عقول شاخت وترهلت تسيطر على مؤسسات الدولة… والجماهير مشغولة بمعركتها مع الفقر والجوع

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» : لا شاهد عيان على أن الشهر الكريم يخيم على المنطقة العربية، فباستثناء محلات بيع الحلوى الرمضانية، وما تيسر من موائد الرحمن، فإن الأجواء متخمة بأنفس مرهقة أعيتها الأزمات المتلاحقة، وسوء الأوضاع التي تشهدها بين هزائم شخصية ومعارك يومية من أجل الحق في الطعام، وبات التخلص من دوامة الفقر والجوع التي تركها الديكتاتور مبارك، هي أسمى أمانيها.
وبما أن القدس تذهب لمعركتها اليومية ضد مغتصبها وحيدة.. ولأن دمشق ما زالت تنزف وبغداد عبرت للمتاهة، وطرابلس تأكل أبناءها، وصنعاء تتشح بالسواد ورام الله وغزه ليستا على وفاق رسمي، فمن الطبيعي أن تظل القاهرة خارج أقلام الكثير من الكتاب، موجهة شطر تل أبيب تخاطبها كطفلة يتيمة، فيما الهجوم على الغزاويين لا ينتهي على مدار الساعة.
وفي الصحف المصرية الصادرة أمس الجمعة 17 يونيو/حزيران، ارتضى بعض الكتاب أن يصور الفلسطينيين باعتبارهم خونة ولصوصا، فيما بدت شخصية الإسرائيلي محبة للسلام وراغبة في الحياة، وهي وجهة نظر تجد القبول بالطبع لدى نظام ارتضى لنفسه أن يغيّب من ذاكرة الجماهير رموزا عظيمة مثل، صلاح الدين الأيوبي، ذلك البطل الذي حرر بيت المقدس قبل أن يصل به الأمر لأن يتم اجتثاث تاريخه من التدريس في المناهج التعليمية، من أجل ضم أجزاء من دروس تشيد بحب إسرائيل للسلام وإلى التفاصيل:

إسرائيل عاجزة عن شكرنا

البداية من واشنطن إذ يهتم محمد المنشاوي عبر «الشروق» بالترحيب الإسرائيلي البالغ للسلطة الجديدة في مصر، لأنها أقدمت على ما عجز مبارك عن فعله بشأن تجميل وجه إسرائيل وإسقاط حق الفلسطينيين في المقاومة.. لنستمع للمأساة: «تتحدث دراسة أجرتها الدوائر الإسرائيلية في الولايات المتحدة عن مناهج الصف الثالث الإعدادي من خلال استعراضها لكتاب «جغرافية العالم، وتاريخ مصر الحديث»، الذي طبعته وزارة التعليم للعام الدراسي 2015ــ2016. وتركز الدراسة على ما تعده تغيرا كبيرا في عرض صورة إسرائيل، من خلال الترويج لـ«ثقافة الصراع»، واستبدالها بالترويج لـ«ثقافة السلام». وتذكر الدراسة أن هناك تركيزا مصريا جديدا، لم يوجد من قبل، على الترويج لـ«دروس الحرب والسلام مع إسرائيل»، والتركيز على القيمة الاستراتيجية للسلام. وترصد الدراسة ثلاثة اتجاهات عامة انتقلت معها الإشارة لصورة إسرائيل، بعد معاهدة السلام، من مجرد دولة عادية إلى دولة صديقة لتلاميذ المرحلة الإعدادية.
الاتجاه الأول يركز على المزايا الاقتصادية للسلام مع إسرائيل. والاتجاه الثاني يركز على شرعية إسرائيل في عملية السلام، وترصد أنه وللمرة الأولى يتم وضع صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن مع الرئيس السادات، بعد توقيع اتفاقية السلام في أحد كتب هذه المرحلة. ويشمل عرض اتفاقية السلام تحليل أسباب التوقيع عليها ويذكر أن لمعاهدة السلام مزايا لمصر والعالم العربي، منها ما يتعلق بأهداف أوسع، كمكافحة العنف، والتطرف والإرهاب، من دون الإشارة لعودة حقوق مغتصبة. الاتجاه الثالث يعتمد على تقليل عدد الصفحات التي تذكر القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل، على سبيل المثال، يضم كتاب المواد الاجتماعية لعام 2002 للصف الثالث الإعدادي 32 صفحة عن الحروب العربية ـ الإسرائيلية، مقابل 3 صفحات للسلام مع إسرائيل. أما كتاب عام 2015 فخصص فقط 12 صفحة للحروب العربية الإسرائيلية و4 صفحات لعملية السلام مع إسرائيل».

تغيير التاريخ

ونبقى مع محمد المنشاوي في «الشروق» والقضية الخطيرة التي يرصدها، إذ يرى أن من أهم النقاط خطورة ما أشارت له الدراسة من حذف أجزاء من كتب التاريخ، خاصة تلك التي تشجع «التطرف والإرهاب والعنصرية» واستبدالها بما يشجع على نشر قيم التسامح. من هنا حذفت وزارة التعليم المصرية جزءاً يعرض لتاريخ صلاح الدين الأيوبي ولتحريره القدس من الصليبيين، مخافة أن يُشجع عرض تاريخه على «العنف». وأدى تبنى هذا الأسلوب لظهور بعض الأصوات المعارضة لهذه التعديلات داخل النظام المصري كما ذكرت الدراسة. وتحظى طريقة التعرض للقضية الفلسطينية في كتب عصر السيسي عند مقارنتها بكتب عصر مبارك على حيز واهتمام كبير من قبل الخبراء الإسرائيليين. وتذكر الدراسة أنه تم حذف أهم بنود معاهدة السلام المرتبطة بالقضية الفلسطينية مثل عبارات «الاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني»، و«مفاوضات تقرير مصير الفلسطينيين» في بداية الثمانينيات، وهو ما كان يتم التعرض له كثيرا في كتب عصر مبارك. في الوقت نفسه يتم التعرض لمحادثات مدريد ومفاوضات واتفاقية أوسلو بصورة توحي بأنها قصص نجاح عظيمة. ولا يتحدث الكتاب عن معاناة الفلسطينيين اليومية تحت الاحتلال، بل على العكس يقول إن «مصر دعمت اتفاقيات الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وإنها دعمت تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية». ولا يذكر الكتاب ما كانت تكرره الحكومات المصرية السابقة في مناهجها التعليمية من محورية دور مصر الملتزم بمساعدة الفلسطينيين والوقوف في صفهم من أجل تأسيس دولتهم المستقلة».

سلام أكثر أمناً مع إسرائيل

«ما دار داخل الغرف المغلقة مؤخراً والتطمينات التي تم تصديرها للوفود الفلسطينية التي التقت في القاهرة تصطدم، كما يشير محمد سعد عبد الحفيظ في «مصر العربية» مع الموقف المعلن للرئيس عبد الفتاح السيسي، فكلمة الرجل في أسيوط مطلع الشهر الماضي أقلقت معظم الفصائل الفلسطينية .. السيسي تحدث عن القضية الفلسطينية في ذلك الخطاب باعتبارها مسألة «لو قدرنا بإخلاص حقيقي حل هذا المسألة لإيجاد أمل للفلسطينيين والإسرائيليين سيتم فتح صفحة جديدة»، وشدد على ضرورة إيجاد «سلام أكثر دفئَا»، وعندما تحدث عن ذكرى النكبة قال «فيه ناس بتحتفل النهاردة بالانتصار والاستقلال»، في إشارة إلى المحتل الصهيوني المغتصب للأرض، و«ناس بتحتفل بالانكسار والانهزام»، في إشارة إلى الشعب الفلسطيني العربي. حديث السيسي، وتعامل مصر مع آل سعود باعتبارهم كفيلا لدولة السبعة آلاف سنة حضارة، جعل الوفود الفلسطينية تشكك في ما تم طرحه في الغرف المغلقة.. الشكوك زادت كما يشير الكاتب بعد تصريحات الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية المقرب من صناع القرار في الرياض، التي أكد فيها أن «كلا من السعودية وإسرائيل لديهما مصالح مشتركة، وأن المبادرة العربية للسلام لم تملك في السابق فرصة حقيقية لتحقيقها بخلاف اليوم»، مشيرا إلى وجود فرصة تاريخية لإنجاز السلام. عشقي أكد خلال مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية أن السعودية وإسرائيل «تستطيعان بسهولة تحديد أعداء مشتركين». وأضاف عشقي: «أن السعودية في حال وفّى نتنياهو بوعده ستبادر لعملية تشجع دولا عربية للبدء بالتطبيع مع إسرائيل، مما سينعكس إيجابا على علاقاتها مع مصر والأردن ودول أخرى». وأشار إلى «أن السعودية قريبا ستبدأ في بناء جسر يصل بين آسيا وأفريقيا، وفي منطقة مضيق تيران ستبني منطقة تجارية حرة.. وفي حال تبنت إسرائيل مبادرة السلام العربية، فإن السعودية ستدعوها لتكون شريكة في السوق الحرة وهذه فرصة لها لتحقيق أرباح بالغة».

حماس في أحضان العدو

يمثل الهجوم على حماس إغراء بالنسبة لبعض الكتاب الذين يحملون عليها بشدة، ومن بينهم كريم عبد السلام في «اليوم السابع»: «سبق أن حذرنا من أن الخط الذي تسير فيه حركة حماس بكاملها لا يؤدي إلا إلى العمالة والتوزع في كل ناحية يلوح منها الإغراء، وأن الحركة التي تقدم نفسها ظاهريا على أنها حركة مقاومة، قد تحولت إلى مجرد مليشيا ومخلب قط لمن يدفع، للقيام بما يطلب من مهام في المنطقة، تارة توالي إيران وتارة تركيا وتارة ثالثة تلتزم حرفيا بتعليمات التنظيم الدولي للإخوان. وفي كل هذه الحالات تبتعد أميالا ضوئية عن الهدف الأسمى وهو الالتزام بالمشروع الفلسطيني لاستعادة الأرض، سواء بالسلاح أو بالسلام. وفي هذا السياق، نسأل قيادات الحركة الأشاوس، عن الأسباب التي تمنع المصالحة الفلسطينية، وتغليب المصالح العليا للشعب الفلسطيني عما سواها؟ ونسألهم عن المفاوضات السرية مع إسرائيل للفوز بشبه دويلة على غزة، تعميقا للانقسام وتسهيلا لتل أبيب لابتلاع الضفة الغربية والقدس؟ ونسألهم عن تحولهم إلى سكين في ظهر مصر بتدريب الإرهابيين وإيواء المرتزقة المتطرفين من كل بقاع العالم؟ في الوقت الذي يواجه الشباب الفلسطيني بصدورهم العارية محاولات المستوطنين والمتطرفين اقتحام الأقصى تحت حماية قوات الاحتلال، وفي الوقت الذي يدعو فيه المتطرفون اليهود من أمثال نير بركات، رئيس بلدية القدس، المستوطنين والمستعربين إلى حمل السلاح وقتل العرب، وفي الوقت الذي تسعى حكومة نتنياهو لاستغلال حالة الضعف العربي والانقسام الفلسطيني لهدم الأقصى وبناء الهيكل الثالث، يدعو أشاوس حركة حماس بغرابة شديدة إلى تفعيل المصطلح الأمريكي سيئ السمعة «ضبط النفس»، وهو المصطلح الذي ظهر ليلجم كل تحرك عربي في مواجهة الاعتداء الإسرائيلي، خلال نصف القرن الماضي!».

تجديد الخطاب الديني

الثناء على الرئيس وحكمته لا يتوقف حتى في شهر الصوم، وها هو المسؤول الرفيع يقوم بالمهمة بنفسه وفقاً لـ«التحرير»: «قال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف إن مصر رائدة الفكر الإسلامي في العالم، بفضل أزهرها الشريف وتبني الإسلام الوسطي في مؤسساتها الدينية كافة. وأضاف، في تصريحاتٍ لـ«التلفزيون المصري»، أن مؤسسات مصر الدينية لم تغفل عن واجبها تجاه العالم، مؤكدًا على أن قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي وصفها بـ«الحكيمة» خلال العامين الماضيين أعادت لمصر مكانتها الدينية في الخارج، عبر التأكيد على تجديد الخطاب الديني وتصحيح الأفكار المتطرفة. وأشار إلى أن العالم مشغول حاليا بمواجهة التطرف ويعول على مصر في هذا الشأن بحكم تبنيها للإسلام الوسطي الصحيح، لافتا إلى أن التطرف حاليا خطر عالمي، مشيرا إلى أن الإرهاب العالمي ناتج طبيعي لهذا التطرف. وأوضَّح أنَّه لا يمكن لعاقل أن يقف ضد تطوير الخطاب الديني على يد العلماء المتخصصين وعلى أساس الثوابت، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الديني مطلب أخلاقي ووطني لتنوير العقول والتعامل مع متغيرات العصر.
ورفض جمعة أن يكون تجديد الخطاب الديني على يد من هم غير المتخصصين، الذين يحاولون ركوب الموجة لأهداف شخصية، مؤكدًا إصرار الوزارة وعلماء الدين على القيام بهذه المهمة الأخلاقية والدينية. وأضاف أنَّه حتى يكون تجديد الخطاب الديني ثقافة لدى الناس وتُجنى ثماره يحتاج إلى وقت، وأن صناعة العقول تحتاج لترسيخ الثقافة والفكر الجديد».

سرقوا ثمار الثورة

ما زال البعض يعلن مآلات الثورة بسبب بعض الصور السلبية ومن هؤلاء حجاج الحسيني في «الأهرام»: «شعار مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، «الفوضى للجميع».. أصبحت الفوضى مرادفاً للثورة، الخاصة من الناس قبل العامة تسابقوا في ماراثون الانتهازية، رجال الإعلام والأعمال أعدوا عدتهم للحصول على أكبر الغنائم من الثورة، من خلال الصحف والفضائيات الملاكي، لتكون سلاح المواجهة مع الدولة في حالة تضارب المصالح، وتسلل إلى المواقع القيادية كل من هب ودب، تحت شعار منح الشباب الفرصة في القيادة، فظهر أحد المحافظين الذي تورط والده في واقعة الاستيلاء على أموال اللجنة النقابية للعاملين في مديرية الصحة في المنيا، وسط غفلة من الأجهزة الرقابية والأمنية، التي تراجع ملفات اختيار كبار المسؤولين في الدولة، خاصة المحافظين والوزراء. وتحت شعار الانتهازية والمحسوبية وصل البعض إلى حقائب وزارية بعيدة تماماً عن مجال تخصصه وخبرته، كما حدث في وزارة التنمية المحلية، والنتيجة أن حال بعض الوزارات والمحافظات لم يعد يسر عدواً ولا حبيباً، بسبب اختيار أهل الثقة على حساب أهل الخبرة. أما عامة الناس فقد ارتفعت حناجرهم للمطالبة بتعيين المؤقتين والمطالبة بتحسين الأجور، من دون أي عمل حقيقي لزيادة معدل الأداء في عجلة الإنتاج، وانتشرت المباني المخالفة داخل المدن وعلى الأراضي الزراعية. ويؤكد الكاتب أنه بعد ثورة 30 يونيو/حزيران ومحاولات تصحيح المسار لم يختلف الأمر كثيراً العامة والخاصة مارسوا الفوضى».

«مصر» متعودة دايماً»

مصر غير سعيده بالبرلمان، لذا فهي تتعامل معه بمنطق «ظل برلمان ولا ظل حيطة» كما يشير سامح عيد في «التحرير» بروح مفعمة بالسخرية: «نسب الصحة والتعليم وهي الـ10٪ استطاع وزير التخطيط أن يقنع اللجنة أنها غير ممكنة، وأنه حرام نصرف هذه المبالغ على تعليم فاشل، بمعنى «نسيبه فاشل ونزوده فشل». والصحة أمامهم فترة طويلة، ما هو أصل ولاد سيادته وسيادة البهوات وولاد البهوات التانيين في مدارس إنترناشيونال، إيشي أمريكاني وإيشي بريطاني وإيشي ألماني، فمش حيفكروا في تعليم ولادنا، عشان الكبير يفضل كبير، والصغير ما نعرفوش، هل فكرت لجنة الموازنة داخل البرلمان تسأل الوزير ولاده بيدرسوا فين؟ ليه بقى يا بودي «عبعال» بيهدد الحكومة، لإنها بحسب الكاتب مش بتعبَّر النواب، اللي رايحين يمضوا على طلباتهم للدايرة، ولأن الدايرة متعودة ودايما، إنها تاخد توقيعات من الوزراء يحضرها النواب لأبناء الدايرة، ولأننا ما قبل 25 يناير/كانون الثاني بامتياز، فلازم الوزرا يحترموا نفسيهم ويمضوا، مش كفاية مررنا برنامج الحكومة اللي اعترض عليها كل النواب، وفي الآخر وافقوا عشان يكسروا عين الحكومة، يعني البرنامج وحش، بس إحنا حنمرروا، الموازنة زفت، بس إحنا حنمررها، قانون الخدمة المدنية مش مبلوع، بس إحنا حنعديه، كل ده وما يطمرش في الوزرا، لغاية كده ولا ممكن أبدا، لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم، إحنا ممكن، نجرجر الوزرا واحد ورا التاني للبرلمان ونوريهم أيام أسود من قرن الخروب، مساعد الوزير للوزير، إعمل زي الوزرا اللي فاتوا يا به. ادَّعى البرلمان أنه ينتوي تعديل قانون التظاهر، وليه مش عارف عيني الشمال بترف، وحاسس أن البرلمان ده مش مريحني، وممكن يكون موضب لنا مصيبة أسود من القانون الأول».

الحزم مطلوب

الغضب بسبب انتشار ظاهرة تسرب امتحانات الثانوية يتواصل، الأمر الذي دعا محمد عبد الهادي علام رئيس تحرير «الأهرام»، لأن يطالب بمزيد من الحزم والانضباط: «انتشار ظاهرة الغش الإلكتروني المنظم التي تهدر قيمة تكافؤ الفرص في نظامنا التعليمي المهترئ أساسا، وتقدم المجتمع بصورة مشوهة وقبيحة أمام النشء، خاصة عندما لا يجد الطالب المجتهد وقفة جادة من الوزارة المعنية، التي يبدو من تصريحات مسؤوليها عدم الصرامة والجدية في التناول، بينما كانت وزارة الداخلية ممثلة في مباحث الإنترنت على قدر المسؤولية بتحركها السريع لملاحقة أصحاب الصفحات المشبوهة على موقع «فيسبوك». الحل الأمني بحسب الكاتب ربما يكون رادعا، ولكنه ليس الحل الأصوب طوال الوقت، فمواقع التواصل تتطور يوما بعد يوم وتقدم كل ما هو جديد في فنون الانفلات والالتفاف، والغش في الامتحانات هو مظهر واحد من مظاهر الخلل الكامن في أوصال المجتمع، الذي أصبحت فيه مواقع التواصل أداة في يد المنفلتين، كما هي وسيلة تواصل بين رواد الشبكات الاجتماعية. فهل سنغلب نظرة الملاحقة الأمنية للغشاشين طوال الوقت ونترك أصل الداء؟ ألا وهو ضعف مستوى التعليم وغياب الانضباط والمتابعة عن مدارسنا والاكتفاء بكلام أجوف عن إصلاح المنظومة على مدي عقود، من دون نتيجة فعلية، ويؤكد علام أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعطى لقضية التعليم أولوية قصوى في رؤيته للمستقبل وفي إستراتيجية 2030 التي تهدف إلى الارتقاء بالمواطن المصري بمعدلات محددة، تحقق أهداف التنمية الشاملة في مدي زمني معروف».

برلمان الزور

ومن معارك أمس أيضا ذلك الهجوم الشديد على البرلمان، حيث وصف عصام الإسلامبولي، الفقيه الدستوري، أداء مجلس النواب خلال الفترة الماضية بـ«الضعيف والمخيب للآمال»، لانشغال أعضاء المجلس بإرشادات السلطة التنفيذية، وعدم السعي بجدية لإيجاد حلول للأزمات التي يعانيها الشارع. وقال الإسلامبولي، في حوار لـ«المصرى اليوم»، «إن هناك عددا كبيرا من القوانين تم تمريرها بالمخالفة للدستور مثل قانون التظاهر. وعن تقييمه لأداء مجلس النواب خلال الفترة الماضية؟
قال لم نشعر بوجود المجلس من الأساس، مجلس النواب الحالي للأسف لم يكن كما كان متوقعاً ولم يفعل شيئا ملموسا نستطيع أن نذكره له، وكل ما قام به منذ بداية عمله أنه مرر مجموعة كبيرة من قوانين المرحلة الانتقالية خلال فترة وجيزة 15 يوما، ما أدى إلى تمرير كثير من القوانين المعيبة التي تحمل أخطاء مخالفة للدستور الذي أقره الشعب بعد 30 يونيو/حزيران. وعن نوعية تلك القوانين المعيبة التي مررها المجلس قال: هناك قوانين كثيرة مررت وفيها كوارث، على سبيل المثال لا الحصر: قوانين العدالة الانتقالية، والإدارة المحلية، وتنظيم دور العبادة، والعدالة الاجتماعية، وإجراءات التقاضي. وأرى أن المجلس لم يستطع تعديل هذه القوانين بسبب قصر المدة التي تناولها وبسبب الضغط الكبير الذي كان واقعاً عليه، فانشغل بكيفية أن يمرر كل هذا الكم في فترة قصيرة، من دون الالتزام بمحددات الدستور التي ترفض تلك التجاوزات، وبدلاً من أن يشهد أول دور انعقاد للمجلس تعديل تلك القوانين والانشغال بإنجاز اللائحة الداخلية، جاء أداء المجلس مخيباً وخاذلاً للجميع».

«مصر للطيران» تحقق إنجاز نقل كتاكيت!

ومع مزيد من السخرية، حيث تهتم «الشعب» بأصداء نجاح شركة مصر للطيران في نقل شحنة من الكتاكيت ذات عمر اليوم الواحد، ونقلت انتقاد الناشطين للصحف الموالية للسلطة، التي اعتبرت ما جرى نجاحا ساحقا، متسائلين هل هذه هي الشركة التي نعلن دعمنا لها، خاصةً بعد الحادث الأخير، وما هذا الإعلام الذي لن يتوقف عن هدم الدولة؟ ورغم السخرية والغضب الذي سيطر على المدونين، إلا أنهم لفتوا بإن انتشار الخبر بتلك الطريقة السريعة، يعني بالتأكيد أن اللجان الإلكترونية للنظام تعمل على قدم وساق لإلهاء المصريين عن الارتفاع الذي تخطى الجنون للأسعار في الأسواق. واحتفت المواقع المؤيدة بالإنجاز الجديد، وخاصةً «اليوم السابع»، حيث جاء في متن الخبر الذي فاز بسبقه اثنان من صحافييها «نجحت شركة مصر للطيران للشحن الجوي، في نقل شحنة كتاكيت عمر يوم واحد، من مدينة شارمالك في المجر إلى أسمرة عاصمة إريتريا». ولمزيد من الحبكة الدرامية، نقل الموقع عن مصادر من داخل الشركة قولها «إن المفاوضات بدأت منذ أكثر من شهر لنقل تلك الشحنة، وتم اقتناص الرحلة من بين يدي العديد من شركات الطيران في المنطقة لصالح أكبر شركة شارتر في العالم». الخبر والإنجاز الجديد، تلقته مواقع التواصل، فكتب علاء: «إنجازات الحكومة لا تعد ولا تحصى، مصر للطيران تنجح في نقل شحنة كتاكيت عمر يوم من المجر إلى اريتريا! زغرتي يا انشراح». وسخر حمدي: «بقولك مصر للطيران تنجح في نقل شحنة كتاكيت عمر يوم من المجر إلى إريتريا! عملوها (الوحوش) تحيا مصر للطيران إنجازات». وعلق حسن: «مصر للطيران تنجح في نقل شحنة كتاكيت عمر يوم من المجر إلى اريتريا! وهنا غنت ياسمين الخيام المصريين اهما».

بيزنس الصدقات

المعارك الصحافية وصلت صداها لأفعال الخير، حيث يتساءل حمدي رزق في «المصري اليوم»: «هل لنا أن نطلب كشف حساب بحجم التبرعات التي تحصلت عليها الجمعيات والمؤسسات الخيرية، التي تبرع لها المصريون بجنيهاتهم على أرقام الحسابات والتليفونات المكتوبة على الشاشات، أليس من حقنا جمهرة المتبرعين أن نعرف كم وصل إلى هذه الجمعيات في شهر الخير، وأوجه الإنفاق، فيم أنفقتها، وكم أنفقت على الإعلانات، وكم الحصيلة المتحققة؟ هذه ليست حسنة مخفية، ولكنها تبرع علني يتطلب تصرفاً كريماً، وشفافية كاملة في إعلان الميزانيات، والإيرادات والنفقات، أليس من حقنا أن نعرف أين تذهب هذه الملايين، ومن يقوم على صرفها، ومن يراقب أوجه الصرف، وهل تُنفق في مصارفها الشرعية، والمعلن عنها؟ هناك جمعيات معتبرة على رأسها رجال لا شك في أمانتهم، كل منهم يؤتمن على الذهب، وتبرعوا بجهودهم وعلومهم في سبيل الخير، ولكن هناك من تحوم حوله شكوك لا ترقى أبداً إلى اتهامات، وتثور من حوله علامات استفهام، وتُتداول حول نشاطاته الأقاويل المرسلة، حسم هذا الجدل يجذب مزيداً من التبرعات، واستمراره، من دون تثبت يورث البعض شكوكاً ويحجم عن التبرع. ويتساءل الكاتب عن تويتات غير موثقة ولا مثبتة، تُشكك في حملة جمع مليوني قطعة من الملابس المستعملة، وأنها تصب في السوق الموازية بعد غسلها وكيها وتكييسها، التويتات الخبيثة تستلزم من الجمعية التي تجمع الملابس إفصاحاً وشفافية وشراكة مجتمعية من المتبرعين، ووجوه المجتمع الثقات للتثبت من حسن سير الحملة ووصول الملابس إلى مستحقيها قطعة قطعة».

رمضان مش كده

«لماذا الصمت على الانحدار الأخلاقي في برامج رمضان؟ يتساءل يوسف أيوب في «اليوم السابع»، لن أتحدث عن أعمال العنف التي تعتمد عليها برامج «المقالب»، معتقدين أنها قادرة على استخراج الابتسامة من المشاهدين، لكنني أقف أمام الانحدار الأخلاقي الذي انتشر في هذه البرامج وغيرها، لدرجة أن بعضا من مقدمي هذه البرامج لا يجد غضاضة في التلفظ بألفاظ نابية، وهو يعلق على ضحاياه، أو وصف ضيوفه بصفات لا يمكن السماح بها مطلقاً. أتحدث عن ألفاظ غير لائقة سمعتها أكثر من مرة من رامز جلال، وهو يقدم ضحاياه عبر برنامجه «رامز بيلعب بالنار»، ظنا منه أن ما يقوله يعبر عن خفة ظل، رغم أنه يمثل خروجاً عن القيم العامة للمجتمع، فالإعلام هدفه الأساسي بجانب الترفيه، الحرص على إنشاء جيل قوى وقادر على مواجهة وبناء المستقبل، لكن أن تتحول هذه النوعية من البرامج إلى وسيلة لدخول الألفاظ السوقية إلى بيوتنا، لكي يسمعها أبناؤنا وبناتنا، فالأمر يحتاج لوقفة، لوضع حد للمهزلة التي نراها كل يوم، من دون أن يتحرك أحد. الغريب أنني قبل يومين قرأت تصريحات للدكتور خالد عبدالجليل، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في حوار مع الزميلة «الشروق» قال فيها، إنهم فوجئوا بعرض بروموهات لبرامج المقالب، من دون أن يكون على علم بها، وأنه قام بإبلاغ المسؤولين عن هذه البرامج، سواء الجهة الإنتاجية أو القناة المتعاقدة على عرضها، وطلب منهم عرض الحلقات لإجازتها قبل العرض الرمضاني، لكن الرقابة لم تتلقَ أي رد، متوعداً بالكشف عن كل القنوات والبرامج التي لم تستجب وتجاهلت هذه المخاطبات، والإعلان أيضاً عن العقوبات التي ستقع عليهم. ما قاله رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية يكشف عن استخفاف القائمين على برامج المقالب بعقول المشاهدين».

لماذا لا نستورد مسؤولين؟

نحن الآن أمام أزمة حقيقية في اختيار المسؤولين في إدارة شؤون الدولة ابتداء بالوزراء وانتهاء بمسؤولي مؤسسات الدولة، ولأجل ذلك لدى فاروق جويدة حل لا ينبعي إهماله ويسلط الضوء عليه في «الأهرام»: «هناك طابور طويل من الوظائف الإدارية التي تشغلها عقول شاخت وترهلت ولا تصلح إطلاقا لأن تمضي بنا إلى الأمام.. إن في مصر ملايين الموظفين ومنهم أعداد كثيرة تعيش خارج الزمن، حتى أنها تحنطت في مواقعها، وكانت سببا في تأخر وتخلف منظومة الإدارة في كل جوانب الحياة.. كثيرا ما واجهت الدولة أزمة بحث عن وزير مناسب أو مسؤول في موقع رفيع. وإذا كان المناخ العام في مصر الآن لا يساعد كثيرا على وجود الشخص المناسب فلماذا لا تلجأ الدولة أمام هذه الضرورة للإستعانة بأبناء مصر في الخارج، خاصة في التخصصات المتقدمة والنادرة، وقد فعلت ذلك دول كثيرة.. إن نقطة البداية أن نوسع دائرة الاختيار في الداخل، بحيث نتخلى عن شبح قديم يسمى أهل الثقة ونعود مرة أخرى لكي نختار على أسس من التميز والكفاءة وإذا لم يتوافر أمامنا الشخص المناسب فلماذا لا نلجأ إلى مئات الآلاف من المصريين في الخارج، ومنهم أشخاص من أصحاب المواهب والقدرات.. إن الأرقام تؤكد أن من بين 10 ملايين مصري في الخارج يوجد 86 ألف عالم متميز على المستوى العالمي، بل أن هناك 909 هم أفضل علماء العالم، بينهم 10 مصريين، وإن من بين خبرات المصريين في الخارج 42 استاذا جامعيا في منصب رؤساء جامعات أجنبية، وإن في أمريكا وحدها 3000 عالم مصري في جميع التخصصات وإن من بين علماء الطاقة النووية في العالم 1883 عالما مصريا وإن 1250 عالما مصريا يعملون في تخصصات نادرة..».

عقول شاخت وترهلت تسيطر على مؤسسات الدولة… والجماهير مشغولة بمعركتها مع الفقر والجوع

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية