عندما ترهق إسرائيل «الوصاية الأردنية»: مضايقات بالجملة لحراس الأقصى وفتوى لوزارة الأوقاف: «جاوروه وناصروه»

حجم الخط
2

عمان – «القدس العربي»: قد تكون الطلقة الأخيرة سياسياً على الأقل، وقد لا تكون. وزير الاوقاف الأردني الدكتور عبد الناصر أبو البصل يلجأ الى فتوى شرعية ليطالب الأردنيين بزيارة المسجد الأقصى ومجاورته.
الوزير أبو البصل وفي اول ظهور له علناً بعد دخوله الحكومة منذ شهرين تقريباً، يعكس وبدون قصد مستوى الأزمة التي تعيشها الحكومة الأردنية تحت عنوان مدينة القدس والمسجد الاقصى ووصايته.
ولم يسبق لوزارة الأوقاف الأردنية عملياً ان لجأت للشارع وللمواطنين بهدف زيادة التفاضل العددي تحت عنوان التضامن مع المسجد الأقصى، واستناداً الى حكم شرعي لجأ الوزير أبو البصل إليه وصدر قبل سنوات عدة عن مجمع الفقه الاسلامي التابع لمنظومة دول التعاون الاسلامي.
خلافاً للاجتهادات الفردية في مثل هذا الأمر، الدعوة لم تكن موجهة للمسلمين بل للأردنيين حصرياً وعلى أساس اظهار التضامن مع المسجد الأقصى وبيت المقدس عبر الزيارة والمجاورة، وبهدف حماية المدينة المقدسة وتثبيت الحق العربي والإسلامي فيها.
مفردة «المجاورة» لم ترد سابقاً في بيانات الأوقاف الأردنية التي تشرف قانونياً وعملياً على إدارة أوقاف مدينة القدس والحرم المقدسي. وهي بالمعنى اللغوي والسياسي دعوة للتجمع والاحتشاد وزيارة مدينة القدس حتى ولو عبر الباب الوحيد المتاح وهو الحصول على تأشيرة إسرائيلية.
تلك دعوة سياسية وليست دينية بالدرجة الأولى، وتظهر مسألتين تتمثل الأولى في ان وزارة الأوقاف الأردنية بدأت تناكف اليمين الإسرائيلي، وقبل أقل من ثلاثة أسابيع على الموعد المقرر لتدشين احتفال نقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس، تفاعلاً مع الضربة السياسية الموجعة جداً التي وجهها للأردن في نهاية عام 2017 الرئيس الامريكي دونالد ترامب عبر وعده المشؤوم.
لكن في المسألة الثانية يعكس تبني أوقاف الأردن هذا الخطاب الذي لم يكن بالعادة يصدر عن الوزارة، ضيق هوامش المناورة والتفاوض أمام اللاعب الأردني.
الأهم سياسياً هنا هو تلك المؤشرات التي لا يذكرها الوزير أبو البصل عن صعوبة خيارات طاقمه في إدارة المسجد الأقصى حيث نقل أعضاء في البرلمان عن الوزير نفسه القول إن ممارسة وزارة الأوقاف لواجباتها اليوم أكثر تعقيداً وصعوبة مما كان يحصل في الماضي.
داخل غرفة القرار الأردنية قرأ الدرس التالي: قبل وعد ترامب المشؤوم كان الحصول على تراخيص الحراس والموظفين وتمكين الطاقم الأردني من إدارة واجباته لا يحتاج لأكثر من اتصال او رسالة لسفارة الأردن في تل ابيب.
اليوم تشدد اليمين الإسرائيلي وقصداً واستخدم قرار ترامب كتفويض شامل في ملف القدس يضم حتى البروتوكول القانوني المعني بإدارة الوصاية الأردنية يحتاج الحصول على ترخيص لدخول حارس يتبع وزارة الاوقاف الأردنية لجهد جبار، ولم يعد تدخل سفارة عمان يكفي، وأصبح الإسرائيلي يميل الى تصعيب الأمور وتعقيدها والمماطلة والتسويف، وفي بعض الأحيان يحتاج الأمر لتدخل الأمريكيين من أجل قضية فنية بسيطة في إدارة الحرم المقدسي كانت عادةً تعبر بسلاسة.
تلك هي المكافأة الغبية جداً برأي مركز القرار الأردني التي منحها الرئيس ترامب لليمين الإسرائيلي، فواحدة من نقاط الخلاف الأردنية الأساسية مع إدارة ترامب هي تلك الملاحظة والتي تقول إن أسوأ ما في قرار ترامب ليس مضمونه ولا نصوصه ولكنه ذلك الحيز الذي يمنح اليمين هدية كبرى بدون حصول واشنطن على أي تنازل حقيقي من اسرائيل.
قال الأردنيون ذلك لنائب الرئيس الأمريكي مارك بنس عندما زارهم ولغيرهم ،وكانت النتيجة عدم الاصغاء. فواحدة من أعقد مشكلات الأردن في السياسة الاقليمية والدولية أخيراً تكمن في التفصيلة التي تقول إن عمان وفجأة فقدت سحرها المعهود في التأثير بالمؤسسات الأمريكية وبالنتيجة يناكفها اليمين الاسرائيلي.
لا حلول حقيقية بعد قرار ترامب في القراءة الأردنية إلا بسقوط بنيامين نتنياهو وحكومته، حتى وإن كان السقوط لصالح متشدد يميني أكثر، لأن ما يضرب على العصب الحيوي لدى الأردنيين هي قدرات ومتابعات نتنياهو بصفته يمينياً ذكياً ويملك القدرة على التوصيف والتصنيف وحتى الترصيف السياسي.
في كل حال وعلى نحو او آخر وببساطة سياسية يلفت الوزير أبو البصل عبر دعوته النظر للإشكالية الأكبر التي تواجه الأردن، لا بل ملف الوصاية على القدس حيث أصبح تنفيذ الواجبات الوصاية أصعب بكثير مع الإسرائيليين والأمريكيين، وهو وضع تكتيكي تفاوضي جديد فاز به اليمين الاسرائيلي ولم تألفه الخبرة الأردنية مسبقاً.
يتحدث أبو البصل ورفاقه عن إجراءات عادية أصبحت صعبة ومعقدة وبعيدة المنال مثل إدارة لوجستيات المسجد الأقصى والإنفاق على حراسه وتراخيصهم وتبديلاتهم، وإدخال أي احتياجات بما في ذلك دفع فواتير، فكل تلك الإجراءات الروتينية يشاغب عليها اليوم ويناكفها اليمين الاسرائيلي الذي نجح بضغوط دولية وأمريكية وبصعوبة قبل نحو ثلاثة أشهر بإجبار الأردن على إعادة فتح سفارة الاحتلال الإسرائيلي في عاصمته عمان.
الموقف قد لا ينتهي عند تلك الإشكالات التي تثيرها فتوى الوزير أبو البصل لأن الأمريكي اليوم يحاول إقناع الأردن بأن الرئيس دونالد ترامب واحتراماً لمشاعر المسلمين والدول العربية قرر ان لا يلبي شخصياً دعوة نتنياهو في الإشراف على حفل افتتاح السفارة الأمريكية المنقولة الى القدس منتصف الشهر المقبل.
يريد الامريكيون من عمان ان تتعامل مع هذه الخطوة البائسة باعتبارها إنجازاً.
لكن الحكومة الأردنية تقول إنها مستيقظة في السياق، فالوصاية الهاشمية الأردنية على القدس ومقدساتها مسألة خارج الشكوك القانونية والسياسية ولا أحد عملياً يناقشها، والأردن لا يشعر اصلاً أنها في خطر، لكن العقدة تكمن في ان الرئيس ترامب وبحركة غير مفهومة قدم القدس مجاناً لإسرائيل وبدون بدل.. هنا تكمن المأساة الأكبر.

عندما ترهق إسرائيل «الوصاية الأردنية»: مضايقات بالجملة لحراس الأقصى وفتوى لوزارة الأوقاف: «جاوروه وناصروه»

بسام البدارين:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *بارك الله في كل من دعم فلسطين
    بشكل عام و(القدس) بشكل خاص.
    *القدس ملك جميع المسلمين ف العالم
    وعليهم نصرة القدس .
    *لن يعترف احد بقرارات الاهوج ترامب
    وسوف تبقى القدس شامخة صامدة
    (بإذن الله).
    سلام

  2. يقول سفير متقاعد-الاردن:

    موضوع سيادي مثل ملف القدس يجب ان ترعاه جهة اردنية موحدة ممثلة بوزارة سيادية بامتياز فالملف عربي اسلامي له ابعاد دولية من منظمات اقليمية مثل منظمة التعاون الاسلامي والجامعة العربية ولجنة القدس والامم المتحدة وصولا الى الاتحاد الاوروبي خاصة وان الرعاية الاردنية منصوص في اتفاق مودع لدى الامم التحدة…فاين دور وزارة الخارجية ممثلة بمكتب تنسيق عملية السلام؟ واين السفارة في تل ابيب والمكتب التمثيلي في رام الله…تتجاذب وزارات الافتاء في غياب واضح لدور الخارجية الاردنية واضمحلال لدورها في المصالح الوطنية الاردنية بسبب غياب المبادرة تارة والقيادة تارة اخرى.

إشترك في قائمتنا البريدية