عرب قادمون بقوة وآخرون يتمسكون بالأمل!

حجم الخط
0

 

لندن ـ «القدس العربي»: انعكست ثورة التصحيح التي قادها رياض محرز قبل عامين واستكملها محمد صلاح هذا الموسم، بشكل إيجابي جدا على شخصية وأداء بعض اللاعبين العرب المحترفين في أوروبا، وهؤلاء من يشعرون بالغيرة الكروية «المشروعة»، أو بالأحرى من صدقوا أن اللاعب العربي قادر على فعل أي شيء، وعلى النقيض تماما، البعض الآخر اصطدم بالواقع المرير، ولم يُحالفه التوفيق لتحقيق حلمه مع ناديه، وما زال يتشبث بالأمل الأخير في نهائيات كأس العالم.
ولنكن مُنصفين، دعونا نبدأ بالمجتهدين، وأبرزهم بشكل واضح الصديق الصدوق لمحمد صلاح، المصري محمود حسن تريزيغيه. لاعب تكتيكي من النوعية المُفضلة للمدربين الذين يُقدرون اللاعب الذي يُبدع في أكثر من مركز، بالمُصطلح الكروي الدارج «لاعب جوكر»، بالإضافة إلى ذلك، يملك ميزة صلاح، بالانطلاق بالسرعة القصوى من ثاني أو ثالث خطوة، كانت مشكلته في السابق، التفنن في إهدار الفرص السهلة واختيار الحل الفردي على حساب الجماعي في بعض المواقف الحاسمة أمام المرمى، لكن بعد خروجه من الأهلي، تخلص من هذا الداء بشكل تدريجي مع اندرلخت، رغم قلة مشاركته.

لا يأس مع الحياة

وكما لم يرفع صديقه الراية البيضاء بعد تجربته المُحبطة مع تشلسي، هو أيضا رفض الحل السهل بالعودة إلى الأضواء في القاهرة، وفَضل مواصلة الكفاح في القارة العجوز، بالموافقة على الذهاب لموسكرون على سبيل الإعارة لمدة عام، ليستعيد حساسية اللعب من جديد، وهناك أبلى بلاء حسنا بترك انطباع جيد في 20 مشاركة، ومع ذلك لم تقتنع إدارة اندرلخت بأحقيته في المنافسة على مكان في التشكيلة الأساسية، وأرسلته إلى تركيا، لإعارة أخرى لنادي قاسم باشا، ليخطف الأضواء بعروض لا تُصدق، آخرها مواجهة طرابزون سبورت، التي سجل خلالها هدفين وصنع ثلاثة، منها هدف عالمي بتسديدة بوجه القدم الخارجي من على حدود منطقة الجزاء في المكان المستحيل للحارس، والآن بدأ يخطف أنظار أندية إنكليزية وأوروبية، ويُقال أن إيفرتون وليستر في مقدمة الراغبين في الحصول على توقيعه، بعد بصمته الواضحة التي وصلت لتسجيل 13 هدفا وصناعة ثمانية، ليكون أحد المُرشحين بقوة لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري التركي، الذي يضم أسماء من نوعية نغريدو وسفيان فيغولي وكواريشما وبقية النجوم المحليين.
ولا ننسى أن تريزيغيه من اللاعبين المُفضلين جدا لمدرب المنتخب المصري هيكتور كوبر، وفي تشكيلة الفراعنة، يؤدي دور الجناح الأيسر المُطالب بمهام دفاعية أكثر من الهجومية، ولأنه من طينة الموهوبين، يؤدي الدور كما يُريد المدرب وربما أكثر، لمساهمته في إيجاد مساحة لصلاح في الأمام، ويكفي أنه كان المتسبب في ركلة الجزاء التي أهلت بلاده إلى كأس العالم، وبطبيعة الحال، إذا ظهر بمستواه الحالي في المونديال، من المؤكد سيحصل على عروض أقوى من «التوفيز» والثعالب.

زياش وجاره

وضع الموهوب الفرنسي زياش لا يختلف كثيرا عن تريزيغيه، بل يُمكن اعتباره أوفر حظا، كونه أجاد بشكل أكثر من رائع مع العملاق الهولندي أياكس للعام الثاني على التوالي، بتسجيل تسعة أهداف وصناعة 15 من مشاركته في 34 مباراة في موسم الإيرديفيشي، والأهم التطور الهائل في مستواه، خصوصا في الشق الجماعي، بالتقليل من المراوغة واختيار الوقت المناسب للفصل بين اللعب الفردي والجماعي، وهذا جعله من الأسماء المُرشحة للانتقال لأحد الأندية الإسبانية أو الإنكليزية بعد كأس العالم، وتألقه بشكل لافت أمام إسبانيا والبرتغال، سيُعزز فكرة تقدمه خطوة هائلة إلى الأمام في رحلته الاحترافية، بعد تأزم علاقته بالجماهير في أعقاب الهزيمة أمام فينورد بالثلاثة في الجولة الـ30، والتي دفعته لإظهار رغبته في الرحيل، بمسح كل صــوره مع أياكـــس في صفـــحاته على مواقع التواصل الاجتماعي.
أيضا الجزائري ياسين براهيمي، قدم مستوى رائعا مع بورتو، ولغة الأرقام عادة لا تكذب، حيث تقول أنه سجل تسعة أهداف وصنع سبعة في 31 مباراة، ولولا سوء طالعه، لكان في سجله التهديفي ضعفا رقمه، بإهداره ثمانية أهداف مُحققة، لكن بوجه عام، لا أحد ينكر أن محارب الصحراء كان من المؤثرين الذين ساهموا في عودة اللقب بعد غياب أربع سنوات، ويُقال أنه اتخذ قرار الرحيل، ويُفاضل بين عدة عروض أبرزها من نيوكاسل وإيفرتون في إنكلترا وروما والإنتر من إيطاليا، وهناك من كان في طريقه لإنهاء الموسم بشكل مثالي لولا لعنة الإصابة، والحديث عن الجزائري الآخر فوزي غلام، الذي قضت إصابة الرباط الصليبي على حملته المُثيرة مع نابولي. ومن المفاجآت السارة، ظهور المصري أحمد حجازي بمستوى مقبول مع وست بروميتش ألبيون رغم هبوطه من الدوري الانكليزي الممتاز، والأمر ذاته لمواطنه محمد النني في النصف الثاني من الموسم، وقائمة طويلة من الأسماء التي اجتهدت، كالعراقي علي عدنان الذي بدأ موسمه بشكل جيد مع أودينيزي وتراجع بعض الشيء في أوقات متفرقة على مدار الموسم، والجزائري سفيان حني مع اندرلخت، علما أننا لم نذكر النجم العربي الكبير مهدي بنعطية، كونه تخطى هذه المرحلة، ولا حتى الأسماء المحلية التي تلعب مع السعودية ومصر والمغرب وتونس وسيكون لها حظ اللعب في المونديال، كلها مؤشرات الى أن اللاعب العربي الذي يملك الموهبة والعقلية ستزداد قيمته في المرحلة المقبلة، خاصة لو رحل الفرعون عن «أنفيلد» بمبلغ فلكي كما تُشير التقارير في إنكلترا وإسبانيا.

القادم أفضل

شعار رفعه كل من جانبه التوفيق للسير على خطى محرز وصلاح، منهم على سبيل المثال الشاب المصري رمضان صبحي، الذي كان البعض يتوقع تألقه بشكل لافت أكثر من صلاح. نعم هذه حقيقة وليست مزحة، قبل خروجه من الأهلي، كان المنافس قبل المؤيد يشهد بمهاراته الفذة، التي وصلت في يوم من الأيام، للوقوف على الكرة بشكل استعراضي مُبالغ فيه أمام الزمالك في مباراتي قمة، لكن سرعان ما عاد لنقطة الصفر بعد انتقاله إلى بلاد الضباب، بمعاناة للتأقلم على لعب أدوار دفاعية مع مدربه مارك هيوز، عكس ما كان يفعله مع فريقه المحلي، والأسوأ من ذلك، أنه كان يحصل على دقائق معدودة في بداية مشواره مع ستوك، ما أفقده ميزة «المرونة» في المراوغة، عندما يأتي من منتصف الملعب ووجهه للمرمى من الجانب الأيسر، الآن تّحولت هذه الطاقة، لمُجرد شبح غير قادر على المرور في موقف لاعب ضد لاعب، من الإفراط في الاعتماد عليه في أدوار دفاعية، سواء مع فريقه أو المنتخب مع كوبر، وما زاد الطين بلة، هو هبوط الفريق، وهو أسوأ حدث ممكن ان يواجهه صبحي في حياته، لاختلاف أسلوبه مع طريقة اللعب في «تشامبيونشيب»، المعروف بقوته التي تصل لدرجة الخشونة الزائدة، لكنه يعيش على أمل تقديم مستوى جيد في كأس العالم، ليتلقى أي عرض بعيدا عن جحيم دوري القسم الأول الإنكليزي.
اسم آخر يواجه المجهول في الوقت الراهن، المغربي سفيان بوفال، بعد تجربته الصعبة مع ساوثهامبتون، التي اكتملت باستبعاده من قائمة الفريق الأول، وقبلها عانى الأمرين لتثبيت أقدامه في التشكيلة الأساسية، ليُصبح مُهددا بفقدان مكانه في قائمة هيرفي رينار، التي ستُدافع عن أسود أطلس في روسيا، وعلي جبر لم يكن محظوظا مع البيون ببقاء المدافع جوني إيفانز، الذي حرمه من الظهور في أي دقيقة منذ قدومه من الزمالك على سبيل الإعارة في يناير الماضي، كذلك إسلام سليماني لم يستغل فرصة انتقاله لنيوكاسل، بعد الفترة الصعبة التي عاشها مع ليستر في بداية الموسم، وفي الأخير لخص موسمه الصعب، بخروجه عن النص في لقطة تهوره على كريغ دوسون، التي كلفته عقوبة الإيقاف عن آخر 3 مباريات لجيوش المدينة في الدوري، وآخرون كان يُنتظر منهم الظهور بمستوى أفضل.

عرب قادمون بقوة وآخرون يتمسكون بالأمل!
بعد تألق محرز وصلاح في أوروبا
عادل منصور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية