لندن – القدس العربي»: تساءلت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية هل كان صعود روسيا والرئيس دونالد ترامب مرتبطاً بالفشل الدبلوماسي البريطاني والأمريكي في التحرك ضد النظام السوري لبشار الأسد؟ وهل كان استخدام غاز السارين في الغوطة الشرقية قبل خمسة اعوام في مثل هذا الشهر فرصة للغرب كي يضع حداً لجرائم النظام السوري؟ يرد المؤرخ سير أنتوني شيلدون، نائب رئيس جامعة باكنغهام بأن الفرصة كانت متاحة، ففي كتابه الذي سيصدر العام المقبل تحت عنوان «عشرة أيام في آب» يحاول فيه ملاحقة المحاولات الدبلوماسية البريطانية والأمريكية للرد على هجمات غاز السارين في الغوطة الشرقية وكيف تلاشت الآمال أخيراً بتصويت البرلمان البريطاني الرافض للتدخل وقرار الرئيس باراك أوباما نقل الملف للكونعرس.
ويرى شيلدون في مقتطفات نشرتها صحيفة «صنداي تايمز» أن الأيام العشرة الطويلة من آب (أغسطس) هزت النظام العالمي القائم، ويمكن مقارنة أثرها بالأثر الذي تركته هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 أو الأثر الذي أحدثته الأزمة المالية العالمية عام 2008 والرهان في ذلك الوقت لم يكن فقط عن القيادة الأخلاقية للغرب. وبعد خمسة أعوام يمكننا تجميع خيوط ما حدث من خلال الشهود المعاصرين لها والكشف عن السبب الذي تحطمت فيه آمال التدخل ومن كان مسؤولاً.
الهجوم
ففي 21 آب (أغسطس) شن الأسد هجوماً بالغاز الكيميائي على الغوطة الشرقية واضعاً الغرب أمام تحدٍ للتدخل. ولكن كيف سيرد؟ فقبل عام قال الرئيس باراك أوباما: «كنا واضحين مع نظام الأسد.. الخط الأحمر هو عندما نرى كميات من الأسلحة الكيميائية تنقل من مكان لآخر أو تستخدم. وهذا سيغير حساباتنا وسيغير معادلتي». وقد تم امتحان إرادة الغرب في الغوطة، فلو مرت بدون رد فستكون تهديداته فارغة. وكان ديفيد كاميرون وقت الهجوم في كورنوول، جنوب غربي إنكلترا يستمتع مع عائلته بعد صيف حافل. وعندما نقر بإصبعه على «آي باد» شخصي شاهد أطفالاً يتلوون من الألم وجثثاً كانت مصفوفة على الأرض تخرج الرغوة من أفواه الأشخاص حيث شهق بعضهم نفسه الأخير. وعرف كاميرون أنه يجب أن لا يمر الحادث هذا بدون عقاب الأسد. فاستخدام السلاح الكيميائي ممنوع منذ الحرب الكبرى قبل مئة عام. لكنه كان يعرف أن مهمة إقناع البرلمان ستكون محفوفة بالمخاطر، فذكريات حرب العراق لا تزال غضة وكذا الشعور بأن توني بلير خدع البرلمان في حرب غير ضرورية ضد صدام حسين عام 2003.
ومن المثير للقلق أن الرئيس فلاديمير بوتين كان يشعر بأن كاميرون خدعه لحجب صوته في مجلس الأمن من أجل اتخاذ عمل عسكري قاد لتغييرالنظام الليبي. ولم يكن بوتين ليسمح للغرب بتكرار ما حدث في ليبيا. وكانت الخطوة الأولى لكاميرون هي الحديث مع أوباما ولكن تأمين خط له لم يتوفر ولم يتحدثا إلا بعد ثلاثة أيام من الهجوم. ويقول من استمع للمكالمة بينهما إن الرئيس سيطر فيها بالكلام على خلاف سلفه جورج دبليو بوش الذي كان يطلب رأي محاوره أولاً. واقترح أوباما القيام بغارات بصواريخ كروز في 26 آب (أغسطس) لعدم تفويت الفرصة ولكنه حاول جهده التأكيد أنه لم يتخذ قراره بعد. واتصل كاميرون عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع المقربين منه مباشرة بعد الانتهاء من المكالمة وأخبرهم بأن الرد المحتمل سيكون صاروخياً وستلعب فيه بريطانيا دوراً مهماً. وكان وزير الخارجية ويليام هيغ أول المتحدثين حيث عبر عن خشيته من قيام الأسد والروس بإطالة أمد المفاوضات ومحو آثار استخدام السارين. وعبر نائب رئيس الوزراء، نيك غليغ زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين عن دعمه لأي تحرك طالما مر عبر الأمم المتحدة ومن خلال قوة دولية تضم فرنسا.
وعندما انتقل لمقر الحكومة الريفي في تشيكرز اجتمع مع المسؤولين البارزين الذين عبروا عن قلقهم من الرئيس أوباما وتأخره في الرد وعدم فهمه الضغط الذي يتعرض له كاميرون. وكانت النصيحة هي دعوة النواب من عطلتهم الصيفية للتصويت والتأكد من الحصول على دعم حزب العمال. وقرر كاميرون كتابة رسالة شخصية لأوباما أكد فيها دعمه للعمل العسكري مع تأكيدات حول ثلاث نقاط: وجود دليل قاطع عن استخدام السلاح الكيميائي وأرضية قانونية للعمل ودعم الأمم المتحدة للتحرك العسكري. وزادت المخاوف عندما أبدى أوباما تردداً في التدخل العاجل. وأعلنت الحكومة السورية وبذكاء عن سماحها للمفتشين الدوليين بالدخول والتحقيق ولا تستطيع أمريكا الضرب وهم في الداخل. وكانت تداعيات عدم التحرك في قلب القصة. فقد اتفق أوباما وكاميرون على العمل العسكري، لكن لماذا لم يحدث؟ وفي 26 آب (أغسطس) كان الضغط يتزايد على كاميرون لدعوة البرلمان. ودعا كاميرون الذي قاوم المطالب بالعودة إلى 10 داونينغ ستريت بالتحضير لعقد اجتماع لحكومته ومجلس الأمن القومي.
مكالمة مع بوتين
وكانت أولوية كاميرون في ذلك اليوم هي الحديث مع بوتين، حيث تم تحديد المقابلة بالساعة الرابعة وخمس دقائق مساء. وبعد سلسلة من التأخيرات تحدث كاميرون مع بوتين بادئاً المكالمة بالتأكيد على العلاقات الثنائية ومضيفاً: «أود اليوم مناقشة الهجمات الكيميائية المروعة. ومن الواضح أنها خط أحمر رسمناه نحن وروسيا، وأنا مهتم بمعرفة رأيك- لكن لدينا مستويات عالية من الثقة بأن الهجمات نفذها النظام، ويجب أن يكون للأفعال تداعيات». ورد بوتين بالقول: «سعيد بالاستماع إليك وتحيات من سيبيريا، ووصلتني رسالتك يوم 23 آب (أغسطس) التي طلبت فيها إقناع سوريا بالسماح لمحققي الأمم المتحدة ومنح الإذن يوم 25 آب (أغسطس)، هل تسمعني؟» «نعم». ومضى بوتين قائلاً إنه يريد أن يكون صريحا معه كـ «زميل وصديق» ولكنه يرى ان أحداث 21 آب (أغسطس) هي مبرر لجر المجتمع الدولي للعمل العسكري وتقويض الخيارات لمؤتمر دولي. وتساءل عن السبب الذي يدفع دمشق لعمل عسكري يؤدي للتدخل الخارجي ولا توجد بيانات تثبت استخدام النظام السلاح الكيميائي ومن السهل البدء بحرب ومن الأفضل اانتظار تحقيق المفتشين. ورد كاميرون الذي استمع بصبر بأن السماح للمفتشين لا يعني أنهم زاروا الموقع الذي تعرض للقصف المستمر. واحتج على اقتراح مسؤولية المعارضة عن الهجوم. وليس لديها الأسلحة التي استخدمها النظام في عدد من المناسبات.
وأخبر كاميرون بوتين «إذا لم نتحرك فسنعطي رسالة للديكتاتوريين بأنه يمكن استخدام السلاح الكيميائي». وقال بوتين «اتفق بشكل كامل بأن استخدام السلاح الكيميائي غير مقبول» و «في الوقت الحالي ليست لدينا أدلة عن استخدامها أو أن الحكومة استخدمتها». وبعد عودته لمقر الحكومة في لندن انشغل بالاجتماعات مع نائبه كليغ وهيغ ووزير الخزانة حيث كان على رأس النقاشات دعوة البرلمان للاجتماع. ورغم ما يملكه الوزراء من صلاحية للمشاركة في الحروب إلا أن الواقع بعد حرب العراق كان مختلفاً. وحذر هيغ من استدعاء البرلمان لأن هذا يحتاج لإجراءات برلمانية. فيما قال مسؤول النواب المحافظين في البرلمان جورج يانغ إنه واثق من قدرته على تأمين العدد المطلوب للتصويت. وثبت أنه أخطأ الحسابات. ولكنه أنهى اللقاء بدعوة البرلمان للإنعقاد. وتواصل الحديث حول ضرورة إشراك البرلمان بالمعلومات الأمنية عن اللقاء حيث دعا كليغ للأمر خاصة في ظل ما حدث في العراق. لكن المشكلة هي أن التقارير الأمنية لم تكن متأكدة «100%» من استخدام السلاح الكيميائي في الهجوم. ومن هنا طلب من المخابرات تقديم تقدير يقول إن هناك قدراً من الصحة حول استخدام السلاح الكيميائي، فجاء الرد إما أنه صحيح أم لا. وشعر كاميرون بالسخط فلو تحركت أمريكا وضربت لأصبح النقاش حول أحداث حدثت وبدلاً من ذلك فهو أمام مشكلة حشد القوى للتحرك العسكري. وتمت دعوة قادة الجيش للمشاركة حيث كشفوا عن خطتهم المكونة من أربع خطوات: التحضير والضرب والنشاط الدبلوماسي والضرب مرة أخرى حالة الضرورة. وبدا أن العملية العسكرية الأمريكية محدودة خاصة أنه تم استبعاد المؤسسات الحكومية.
موقف حزب العمال
وتساءل كاميرون وهو يحضر للحديث مع زعيم العمال عن الخطة البديلة حالة لم يدعم العمال أو الليبراليون الديمقراطيون خطة العمل العسكري. وكانت الردود غير مقنعة من بعض الحاضرين لكنه أكد أن على المحافظين المترددين معرفة أن الخطة ستكون محدودة. وقال إنه لا يريد أن يكون أول رئيس وزراء بريطاني يقول «لا» لرئيس أمريكي طلب دعمه. وعندما التقى مع إد ميليباند أطلعه على ما تعرفه الحكومة عن الهجمات الكيميائية وأنه مستعد للمشاركة في عمل لو قرر أوباما التحرك. وقال إنه يدعم قوة دولية عبر الأمم المتحدة. وعندما سأل ميليباند عن المفتشين الدوليين ولماذا لا ننتظر حتى ينتهون من تحقيقهم والدليل وقانونية العمل وتساءل عن الأهداف العسكرية وكيفية تحقيقها. عبر كاميرون عن استعداده لتقديم النصيحة القانونية له. وشعر أن ميليباند متعاون ومتفهم في تلك المرحلة حيث قال زعيم العمال»في الحقيقة لا أريد معارضة هذا ولكن علينا إشراك الرأي العام معنا».
وعندما تشاور ميليباند مع مسؤولي حكومته حذروه وقالوا إن الحزب يلعب بالنار بعد العراق ومن هنا تغيرت لهجته من التعاون إلى عدم المساعدة. واتصل مع كاميرون قائلا له «لا نستطيع عمل هذا بدون قرار من الأمم المتحدة أو حتى لو استخدم الروس الفيتو ضده». وكان يعرف كاميرون يعرف أن العودة للأمم المتحدة عبثية لكنه طلب من المسؤولين البريطانيين في نيويورك البدء للتداول مع الدول الدائمة العضوية في الأمم المتحدة للبحث في مشروع قرار.
إلا أن أوباما في مكالمة ثانية معه عبر عن ضيقه من العوده للأمم المتحدة وكان لا يريد أن يكون خارج أمريكا أثناء عملية عسكرية، فقد كان يحضر للسفر إلى سانت بطرسبرغ للمشاركة في قمة الدول العشرين. وختم مكالمته بالقول إنهما قد يحتاجان لنقاش صعب، مما يعني أن أمريكا قد تقرر المضي وحدها. وواجه كاميرون مشكلة مع الرأي العام الذي كان يعارض المشاركة بنقطتين لصالح نقطة واحدة حسب استطلاع نشرته صحيفة «صن». وفي الوقت نفسه دخل كليغ وأخبر كاميرون أنه يواجه مشكلة في حزبه وقال له بادي آشداون الزعيم السابق للحزب إنه لن يدعم الحرب طالما لم يصدر قرار عن الأمم المتحدة. وشعر كاميرون أن ظلال حرب العراق تحوم فوقه حيث قال في اجتماع لمجلس الأمن القومي «يبدو هذا مثل عام 2003 وليس عام 2013».
وحتى في حزبه واجه كاميرون معارضة فحسب مكالمات مع النواب قالت «الثلث لا في المطلق وثلث إنه قد يغير رأيه وثلث آخر يوافق الحكومة». وعندما دعي ميليباند إلى مقر الحكومة للحديث مع كاميرون وكليغ وهيغ تحول النقاش إلى «مشاحنة» وقال ميليباند «كيف نصوت في البرلمان قبل تحقيق للمفتشين، أريد اسبوعاً للتفكير».
ورد كاميرون بأنه حاول الحصول على توقيعه والوفاء بمطالبه و»لو لم أحصل على دعمك فإنني أريد معرفة هذا حتى أمضي في طريق أقصر». ورد غاضباً «هذه لعبة لأننا نعرف أننا لن نحصل على قرار بسبب الفيتو الروسي». وكان العراق حاضراً في تفكير العمال حيث قال ميليباند «الإجراءات مهمة وهي مهمة لدعم الشرعية وقد اخطأت حكومتنا عام 2003». وبعد خروجه من مقر الحكومة اتصل ميليباند قائلاً «لا أستطيع دعم المهمة هذه».
الخسارة والآثار
ومنذ تلك اللحظة فقدت الحكومة السيطرة على الأحداث حيث قادت للتصويت الذي أنتج 272 صوتاً داعماً مقابل 285 صوتاً رافضاً. ويعتقد شيلدون أن ظلال حرب العراق كانت الجاني الذي ورد على كل لسان فعندما قال كاميرون «ثقوا بي» تذكر الناس «الملف المزور» لتوني بلير ومدير اتصالاته أليستر كامبل الذي زعم أن العراق قادر على تجميع ونشر أسلحة الدمار الشامل في 45 دقيقة. ورغم مخاوف الحكومة البريطانية من رد أمريكي غاضب إلا أن مكالمة أوباما بعد يوم من التصويت البرلماني كانت تحمل لهجة متعاطفة «لا ضير أخي، كل ما تريده هو ان الصمود ولو لفترة وسيكون كل شيء على ما يرام» وأضاف «أعرف أنك تشعر بالأذى اخلاقياً وشخصياً، ولم تتخل عنا بأي طريقة ولديك إجراءات يجب الإلتزام بها. والمزاج في الغرب هو انه يرى ليبيا في فوضى وسوريا فوضوية وهم قلقون».
ونعرف بقية القصة وقرار أوباما نقل ملف العمل العسكري إلى الكونغرس بعد قرار البرلمان البريطاني بشكل جعل منظور العمل بعيداً خاصة ان الكونغرس كان في عطلة الصيف. وتبع فشل الغرب في الرد على تجاوز الخط الاحمر أحداث كبيرة من تشريد الملايين من السوريين وقتل مئات الآلاف منهم وتحولت سوريا إلى ساحة تأثير روسية، واحتلت روسيا شبه جزيرة القرم وهددت دول البلطيق واستمر تدفق اللاجئين السوريين إلى أوروبا.
وأدى فشل اوباما على الساحة الدولية لظهور خليفة يزعم أنه يستطيع عمل الأشياء. وفقد كاميرون الثقة التي تمتع بها في الفترة ما بين 2011 – 2013. كل هذه الأمور تبعت فشل الغرب في التحرك بطريقة حاسمة على الهجمات الكيميائية.
ومع ذلك فمن غير المؤكد ان هذه العشرة أيام كانت سبباً للاحداث فمن ناحية عسكرية ربما كان التدخل مدعاة للدم والدمار. ومن الواضح أن أوباما وكاميرون أساءا التقدير عندما افترضا أنهما يعيشان في عالم يعتبر فيه التدخل الإنساني امراً مقبولاً بناءً على قاعدة أخلاقية ولكنهما تعلما الدرس بقسوة وراقبت القوى الشعبوية في كلا البلدين. وكان لدى الغرب فرصة لممارسة قيادته الأخلاقية لكنه تلوى تحت الضغط.
… والأسد واثق من حسم اللعبة لصالحه… فما هي مسؤولية الغرب؟
وفي افتتاحيتها قالت «صنداي تايمز» إن هناك إمكانية لتوقف الحرب الأهلية السورية التي مضى عليها سبعة أعوام. وتحدثت عن الحشود للقوات التابعة لنظام الأسد حول محافظة إدلب التي تعد آخر معاقل المقاتلين المعارضين لنظام بشار الأسد. وتحذر الأمم المتحدة من المخاطر التي سيتعرض لها مليون طفل وتعتمد على روسيا وتركيا وإيران لمنع اندلاع حرب واسعة. وقال مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان إيغلاند «يجب أن لا تنتهي الحرب بحمام دم ولكن باتفاق».
وتعلق الصحيفة أن الأسد واثق هذه المرة بأنه سينتصر، فهل كان هذا هو الحال دائماً؟ وتجيب أن الوضع ربما كان مختلفاً لو قرر الغرب التدخل بعدما واجه قراراً حاسماً. فعندما استخدم نظام الأسد السلاح الكيميائي ضد شعبه في الغوطة الشرقية وقتل أكثر من 1.000 شخص معظمهم من الأطفال. وكان ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني في حينه راغباً بالرد وتوقع تحركا من الرئيس باراك أوباما الذي تجاوز الأسد «خطه الأحمر» وعندما لم يحصل الرد العسكري كان على كاميرون وضع قرار التدخل أمام البرلمان للتصويت عليه والذي كان محكوماً عليه بالفشل بسبب معارضة زعيم العمال في حينه إد ميليباند.
ورد أوباما بأنه سيضع قرار التدخل أمام الكونغرس بشكل قتل التحرك العسكري. وأكدت الحادثة أن ظل حرب العراق كانت تحوم فوق السياسة الخارجية البريطانية وكشفت عن ضعف قيادة الرئيس أوباما.
والسؤال هو فيما إن كانت هذه الحادثة الحاسمة سبباً في تأمين انتصار الأسد؟ والأمر متروك للمؤرخين كي يناقشوه لكنها بالتأكيد رفعت من حظوظ النظام الذي لا يهمه إلا نفسه.
«واشنطن بوست»: الحرب السورية تدخل مراحلها الأخطر.. ومواجهة محتملة مع تركيا
« الحرب السورية تدخل آخر مراحلها الخطيرة»، تقرير أعدته في صحيفة «واشنطن بوست» ليز سلاي وركزت فيه على التطورات في محافظة إدلب التي بدأ النظام يحشد فيها قواته. وقالت إن القوات التابعة للنظام وحلفائه ستقبل ولأول مرة بوجود قوات أجنبية في محاولتها لاستعادة بقية البلاد ووضعها تحت سيطرة بشار الأسد. فبعد سيطرته على الجنوب فإنه يسيطر على غالبية البلاد ولا يواجه تهديداً دبلوماسياً أو عسكرياً واضحاً.
ولا يزال ثلث سوريا خارج سيطرة الحكومة وهذه المناطق خاضعة لسيطرة القوات التركية والأمريكية. ونشرت تركيا قواتها في مناطق حلب وإدلب، شمال غربي البلاد والتي حددتها قوات الأسد بأنها المرحلة المقبلة للهجوم فيما نشرت الولايات المتحدة 2000 من قوات العمليات الخاصة في شمال شرقي سوريا لدعم حلفائها الأكراد الذين يقاتلون تنظيم «الدولة». أما إيران فقد نشرت قواتها إلى جانب القوات الموالية للنظام في كل أنحاء سوريا بشكل أثار قلق إسرائيل.
ويحذر المراقبون من اشتعال حرب أوسع رغم قرب انتهاء النزاع الأهلي. والأمر يعود لروسيا كي تبعد سوريا عن المزالق التي تنتظرها خاصة أنها هي القوة الخارجية الوحيدة التي تتمتع بعلاقات مع كل الدول التي لها مصلحة في الحرب السورية بما فيها إسرائيل وإيران. فبعد تدخلها عام 2015 لمنع سقوط الأسد، نجحت روسيا بالموازنة بين المصالح المتنافسة للاعبين محذرة إياهم من أن النزاع قد يؤدي لحرب إقليمية. إلا أن قدرة روسيا على التعامل مع المتنافسين ومخاوفهم محدودة وسيتم فحصها في المعركة المقبلة حسب رجا خواجا، مدير مؤسسة الإستشارات الدفاعية في دبي «إنيغما» «لا تسيطر روسيا كما يتبادر للذهن»، مشيرًا إلى فشل الدبلوماسية الروسية في تخفيف مظاهر القلق الإسرائيلية من الوجود الإيراني في سوريا.
وأضاف أن إيران استثمرت كثيراً في سوريا ولن تغادرها الآن إن لم يكن في المستقبل. وبإصرار إيران على الإحتفاظ بقواتها في سوريا ومطالب إسرائيل بخروجها فمنظور المواجهة سيظل قائماً.
وحسب كمال علم، من المعهد الملكي للدراسات المتحدة فإن أولويات روسيا اليوم تقوم على تأمين المناطق التي استعادها النظام وإعادة ستة ملايين لاجئ وإعادة بناء الجيش السوري والبدء بالإعمار والحصول على اعتراف دولي بالجهود التي قامت بها من أجل التسوية. وقال علم الذي زار دمشق في الفترة الماضية إن الروس يعرفون أن المناطق التي تمت استعادتها هي بمثابة قنبلة موقوتة ويريدون التأكد من عدم حدوث عمليات انتقامية على قاعدة واسعة. و«الحرب لم تنته بعد ولكن الوقت هو وقت تحقيق الاستقرار وفي الحقيقة بدأت المهمة الصعبة».
ويرى النظام السوري أن أولويته هي استعادة المناطق الخارجة عن سيطرته. فبعد الجنوب تم نقل الجنود إلى الشمال قرب إدلب تحضيراً للهجوم. وفي الوقت نفسه تقوم تركيا بتعزيز نقاط مراقبتها في المحافظة والتي تم إنشاؤها بناء على اتفاق مع الروس. ووصف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إدلب بالخط الأحمر وتعهد بمواجهة أي عملية تخرج المحافظة من مجال التأثير التركي بشكل يثير المخاوف من مواجهة بين دولة عضو في الناتو والنظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين. وستكون المعركة في إدلب مدمرة خاصة أن فيها أكبر تجمع للمعارضة وحوالي 70.000 مقاتل تم نقلهم من مناطق سوريا الأخرى ضمن اتفاقيات مع النظام. ومن بين هؤلاء اعداد كبيرة تنتمي للجماعات المتشددة. وبالإضافة لهؤلاء هناك 3 ملايين مدني وصل معظمهم إليها كلاجئين هرباً من القتال. فهجوم على إدلب قد يؤدي لأضخم أزمة إنسانية ورحيلاً جديداً باتجاه تركيا وربما إلى اوروبا. وأكد الروس أنهم يفضلون حلاً تفاوضياً مثل الحل الذي تم التوصل إليه في جنوب غربي سوريا والذي لم يكن دمويًا مقارنة مع عمليات أخرى مثل حلب والغوطة الشرقية.
ففي الجنوب وافق المقاتلون على المصالحة مع النظام مقابل نوع من الحكم الذاتي فيما انضم آخرون لقوات النظام لمواجهة آخر جيوب تنظيم الدولة في المنطقة.
وحسب المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا الكسندر لافرينتيف فموسكو تفضل نموذج جنوب غربي سوريا لحل مشكلة إدلب. ويرى باسم بربندي، الدبلوماسي السوري السابق أن المعارضة في إدلب قد تفكر بهذا الخيار لكنها تريد معرفة ماذا ستحصل عليه في المقابل.
وفي الحد الأدنى يريدون نوعاً من الإستقلالية وبرعاية روسية أو تركية. ولا يستبعد بربندي معركة عسكرية واسعة في إدلب إلا أن هناك فرصاً للدبلوماسية ونهاية للعنف «وبنهاية هذا العام على ما أعتقد ستتوقف العمليات العسكرية الكبرى». أما شمال شرقي سوريا فسيظل المنطقة الأقل إشكالية، على الأقل الآن.
فقد قال الرئيس دونالد ترامب انه يريد بقاء القوات الأمريكية حتى الإنتهاء من عملية ملاحقة الجهاديين. وبدأ أكراد سوريا بمحادثات مع دمشق تهدف لتأمين نوع من الحكم الذاتي لمناطقهم.