صدمة تعم الشارع العراقي بعد جريمة تدمير متحف الموصل على أيدي تنظيم «الدولة»

بغداد ـ «القدس العربي»: عمت صدمة كبيرة جميع العراقيين داخل وخارج البلد لجريمة تدمير أكبر صرح تاريخي عراقي على يد تنظيم «الدولة» الإرهابي في متحف الموصل وسط أنباء عن كون عملية التدمير ستاراً لجريمة نهب كبيرة لنفائس المتحف.
وعبر المواطنون في العاصمة العراقية في أحاديثهم مع مراسل «القدس العربي» عن غضبهم ليس على جرائم التنظيم الإرهابي التي تجاوزت كل المحرمات فحسب بل وعلى المسؤولين العراقيين في حكومة نوري المالكي السابقة التي فرطت بسيادة العراق وسهلت دخول هذا التنظيم إلى البلاد من خلال إصدارها أوامر انسحاب القوات الحكومية وتركها المعسكرات والأسلحة ليستفيد منها التنظيم ويتوسع ويفرض وجوده. وأصر البغداديون على ضرورة تحشيد كل الإمكانيات الوطنية والدولية لمحاربة التنظيم المجرم وطرده بأسرع وقت من العراق.
وبالنسبة للمواقف الرسمية للحكومة العراقية أكد نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي، ان تنظيم «الدولة» الإرهابي بتدمير متحف الموصل كتب موته.
وشدد النجيفي وهو من الموصل، في بيان له، ان «الدولة» أعلن نهايته ولم يتبق غير الإعلان النهائي عبر معركة التحرير، مشيراً إلى ان «الموصل الحدباء بكل حضارتها وتاريخها وشواهدها وأضرحة أنبيائها وأوليائها وإنسانها أصبحت مستباحة وأسيرة في قفص «الدولة». لا مناص إذن من فعل يرتقي إلى مستوى ما يعانيه الإنسان، ومستوى التدمير والتحطيم، لا مناص من تحشيد كل جهد وقوة وطاقة لضرب المجرمين وطردهم من مدينة الأنبياء والقديسين».
واعتبر النجيفي أن ما حدث للمتحف في الموصل أمر يفوق كل قدرة على وصف البشاعة والتردي والسقوط.
وبدوره أدان رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، العمل الإجرامي الذي أقدمت عليه عصابات «الدولة» الإرهابية بتفجير المتحف التاريخي في مدينة الموصل ونهب وتخريب ما فيه من آثار ومخطوطات.
وقال الجبوري، في بيان له «ان المجاميع الظلامية تثبت في كل يوم أنها عدو للعراق بماضيه وحاضره ومستقبله، مضيفاً ان تأريخ هذه المدينة الناصع والذي يمثل تاريخ الحضارة البشرية لا يمكن لمثل هذه الثلة الضالة ان تمحوه أو أن تمحو تاريخ أهل هذه المدينة الذين باتوا بانتظار نداء الوطن ليطهروا مدينتهم من كل غريب دخلها.
وشدد الجبوري على ان هذه الأعمال الإجرامية التي أقدم عليها تنظيم «الدولة» جعلت من العراقيين بكل دياناتهم وطوائفهم وقومياتهم أكثر توحدا وعزما على إنهاء وجود كل أشكال الإرهاب في بلدهم العراق. ومن جانبه اعتبر وزير السياحة والآثار في حكومة بغداد تدمير تنظيم «الدولة» لمتحف الموصل من جرائم العصر الكبرى.
وقال عادل شرشاب في بيان له، الخميس، إن متحف الموصل الأثري يعود تاريخه إلى عصور ما  قبل الميلاد أي انه يضم تاريخ أعرق الحضارات على وجه الأرض، مشيراً إلى ان المتحف يتكون من ثلاث قاعات كبرى، فضلاً عن عدد من قاعات المخازن التي تخزن فيها قطع الآثار صغيرة الحجم، مؤكداً أن هذه الجريمة تعد خسارة كبيرة للإنسانية وليس للعراق فقط. 
وأكد أن وزارة السياحة سترفع تنسيقها مع الانتربول الدولي ومنظمة اليونسكو لمنع تهريب أو تداول الآثار العراقية التي تهربها عصابات «الدولة» الإرهابية من الموصل.
وقد كشفت مصادر مطلعة لـ «القدس العربي» جوانب من حقيقة الجريمة، حيث ذكر كريم العبيدي، صاحب مكتبة في شارع المتنبي في بغداد، أن اصدقاءه في الموصل من أصحاب المكتبات أبلغوه باتصال هاتفي ان متحف الموصل تعرض إلى السرقة والنهب من عصابات «الدولة» على فترات قبل حادث التدمير.
وأكدت المصادر الموصلية المطلعة للعبيدي، نقلا عن موظفين في دائرة آثار الموصل، أن التنظيم منع إجراء جرد على محتويات المتحف وخاصة الوثائق والمخطوطات النادرة والآثار الصغيرة الحجم الموجودة في مخازن المتحف. وكان ينقل بعضها بين وقت وآخر من المتحف إلى أماكن أخرى بحجة حمايتها من القصف الجوي ولكنه لا يحدد مكان الحفظ الجديد. وأكدت المصادر نفسها أن عملية نقل كبيرة تمت للكثير من محتويات المتحف قبل أيام من عملية تدميره، معبرين عن اعتقادهم بأن عرض التنظيم فيلم تدمير المتحف للتضليل والتغطية على عملية النهب والسرقة، وهو السيناريو نفسه الذي اتبعه تنظيم «الدولة» مع مكتبات الموصل حيث عمدوا إلى نهب الكتب والمخطوطات النادرة منها ثم أحرقوا باقي الكتب. وأكدت المصادر ذاتها أن الكثير من محتويات المتحف تأخذ طريقها الآن للبيع في السوق السوداء للآثار الدولية.
ويذكر أن متحف الموصل الحضاري منذ تأسيسه عام 1952 يضم ثلاث قاعات للآثار القديمة والآشورية والحضرية إضافة إلى قاعة للآثار الإسلامية.
وكان متحف الموصل قد تعرض كباقي متاحف العراق ومؤسساته الحيوية الأخرى إلى السرقة المنظمة عقب الغزو الأمريكي عام 2003 والتي طالت معروضاته النفيسة ولم يتم استرداد معظمها لحد الآن.

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول غلطف - فلسطين 1948:

    هل يوجد شك لاحد ان هؤلاء عملاء. مثلما سرق الامريكان محتوى متحف بغداد , سرقوا عملائهم محتوى متحف الموصل. سادة العراق نهبوا العراق من قبل داعش فلماذا لا تقوم داعش بذلك؟؟ سادة العراق تنازلوا عن الموصل لاسباب خفيه والان يريدون تحريرها. يبدو ان الامر غريبا . يبدو ان الهدف من ذلك فقط استمرار اشغال العراقيين بماسيهم بدلا من ايجاد حلول حقيقيه. ي..

  2. يقول تيمور:

    ابشركم بدا الخلاف في تنضيم الدوله لاحظ الصوره في واحد لابس اسود وواحد لابس ابيض

  3. يقول م . حسن .:

    بعض التماثيل بدت وكأنها من الجبس الأبيض , فهل سرقت الحقيقية وما تم تدميرة كان بعضها مقلد لإخفاء سرقتة وربما بيعة ؟

إشترك في قائمتنا البريدية