عقيدة أوباما: اللعنة على الشرق الأوسط!

حجم الخط
26

يزور الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نيسان/ابريل المقبل كلاً من بريطانيا، حليفته الكبرى في أوروبا، والسعودية، حليفته الكبرى في المنطقة العربية، وذلك بعد دراسة تحليلية استندت إلى لقاءات معه في مجلة «ذي أتلانتيك» وجّه فيها انتقادات لطريقة تعامل رئيس الوزراء البريطاني الحالي مع قضية التدخل العسكريّ في ليبيا للإطاحة بالعقيد معمّر القذافي، كما وجّه فيها انتقادات لاذعة أخرى أثارت غضباً شديداً عليه في الرياض.
الزيارتان، ضمن هذا السياق، هما محاولة من أوباما لمداهنة حليفتيه التقليديتين وذلك قبل أن يتوارى من المشهد السياسي العالمي في بداية السنة المقبلة، كما يجمع بينهما موضوع ما يسمى «الشرق الأوسط» وأزماته المستعصية؛ ويبدو الرئيس الأمريكي، في الحالتين، منزعجاً من أن بصمته «الكربونية» (على حدّ وصفه للأثر السلبيّ لدخان طائرته الرئاسية على المناخ العالمي) على سياسات العالم لن تكون بالنصاعة التي كان يريدها الرئيس الحائز على جائزة نوبل للسلام.
البريطانيون تعاملوا بأسلوب التجاهل البارد مع «نكزات» الرئيس الأمريكي، غير أن السعودية، لا تستطيع أبداً تجاهل الكمّ الهائل من الانتقادات لأنها، في الحقيقة، لا تعبّر عن «فشّة خلق» نرجسية منطوقها، في الحالة البريطانية، هو «لماذا أحرجتموني فاضطررت للمشاركة في التدخل العسكري. لقد اعتمدت عليكم ولم تكملوا المهمة بشكل جيد»، بل هي رؤية متكاملة تهدم أسس العلاقة الاستراتيجية المفترضة بين واشنطن والرياض، وتعيد رسم استراتيجية شرق أوسطية جديدة خطيرة يبتعد فيها البيت الأبيض عن المملكة بقدر اقترابه من خصمها الإقليمي الرئيسي، إيران، وهو ما عبّر أوباما عنه بالقول: «على السعوديين أن يتشاركوا مع أعدائهم الإيرانيين في الشرق الأوسط».
تحليل المجلة الأمريكية لـ «عقيدة أوباما»، يقدّم في الحقيقة، رؤية سطحية عامّة حول القضايا العربية لا تلاحظ غير مساوئ العرب (والسعوديين على رأسهم طبعا) وتتغاضى تماماً عن الدور الأمريكي في المآل الذي وصلت إليه المنطقة، فتجمع، لتحقيق ذلك، الطروحات اليسارية العامّة، من قضايا المناخ واللاجئين والمرأة إلى انتقاد الاستبداد والفساد، بحيث ينصبّ جحيم هذه الانتقادات على السعودية فحسب، وتُخرج إيران (لسبب واضح) وإسرائيل (لسبب أكثر وضوحا)، من المعادلة.
إحدى النقاط الأكثر تداولاً في خطاب أوباما (وهو خطاب شعبويّ منتشر أيضاً في خطاب يتشارك على التحاجج به كل أعداء الرياض، من النخب القومية العلمانية إلى الميليشيات الشيعية) هو تحميل السعودية مسؤولية تحويل الإسلام من دين مسالم وجامع إلى دين متعصب وصارم وذلك بإغداق الأموال على المدارس الوهابية في العالم، وهو ما جعل الكثير من النساء محجبات وأدى، بحسب ما يقوله الرئيس للمجلة، إلى «غضب المسلمين الزائد» خلال السنوات القليلة الماضية!
والحقيقة أن لا شيء يمكن أن يكشف ركاكة هذا الخطاب الذائع لدى أوباما (والجوقة الكبرى التي تردده) كمثال إسرائيل.
في سؤال المجلة لأوباما عما كان يأمل من تحقيقه من خطابه الأول الموجه للعالم العربي والإسلامي في القاهرة قال: «كانت حجتي كالتالي: دعونا نتوقف جميعاً عن الادعاء بأن اسرائيل هي سبب مشاكل الشرق الأوسط».
بين فكرة أن «إسرائيل ليست سبب مشاكل الشرق الأوسط» فاصلة طويلة انتهت بطلب «التشارك مع إيران بالشرق الأوسط»، وبين النقلتين هناك نقد هائل ليس للسعودية فحسب بل لكل الدول الإسلامية، من إندونيسيا وباكستان حتى تركيا والأردن ومصر، وهناك إخلاء لمسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية، التي هي، حسب أوباما، «قوة خيرة يمكن أن تتدخل إذا كانت التكلفة محدودة»!
لا يلاحظ نقد أوباما الاستشراقي أن تحجب النساء في العالم الإسلامي و«غضب الإسلاميين الزائد» موضوع معقّد تتداخل فيه معطيات الاجتماع والاقتصاد والسياسة والهويّة، وأنه، في حيّز منه، ردّ فعل هائل على فشل الدولة الوطنية العربيّة التي استلهمت المشروع الغربي، كما أنها ردّ على مثال الغرب الأكبر للتقدّم والحداثة: إسرائيل، وعلى شراكة الاستبداد العربي، الذي ينتقده أوباما مخليا مسؤوليته عنه، مع هذا الغرب نفسه.
الملخّص الذي يمكن أن يستفيده قارئ «عقيدة أوباما» هو: اللعنة على الشرق الأوسط!

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    الإستبداد بدأ من أمريكا. فلو كان نظام الحكم في الولايات المتحدة برلمانيا لما استطاعت أمريكا أن تتجاوز حدودها الشرقية من جهة المحيط الأطلسي ومن الجهة الغربية من ناحية المحيط الهادي وما كانت لتصل إلى الشرق الأوسط ولما وجد كيانا صهيونيا على أرض فلسطين ولما دمر العراق. سر قوة أمريكا في الصلوحيات الواسعة لرئيسها وفقا للدستور الإتحادي أو بالأحرى اللوبي الصهيوني النافذة قراراته وتوجهاته من خلال أي رئيس للولايات المتحدة. فمن أراد تغيير أنظمة الحكم في الشرق الأوسط عليه بتغيير الحكم في أمريكا.

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    دائما نلقي خيباتنا على الآخرين
    و هل الآخرين مسؤولين عنا
    ماذا لو إعتمدنا على أنفسنا
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول Hassan:

    مع أن لرئيس الولايات المتحدة الحق في ردع أية ولاية أمريكية تريد الإنفصال ويمكنه استعمال القوة ضدها مدعوما صوريا من الكونجرس إلا أنه يمكن لمن يريد الحد من قوة أمريكا ومن غطرستها دعم الولايات بكلما يلزم للإنفصال ولاية بعد أخرى إلى أن يزول اتحادهم وبذلك يمكن السيطرة على أمريكا وتغيير نظامها الإستبدادي.

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم عنوانه(عقيدة أوباما: اللعنة على الشرق الأوسط! )
    لعنة الشرق الاوسط –كما يزعم اوباما – تقتضي ان ينفض يديه من صداع هذه المنطقة ويكون حياديا ؛ ولكن سياسة امريكا – ممثلة برؤسائها وكونغرسها – في الشرق الاوسط تكاد تكون نسخة كربونية عن السياسة الصهيواسرائيلية. فبدل ان تكون اسرائيل تابعة للولايات المتحدة وكوكبا يدور في فلكها – كما يتراءا للكثيرين- نراها تتعالى على الرؤساء الامريكيين وتضغط عليهم بواسطة الكونغرس المتصهين عموما.
    وبعبع اسرائيل المخيف والمرعب جدا هو الاسلام الحنيف المعتدل المتمثل في الحركة النهضوية الاسلامية السنية التي قادت حراك الربيع العربي ؛ولذلك كان هم الصهيونية الاكبر هو اجهاض هذا الحراك في مهده وقبل ان يستفحل ويشكل خطرا وجوديا على الكيان الاسرائيلي الغاصب .وطبعا لا تستطيع اسرائيل ان تقف في وجه هذا التسونامي الاسلامي الزاحف بغير ان تضرب بالسوط الامريكي الباطش. واستطاعت السياسة الصهيوامريكية ان توقف مد هذا الحراك بواسطة عسكر مصر وعملاء امريكا وبواسطة الحركات والتوجهات التغريبية في الاوساط السنية بالاضافة الى التحالف بين امريكا واسرائيل وملالي ايران في قمع السنة في سوريا والعراق ولبنان واليمن .
    السعودية اصبحت هدفا للسهام الصهيوامريبكية الايرانية ، وهذا من وجهة نظر الكثيرين ايجابي لمستقبل الاسلام والمسلمين اذا استغلته السعودية بنظرة اسلامية ثاقبة تتعاون فيه مع الحركة الاسلامية وتبتعد عن اعداء الاسلام الالد ممثلين في امريكا واسرائيل وايران وعملائهم

  5. يقول فادي / لبنان:

    لأصبحنا قوة لا يستهان بها
    ولكن كيف لنا تحقيق ذلك بعد ما جرى ويحدث !
    Mission Impossible
    واوباما يظن اننا اغبياء وينطبق عليه المثل ضربني وبكى
    سبقني وإشتكى لمحاولته إدانة الضحية والتسويق لوضع
    جديد في الشرق الاوسط لا يعطي الحقوق لأصحابها
    وينعم المجرمون والمغتصبون وعانوا يا عرب ويا مسلمين
    ونسي او تناسى بأن سياسة بلده الخارجية متورطة
    ومنتجة لما يحدث في الشرق الأوسط وغير الشرق الأوسط
    يقتلون القتيل ويمشون في جنازته ولكن ما علينا كفانا إلقاء
    اللوم والخيبة على الآخرين كما تفضل _ اخي الكروي _
    (ما بحك جلدك غير ظفرك) عجبي من الدول العربية
    ألا يطمحوا الى القوة وفرض الاحترام المجرد من اي مصالح
    أما ملوا وسئموا الهزائم وتعبوا من الهرولة وراء عمو سام
    ألا يخجلوا من أنفسهم على خيبتهم أليسوا قلقين من زوال
    دولهم وعروشهم ألا يتطلعون إلى حجز مقعد بين الأمم.
    حسبنا الله ونعم الوكيل

  6. يقول حكمتusa:

    تحية لأسرة القدس الجميلة
    انا مع ما قاله العزيز الكروي ١٠٠٪‏ حفظه الله ورعاه
    وشكرا

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      حياك الله عزيزي الدكتور حكمت وحيا الله العزيز أبو القاسم وحيا الله الجميع
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  7. يقول Moussalim Ali:

    .
    – شخصيا أرى المعادلة من زاوية معكوسة ، وهي ، ألم تكون أمريكا هي التي صنعت أغلبية مشاكل الشرق الاوسط ؟ .
    .
    – فمثلا ، خلال مسيرات الشعوب العربية ، إبّان ثورة ربيع الدمقراطية العربية ، ألم تكون بعض الجماهير العربية تردد في الشوارع العربية ” امريكا ، امريكا ، عدوّة الشعوب ” ؟ .

    1. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

      صحيح أخي وMoussalim Ali كثيرا منّا يعرف لولا صداقة بشار الأسد الخفية لإسرائيل وبالتالي أمريكا لما تجرأ بشار الأسد على القيام بهذا الإجرام الفظيع ضد الشعب السوري!

  8. يقول ابو القاسم عمر........ السودان:

    لو اعتمدنا على انفسنا نستطيع ان نقف على اقدامنا فلدينا كل الامكانيات الاقتصادية والبشريه التى تغنينا عن الاعتماد على هؤلاء الاشرار ..لكن المشكلة انهم لايدعونا وشاننا ويسعون بشتى السبل للفتنة والوقيعة بيننا واشعال نيران الحروب فى العالم الاسلامى لانهم يعلمون تماما ان هذا المارد اذا خرج من قمقمه لن تستطيع كل جيوش العالم ان تصمد امامه ,فعندما كنا متحدين استطعنا ان نقضى على اكبر امبراطوريتين فى ذلك الزمان (فارس والروم) فرفرفت رايات الاسلام فى كل مكان
    حسبنا الله ونعم الوكيل .. ولاحول ولاقوة الا بالله.

  9. يقول سامح // الاردن:

    * لو ( الدول العربية ) على قلب رجل واحد لما احتاجت لأحد ؟؟؟
    * العرب ( اقوياء ) بس مشتتين وكل دولة حالها يقول :
    * ( اللهم نفسي .. اللهم نفسي ) ؟؟؟
    * اللهم اصلح الحال والاحوال يا رب العالمين .
    سلام

  10. يقول محمد حاج / الاردن:

    التآمر والخذلان منا وفينا ، ولكن شماعة ضعفنا وتخلفنا وتآمرنا على بعضنا البعض ، نلقيه على الإستعمار والصهاينة ، والله إن بعض الإستعماريين لا يجرؤون على إيذاء المسلمين والعرب بمثل وحشية وحقد الديكتاتوريين العرب على الشعوب العربية .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية