رام الله ـ «القدس العربي»: أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس الأحد، أن متابعة جهود السلام تتطلب إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف تحت مظلة الأمم المتحدة.
وجدد التأكيد، في كلمة أمام قمة الاتحاد الأفريقي حسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، على أن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قد جعل الولايات المتحدة طرفاً منحازاً لإسرائيل، ما يعني أنها «استبعدت نفسها كوسيط في عملية السلام، وبذلك فإنها لن تكون قادرة على أن تقترح حلاً عادلاً ومنصفاً لتحقيق السلام في الشرق الأوسط».
وشدد على أهمية التزام جميع الدول بالامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في القدس، وعدم الاعتراف بأية إجراءات أو تدابير مخالفة لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس والقضية الفلسطينية.
وبين أن «مواجهة الاستعمار والعنصرية والظلم والتأكيد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، هي قضايا مشتركة بين فلسطين وشعوب القارة الأفريقية».
وعبر عن الامتنان والعرفان»لدول الاتحاد على مواقفها التضامنية المبدئية والداعمة للقضية الفلسطينية، والتي تجلت بوضوح في التصويت الأخير في الأمم المتحدة المتعلق بالقدس».
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت في الشهر الماضي قرارا أكدت فيه أن أي قرارات أو إجراءات يقصد بها تغيير طابع مدينة القدس أو وضعها أو تكوينها الديموغرافي ليس لها أثر قانوني وتعد لاغية وباطلة ويتعين إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وشدد القرار على أن مسألة القدس هي إحدى قضايا الوضع النهائي التي يتعين حلها عن طريق المفاوضات وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وفي الموازاة، أكد نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية والشؤون الخارجية، عزمه الطلب من اليابان و»كوريا الجنوبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها.
وأوضح في بيان أنه سيطالب اليابان بأن «تكون جزءا من إطار دولي متعدد الاقطاب للإشراف على عملية السلام، ردا على قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس».
ويبدأ شعث اليوم الإثنين زيارة لليابان يلتقي خلالها بوزراء وأعضاء في البرلمان وممثلي جمعيات، وعلى جدول أعماله أيضا زيارة كوريا الجنوبية.
وِأشار إلى أنه سيحث اليابان على «الاعتراف بدولة فلسطين، إضافة إلى تقديم دعم إضافي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)». وبيّن أن هذه الخطوة تأتي في «إطار الحراك الفلسطيني على المستوى الدولي، ردا على اعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل».
وحسب البيان «شعث سيبحث كذلك مع وزير خارجية كوريا الجنوبية، الاعتراف بفلسطين، وتعزيز الدعم المالي والسياسي». وفي السادس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي قرر ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وقال إنه سيقوم بنقل السفارة الأمريكية إليها، الأمر الذي دفع بالفلسطينيين لعدم قبول أي دور للولايات المتحدة في أي عملية سلام والبحث عن بديل دولي.
في السياق، لفت صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن الخطوات الأمريكية الأخيرة بخصوص القدس واللاجئين الفلسطينيين «وصفة لتوسيع دائرة العنف في المنطقة».
وأعتبر في بيان أن قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، والقول إنه تم إسقاط ملف القدس من المفاوضات، يعتبر وصفة لتوسيع دائرة العنف والفوضى والتطرف وإراقة الدماء، ليس فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين بل وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط».
إنهاء الاحتلال
وأشار إلى أن «المدخل الوحيد لإرساء دعائم السلام في المنطقة يتطلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتكريس استقلال وسيادة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل».
كذلك جدد رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، تأكيده على التزام القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس بمتطلبات العملية السياسية وحل الدولتين، مطالباً المجتمع الدولي لا سيما الاتحاد الأوروبي، بإلزام إسرائيل بوقف إجراءاتها في تقويض هذا الحل، لا سيما توسعها الاستيطاني وحصارها المفروض على قطاع غزة، ووقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين.
ودعا، خلال لقائه رئيس الوزراء البلجيكي السابق إيليو دي ريبو، بلجيكا إلى «الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كخطوة عملية لدعم حل الدولتين. وثمن الدعم البلجيكي السياسي والمالي المستمر لفلسطين، والذي كان آخره زيادة المساعدات المقدمة للأنروا، وتخصيص 23 مليون دولار لصالحها، خاصة أنها تأتي في ظل تقليص الرئيس ترامب للمساعدات الأمريكية للوكالة».
رد فلسطيني على التهديد بالعقوبات
إلى ذلك، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف إن فرض الإدارة الأمريكية مزيدا من العقوبات، على الفلسطينيين لن يجبرهم على تغيير مواقفهم، أو القبول بها مجددا كوسيط لعملية السلام.
ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أول أمس عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الولايات المتحدة تدرس فرض مزيد من العقوبات ضد السلطة لأنها لا تزال «ترفض الجلوس لإجراء محادثات مع إسرائيل، ومنها إغلاق مكتب المنظمة وإعادة سفيرها في واشنطن حسام زملط الى رام الله».
وفي هذا السياق، أكد أبو يوسف أن التلويح الأمريكي المستمر بإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن «لا يؤثر على الجانب الفلسطيني ولا على قراراته.
وأضاف:» عمليا قرار إغلاق مكتب منظمة التحرير، موجود، لكنه مجمد منذ 3 شهور، مضى شهر وبقي شهران، لا شيء سيتغير».
وقررت واشنطن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إغلاق مكتب منظمة التحرير، قبل أن يتم تجميد القرار لمدة تسعين يوما.
وقررت الإدارة الأمريكية، الشهر الجاري، تجميد نصف المساعدات السنوية التي تقدمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، المقدرة بنحو 130 مليون دولار.
وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في دافوس قبل يومين، بقطع كل المساعدات النقدية للسلطة ما لم توافق على استئناف المفاوضات مع إسرائيل، كما انتقدها بشدة بسبب مقاطعة نائبه مايك بنس عندما زار المنطقة أخيرا، واتهمها بإهانته.
وشدد أبو يوسف على أن السلطة الفلسطينية «لن تتأثر بقرار قطع المساعدات الأمريكية»، مشيرا الى أن «الإدارة الأمريكية تحولت الى شريك مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، بدل أن تكون وسيطا وراعيا لعملية السلام».
وتقدم الولايات المتحدة 3 أنواع من المساعدات للفلسطينيين، وتقدر بنحو 400 مليون دولار، كما قال أبو يوسف. وأشار إلى أنها تنقسم إلى مساعدات تقدم على شكل مشاريع من خلال المؤسسات الأمريكية، وأخرى لوكالة الغوث (أونروا)، وأخرى لخزينة السلطة الفلسطينية وللأجهزة الأمنية.
فادي أبو سعدى: