بيروت- « القدس العربي »: بعد يومين على اعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية في الجانب السوري من الجرود، وفيما الخيبة تسود بعض الأوساط في لبنان من ترك مسلحي داعش يغادرون بصفقة مع حزب الله والنظام السوري من دون محاكمة، أطلّ الرئيس اللبناني العماد ميشال عون محاطاً بوزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون ليعلن انتصار لبنان على الإرهاب وليهديه إلى جميع اللبنانيين.
اما أهالي العسكريين فسيتسلمون رفات ابنائهم لكنهم يطالبون بإعدام المتهمين من داعش في سجن رومية وأعرب بعضهم عن ارتياحهم لغارة التحالف الدولي لعرقلة وصول قافلة داعش إلى دير الزور.
إذاً، في الوقت الذي استبق حزب الله الدولة اللبنانية وليحتفل بالانتصار اليوم في منطقة بعلبك، أعلن الرئيس ميشال عون انتصار لبنان على الإرهاب، داعياً «اللبنانيين ألا يتركوا اجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الايام الأخيرة تنسيهم انجاز الانتصار الذي تحقق».وقال «عندما انتقلت إلى قيادة الجيش في اليرزة يوم السبت في 19 آب، وخاطبت الضباط والعسكريين على الجبهة، قلت لهم اننا ننتظر اعلان الانتصار على الارهاب. اليوم اعلن انتصار لبنان على الارهاب، وأهدي هذا النصر إلى جميع اللبنانيين الذين من حقهم ان يفاخروا بجيشهم وقواهم الامنية. أهنئ قيادة الجيش على هذا الانجاز، وأحيّي العسكريين صانعي هذا النصر».
«أنحني أمام الشهداء»
واضاف رئيس الجمهورية «أنحني أمام الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف، واولئك الذين كانوا لسنوات خلت طليعة الشهداء الذين سقطوا بغدر الجماعات الإرهابية نفسها. اقول للعسكريين خصوصاً، كم كنا نتمنى ان نحتفل مع رفاقكم المخطوفين، لكن عزاءنا الوحيد اننا وجدناهم، خصوصاً ان معرفة مصيرهم كانت احد اهم اهداف المعركة. سنكون معهم في وداعهم ولبنان سيبقى وفياً لهم ولشهادتهم. تحية إلى أهالي المناطق الحدوديـــة الذين صمدوا ايضاً في ارضهم وواجهوا الإرهاب ومنهم من ذهب ضحيته.
الى ابناء هذه المناطق أقول ان الاهتمام بكم سيكون مباشراً والانماء سيكون هدفنا لتعزيز صمودكم وثباتكم بالأرض. اليوم اقول للبنانيين وللعالم اجمع، لبنان انتصر على الإرهاب وكان نصره كبيراً ومشرفاً. هذه البقعة التي كانت بؤرة للارهاب، ومنطلقاً للعمليات الانتحارية عادت إلى حضن الوطن بفضل الجيش. اثبت الجيش اللبناني في هذه المعركة النظيفة انه الجيش القوي، الجيش الوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من ارضنا، وتميّز بهذه المعركة بمستوى القتال المهني الذي لفت انظار العالم. إلى اللبنانيين اقول لا تدعوا اجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم التي سادت في الايام الأخيرة تنسيكم انجاز الانتصار الذي تحقق.اعلموا جيداً ان جيشكم الوطني حقق ما عجزت عنه حتى الان جيوش ودول ما زالت تصارع الإرهاب والإرهابيين، ومن واجبنا جميعاً كمسؤولين واحزاب وشرائح اجتماعية مختلفة، حماية هذا الانتصار، وتثميره بالتقارب الوطني، والبناء عليه للتطلع إلى المستقبل، ومواصلة حماية لبنان من انعكاسات ما يجري من حولنا، والانكباب على المشاريع الاقتصادية والانمائية، لملاقاة تطلعات اللبنانيين وآمالهم».
قائد الجيش
ثم ألقى قائد الجيش كلمة جاء فيها «قبل ان ابدأ بشرح مسار العملية العسكرية، اعلن اليوم، باسم لبنان والعسكريين والشهداء الابرار، وباسم ابطال الجيش اللبناني العظيم، انتهاء عملية «فجر الجرود». هذه العملية التي بدأت فجر السبت 19 الشهر الحالي، كانت من اجل تحقيق هدفين: الأول طرد الإرهابيين من الاراضي التي كانوا موجودين فيها في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة، والثاني هو معرفة مصير العسكريين. وبدأت المعركة بمرحلة تحضيرية شملت تضييق الخناق على المسلحين. وكانت الساعة صفر يوم السبت، شملت مرحلتها الأولى احتلال مجموعة من الاهداف. وكان الإرهابيون في وجهنا، فإما ان يُقتلوا وإمّا ان يفرّوا باتجاه الاراضي السورية. والمناورة التي قمنا بها من جهتنا، كانت من الغرب باتجاه الشرق بمعنى ان الحدود اللبنانية-السورية كانت تحت سيطرتهم، ونحن لم تكن لدينا سيطرة عليها، بالقوى، فقمنا بتضييق الخناق عليهم من جهات ثلاث. ومع انتهاء المرحلة الأولى، انتقلنا إلى المرحلة الثانية مع مجموعة اهداف ثانية، ومنها إلى المرحلة الثالثة. وبقيت لدينا المرحلة الرابعة والأخيرة التي كنا قد خططنا لها ان تبدأ يوم الاحد من خربة داود إلى وادي مرطبيا. وكانت بالنسبة الينا المرحلة الاصعب لأن طبيعة الأرض مختلفة، وهي جبلية، وكنا نعلم ان الإرهابيين زرعوا فيها الكثير من العبوات، وكافة قواهم امّا هربت باتجاه الاراضي السورية او تجمعّت في هذه البقعة. وظهر لنا عائق ثان وهو وجود عائلاتهم المدنية. ونحن كمؤسسة عسكرية نتقيّد بالقوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان، لذلك نعمل على تحييد المدنيين بقدر ما نستطيع.»
اضاف قائد الجيش «بدأنا هذه المرحلة يوم الخميس-الجمعة. وشهد يوم السبت قصفاً مدفعياً على اهداف مركّزة، كي نتمكّن قدر المستطاع من تحييد المدنيين وعدم الحاق الاذى بهم. وصباح الاحد عند السابعة، كان امر الانطلاق بالساعة صفر لانتهاء المرحلة الرابعة والأخيرة. اتصل بي اللواء عباس ابراهيم واطلعني ان الإرهابيين وافقوا على وقف اطلاق النار بشرط معرفة مصير العسكريين. فكنّا امام خيارين: إمّا مواصلة المعركة وعدم معرفة مصيرهم، او القبول بالامر ومعرفة هذا المصير بالاضافة إلى الاخذ بعين الاعتبار انّ ارواح العسكريين على الجبهة هم امانة في اعناقنا. فاذا كان بامكاننا ربح معركة من دون ان نخوضها يكون ذلك بمثابة الانجاز الأساسي».
وتابع «لقد سمعنا كثيراً في الايام الماضية، هذا التساؤل: لماذا لم يواصل الجيش المعركة؟ انا أفهم عاطفة الناس واقدّر محبتهم، لكن هناك مسؤولية في عنقنا. ومن الاساس اذا كان في امكاننا ربح المعركة بكاملها من دون ان نخوضها، يكون ذلك بمثابة انجاز لنا.»وقال: «وصلنا إلى هنا، وهناك رفات تم انتشالها. والهدف الثاني للمعركة، بالنسبة اليّ لم يتحقق بانتظار نتائج فحوصات الـ DNA. ومع صدور هذه النتائج، اعتبر عندها ان الهدف الثاني قد تحقق. لكن العمليات العسكرية، وفق المفهوم العسكري، قد انتهت. وانا اليوم اعلن انتهاء هذه العمليات، خاصة ان وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة دخلت بالامس إلى خربة داود ووادي مرطبيا، وقامت بعمليات تفتيش وتأكدت من خلوها من اي وجود للمسلحين».
وختم قائد الجيش «من الناحية العسكرية، اشتركت في هذه المعركة فرق عدة، من القصف الجوي إلى سلاح المدفعية والقوى التي تناور على الأرض. وخطة المناورة التي وضعناها هي التي اثّرت عليهم وفاجأتهم، إذ كانوا يتوقعون الهجوم من مكان فدخلنا عليهم من مكان آخر، كما استخدمنا الخدعة معهم، وحشدنا من جهات ثلاث ولم نجعلهم يعلمون من أين كان الجهد الرئيسي. وعنصر المفاجأة هذا هو الذي جعلهم «يهرّون». لذلك لم نر من توقيفات، فلا أسرى لدينا، فامّا يقتل المسلح او يفّر باتجاه الاراضي السورية. في النهاية لا يسعني الا ان اقول امراً واحداً: انا احيي ارواح الشهداء الذين سقطوا على ارض المعركة، متمنياً للجرحى الشفاء العاجل. بالأمس استشهد لدينا عسكري كان يخضع للعلاج في المستشفى نتيجة اصابته بحروق، فأصبح عدد شهدائنا سبعة. لا يمكنني الّا ان احييهم وانحني امامهم، واكرر تمنياتي بالشفاء العاجل للجرحى، على امل الانتهاء من هذا الملف وتحقيق الهدف الثاني قريباً ان شاء الله. لقد حقق الجيش الانتصار وبزغ فجر الجرود».
تزامناً، وفيما واصلت وحدات الجيش تعزيز مراكزها المُستحدثة في المواقع المحررة في الجرود وتوسيع انتشارها شرقاً مثبّتةً بذلك السيادة اللبنانية على الحدود، اشارت معلومات إلى «ان نتائج «DNA» لستة جثامين ثبتت انها تعود لستة من العسكريين الذين كانوا مخطوفين لدى تنظيم «داعش»، ليبقى اثنان ينتظران نتائج الفحوصات لتحديد هويتيهما.
وفي ما خص جثّة الجندي عباس مدلج الذي اعدمه تنظيم الدولة منذ أكثر من سنتين من دون تسليم جثته، اشارت المعلومات إلى ان الرفات التي اكتشفت يُعتقد انها تعود له، لكن صدور نتائج فحوص الحمض النووي سيأخذ وقتاً لان الجثة متضررة لانها كانت في العراء.
ويستعد الجيش بعد الإعلان الرسمي لإقامة احتفال يوم الخميس في 7 أيلول/سبتمبر المقبل بعد ان يُقيم تشييعاً رسمياً للعسكريين الشهداء الثمانية في وزارة الدفاع في اليرزة.
في هذه الأثناء، نقلت صحيفة «النهار» عن مصادر دبلوماسية من الولايات المتحدة الأمريكية « أن دوائر القرار المسؤولة في واشنطن عن متابعة تطور الموقف في منطقة الشرق الأوسط، تلقّت بسلبية قرار وقف معركة «فجر الجرود» في السلسلة الشرقية للبنان قبل الوصول إلى الخواتيم التي كانت مرسومة لها، تحديداً قبل بلوغ وحدات الجيش اللبناني الحدود الدولية المرسومة مع سوريا، وتحريرها من مسلحي تنظيم داعش بمعزل عن التنسيق مع حزب الله وجيش النظام السوري. وتشير إلى عواقب فورية للموقف الأمريكي، وأخرى على مدى أبعد، من بينها سحب 50 دبابة حديثة كانت الادارة الأمريكية سلّمتها إلى الجيش اللبناني ضمن كمية ضخمة من الأسلحة المتطورة والذخائر».
هذه الصيغ الخطابية إنما هي صيغة مسلسل لبناني رديء وبإخراج سياسي ضعيف، مفضوح الأبعاد والمضمون، وبالاتفاق مع الميليشيات اللبنانية لحزب الله وتنظيم الدولة التي رعته قوى النظام السوري والايراني بعد ولادته من رحم الأول.
إذا كان الهدف للمرحلة الثانية من الهجوم العسكري ” ابعاد” قوى تنظيم الدولة (؟؟؟ ) باتجاه الشرق، حسبما أفاد قائد الجيش، رغم أن كل القوى المحلية والإقليمية والدولية المعنية تسعى إلى ” اجتثاث الإرهاب والقضاء عليه وانهاءه وطي صفحة الماضي له ( حيثما وجد وأينما وجد وكيفما وجد ) ” ، لماذا هذا التحول المفاجيء في البقاء على عناصر التنظيم الإرهابية !!! ،بل وتسهيل انتقالها إلى ساحة أخرى مع احتفاظها بقدرتها القتالية الفردية (انه التواطؤ المفضوح لنظم الاستبداد الأمني / الطائفي وملحقاتهم ) هل فصول المسرحية الاستخباراتية للدول الإقليمية لم تنتهي بعد ، نظرا لعدم القضاء على جذور الثورة الجماهيرية المفتوحة النهايات والتي لم تنتهي بعد!!!
لقد آن الاون لهذه المسرحية المفضوح ” تنظيم الدولة” أن تختتم حلقتها الاخيرة، فعلى من تعزف مزاميرك ياعسكر! !!