدوية بسيطة ويهددون.
الجيش العربي الفلاني أقوى جيش في المنطقة كلام غير سليم, فقط لاعتبار واحد بغض النظر عما سبق , التسليح , أليست كل الجيوش العربية ينطبق عليها المثل: ” المكسي بثوب الغير عريان “.
لنعد للواقع وبدون ذكر أمثلة ظهرت فيها “الجيوش العربية القوية ” كهواة أمام قوات عسكرية حقيقية. هذه النقطة يجب أن ننزعها من القاموس. ليس هناك ولاجيش عربي قوي واحد ولانخدع الناس.