مستفيد حصري في الحالة الأردنية من حالة الغثاء والعويل التي طالت مؤخرا بعض الوجوه الجديدة في الوزارة. وهو بكل تأكيد يمثل تلك الجبهة التي تؤمن بإطفاء الكهرباء والعتمة فقط عندما يتعلق الأمر بالنقد أو حرية التعبير.
عملية «تشنيع» لا يمكن اقترابها من أخلاقيات وأدب التعليق والحوار طالت ثلاثة أو أربعة من الوزراء. هذه العملية هي أفضل هدية يمكن أن تقدم لأي مسؤول في درج السلطات وفي كل مكان من النوع الذي يحتقر حرية التعبير أو يؤمن بوضع قيود بالجملة على الشعب عندما يتواصل.
في الافق أصلا جدال حول قانون الجرائم الالكترونية الجديد والذي اعتبر ضمن حزمة التشريعات التي يريد الشارع إسقاطها.
عندما يجلس وزير في الحكومة تم التعرض له شخصيا وعائليا ما الذي يمكن أن يقوله أو يدافع عنه مقابل زميل له متشدد ومحافظ لا يؤمن بحرية التعبير؟ البحث في سيرة الأردنيين سلوك إيجابي ومفيد إذا ما تحولوا لرموز في الحياة العامة لكن السؤال هو ما الذي نخرج به بعد عملية البحث وكيف نعلق عليه خصوصا وأن الأردني العادي يقضي على الأقل أربع ساعات يوميا وهو يتفاعل بالحد الأدنى على «فيسبوك» أو «توتير» أو العالم الافتراضي.
العملية أشبه بـ «مغرفة كبيرة لا يمكن السيطرة عليها تغرف ما في جعبة المعطيات الافتراضية من قمح وتراب.
وثمة شأن كبير للنميمة على وسائط التواصل الاجتماعي وما يحصل أحيانا لا علاقة له بجدوى التفاعل والتواصل أو بحرية التعبير، والقصص التي تحاك ضد الناس هنا مماثلة لتلك القصص التي تحاك في مجتمعات جاهلة حيث لا يمكن لقصة أن تكون مقنعة أو محبوكة بل تزيد وتنقص وفقا لمقص الراوي ومن قام بعملية الغرف فتذوب الحقيقية وتعرض أجزاء منها فقط وتتوه التفاصيل ويتكرس الانتقائي العشوائي ثم يأتي الارتجال بدون مهارة أو تسييس عميق.
بالتالي يصبح الأمر أقرب لحالة نميمة جماعية مهووسة لا تفيد الوطن ولا تخدم المواطن وتخترع فيه القصص والأقاويل والتكهنات. لا بل تنتشر الشائعات وتتوسع الفبركات وتستخدم تقنيات التواصل في فبركة صور أو انتحال مقولات أو تزوير وقائع وأحداث.
ما الذي يمكن أن يفيدني كمواطن أردني إذا ما تحدث بعض من علية القوم والمحللين عن شراسة كلب وزيرة أو عن إخفاق أخرى في الكتابة العربية.
كيف يستفيد الوطن من صورة قديمة لشاب قرر بناء على صدفة ما أن يحمل طبلة في إحدى المناسبات ثم أصبح وزيرا لكي يتم التعامل معه باعتباره الوزير الطبال ثم تفبرك قصة عن عمل الوزير السابق في فرقة فنية.
لا يوجد أردني على الإطلاق إلا رقص يوما ما وحمل طبلا ولا يوجد أردني إلا رافق أوحتى ضرب كلبا.
وعدد الأردنيين الذين لا يجيدون الكتابة باللغة العربية أكثر بكثير من أن يحصى وبعضهم طوال الوقت في أعلى المناصب.
لا يوجد ما هو مفيد إطلاقا في أن نطلق اسم النقد أو مناقشة الشخصية العامة على مثل هذا الإسفاف فهو أقرب لابتذال ونميمة على شبكات تواصل الهدف منها صيانة حرية التعبير والمشاركة الإيجابية في التعليق والتواصل وإبداء الملاحظة.
المؤسسات الرسمية أصلا محتقنه بسبب سطوة وسائط التواصل وغلوها وتطرفها لا بل إرهابها في بعض الأحيان.
والخبثاء في بعض المؤسسات الرسمية يجيدون المتاجرة بكل مساحات البؤس الإعلامي والمهني لإنتاج المزيد من الذرائع والتشريعات التي تفرض قيودا على حرية التعبير وتحاول دوما الاستناد إلى تلك البضاعة الرديئة في تبرير الرقابة والقيد ولاحقا في تبرير العقوبات والقمع والمنع بما فيها الغرامات والسجن.
ما يفعله بعض الأردنيين ببساطة هنا إنتاج ذخيرة تمكن العرفيين والمتسللين وقوى الشد العكسي من إدامة الهجوم على مظاهر الانفتاح السياسي والإعلامي وتكريس كل مؤشرات التحكم بالمعلومات والمعطيات.
عندما تمارس حرية التعبير بطريقة مخجلة أو منحرفة أو غير منتجة يخلو الميدان لكل منظري الظلام والعتمة لأن السلطة في الماضي كانت تشجع وتحفز هذه الرداءة بسبب إنتاجيتها العامة في حجب حرية التعبير عن الجميع، وبالتالي توفير بنية تشريعية لتقييد أو ملاحقة أصحاب الرأي الحر والوطني الفعلي الراغبين في الإصلاح والتغيير.
لا يريد بعض المتفاعلين على الوسائط مغادرة السذاجة والسطحية في التعليق وفبركة الأخبار. تلك أفضل ذخيرة يمكن تزويد المعسكر المتشدد في النخب والبرلمان والدولة بها.
وتلك الوسيلة المثلى التي تمنع ليبراليين أو إصلاحيين أو دعاة حقوق التعبير والرأي من الدفاع عن قناعاتهم لا بل تحاصرهم لأنها تسمح بالمقابل للمعسكر الآخر بالانقضاض التام على حرية النقد والتعبير.
حصل ذلك في الماضي مع الصحافة الأسبوعية.
ثم حصل مع الصحافة الالكترونية.
وها هو يحصل مع وسائط التواصل الاجتماعي التي تحتاج لمجتمع يحركه الوعي والفهم لوظيفتها من دون ذلك من يكسب حتى اللحظة هم هؤلاء المؤمنون بالعتمة.
٭ إعلامي أردني من أسرة «القدس العربي»
بسام البدارين
الوزراء ببلادنا العربية مجرد وكلاء للحكام! حتى أن بعض رؤساء الوزارت آخر من يعلم ببعض الأحيان!! ولا حول ولا قوة الا بالله
اتفق معك ان الاخلاق يجب ان تكون مهيمنة لكن لا ينبغي ان نقبل تقييد الحريات مهما علا الكذب والافتراءات في محطات التواصل الاجتماعي . لا ينبغي ان نقبل أي عذر او أي حجة لتقييد الحريات لانه ببساطة من يكون وراء ترويج الأكاذيب هو نفسه من يريد ان يقمع الحريات . هنا في أمريكا نصبح ونمسي على الكذب على جميع الأصعدة الرسمية والإعلامية والتواصل الاجتماعي لكنا لم نسمع بأحد يسن قانونا واحدا يمنع هذا الكذب
ان التوغل على الحريات اخطر بكثير لانه سوف يدفعك الى نوع جديد من الكذب الناتج عن الخوف
صحيح ودقيق , جرى مثل ذلك أثناء نيابتي , فقد شجعت أسبوعيات على نشر أخبار لا ضرورة لها (أو بالأحرى إشاعات عن ممارسات فردية في اسر لم تقدم بها شكاوى قضائية او حتى اجتماعية) بمانشيتات بذيئة على غلافها .. ومن فوره قفز نائب كان انشق عن الأخوان ويعمل مباشرة مع الحكومة (جرى توزيره مكررا بعدها , مع ان الأخوان كانوا حينها حلفاء “النظام ” وليسوا معارضة حقيقة) ..ولوح بنسخة من الصحيفة في المجلس مطالبا بقانون مطبوعات متشدد.. كانت الحكومة قد أعدته مسبقا , فأبدت الأخيرة من فورها ما أسمته تجاوبها مع طالب نيابي محق وحملت مجالس النواب وزر ما جرى برفضهم محاولات “إصلاحها “لقانون المطبوعات .. حينها تصديت للنائب وللحكومة مبينة أنها لعبة وطالبتهم بتطبيق القوانين العديدة السارية حينها ( قانون مطبوعات وقانون عقوبات ) بتفعيل نصوصها التي تعاقب على أفعال تخدش الحياء .. وإن لم تكف ننظر في ما يلزم تعديله. .فتوقفت المحاولة لحين جرى حل مجلس النواب فأأصدرت حكومة المجالس قانون االمطبوعات المجهز مسبقا كقاتون مؤقت.