بيروت – «القدس العربي»: وصمة الإرهاب التي ألصقها الغرب بشعوب الدول العربية والإسلامية استفزت مجموعة من طلاب الجامعة اللبنانية الأمريكية فتجاوبوا باندفاع مع نص كتبه وأخرجه وشارك فيه كعازف الأرجنتيني مارتن لوباتو، الذي تميز بعزف الترومبيت، وتميز أكثر بالتعبير عن مشاعرنا كعرب وشرقيين حيال الإدانات المسبقة، التي يلاحقنا بها الغرب. فقال بكلمة مباشرة كعنوان للعرض «أنا لست إرهابيا»، فكان عرضاً فنياً تجريبياً. عرض جمع الموسيقى، الغناء، الرقص والتمثيل واستحق التصفيق.
تصدح موسيقى غاضبة، تترافق مع صوت غاضب ويحضر بالتوازي مع الصورة الإعلامية التي تُظهر ما لحق بنا من مآسي ودمار تحت راية مكافحة الإرهاب، بدءاً من الحرب على العراق، حيث توالت بعدها الفصول. من خلال فتحات علوية تشبه الفترينات، وأخرى موازية للمسرح يظهر عازفو الموسيقى. برز للنظر عازف العود بلباس سجناء غوانتنامو البرتقالي. غالبية من جسدوا العرض خضعوا لتمويه الوجه أو الأقنعة. شبان وشابات كان لباسهم الأفرول اللصيق بالجسم، ومنهم من أوحى لنا شكله بالمظهر الشيطاني. غنوا، مثلوا ورقصوا. عازف الغيتار ارتدى العباءة العربية السوداء المطرزة باللون الذهبي، وآخر عصّب جبينه بالكوفية الحمراء. ايقاعات مثيرة للانتباه وصلتنا، وموسيقى بكليتها تحاكي الروح. بعض من الإيقاعات ذكرنا بجنازير الدبابات، أو كأنه صوت صادر من تلامس بقاياها. موسيقى «أنا لست ارهابياً» فيها شجن وعتب على ظلم طال، وعلى حق يرفضون أن يظهر صوته. هي الموسيقى تتكلم وتقول ما عجز عنه اللسان. بالإنكليزية والعربية صدح الصوت الواحد منشداً «أنا لست إرهابياً». وبغناء الراب وصفوا معاناة الشباب العربي من وصمة الإرهاب. وعرجوا إلى غوانتنامو والمحتجزين في سجنها دون محاكمة «ليكو هالشب حياتو صارت للكب». شاب باللباس البرتقالي الشهير تُكبل يداه ورجلاه ويستجوب من رجال ونساء، ولا محاكمة ولا حكم يصدر بحقه.
أراد العرض الجامعي التجريبي البصري والسمعي المستند إلى مادة تمازجت من خلال الـ»ميديا» المعاصرة في هذه المرحلة القاتمة، أن يستنبط أفكاراً وأحاسيس قد يكون لها دور في خلق وعي بنّاء، وقد ينعكس ايجاباً على الوضعين الاقتصادي والسياسي. عرض أراد توجيه الانتباه وبالدليل والمعلومة لكيفية تعامل الغرب مع المواطنين العرب، نظرة الريبة تلاحقهم، والشك قائم حتى لو ثبت عكسه. فقط لأنهم ولدوا على هذه الأرض. أسئلة كثيرة طُرحت للنقاش، ليس فيها ما يلمح ولو من بعيد بقبول الإرهاب، بل يجاهر برفضه. والمطلوب إعادة النظر بواقع التعامل مع المواطنين العرب. والبحث بفعل الإرهاب بحد ذاته. والأسئلة المطروحة في هذا الجانب تحديداً من نوع صلة الإرهاب بالقوة. الدين. السلطة. القمع أو سيطرة الخوف. أسئلة كثيرة تركت نقاشاً على مدار يومي العرض وما تلاهما دون شك. عمل مسرحي وحيد من المفترض أن يستجلب عروضاً أخرى كي يرتفع الصوت أكثر بقول الحقيقة، لا أن يبقى الإعلام الغربي المنافق متحكماً بنشر سيرة مجافية للحقيقة عنا، ويرفع عن ذاته ـ أي الغرب ـ المسؤولية.
زهرة مرعي