غزة -«القدس العربي»: لم تعد نسبة العنوسة لدى الفتيات الفلسطينيات وتأخر سن الزواج عند الشبان وتحديدا في قطاع غزة، الأقل مقارنة مع المحيط العربي، بعد أن أصبح الزواج أو التفكير بالإرتباط يكلف المقبلين على هذه الخطوة أموالا كبيرة لا تستطيع غالبية الأسر والشبان الذين يعانون من البطالة وقلة العمل توفيرها.
ففي قطاع غزة الساحلي، الذي ارتفعت فيه نسب الفقر والبطالة لتشمل 40 ٪ من عدد السكان، المقدر بأكثر من 1.8 مليون نسمة، أصبح من الممكن أن ترى فتيات يتزوجن بعد سن الـ 25، وشبانا تقترب أعمارهم من الثلاثين ربيعا، دون أن يفكروا في الزواج.
محمود جمعة هو مثل للكثير من شبان غزة فقد أنهى دراسته الجامعية منذ أربع سنوات، وعمره دون الثلاثين، لكنه لم يجد بعد فرصة عمل، حتى لو كان خارج تخصصه الجامعي. ويقول أنه يجد صعوبة في توفير مصروفه اليومي، ولا يتمكن من مشاركة مصاريف أسرته الفقيرة، فعمله يصل أحيانا لأيام أقل من عدد أصابع اليد الواحدة في الشهر، بالكاد يكفي مصروفه الشخصي.
ولهذا يقول لم يشرع في التفكير جديا في الزواج، وأن حالته هذه ربما تمتد لسنوات أخرى، فالأمر كما يقول بحاجة إلى عشرة آلاف دولار، لا يملك منها دولارا واحدا.
تعتمد غالبية زيجات الشباب قليلي الدخل في غزة على الإستعانة بمؤسسات «تيسير الزواج» وهو شكل من التقسيط، تقدم هذه المؤسسات كل متطلبات الأعراس، بدءا من فستان الفرح، وانتهاء بغرفة نوم العروسين، مرورا بالتجهيزات اللوجستية للإحتفال.
وكذلك تجد الشبان المقبلين على الزواج يترقبون فرص المشاركة في إحتفالات الزواج الجماعية، التي من خلالها يحصلون على هدايا نقدية وأثاث منزلي، تخفف عن كاهلهم بعض الأعباء.
وتجد الفتيات صعوبة في الزواج أيضا، فمنهن من أعمارهن بين الـ 25 و 30 عاما، لم يتقدم أحد لخطبتهن، خلافا لما جرت العادة حيث يطلب العريس أن لا يزيد سن الفتاة عن العشرين عاما.
وتعد ظاهرة إرتفاع المهور وتزايد معدلات الفقر، من أهم أسباب ظاهرة العنوسة، وحسب آخر أرقام قدمها جهاز الإحصاء فإن هناك 3 نساء من كل 10 لم يتزوجن، وبلغت نسبة الأرامل 5.8٪، والمطلقات 1.5٪، فيما بلغت نسبة من عقدن قرانهن لأول مرة 2.2٪، و0.2٪ منفصلات.
تحلم فتاة عاطلة عن العمل منذ ثلاثة أعوام، بعد أن أنهت تعليمها الجامعي في تخصص تربوي، بلحصول على عمل في مجال التدريس، غير أن الحظ لم يحالفها بعد، وتقول أنها تعلم أن الكثير من زميلات الدراسة ما زلن بلا زواج، وأن المحظوظات منهن حصلن على وظيفة وشكلن أسرة.
لم تجد «آلاء – ف» أي مشكلة في الزواج، فقد توظفت في إحدى مدارس وكالة «الأونروا» في غزة، ما جعلها منذ اليوم الأول لإستلام عملها مطلوبة للزواج، خلافا لعدد كبير من زميلاتها اللواتي «فاتهن القطر».
ويلاحظ بشكل جلي في القطاع، لجوء الغالبية من المقبلين على الزواج، خاصة من الشبان الى تفضيل «العروس الموظفة» في تطلع منهم لإعانتهم على حاجات الحياة اليومية، فتجد مثلا أن «الخطاب» وهو مصطلح يطلقه الفلسطينيون على أهل الشاب الراغب في الزواج، يمكن أن يدقوا باب الموظفة طلبا للزواج في اليوم أكثر من خمس مرات.
ولا يراعي الشبان الشكل الجمالي للفتيات الموظفات، كما في السابق، حيث كان الشرط الأساسي ان تكون الفتاة جميلة.
وقد رصدت «القدس العربي» حالات فتيات كما يقول المثل «فاتهن قطر الزواج» تلجأن إلى أشخاص يتعاملون بطرق «فك السحر» لتخليصهن كما يزعمن من أعمال شيطانية تحول دون زواجهن.
ويشتكي شبان غزة رغم ذلك من إرتفاع تكاليف مهور الفتيات، وتكاليف الزواج، في ظل إستفحال الفقر والبطالة، غير أن بعضا من الأسر (عددها ليس كبيرا) لجأت مؤخرا إلى تزويج بناتها بمبالغ مالية تصل إلى نصف قيمة المهور المعروفة، على أن يتم كتمان الأمر من خلال إخفاء الرقم الحقيقي للمهر أمام الأقارب والمدعويين، بالقول أنه يوازي قيمة المهور المعروفة.
ويبلغ الحد الادنى للمهر نحو أربعة آلاف دولار أمريكي، ويصل إلى سبعة آلاف دولار أحيانا، في حالة تكون العروس موظفة.
وتشير التقارير المتخصصة في الوضع المالي والاقتصادي أن نسب الفقر والبطالة فاقت الـ 45٪ من عدد السكان، بسبب الحصار المفروض من قبل إسرائيل منذ ثمان سنوات، حيث بات أكثر من مليون من السكان يعتمدون على المساعدات الإغاثية، في حين بلغ معدل دخل الفرد اليومي منهم 2 دولار فقط
أشرف الهور