طبخة ضابط إسلامي الهوى يدعى… السيسي!

حجم الخط
27

 

لعلّ من الخير، وفي باب إنصاف التاريخ المعاصر أيضاً، أن يعود مراقب الشأن المصري الراهن ـ وفي ملفّ الحقوق والحريات العامة، تحديداً ـ إلى إحدى الركائز الكبرى التي كانت وراء انقلاب المشير عبد الفتاح السيسي، ثمّ صعود نجمه إلى ما هو عليه اليوم. تلك الركيزة انبثقت من جدل الأسابيع الأولى بعد انتفاضة ميدان التحرير، حين بات من المشروع أن يطُرح سؤال الخيار الختامي الذي سوف يستقرّ عليه الجيش المصري: أن يقف مع الشعب، فعلاً، في وجه مؤسسة رئاسية بدأت عسكرية منذ سنة 1952، مع محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، وهكذا ظلت؟ أم يلجأ إلى تكتيكات الالتفاف على الشارع الشعبي، والمناورة المؤقتة ما أمكن ذلك، لإنضاج «طبخة» ما، على نار ليست هادئة بالضرورة، تعيد إنتاج ماضي المؤسسة الرئاسية، مع تصحيحات هنا وهناك تشمل الخطاب والوجوه وبعض الأجهزة، وتجمّل الصورة القبيحة في هذا التفصيل أو ذاك؟
ولقد اتضح، سريعاً في الواقع، أن المؤسسة العسكرية المصرية لا تنوي قطع حلقة الرئاسات العسكرية، من جهة أولى؛ وهي بالتالي لم تكن راضية عن برنامج التوريث الذي انخرط فيه آل مبارك، بالتعاون مع حيتان النهب والفساد. وهكذا كانت المؤسسة، التي تشرف أيضاً على جهاز المخابرات العامة، قد استذكرت تلك الحكمة العسكرية التي ترى في الدفاع خير وسائل الهجوم؛ فبادرت إلى استثمار احتجاج الشارع الشعبي، وأعادت حشر الجيش كرقم صعب في المعادلة السياسية الداخلية. والخطأ الحسابي القاتل، والغبيّ تماماً في الواقع، الذي وقع فيه محمد مرسي، الرئيس الوحيد المدني في تاريخ مصر الحديث؛ كان اليقين بأنّ تحييد المؤسسة العسكرية (ممثّلة، يومذاك، بمجموعة المشير حسين الطنطاوي ورئيس الأركان سامي عنان)، يمكن أن يتمّ بيسر وسهولة، عبر ترقية ضابط مغمور، إسلامي الهوى (كما لاح لجماعة الإخوان المسلمين، يومئذ) يدعى… السيسي!
بدوره، كان هذا الضابط، القادم من الصفوف الخلفية، قد تنبّه جيداً إلى أنّ الشرعية الحقوقية والدستورية التي امتلكها مرسي أخذت تتصادم، تدريجياً، ولكن على نحو منهجي منتظم، مع إرادة شعبية واسعة النطاق أخذت تسائل الكثير من أهداف انتفاضة 25 يناير 2011، وتلحظ خسوفها وانقلابها إلى النقائض. كذلك راقب السيسي، بعين ضابط الاستخبارات هذه المرّة، أنّ زخم ميدان التحرير الديمقراطي والمطلبي والوطني صار يُختصر في تجاذبات أقرب إلى دائرة مفرغة، بين جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة المستفرِدة، وجماعات المعارضة المتشرذمة والعاجزة عن بلورة مشروع معارِض مضادّ ذي مصداقية كافية. وبذلك بدت الإنجازات الديمقراطية (الانتخاب، والتصويت، والحرّيات السياسية والنقابية والإعلامية…) وكأنها السطح الساخن الظاهر، الذي يخفي غليان الأعماق كما جرى التعبير عنه في ثقافة «ملء الميادين»، على الطرفين في الواقع، ولكن بمعدّلات أعلى وأشدّ فاعلية في صفوف القوى الشعبية المناهضة لسياسات مرسي والإخوان.
والحال أنّ فئات المعارضة المصرية التي أبهجها انقلاب العسكر على مرسي، وضدّ الإخوان عموماً، كانت قد ارتكبت خطأ جسيماً حين ظنّت أنّ قهر الرأي وقمع حرّية التعبير وحظر النشاط السياسي هي الوسائل المثلى لمحاربة الإخوان. التجارب أثبتت سطحية هذا التقدير وخطورته، كما برهنت على أنه ينتج نقيضه في نهاية المطاف. وهذه مآلات يترجمها المشهد الراهن لانتهاك الحقوق والحريات العامة، وابتذال الخطاب السياسي لرأس النظام نفسه، والتفريط بالمياه والأرض والثروات، وإعادة تأهيل الفساد والنهب بوتائر أخبث مما كانت عليه خلال عهد مبارك؛ فضلاً، بالطبع، عن تدني الإعلام المصري، الرسمي والخاص، على نحو مريع.
طبخة مسمومة، إذاً، على غرار ما طبخت عسكرتاريا العالم العربي طيلة عقود؛ ولا عزاء لمَن ابتلعها، وهو عارف مدرك!

طبخة ضابط إسلامي الهوى يدعى… السيسي!

صبحي حديدي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    الذي إختار السيسي كوزير للدفاع ليس الرئيس مرسي بل المجلس العسكري بقيادة طنطاوي وعنان بسبب ولاء السيسي لهما
    ولذلك لم يستطع الرئيس مرسي عزل السيسي وإستبداله بآخر
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول salem:

      مع إحترامي لك أخي
      و لكن إستخدامك ل لا حول و لا قوة إلا بالله في كل تعليق غير مناسب

    2. يقول الكروي داود النرويج:

      عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ولكن تدعون سميعا بصيرا، ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال: يا عبد الله بن قيس قل: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة، أو قال: ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة: لا حول ولا قوة إلا بالله. رواه البخاري ومسلم.
      مع تحياتي ومحبتي وإحترامي لك يا عزيزي سالم وللجميع
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول أبو جمال:

    وضعت الأنظمة الحاكمة في بلدان العالم العربي قوى المعارضة الديموقراطية في حالة عجز مرضي من خلال مواجهتها بآلة قمع شرسة اتخذت أشكالا متنوعة اختلفت من بلد لآخر بحسب نوعية النظام القائم : ففي بلدان الخليج و ليبيا تم اللجوء إلى المنع السافر لكافة أشكال التنظيم المستقل عن الدولة من أحزاب سياسية و اتحادات نقابية و هيئات مهنية و جمعيات حقوقية … مما يؤدي إلى حدوث فراغ سياسي في حالة سقوط النظام القائم (ليبيا نموذجا) . أما المجموعة الثانية التي اعتمدت ديموقراطية الواجهة فقد لجأت لإضعاف المعارضة إلى أساليب متعددة من بينها تزوير الإنتخابات و الحرمان من استعمال الإعلام العمومي (الإداعة و التلفزة) و فبركة محاكمات صورية لرموز المعارضة … و في المقابل تقديم الدعم الغير المشروع للقوى الموالية و للقوى المعادية بشكل صريح للديموقراطية ، و النتيجة إضعاف و عزل القوى الديموقراطية عن القطاع العريض من الشعب .

  3. يقول أحمد بيه / المانيا:

    فيما يلي عينة مما كانت تنشره الصحف القومية المصرية يظهر من خلالها اكذوبة “استفراد” الإخوان بالحكم التي روجت لها أذرع السيسي الإعلامية وما زالت:
    ..
    أكد حزب الوفد خلال اجتماع طارئ لمكتبه التنفيذي، أنه لن يشارك في حكومة قنديل بأي من أعضائه، وأن ما ينشر في بعض وسائل الإعلام من توقعات غير صحيح.
    الدكتور عماد جابر عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي : “إن الحزب لن يشارك في حكومة قنديل ، لأنه اختار أن يبقي في جبهة المعارضة”
    نجيب أبادير عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار : “إن موقفهم ثابت من عدم المشاركة في حكومة الدكتور هشام قنديل، وأوضح
    أنهم إذا تلقوا أي دعوات في هذا الشأن ستقابل بالرفض
    زياد بهاء الدين (الحزب المصري الديمقراطي) رفض حقيبة وزارة الاستثمار التزاماً بموقف حزبه بعدم المشاركة في حكومة الدكتور هشام قنديل
    حسين عبد الرازق، عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع، يصرح بانه وفي حال تلقيه اتصالات بشأن المشاركة في حكومة الدكتور هشام قنديل فلن يشارك.
    الدكتور هشام قنديل يعرض على كل من هشام رامز العضو المنتدب للبنك التجاري الدولي وعبد السلام الأنور رئيس مجلس إدارة بنك مصر منصب وزير الاستثمار ونائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية، نظراً للخبرات الاقتصادية الكبيرة لكليهما، إلا أنهما رفضا المنصب.
    جميع الأحزاب المدنية تعلن رفضها المشاركة في حكومة قنديل ، مبررة ذلك بضرورة أن تكون الحكومة الجديدة كلها “إخوانية”، كي تستطيع تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية “الإخواني”، ورأت الأحزاب المدنية أنه من غير المنطقي أن تشارك أحزاب لا تؤمن أساساً بجماعة الإخوان أو بمشروع النهضة في حكومة مسئولة عن تنفيذ برنامج النهضة الإخواني، وهو ما يجعل التشكيل الوزاري “إخوانياً” رغم أنف “الإخوان” أنفسهم

    1. يقول محمد صلاح:

      ياريت تسال نفسك لماذا رفض كل الناس الاشتراك فى حكومة هشام قنديل
      لان هشام قنديل ليس عنده فكرة او خبرة فى اى شىء وهو مثل شاهد ماشفش حاجة التعليمات والقرارات جاية جاهزة من مكتب الإرشاد وعلية ان يبصم فقط هو وكل الوزراء

  4. يقول محمد من امريكا:

    الاخوان لم ينفردو بالحكم اطلاقآ وهذه فريه، فقط انضر الى تشكيله حكومه الاخوان وسترى بسهوله انها شملت الكثير من غير الاخوان، حتى لو لم يكن هذا صحيحا فهذا هو شان الديمقراطيه
    في كل العالم فهذه أمريكا كلما انتخب رئيس جديد يعين حكومه كامله من حزبه. اخي اتقوا الله فيما ترددون بدون علم، ثم قل لي بربك ما هي سياسات الاخوان هذه التي تستوجب الانقلاب وسفك الدماء، حسبنا الله ونعم الوكيل.

  5. يقول S. Soliman, london:

    يا اخ كروى
    ليس من سلطات المجلس العسكري اختيار وزير الدفاع ولكنها من سلطات رئيس الجمهورية وحده .

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      لقد كان إتفاقاً سرياً بين المجلس العسكري والرئيس مرسي يا عزيزي سليمان
      وإلا لماذا لم يقدر الرئيس مرسي على عزل السيسي ؟؟؟؟
      مع تحياتي ومحبتي وإحترامي لك وللجميع
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  6. يقول سامح // الاردن:

    * بصراحة وبسبب اصرار الجانب ( المصري )
    على اغلاق ( معبر رفح ) .. فقدت الثقة
    ف القيادة المصرية ( رئيس وحكومة وبرلمان)؟؟؟ ولم اعد أتابع الشأن المصري
    وكان الله في عون المصريين ( المغلوب
    على أمرهم ) .
    * حسبنا الله ونعم الوكيل في كل
    الظالمين والفاسدين في مصر وفي الوطن
    العربي ..
    سلام

    1. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

      أخي سامح ، وهل مقياسك للحكم و التحليل معلق بموقف الطرف الاخر من القضية الفلسطينية ؟!

      يفترض ان يكون الحكم وفق المواقف ككل ، و لا يعرف الحق بالرجال ، اعرف الحق تعرف اهله!

      الآن حزب الله و ايران يدعيان الوقوف الى جانب القضية الفلسطينية ، و ماهي الا تكأة لتحقيق مآرب اخرى ، فهل ننساق كما فعل الكثير الى تأيدهما و هما يفعلان الافاعيل في سوريا و لبنان و اليمن ؟!

      قبل ان يتبين موقف نظام السيسي الإجرامي تجاه غزه و القضية الفلسطينية ، كان اجرامه واضحاً في فض رابعة و ما فعله ، و كان اجرامه واضحاً في الإنقلاب على الارادة الشعبية ، و تزييف الحقائق باستخدام الفوتوشوب و برامج الاخراج السينمائي كما اعترف مخرج الإنقلاب مؤخراً بعظمة لسانه خالد يوسف !

      لقد كنت تلتمس اعذاراً للسيسي و زبانيته في الايام الاولى و خاصة حين كنت تعيش في الامارات ، فلما انكشف واسفر عن وجهه تجاه القضية الفلسطينية ، تغيرت مواقفك وصرت تمسك العصا من الوسط قدر الامكان !

      كن واضحاً يا أخي ، و لا يجرمنكم شنآن قوم على ان لا تعدلوا … اعدلوا هو اقرب للتقوى

  7. يقول Rabih:

    من اول الاجراءات التي قامت بها الثوره الاسلاميه في ايران عقب انهيار حكم الشاه هو اعتقال مئات من افراد الصفوف الاولى في الجيش الايراني وتنفيذ عمليات اعدام بحق المئات منهم وفرار مئات منهم الى الخارج وفي نفس الوقت تأسيس الحرس الثوري كبديل للجيش الذي كان من الممكن ان يقوم بثوره مضاده. وهنا كان خطأ مرسي انه لم يلجأ الى هذه الاجراءات.

  8. يقول احمد سامي مناصرة:

    نستأهل كل هئولاء…. الفساد يذبحنا ذبحاً… لإنجاز معاملة بسيطه بعمان او القاهرة ، عدد السماسرة المتدخلون في سبيل ذلك مذهل لدرجة ان فائدتك تذهب تماماً و تصبح في الجانب السلبي… الأمل مفقود…

  9. يقول احمد الأحمد ،امريكا:

    الانقلاب لم يتم على مرسي لانه إسلامي فقط ، الانقلاب كان سيتم على اي رئيس منتخب حتى لو كان أيا كان لأنهم ببساطه بعض الدول الاقليميه والدولية لا تريد لمصر ان تكون ديمقراطيه وحره لن مصر بديمقراطيتها سوف تصبح أقوى وأكثر احتراما من الشعوب والدول وهذا سيجلب ألقوه والنفوذ ، ولهذا تم الانقلاب

  10. يقول رؤوف بدران- فلسطين:

    ماحدث في مصر(ام الدنيا) هو نفس ما يتداوله اهل الصعيد من حكايات وخرافات , والاغرائات الوهمية التي كانت تتبعها ( النداهة ) لجلب ضحيتها لمحيط تواجدها وعندها يتم القضاءا عليها .
    ان من لم يمارس الديمقراطية ولو مرة واحدة في حياتة , تختطفه النداهة ليصبح في خبر كان دون ان يدري قوة المراوغة والاستحواذ الذي يمارس عليه .
    هذه هي حكاية السيسي والالف حرامي والسلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية