علاقات واشنطن وطهران: الديكور والكاريكاتور

حجم الخط
7

 

«لا يمكن، بأي حال، أن نقبل بصناعة نووية ديكورية وكاريكاتورية»، هكذا صرّح علي شمخاني، الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني، تعليقاً على مستجدات ملفّ المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني؛ واستباقاً لجولة العاصمة العُمانية مسقط، التي جمعت وزيرَي خارجية إيران وأمريكا وكاترين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. كان شمخاني يعلّق، أيضاً، على الرسالة التي تلقاها علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، من الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ والتي ظلت سرّية حتى قرر البيت الأبيض تسريبها إلى صحيفة «وول ستريت جورنال»: هذه ليست المرّة الأولى، قال شمخاني، وقد تولّت إيران الردّ على بعضها في حينه، وبما يناسب.
والحال أنّ منطقة رمادية، وبالتالي غامضة أو مسكوتاً عنها، تظلّ كامنة في تصريحات شمخاني، وعلى محورَين: ما الذي تعتبره طهران ديكورياً، بالضبط، وما الذي تراه نقيضاً للكاريكاتور النووي، في مستوى عدد أجهزة الطرد المركزي مثلاً: 4000، كما تقبل أمريكا وأوروبا؛ أم ذلك العدد اللامحدود، والبعض يلمّح إلى 19.000، الذي يمكن أن تقبل به إيران؟ المحور الثاني يخصّ الديكور والكاريكاتور في الثمن الذي ستقبضه إيران (أو سوف تضطر إلى سداده، سواء بسواء) لقاء التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول موعد 24 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي: على صعيد دور سياسي إقليمي لإيران، هو جوهر رسالة أوباما إلى خامنئي؛ ثمّ، والأهمّ ربما، على صعيد تخفيف العقوبات المفروضة على طهران، ورفع بعضها نهائياً، في ضوء هيمنة الجمهوريين على مجلسَي الشيوخ والنواب في أمريكا، جرّاء الانتخابات التكميلية الأخيرة.
الأيام القليلة القادمة كفيلة بجلاء الكثير من الغموض في مواقف إيران، سواء تلك الرمادية التي تصدر عن شمخاني (بعد أن صدرت، مراراً وتكراراً، عن سلفه سعيد جليلي)؛ أو الواضحة، القاطعة، التي تصدر عن رجالات خامنئي الموثوقين، خاصة حين تكون التصريحات مسلّحة بمزيج من شبه الفتوى وشبه التكليف الشرعي! وفي انتظار مستجدات أوضح، على جبهة التفاصيل التقنية الصرفة التي يتولاها فنّيون محترفون، وتدور خلف الأستار وفي الكواليس؛ يبقى أنّ الرابح، الواضح، الأوّل هو سلطنة عُمان التي رعت جولة مسقط، ولم تتوقف عن رعاية جولات ترطيب دائمة في العلاقات العربية ـ الإيرانية؛ من منطلقات شتى، مبدئية ثابتة أو نفعية عابرة، لكنها تظلّ براغماتية وبالمعنى الذرائعي الأعرض والأكثر مرونة.
وفي المقابل، وحتى إشعار آخر، رمادي تماماً بدوره، تظلّ المملكة العربية السعودية (التي تركها أوباما في العتمة، فلم يطلعها على مكاتباته مع خامنئي) في موقع المستقبِل السلبي لنتائج جولة مسقط، أسوة بالجولات التالية، واحتمالات التوصل إلى اتفاق بين إيران ومجموعة الخمس (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين). وحين تخسر الرياض في هذا الملفّ، إذْ يصعب أن تكون فيه رابحة بأيّ معنى جيو ـ سياسي ملموس؛ فإنّ الخسارة سوف تتجاوز حدود مصالح الرياض المباشرة القريبة، لتشمل مصالحها الإقليمية الأبعد، على نقيض ما ستفوز به طهران إذا تمّت الصفقة.
ثمة، أيضاً، انتظار من طراز آخر يخصّ نفخ الحياة في العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية، على مستوى تجاري بادىء ذي بدء؛ على غرار مباحثات، نصفها سرّي ونصفها علني ومعظمها مسرّب مفتضَح، تشهدها باكو، عاصمة أذربيجان، حول افتتاح مكتب تجاري أمريكي في طهران، سوف يكون صيغة التواصل الدبلوماسي الأولى منذ اقتحام السفارة الأمريكية، سنة 1979. وحين يتصل الأمر بالاستثمار والتجارة، فإنّ الديكور لا قيمة له إلا من حيث المظهر والزخرف؛ ومثله الكاريكاتور، الذي يسخر قليلاً من جشع المال وطمع الأعمال، ثمّ ينطوي ويذهب أدراج الرياح!

صبحي حديدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد علي . الخليج الفارسي / ايران:

    عندما تعاونت دول المنطقه مع امريكا ضد ايران لم يشرك احدا ايران ولم يفكر احدا باستشاره ايران في قضايا المنطقه ..

    فلماذا تريدون من ايران اشراك دول المنطقه في قضاياها وهي الدول ذاتها التي قاطعت ايران وحاصرتها ولم تعترف حتى الان بحقوق ايران في المنطقه ؟؟

    ثم ماذا تريد ايران من امريكا ؟؟

    ايران ايها الاخوة لا تريد ان تكون خادما وعبدا لامريكا كبعض دول المنطقه ومثل الشاه ..

    ايران ايها الاخوه ستفعل العكس وستستغل امريكا في جميع المجالات ان لم يكن اليوم فالغد بالتأكيد سيثبت ذلك ومن لم يصدق فلينظر الى توسلات الامريكان بفتح صفحه جديده مع ايران ..

    1. يقول سلمى:

      حقها بماذا ؟ أن تحتل سوريا و العراق و لبنان و تقتل و تسحل من شعوبها مئات الآلاف و تطرد ما تبقى منها أو تفرض عليها عقيدتها . فليبقوا في بلادهم و يتركونا في حالنا. حسبنا الله ونعم الوكيل.

  2. يقول ،،منه السويد:

    اي حقوق لإيران في المنطقة ؟؟؟احتلالها لسوريا و لبنان مثلا !!! أين حق الشعوب في أوطانهم ؟؟

  3. يقول ألمانيا:

    من يعتقد ان إيران على خلاف مع الغرب وبلأخص أمريكا فهو واهم جميع الأتفاقات مع الغرب قامت على حساب الدم السوري واولها تدمير الكيماوي السوري

  4. يقول م . حسن . هولندا:

    إذا تعذر الوصول الي حل شامل للمشكلة النووية مع الغرب , سيكون هناك حل مرحلي وسيستمر التفاوض . لماذا لا تشترط طهران ودول المنطقة إزالة الأسلحة النووية الموجودة لدى إسرائيل قبل الحديث عن شروط الإستفادة من الطاقة النووية للأغراض السلمية ؟

  5. يقول kiamars- i:

    ان ایران لاترید الا عزتها و کرامتها ان ایران لاترید ان تکون مرتزقة للاجانب و الغرب .
    ایران کانت قدرة عظیمة و تکون بلدا عظیما و لم تقبل و لا تقبل ظلم الشیطان الاکبر و بعون الله ستظفر و ستغلب علی اعدائها جمیعا

  6. يقول saidy:

    المهم ایران اصبحت لاعب دولی شیتم ام بیتم والعرب خارج الساحه ولحد الان العرب یفکرون المراه تسوق السیاره ام لا العرب فقط منتصرون فی قناة الجزیره والعربیه لاشی عندهم

إشترك في قائمتنا البريدية