ربما يمكن تصنيف الحديث الذي جاء على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي في فرنسا، ردا على سؤال وجه للرئيس الفرنسي حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر وموقف فرنسا منها، بوصفه واحدا من أكثر الأحاديث التي تنتقد حكمه بشكل مباشر، ومن أكثر شخص قريب من السلطة، وله مصداقية في الإعلان عن مواقفها بوصفه الرئيس المعني بها، والمقدم بوصفه أساس قبول النظام، والحريص على تقديم كل ما يحدث، بوصفه إنجازات غياب تبرر ضرورة البقاء في السلطة ليس للداخل فقط ولكن للخارج أيضا.
جاء حديث السيسي، الذي تم تركيز الاهتمام عليه محليا بوصفه ردا حاسما وقويا ودرسا للغرب، مؤكدا على كل العيوب التي تحيط بمصر، وكيف نتعامل مع الكثير من الأشياء من منطق الضفدع في البئر، والعالم الضيق الذي يراه من موقعه الذي لا يتغير مثله مثل من يدور في فلك السلطة ويبرر أحاديثها، بغض النظر عن الجالس على المقعد وخطابه.
ولمن يتابع أحاديث السيسي التي توجه بلغة الداخل، فإن ما جاء في حديثه في باريس يمكن أن يتم وضعه ضمن إطار الحديث عن «أشباه الدول» و»الطابونة» و»أحنا فقرا»، وحديث «يعمل أيه التعليم في وطن ضايع» الذي انتقد فيه التعليم، الذي لا ينتج شخصا تابعا للسلطة، منفذا للتعليمات ومتقبلا للحقيقة الواحدة المقدمة منها، ومن يتحدث باسمها. كل تلك العبارات كانت حاضرة وهو ينتقد الحديث عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ويطرح تساؤلات، تبدو للوهلة الأولى وكأنها منطقية، إلا أنها ليست كذلك بالنظر لمن يطرحها في نهاية فترة رئاسته، ويرى أن إنجازاته يفترض أن تؤهله للاستمرار في السلطة لفترة أخرى.
المفارقة أن إنجازات الغياب التي تحدث عنها السيسي، ممثلة في غياب المزيد من التهديدات الأمنية المحتملة جراء المزيد من الانهيارات التي كان يمكن أن تتعرض لها المنطقة، والتي حال دونها حكمه، كما يفهم من هذا الطرح، قد تقنع القادة في الغرب، خاصة أن ما يعنيهم من صفقات أسلحة واتفاقيات اقتصادية وترتيبات سياسية وغيرها من مصالح، تتحقق عبر تلك الأنظمة، وما خطاب الإصلاح والديمقراطية إلا جزء من كل، ولكنه في النهاية وللعديد من القادة في تلك الدول المتقدمة ليس أصل القصة، بقدر ما هو الإطار الذي تتم فيه التفاصيل. ولكن إنجازات الغياب تلك، التي تخص أوروبا والعالم، كما قال السيسي، تواجه بإنجازات غياب أخرى يتحدث عنها في الداخل، ولا تساعد في الدعوة للاستمرار أو للترشح، وهو يؤكد فيها على غياب التعليم المحترم وغيره من المتطلبات الأساسية للمواطن، من أجل حياة كريمة.
هذا الغياب الذي يطالب السيسي بأن تركز عليه الأسئلة بدلا من التركيز على حقوق الانسان بمفهومها السياسي، كما قال، يضر أكثر مما ينفع إن أحسن قراءة حديثه، ووضع في إطار أشمل من اللقطة والجمهور المستهدف، لأنها في النهاية تضاف لحديث الحقوق والحريات، وتؤكد أن الحقوق غائبة في شقها الاقتصادي والاجتماعي، كما هي غائبة في شقها السياسي وليس العكس.
وللتوضيح سيكون علينا العودة إلى ما جاء في رد السيسي في المؤتمر الصحافي، الذي عقد له مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 24 أكتوبر 2017 الذي طرح من خلاله سؤال للرئيس الفرنسي عن الديمقراطية والتعذيب في مصر، وإن كان قد تحدث بشكل مباشر مع السيسي عن حالات محددة، تم فيها إلقاء القبض على البعض لسنوات بدون سبب واضح. ورغم أن ماكرون سعى في رده إلى الالتزام بما هو دبلوماسي، في إطار يتناسب مع مصالح اقتصادية وسياسية مباشرة لا تهتم بحقوق وحريات، ومع التأكيد على أن موقف ماكرون أيا ما كان ليس هو المعني بهذا النقاش، فإن ماكرون ختم رده بما يمكن أن يمثل رسالة مهمة للسيسي ولكل حكم غير ديمقراطي، ولكن السيسي كما حال الإعلام المؤيد تجاوز عنها لاعتبارات مفهومة، وقد جاء في كلمة ماكرون: «أعتقد أنه عندما نكافح الإرهاب، خاصة الإرهاب الإسلامي الذي يحمل الموت واستئصال الآخر والقضاء على الآخر، نحن نكون أقوى عندما ندافع عن حقوق الإنسان واحترام الحريات الفردية». لخصت تلك المقولة جزء أساسيا من خطاب الغرب الليبرالي، عندما يكون عليه أن يتعامل مع الهامش الرفيع بين مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي من جانب، وحماية الحقوق والحريات الفردية من جانب آخر، وهو أن الإرهاب يدخل من باب التمييز ضد الآخر ويهاجم الأسس التي تقوم عليها تلك الحياة القائمة على حماية الحقوق والحريات، وإن محاربة الإرهاب لا يمكن أن تتحقق بالمزيد من القمع. حالة يمكن فيها الإشارة إلى مقولة الأديب الروسي تولستوي: «إن الشر لا يقتل الشر، كما النار لا تطفئ النار»، وأن ننقلها لواقع لا يفترض أن يتنافس فيه الإرهاب والسلطة على استخدام العنف وتوليده، أو الدفع إليه عبر الظلم وانتهاك الكرامة واستهداف أبسط قواعد الحياة الكريمة.
من جانبه تجاوز السيسي عن هذا المعنى القائم على تمتين الدول بالحرية والديمقراطية، وعمل على استخدام خطاب يناسب الغرب في علاقته بالجنوب، بوصفه مصدر تهديد حقيقي أو محتمل، وأكد على أن مصر ليست فرنسا. وربما يكون أول ما تذكرته عند سماع تلك العبارة حديث للدكتور محمد السيد سعيد المفكر المصري المعروف عن استخدام الخصوصية الثقافية، بوصفها ذريعة لعدم احترام الحقوق والحريات، أو تأجيل الإصلاحات السياسية في عالمنا العربي.
كان سعيد يرى أن الخصوصية الثقافية لا تعني أننا أقل من الدول الديمقراطية، ولا يفترض أن تكون عائقا أمام احترام حقوق الفرد وحرياته، ولكن السيسي بالمقابل يرى أن السياق الذي يجب أن تفهم فيه حالة الحقوق والحريات في مصر، لا بد أن ينطلق من سياق أننا «لسنا في أوروبا وتقدمها الفكري والثقافي والحضاري والانساني». ورغم أن السيسي تجاوز عن تكرار عباراته الشهيرة أن مصر مجرد «دولة حديثة» و»أشباه دول» إلا أنه فقط، ووفقا لتلك الرؤية التي يتبناها، يمكن أن نقول تلك العبارة بتلك السهولة بدون أن نراها بوصفها -وكما هي حقا- تجاوزا لكل الحديث عن مكانة مصر التاريخية والحضارية، المكانة نفسها التي قد يستدعيها هو أو غيره في مكان آخر عندما يتم الاحتياج إليها. وهو ما يعني أن «ظروف مصر» عملة متعددة الأوجه تستخدم حسب السياق، فإن كان المطلوب تمرير أوضاع الحقوق والحريات، يتم التركيز على الجانب المظلم الذي لا يتجاوز دولة حديثة بدون تاريخ أو عمق، وإن كان المطلوب ترويج السياحة والدفاع عن مرشح مصري في مؤسسة أو هيئة عالمية، يتم الحديث عن الحضارة والعمق والتاريخ. وإن كان التناقض من داخل الخطاب الرسمي نفسه، فمن الطبيعي أن تطرح تلك الأحاديث المزيد من التساؤلات أو المخاوف.
يخرج السيسي من الحديث مؤكدا على ما يكرره مرارا في أحاديثه عن إنجاز الغياب الذي يفترض أنه حققه بإنهاء حكم الإخوان وغياب حالة مشابهة لدول الجوار، ويضيف للغرب مكونا آخر كان يتواجد في فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، كما في غيره من النظم المشابهة، عندما يتم التركيز على دور حماية أوروبا والغرب المتقدم من مخاطر تفكك الجنوب، أو انتشار حالة عدم الاستقرار والإرهاب، بكل ما يرتبط بها من مخاوف اللاجئين، أو الإرهاب العابر للحدود. حالة تؤكد في النهاية على أهمية الفرد في معادلة الدولة، وفي معادلة الغرب الذي يجب أن يركز على أمنه وعلى أهمية تلك النظم، من أجل عدم تفجر الأوضاع. وإن كانت رؤية الغرب قد تتفق مع السيسي، وتجد في المنطقة ما يدعم تلك الرؤية، وكما جاء في حديث ماكرون نفسه، إلا أنها مهمة لأنها كاشفة عن تصورات السيسي عموما في ما يخص الحكم والديمقراطية. وهنا ظهر الاختلاف الرئيسي في خطاب السيسي المشار إليه عن أحاديث الداخل، حيث أكد على أن هدفه هو «إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة في مصر» وهو ما لا يتفق مع تصريحات الداخل التي لا تبدو فيها الديمقراطية بوصفها نقطة محورية في أحاديث تركز على إنجاز الغياب والأمن ومحاربة الإرهاب.
يوجه السيسي حديثه للغرب وينتقد بشكل غير مباشر عدم تقدير دوره في حمايتهم من تحول المنطقة إلى «بؤره لتصدير الإرهاب والتطرف والفوضى في العالم كله» بما يمس «أمن المنطقة وأمن أوروبا كمان وأمن العالم». وينتقد التركيز على انتقادات ملف الحقوق والحريات في مصر، بالتشكيك في مصادر المعلومة من جانب، ومطالبة من يرغب بتوجيه السؤال إلى المواطن البسيط في شوارع مصر، ثم يطالب بتحويل دفة الأسئلة من الحقوق والحريات إلى حقوق الشهداء والعاملين في مجال السياحة والتساؤل عن أوضاع التعليم والسكن والصحة والعمل.. التي يؤكد على عدم توفرها في حالة جيدة بقوله «ما عندناش تعليم جيد.. ما عندناش علاج جيد.. ما عندناش توظيف جيد»، وإن كانت كل تلك الأمور لم تتحقق في فترة حكمه، وإن كان الأمن لم يتحقق، وإن كانت الحقوق والحريات السياسية غائبة أو منتهكة يظل السؤال مفتوحا قبل الانتخابات الرئاسية ما الذي تحقق في مصر حقا؟
كاتبة مصرية
عبير ياسين
تساءل بلحة مندهشاً تسألون عن حقوق الإنسان ؟؟! لماذا لا تسألونى عن التعليم ؟!
وأجاب هو، معندناش تعليم !
لماذا لا تسألونى عن العلاج ؟!
أجاب، معندناش علاج !
لماذا لا تسألونى عن التوظيف ؟!
معندناش توظيف
لماذا لا تسألونى عن السكن ؟!
معندناش سكن !!
طيب معندكش حقوق انسان ولا عندك الحق فى التعليم ولا الحق فى العلاج ولا الحق فى التوظيف ولا الحق فى السكن ولا الحق فى الأمان وكلها من الحقوق الاساسية للانسان لكى يحيا!
دة انت حتى اغتصبت حق الناس فى الحياة !!
طيب معندكش كل دة ! وفوق كل دة بتجوّعوا الناس وبترهبوهم وبتخطفوهم وبتخفوهم قسرياً وبتعتقلوهم وبتعذبوهم وبتغتصبوهم وبتقتلوهم وبتحرقوهم وبتذلوا كرامة اللى خلفوهم !!
انت قلت للناس ان مصر ام الدنيا وحتبقى أد الدنيا وبعدين تروح اوربا تقولهم احنا فى مكان ثانى وتقول للناس طلوا على بلدكم ( سحيح ) دى اشباه دولة!
وعدت بأنهار من اللبن والعسل فقط ليصحو الناس على انهار من الدماء!!
طيب، انت فين من كل دة ؟!
انت وظيفتك اية ؟ انت بتشتغل اية ؟
والله مش عارف اكلمك بأى لغة ؟ اكلمك بلغة اسماعيل ياسين فى الاسطول وأقولك ( انت شغلتك اية على المدفع ؟؟!)
اوعى تقولى بلللم !
اكلمك بلغة مارى منيب فى مسرحية إلا خمسة ( واقولك انتى بتشتغلى اية أاابدو !)
معندناش كل دة، طيب مااحنا عارفين ، انت بقى عملت اييية علشان تغير من الوضع المزرى اللى احنا عايشينة بسبب شوية عساكر جهلة فاشلين فى كل شئ حتى فى العسكرية ؟! اية اللى انت عملتة غير التسوّل والإبتزاز وشوية هجايصك وفناكيشك !
وبعدين بتقول مصر دولة حديثة!! مصر دولة حديثة ياعبدة ؟؟!!
نفسى اعرف انت اتعلمت فين ؟! انهى ( أى ) مدرسة دى اللى عطتك الابتدائية ياعبدة ؟؟!!
لكن ارجع اقولك واحد بيقول ( يعمل اية التعليم فى وطن ضايع !!!!!!). تتوقع منة اية ؟!
ياخسارة يامصر بقالك 65 سنة واقعة فى ايد عصابة ارهابية جاهلة فاشلة غبية !
والله لو كان أعدى أعداء مصر بيحكمها 65 سنة مكانش حيعمل فيها كدة ولا كان حيهين ويفقر ويذل ويحتقر ويزدرى اهلها بهذا الشكل!
قلنا مصر واقعة تحت أسوأ وأحط انواع الإحتلال وهو الإحتلال بالوكالة من قبل عصابة ارهابية زعلوا مننا الكفتجية والبلحاوية!
يسقط حكم العار!
يا سيد سمير , نسيت تقول أن السيسي وعصابته باعوا أرض مصر للسعودية , وإلا القصة مش حتكون كاملة .