عشية الذكرى الثانية للثلاثين من يونيو.. «القدس العربي» تستطلع آراء سياسيين وحقوقيين في المشهد المصري

حجم الخط
3

القاهرة ـ «القدس العربي»: تحل بعد غد الثلاثاء الذكرى الثانية لمظاهرات الثلاثين من حزيران/يونيو التي كانت منطلقا لتغييرات دراماتيكية تعيش مصر آثارها حتى اليوم. وتصادف المناسبة شهر رمضان المبارك الذي يعزف فيه أغلب المصريين عن الاهتمام بالسياسة، إلا ان هذا لم يمنع وجود حالة من الجدال العام حول استمرار عدد كبير من المشاكل وخاصة الاقتصادية، ناهيك عن حالة من الإنسداد السياسي، والقلق من عودة انتهاكات الشرطة لما كانت عليه قبل ثورة كانون الثاني/يناير.
وعشية الذكرى استطلعت «القدس العربي» آراء وشهادات عدد من السياسيين والحقوقيين والأحزاب المصرية، حول رؤاها للأوضاع السياسية والاقتصادية والحقوقية، في ضوء ما تحقق أو لم يتحقق من أهداف والتحديات التي ما زالت تواجه المسيرة الصعبة للمصريين.
المهندس ممدوح حمزة الناشط السياسي قال «لن يهمني من ما تحقق أو لم يتحقق غير أهداف الثورة التي فز بها الشعب المصري مرة وقام بها مرة أخرى لكي يصلح المسار وتلك الأهداف لم يتحقق منها سوى 10٪ «.
أما جمال اسعد، الكاتب والمفكر القبطي، فقال «الأهداف الثورية هي أهداف في الفضاء المطلق وبالتالي فإن تطبيقها يرتبط بظروف خاصة بالوضع الاقتصادي والثقافة السائدة وكم الفساد الموجود والرؤية السياسية التي يمتلكها النظام والحكومة. هناك عوامل كثيرة لتطبيق هذه المبادىء على أرض الواقع، فمعنى ان 25 يناير و30 يونيو رفعا شعار العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية فهذا يعني انه في غياب الثورة الحقيقية وغياب النظام الثوري الحقيقي فإن 25 يناير و30 يونيو هي هبات جماهيرية حقيقية ولكنها لم تقم عن طريق تنظيمات ثورية، وبالتالي لا يوجد تنظيم ثوري ولا رؤية ثورية حقيقية تبرز سلطة ثورية تطبق مبادىء الثورة، هبات جماهيرية أسقطت النظام الحاكم وجاءت باالحالي عن طريق الانتخابات وليس عن طريق الثورة، فلا يمكن إلا ان نقول ان نظام السيسي هو نظام إصلاحي أكثر منه ثوريا، وإصلاحي بمعنى انه يحاول تنفيذ مطالب الجماهير التي خرجت في 25 يناير و30 يونيو».
وأضاف «السنة الأولى للسيسي اهتم فيها بالسياسة الخارجية لتحسين صورة مصر واستعادة دورها الاقليمي والعربي والدولي بعيدا عن المواجهات والتحديات التي قام بها العالم الغربي وأمريكا لمساندة الإخوان في مواجهة النظام في 30 يونيو، ولكن على المستوى الداخلي لا نستطيع ان نقول ان ما تم على المستوى الخارجي يتناسب مع ما تم في المستوى الداخلي وخاصة في مجال تركيز وتأكيد وترسيخ وتطبيق العدالة الاجتماعية للمواطن العادي. كما ان النظام لم يقترب من الطبقات الغنية التي تتهرب من الضرائب ولن تساهم في تطوير مصر أو في عمالة استثمارية حقيقية، فهذه نقطة ضعف السنة الأولى ونتمنى في العام المقبل ان يكون هناك اهتمام أكثر بالسياسة الخارجية والداخلية».
الدكتور احمد عبد الحفيظ، نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان يقول «من الناحية السياسية الوضع أكثر استقرارا وأمنا، والدولة إلى حد كبير بدأت في لملمة أطرافها وبدأ انتظام العمل التقليدي في سائر المنظمات، ومن الواضح ان الرئيس السيسي مهيمن على الأمور بشكل أو بآخر حتى مع وجود الصراعات حوله، وهو من يقوم بكل شيء ابتداء من العلاقات الخارجية إلى المصالحة بين الأحزاب في الخلافات الداخلية بينهم، ولكن بالتأكيد الوضع السياسي لم يكتمل. فحتى الآن لا يوجد برلمان ولا صورة أو معالم واضحة له ولا يوجد دعم للأحزاب السياسية كما تمت السيطرة على المظاهرات الإخوانية بشكل كبير وتقليم أظافرها وتحجيمها وإنهاء أهميتها، كما حصل نجاح كبير في مكافحة الإرهاب وتم حصر العمليات».
وأضاف «على المستوى الاقتصادي فإن مشروع قناة السويس هو الأساسي للرئيس السيسي، على الرغم من انني من القلة غير المرجحة لهذا المشروع ولدي العديد من التحفظات عليه، الوضع الاقتصادي بشكل عام يسير بشكل أفضل وأوضاع الكهرباء والمياه تحسنت بصورة كبيرة، كما ان الأسعار أيضا شبه مستقرة».
وأكد «ان الوضع الانساني والحقوقي شديد الارتباك ويشهد انتهاكات شديدة والأوضاع في السجون بائسة، ويعد الوضع الحقوقي من اسوأ ما مرت به مصر على مدار العام الماضي، فالسجون مليئة بالمواطنين بلا محاكمات وربما بلا أسباب واضحة للحبس، كما ان ظاهرة الاختفاء القسري زادت والحريات السياسية في النقد ليست على ما يرام».
وقال احمد ماهر عضو الهيئة العليا لحزب الوسط «منذ 30 حزيران/يونيو وحتى الآن تدل كل المؤشرات وما حدث لمصر على الساحة السياسية والاقتصادية على اننا نمر بفترة عصيبة جدا، منذ هذا التاريخ ومنذ هذه الذكرى التي ترتبت عليها بعض الأمور جعلت الجيش يتولى السلطة في البداية بطريقة غير مباشرة ثم بطريقة مباشرة عن طريق تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية. ومنذ ذلك الوقت والوضع في مصر غاية في السوء والصعوبة وهناك تدهور كبير في الحريات وفي المسار السياسي كبير جدا وعدم وجود برلمان حتى الآن، كما توجد حالة من الكراهية وبث الأخبار الكاذبة ومهاجمة التيارات المختلفة في الإعلام، وعلى المستوى القضائي رأينا أحكاما قضائية فيها اعدامات بالجملة وقتل للمواطنين في الميادين جعلت العالم كله ينظر لمصر وقضائها بصورة مزرية جدا. مصر مرت بأسوأ فترة في تاريخها منذ 30 يونيو وحتى الآن على جميع المستويات».
اللواء محمد غباشي، نائب رئيس حزب حماة الوطن، قال»أهم ما تحقق هو انهاء حالة سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة وهذا ما كان يعاني منه الكثير من المواطنين، إضافة إلى عودة الدور المصري العربي والاقليمي وهذا ما تمثل في اللقاءات المصرية مع الدول العربية والافريقية والزيارات التي تمت من وإلى اوروبا ما يعطي ثقلا لمصر، وبالتالي فإن مصر عادت بقوة إلى موقعها المناسب لها تاريخيا على جميع المستويات».
وأضاف «من الناحية الاقتصادية حدث تحسن كبير، مثل النجاح في تطبيق منظومة الخبز والقضاء نهائيا على هذه المشكلة، وتطبيق منظومة الحد الأدنى والأقصى للأجور بالإضافة إلى مشروع قناة السويس الذي سيوفر الكثير من فرص العمل».
خالد الزعفراني الباحث في شؤون الإسلام السياسي قال، «ثورة 30 يونيو حققت للشعب المصري استقرارا ونجاة من المصير الذي حدث للكثير من الدول حولنا مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن، كما حققت استقرار الدولة وأمن المواطنين. وتحققت مشروعات عملاقة مثل قناة السويس وغيرها، الأوضاع التي كانت وصلت إليها مصر كانت سيئة للغاية وبالتالي فإنها تحتاج الكثير من الجهد والوقت، ومع الوقت سنشهد تحسنا في الوضع السياسي والاقتصادي، وفي ظل الوضع الدولي والاقليمي فلاشك ان مصر تبذل أقصى ما بوسعها ولكن هناك ظروفا صعبة تواجه الحكومة الحالية».
أما السفير معصوم مرزوق، القيادي في حزب التيار الشعبي، فقال «30 يونيو هي موجة ثانية من ثورة الشعب المصري وكانت تعبيرا مجسدا عن الأهداف التي خرجت بها الثورة الأصلية في 25 يناير وهي الحرية والعدالة الاجتماعية، واذا نظرنا اليوم فسنرى ان خريطة الطريق التي التزمت بها القوى التي اصطفت في ذلك اليوم لا تزال حتى الآن «خريطة بلا طريق»، وهذا يعود إلى ان الرؤية السياسية غائبة، كما شهدت الفترة السابقة بدون شك انحسارا هائلا للحريات وحقوق الإنسان وكانت الذريعة دائما هي الحرب ضد الإرهاب بالرغم من ان هذه الحرب شهدت اخفاقات حيث انها اقتصرت على الجانب الأمني ولم تشتمل مواجهة فكرية حقيقية ومواجهة اقتصادية لان الفقر هو الأرضية الخصبة التي تمد الإرهابيين بالمزيد من المقاتلين وأيضا الرؤية السياسية لانه في مواجهة أي ظاهرة اجرامية فلابد وان تكون هناك رؤية حول كيفية استقرار المجتمع، كما ان هناك فشلا في قيام البرلمان وفي ملف العدالة الاجتماعية بالرغم من وجود وزير يحمل الحقيبة ولكنه يحملها فارغة».
وأكد «ان النظام الجديد مُتبني للسياسات التي كانت مطبقة ومتبعة في عهد مبارك نفسها، حيث كان هناك منهج وطريق بالرغم من عدم موافقتنا عليه ولكنه كان موجودا، والآن هناك رؤية مشوهة لاقتصاديات السوق وبالتالي تؤدي إلى نتائج غاية في التشوه لانها مضاربات عقارية سوف تؤدي لزيادة أسعار العقارات وزيادة نسبة التضخم بشكل غير مسبوق والمؤشرات تدل على وجود الكثير من المشاكل مستقبليا، فلابد وان ينتبه النظام إلى ما يحدث حاليا وان يعود إلى ما نادى به الشعب».
ويقول خبير العلاقات الدولية الدكتور سعيد اللاوندي «سياسيا استعادت مصرهيبتها الدولية وعلاقتها بالقارة الافريقية، والأزمة مع اثيوبيا انتهت تماما، وأصبح هناك تنسيق كامل بين مصر ومجلس التعاون الخليجي، كما ان تغير النظام السياسي جعل الدول الاوروبية تقول ان ما حدث يعد انقلابا وكانت تُعادي مصر ولكن اليوم اصبحت العلاقات جيدة جدا بالكثير من الدول الاوروبية ومصر رفعت شعار مسافة واحدة بين الجميع والانفتاح على جميع الدول العربية والاوروبية. مصر تعيش حالة من التحول الديمقراطي وتسير في الاتجاه الصحيح».
الدكتور ماهر هشام، الخبير الاقتصادي قال «على المستوى السياسي نجد ان مصر عادت لمكانتها الاقليمية والعربية وخاصة بعد استضافتها القمة العربية وتواجدها في قمة الاتحاد الافريقي وحل مشكلة حوض النيل، وعودة مصر بقوة عن طريق تواجد الرئيس السيسي في قمة الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة وكلمته الشهيرة لمواجهة التيارات التي تحالف الإرهاب. كما ان مصر شاركت في عاصفة الحزم وجهودها المبذولة لاحتواء الأزمة العراقية والسورية حاليا وأصبحت الضامن والحامي للوطن العربي. واستضافت مصر مؤتمر القبائل الليبية لحل الأزمة الليبية، وهذا هو الجانب الايجابي، أما الجانب السلبي الذي يؤخذ على الحكومة في العلاقات الخارجية يتضمن ان الرئيس السيسي لا يتعامل على انه رئيس دولة فقط بل يحمل أيضا الحقائب الوزارية مما أظهر قصورا في حقيبة وزارة الخارجية والتعاون الدولي بشكل كبير».
وأضاف «اقتصاديا فإن أبرز المشروعات هي قناة السويس الذي بني بسواعد وأموال مصرية دون الحاجة إلى رهن أموال الدولة أو بيع أصولها، وما تلاها بعد ذلك من مجموعة مشروعات مثل المشروعات اللوجيستية والمدن الصناعية الجديدة وقناة السويس التي ستعمل على زيادة ايرادات القناة من 10 إلى 100 مليار تقريبا في السنة».

منارعبد الفتاح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    مختصر ما حصل بمصر بعد سنتين من الانقلاب
    1- الفقير ازداد فقرا والغني ازداد غنى
    2- فقد الحريات بشكل مطلق والغاء حقوق الانسان
    3- الاعتقالات السياسية بعشرات الآلاف لرافضي الانقلاب
    4- انتهاء عهد محاسبة الفاسدين بسبب اشتراكهم مع العسكر بالانقلاب

    أين الانجازات يا انقلابيين ؟

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول R. Ali USA:

    سيسي أرحل … سيسي أرحل!

  3. يقول محمود الكمالي:

    طوال هذين العامين، اي حتي بث مسلسل ” استاذ ورئيس قسم “، كنا مخدوعين نعتقد بأن الشعب المصري وشبابه هم من صنعوا ثورة 25 يناير بينما الحقيقة ان الصانع هو عادل إمام.
    انتقل هذا الرجل من احتلاب الشهرة والنجوميه من اللعب بقضايا البلاد من مكافحة الارهاب الي مكافحة اسرائيل، الي تشويه اعظم حدث في تاريخ مصر مستغلا ، كما اعتقد ، قابليتنا للتجاوب مع فكرة المستبد العادل. في كل مسلسلاته شخصية عادل امام تجمع بين القدرة علي حل المشاكل، اصدار الاوامر للاخرين ، الحنو والعطف ( صورة الاب التي نعرفها في زعمائنا ). هذه وغيرها هي بالضبط صفات المستبد العادل وعندما تختلط مع موهبة كوميديه يتشكل المزيج القاتل لوعينا مما سمح بتحويل اتجاه الثورة الي نقيضها بدلا من تصحيح مسارها بالصراع الديموقراطي ضد سياسات الاخوان المسلمين.

إشترك في قائمتنا البريدية