غزة ـ «القدس العربي»: أعلن مسؤول كبير في وزارة الاقتصاد في قطاع غزة، عن توقف غالبية المصانع التي تنتج «الطوب» المخصص في عمليات البناء في القطاع، بسبب منع إسرائيل تزويدها بالإسمنت، وذلك بعد أن كانت إسرائيل عدلت عن قرار وقف إدخال مواد البناء، التي تشرف عليها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» والمخصصة للمنازل المدمرة في الحرب، وهو ما ساهم في إرباك عملية إعمار غزة.
وقال عماد الباز وكيل وزارة الاقتصاد إن هذه المصانع وعددها أكثر من 150 مصنعا ومعملا منتشرة في مناطق القطاع، توقفت عن العمل والإنتاج بسبب منع الاحتلال إدخال الإسمنت إليها.
وأشار في تصريحات نقلتها وكالة «صفا» المحلية أن قرار الاحتلال بوقف إدخال الإسمنت لهذه المصانع «مستمر منذ حوالي شهر، وهو ما أدى بالنهاية لوقف عمل غالبية هذه المصانع».
وفي حال استمر المنع هذا فإن عجلة العمل في مشاريع إعادة إعمار المنازل التي دمرت في الحرب الأخيرة على قطاع غزة ستتوقف قريبا، لحاجة أصحاب المنازل لهذا النوع من الحجارة، الذي يعد أساس عملية التشييد والبناء.
وتصنع هذه الحجارة في المصانع والمعامل الخاصة، وتنقل إلى البيوت قيد الإنشاء، حيث كانت تحصل على نصيب من الإسمنت المورد لغزة عبر المعابر الإسرائيلية.
وتفرض إسرائيل قيودا مشددة جدا على عملية إدخال الإسمنت ومواد البناء إلى قطاع غزة، وهو ما أدى إلى بطء عملية إعادة إعمار عشرات آلاف المنازل التي دمرتها إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على غزة صيف عام 2014.
وبين الحين والآخر تقوم إسرائيل بوقف عمليات إدخال مواد البناء سواء للسكان أو للمشاريع التي تشرف عليها جهات دولية، وأول أمس فقط عدلت إسرائيل عن قرار لها بوقف إدخال مواد البناء لصالح المشاريع التي تنفذها وكالة «الاونروا» في قطاع غزة.
وبالعودة إلى ملف مصانع الطوب فإن إسرائيل تذرعت هذه المرة بقرار المنع، بوجود كميات كبيرة من مواد البناء عند هذه المصانع، غير أن المسؤول الكبير في وزارة الاقتصاد نفى ذلك، وقال إنه لا يتوفر لدى هذه المصانع أي كميات.
وقال الباز إن وزارته تتابع توزيع «الطوب» الذي تنتجه هذه المصانع على المواطنين والمتضررين، وتراقب انتظام توزيعها بالسعر المعروف.
وفند ادعاءات الاحتلال وقال إنها «لا تحتاج لأي مبررات لمنع إدخال المواد للقطاع». وأضاف «ما يجري سياسة عقاب جماعي، وتشديد للحصار على سكان غزة».
وأكد أن استمرار منع تزويد المصانع بالإسمنت يهدد بشل البناء وعملية الإعمار بالقطاع.
وكان عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» قال في تصريحات سابقة لـ«القدس العربي»، إن إشكالية منع السلطات الإسرائيلية إدخال مواد البناء لمشاريع منظمته الدولية في غزة، خاصة وأن تلك المواد تستخدم في عمليات إعادة إعمار المنازل المدمرة في قطاع غزة، قد حلت بعد اتصالات أجرتها «الأونروا» مع إسرائيل.
وكانت «الأونروا» قد شرعت باتصالات مع الجانب الإسرائيلي لحل هذه المشكلة، التي كادت أن تهدد مستقبل العائلات المشردة جراء الحرب.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قررت منع إدخال مواد البناء للمشاريع التي تنفذها «الأونروا» منذ عدة أيام، وذلك بدعوى أن بعض المواد «أسيء استخدامها» ما أدى لتوقف عشرات مشاريع الدولية في القطاع.
والمعروف أن «الأونروا» تشرف على تنفيذ العديد من المشاريع المختلفة والمتنوعة في قطاع غزة، بينها مشاريع بناء مدارس جديدة وعيادات طبية، وأخرى منازل دمرت خلال الحرب الأخيرة.
وتعد عملية بناء المنازل التي دمرت كليا في الحرب الأخيرة من أهم التحديات التي تواجه «الأونروا» كونها إحدى الجهات المشرفة على تنفيذ عملية الإعمار للاجئين الذين دمرت منازلهم في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة صيف عام 2014.
وحسب الأرقام التي قدمتها المؤسسات الدولية فإن نتائج عملية التقييم أشارت إلى أن 31 ألفا و297 وحدة سكنية للفلسطينيين غير اللاجئين تضررت، منها 3,452 وحدة سكنية دمرت بشكل كلي و 1،509 وحدة سكنية صنفت بأضرار بالغة و 26,336 وحدة سكنية بأضرار جزئية.
كما أظهرت أن نتائج تقييم «الأونروا»، أظهرت أن 142ألفا و71 مسكنا تضرر جراء الحرب، صنف منهم حوالى 9,117 مدمرة كلياً، و 5,417 منزلا أضرار بالغة، و 3,700 منزل صنفت كضرر بالغ جداً، و 123,837 بأضرار خفيفة.
وتواجه عملية إعمار غزة معيقات كبيرة، أولها عدم سماح إسرائيل بإدخال مواد البناء بحرية، وكذلك عدم التزام المانحين بتحويل ما عليهم من التزامات مالية، حيث بلغت قيمة التعهدات في مؤتمر القاهرة لإعمار غزة الذي تلى انتهاء الحرب 5.4 مليار دولار، غير أنه لم يصل من هذه الأموال سوى القليل.
وفي هذا السياق أكد أبو حسنة أن «الأونروا» بحاجة إلى 474 مليون دولار، من أجل القيام بعملية إعمار المنازل المدمرة والمتضررة في غزة بسبب الحرب.
و أشار إلى أن عدم التزام الدول المانحة بتعهداتها المالية، من شأنه أن يؤخر انتهاء عملية الأعمار.
وذكر أن «الأونروا» كانت قد طلبت خلال مؤتمر القاهرة 724 مليون دولار، لإنجاز ملف الإعمار، وإصلاح أضرار بيوت اللاجئين، وأنها تلقت من هذا المبلغ فقط 250 مليون دولار.
وتخصصت «الأونروا» في بناء منازل اللاجئين التي دمرت في الحرب، فيما تقوم منظمة «UNDP» بالإشراف على بناء المنازل المدمرة لغير اللاجئين، وذلك من خلال أموال تصلها من الدول المانحة التي تعهدت بتقديم الأموال في مؤتمر القاهرة، فيما تقوم دولة قطر عبر لجنة الإعمار الخاصة بها، بتنفيذ مشاريع لبناء 1000 وحدة سكنية من المنازل المدمرة في تلك الحرب، حيث أن قطر تبرعت في مؤتمر المانحين بمبلغ مالي كبير قدره مليار دولار.
يذكر أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة «الجرف الصامد» التي شنتها قوات الاحتلال ضد القطاع صيف عام 2014 كانت الأعنف في تاريخ الصراع.
ودامت تلك الحرب 51 يوما، وأسفرت عن استشهاد نحو 2200 فلسطيني، وإصابة أكثر من 11 ألفا آخرين، وتسببت في تدمير عشرات آلاف المنازل بين دمار جزئي وكلي.
أشرف الهور