إلى غاية العام ألفين وأحد عشر آمن كثيرون من العرب والغربيين، الفرنسيين على وجه التحديد، بأن تونس دولة (ومجتمعا) محصنة من «الانحرافات» بقوانينها، القديمة والحديثة، وبمنظومتها التعليمية، وبمجتمعها المدني وبنخبها «الناضجة».
في تسعينيات القرن الماضي، وعندما استباح الجزائريون بعضهم أرواح بعض وارتفع منسوب الدماء إلى الرُكب، كانت تونس هي النموذج والحلم. كثير من الصحافيين والمثقفين الجزائريين كان ينظرون إليها بعين الحسد. حسد على الحصانة والمناعة والاستقرار. كانت تونس، في نظرهم، نموذجا للحداثة ورمزاً للتسامح وأرضية عصية على التطرف الديني ـ الإسلامي. وكان بعض الصحافيين والمثقفين التونسيين يتباهون، تصريحا وتلميحا، بتلك «المناعة» أمام نظرائهم الجزائريين في المؤتمرات الدولية والإقليمية، ويتقمصون دور المنظِّرين.
بعد ألفين واثني عشر أصبحت هناك قناعة ـ وفخر ـ بأن تونس نجت مما أصاب ليبيا وسوريا واليمن من اقتتال بفضل «الحصانة» ذاتها التي توفرها الأسباب نفسها المذكورة آنفا، فتباهت النخب العربية المُحبّة لتونس بالنموذج التونسي. وتباهت به أيضا النخب السياسية والثقافية الفرنسية كأنها شريكة في إنجاز ذلك النموذج «الاستثناء» أو تمتلك فيه أسهما.
وفجأة يكتشف العالم، بفضل دور لعبه ببراعة إعلام «الممانعة» في لبنان وسوريا، ان تونس الجميلة الهادئة المسالمة المتصالحة هي الخزّان الرئيسي لعتاة الإرهابيين وأكثرهم وحشية وفتكا: من ليبيا إلى سوريا، والجغرافيا مفتوحة.
وبفضل إعلام «الممانعة» ذاته نكتشف أن تونس الجميلة الهادئة ووو.. هي كذلك المصدّر الأول لـ»مجاهدات النكاح»! وحيكت القصص مع ضخ إعلامي داخلي وخارجي «ممانع» بلغ حد الكذب والقرف.
بعيداً عن دقة المعلومات وصوابية النقاش من عدمها، من حق إعلام «الممانعة» الاستثمار في فرضية أن تونس هي الخزان الأول للإرهابيين ولـ»مجاهدات النكاح». لا يهم إن صحت هذه المزاعم أم لا، لأن الأهم لدى هؤلاء «الممانعين» ليس دقة المعلومات ومصداقيتها، بل إثبات أن ما يحدث في سوريا (ليبيا لا تهمهم لأن الحرب فيها غير طائفية) منذ 2011 هو إرهاب لا صلة له بمطالب الحرية والديمقراطية، و»مؤامرة كونية». والأهم عندهم أيضا أن الموضوع يشكل سلعة إعلامية مثيرة ومطلوبة جماهيريا، ولها سوق معتبرة في تونس قبل غيرها.
ومن حق الحكومة التونسية، حاليا وسابقا ولاحقا، الاستثمار في الموضوع ذاته لأنه يشكل متنفسا وغطاءً للاخفاقات المحتملة. أيّ حكومة في العالم تبحث عن غطاء لتبرير فشلها في الوفاء بالتزاماتها تجاه مجتمعها، فما بالك إذا كان عنوان هذا الغطاء هو الإرهاب والاضطرابات الأمنية! ومَن أفضل من إرهاب محلي ببهارات إقليمية ودولية كغطاء؟
لا يعني هذا أن أهل الحكم في تونس استثمروا حتما في الموضوع، لكن المنطق والعقل يرجحان أن لا أحد في موقع مسؤولية كبرى يمانع لو أتيح له الأمر. وحكومات تونس أخفقت في مسؤولياتها لأسباب بعضها موضوعي وبعضها لا.
ومن حق النُخب الفرنسية التي راهنت على «الاستثناء» التونسي أن تسوّق هذه الفرضية وتستثمر فيها، فتبرر بها خيبتها وتجد فيها تفسيراً لفشل رهانها.
آخر الأرقام الرسمية (على لسان وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب الأربعاء الماضي) تشير إلى وجود 2929 تونسيا في بؤر «الجهاد». عاد منهم 800 ووضعت الجهات الأمنية 137 من هؤلاء رهن الإقامة المحروسة.
وزير الداخلية اعتبر هذه الأرقام قليلة، وقال بثقة إنها «بعيدة عن الستة آلاف» (مقاتل) الذين يروَّج لهم. فليكن، وهل ثلاثة آلاف رقم قليل؟
ما يدعو أكثر إلى الاستغراب أن هؤلاء الإرهابيين «تشكلوا» بعد 2011، أي بعد زوال القمع الذي مارسه نظام بن علي. تونس هنا تشكل استثناءً عجيبا، لأن الآلاف من شبابها جنحوا للإرهاب في التوقيت الغلط وبعد زوال الأسباب التقليدية في تفسيره. جنحوا نحوه في زمن الحرية، بينما تُرجِع علوم النفس والاجتماع والإجرام انحراف الشاب نحو الإرهاب والجريمة هربا من القمع والسخط السياسي والاجتماعي.
إذاً، نحن أمام آلاف الشبان اختاروا عن قناعة وحماس مغامرة معقدة يعرفون حتما خطورة عواقبها، وليس مجرد هروب من واقع اجتماعي صعب أفرزته ثورة 14 كانون الثاني (يناير) 2011.
سمعنا عن الذين خاب املهم في الثورة وعجزوا عن تحقيق أحلامهم في العهد الجديد فركبوا البحر بالآلاف نحو أوروبا بحثا عن مستقبل أفضل. لكن أن تختار القتال في سوريا فأنت بالتأكيد تعرف جيداً ما تريد وجاهز لما ينتظرك.
مَن هؤلاء؟ لماذا ومتى وكيف تشكلوا بهذه السرعة؟ أين الوصفة التونسية المتمثلة في «الحصانة»؟ أين «الحداثة» و»العصرنة»؟ أين النظام التعليمي العصري؟ لماذا «تفتقت طاقات» هؤلاء الشبان اليوم ولم تفعل في عهد بن علي عندما كان يمكن تفهم جنوحهم لو فعلوا؟
سلسلة طويلة من الأسئلة جديرة بأن تطرَح اليوم حول ظاهرة لا يبدو أنها نالت حقها من النقاش الجاد بعيدا عن الحفلات الإعلامية «الممانِعة» داخل تونس وخارجها.
٭ كاتب صحافي جزائري
توفيق رباحي
التشويش،التشوية ،سياسة ونهج ،تمارسها أنظمة الحكم
العربية،بلا إستثناء وبلا أخلاق،في غياب مساءلة ومحاسبة
وردود الفعل لأبواق الإعلام الرسميةعلى فيلم،،العساكر،،
ومقابلة،،محمد البرادعي،،مثالان يعززان ما جاء في مقالكم.
نعم النظام الاستبدادي في عهد بن علي هو الذي دفع بآلاف الشباب لركوب البحر نحو ايطاليا.. فكان مصيرهم اما الغرق أو البقاء تحت الجسور فتلقفهم رجال المافيا و عبثوا بأفكارهم فانقلبوا الى مجرمين.. ثم السنة الأولى من الثورة و الفراغ الأمني سمح لمجموعة كبيرة بالتسلل الى خارج البلاد بحكم الحريات السائدة أنذاك.. و لا يمثل هؤلاء الارهابيين الا صفر فاصل صفرخمسة وعشرين في المائة من عدد السكان. ما نحمد الله عليه هو فض مشاكلنا بالحوار و بالتوافق و عدم اللجوء الى العنف مهما عظمت عكس جيراننا..
سؤال الكاتب الذى يهتم بالشأن التونسي أكثر من الجزائرى هل تونس “محصنة” ؟ سؤال جيد … والإجابة عنه بسؤال اوﻻ جغرافيا هل تونس معزولة فى جزيرة فى وسط المحيط الهادى ؟ الإجابة حتما ﻻ و لك ان تنظر من هو موجود فى الحدود الشرقية و من هو موجود فى الحدود الغربية …تونس بدأت مسيرة الإصلاح منذ أكثر من 150 سنة وتونس اليوم هى نتيجة هذا الإصلاح السياسي و خاصة الاجتماعي و الثقافي …ما حدث فى تونس فى 2011 و ما تلاه من محاولة تركيع و تدمير الدولة لو حدث فى بلدان اخرى مشابه فى الدين و اللغة لنسفت الدول من اصلها …و الأمثلة ﻻ تنقص ….ليبيا انتهت سوريا انتهت اليمن انتهت العراق انتهت و مصر تعيش حرب اهلية غير معلنة …لكن التونسيين و عقلانيتهم نجحوا فى ارساء ديمقراطية حديثة و دستور حديث توج الإصلاح التونسي و اكاد اجزم ان ما فى الدستور التونسي و ما وصل له التونسيين اليوم بعض الجيران يلزمهم 100 سنة اخرى من الإصلاح للوصول اليه و هذه هى الحقيقة …لكن للجواد كبوة و للمحيط تاثير …الكبوة ان تونس ابتلت بحكومة فى 2011 و 2012 و 2013 عاجزة لنقص الخبرة او مطواطئة مع اعداء الدولة و انصار الخراب و الدمار الذين هم نفسهم “اديولوجيا” من قتلوا 250 الف حزائرى فى التسعينات و ﻻ يزالوا يواصلون …و تاثير المحيط …ليبيا اصبحت ماوى للمجرمين و القتلة و كل الإرهابيين مروا من هناك و كل الماسى مرت من هناك …و ﻻ ننسى انا قادة الارهاب فى الشعانبي و السلوم وورغة هم جزائريون لقمان ابو صخر و قع تحيده و اخوه فى السلوم وغيره كثيرون فى ورغة مثلا و هذه هى حقيقة أيضاً …ساكوزى قال ان ماساة تونس موقعها الجغرافى و هذا صحيح و لكن من ماساة تونس أيضاً لنا كمية من المتطرفين الذين وقع تحويلهم الى مجرمين كثير من المجتمعات حتى العريقة فى الديمقراطية و الذين يجب تحييدهم و ليس لدى ادنى شك فى ذالك لأننا فى تونس رفضناهم و رفضنا مشروعهم و هم فهموا الرسالة جيدا لكن الطريق طويلة …و المستحيل ليس تونسيا و انا اعرف ما اقول لان هذا البلد الذي ﻻ يملك اى إمكانيات و ﻻ يعوم على بحر من النفط و الغاز له نسبة فقر اقل من هذه الدول و نسبة تعليم ﻻ تقارن و إقتصاد متنوع جدا ….تونس الديمقراطية ترفضها الدكتاتورية كما يرفضها الظلاميين لانها نقيض هؤﻻء …و تحيا تونس تحيا الجمهورية
15 إرهابي من مجموع 32 الذين هاجموا القاعدة الغازية لعين أمناس هم توانسة لحد الآن لم أسمع بجزائري هاجم السياح او التوانسة في تونس على كل حال نعود الى لب الموضوع وهو التضليل الإعلامي في سنة 2005كنت اسمع غالبا على تونس بأنها “سويسرا أفريقيا ” فقررت أن ازورها رفقة زوجتي الإيطالية بعدما الحت علي واجبرتني على زيارتها بعدما كنا مدمنين على زيارة تركيا وسوريا وبعض البلدان الإسكندنافية.
الشيء الذي شد انتباهنا أنه عندما كنا نزور المدن الساحلية نجد الشارع الرئيسي كبير وجميل كله مركبات سياحية وفنادق وملاهي وكلها ملكا للأجانب خاصة الفرنسيين و الإيطاليين ولكن عندما كنا نبتعد عن هذه الشوارع كنا نذخل في بعد آخر كما قالته لي زوجتي نحن في ستار غايت stargate فجأة نجد أنفسنا في تونس العميقة والحقيقية ،وكنا نرى الصعوبات التي يعيشها الشعب التونسي وتأكدت ان تسمية سويسرا أفريقيا ما هي إلا تضليل إعلامي وكنت متأكد ان تونس مقبلة على انتفاضة شعبية وكنت محق لأنه بعد 6سنوات على زيارتي لهذا البلد وقعت انتفاضة شعبية.
كأني قرأت قصتك في حكايات ألف ليلة وليلة.. على كل وحتى أطيل التعليق نحن في تونس لا نصدق ماتقوله المخابرات الجزائرية عن 15 أو 20 أو 30 ونعرف أن حملات التشويه على قدم وساق وشكرا على كل حال.
@سعيد:من قال ان فى تونس ليس هناك فقر و من قال ان تونس هى سويسرا أفريقيا…اما اذا اردت المقارنة فاحيلك عن اى رقم تريده وكل شئ موجود على الانترنت و سوف تجد ان تونس و رغم ما مرت به فى السنوات الاخيرة و التى ليست لها موارد طبيعية تذكر و ﻻ تسبح على بحر من الغاز و النفط هى افضل من تلك البلدان ….انت من قسنطينة اﻻ تحرجكم احزمة الفقر فيها رغم ما لكم من إمكانيات نفطية؟ سيد سعيد هذه السنة حل بتونس 2 مليون جزائرى لماذا حسب رايك ؟ لماذا فضلوا قضاء عطلتهم فى تونس على الجزائر مثلا ..؟ اترك لك الاجابة ….
اما حديثك عن ارهابي عين اميناس هذا يؤكد ما قلته الأغبياء تونسيين و زعماء الإرهاب جزائريون اليس مختار بالمختار جزائرى ؟ …انا اتمنى الخير للجزائر لكن عندما تمس تونس و يقع اعطائنا الدروس ممن ليسوا فى مكانة اعطاء الدروس الاخرين و خاصة تونس فهذا مرفوض …و تحيا تونس تحيا الجمهورية
نحن لسنا سويسرا وإنما درة المتوسط وملتقى الشرق والغرب وبلاد الحضارات وموطن ابن خلدون ولازلنا رغم كل شيئ مغناطيسا لجيراننا وينطبق عليهم مثلنا الشعبي ” لانحبك ولانصبر عليك”
اظن أن الكاتب متقلب في أفكاره ومتناقض مع ذاته
ففي اخر مرة كتب مقال بعنوان = ألو ,,,أنا
في مقاله أحسست انه يتعاطف مع هؤلاء الارهابيين العائدين ويدعو الى دمجهم
أما الان فشيء أخر تماما ,,,, انقلب في رايه 180 درجة ,,,,الحمد لله ابن قرطاجة دائما لك بالمرضاد ,,
تحيا تونس ,,, تحيا الجمهورية