حلب – «القدس العربي»: عادت محافظة إدلب، شمال سوريا، إلى واجهة الأحداث مجدداً، حاملة في جعبتها تطورات ميدانية وسياسية هامة، خاصة مع عودة الحملة العسكرية للنظام السوري على مدن وبلدات المحافظة، وكذلك الظهور العلني الأول لتنظيم الدولة، على دائرة الأحداث فيها.
وعلى صعيد التطورات الميدانية، قصفت مقاتلات حربية للنظام السوري مناطق في شمالي مدينة إدلب، مما أدى إلى مقتل 16 مدنياً معظمهم من النساء والأطفال وجرحت العشرات، في قصف جـوي طاـل بلدة تفـتناز.
وقال الدفاع المدني في صفحته على موقع «فيسبوك» إن طائرات حربية للنظام السوري، شنت غارة على مشفى الأطفال في البلدة ما أدى لمقتل عشرة مدنيين معظمهم من المراجعين، بينهم أربعة أطفال وامرأة، وإصابة آخرين بجروح.
مشفى خارج الخدمة
كما أدت الغارات الجوية إلى خروج مشفى «النور» للتوليد والأطفال عن الخدمة، في حين طالت الغارات مدن «بنش، أريحا، رام حمدان»، وغيرها، مما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى بين المدنيين.
وكانت محافظة إدلب شهدت تصعيداً عسكرياً خلال الأيام الماضية حيث كانت طائرات حربية روسية قصفت بلدة زردنا ما أسفر عن سقوط 50 قتيلاً وعشرات الجرحى حسبما قال الدفاع المدني في ادلب.
عسكرياً أعلن تجمع «سرايا داريا» عن تنفيذه و»هيئة تحرير الشام»، هجوماً ليلياً على مواقع شيعية تتبع لميليشيات كفريا والفوعة، في ريف إدلب، وقال مصدر مقرب من «التجمع» لـ «القدس العربي»: إن العملية الأمنية ضد تلك الميليشيات، جاءت رداً على المجزرة المروعة التي ارتكتبها المقاتلات الروسية قبل أيام فقط في «زردنا» والتي راح ضحيتها أكثر من خمسين مدنياً سورياً.
المصدر، الذي فضل حجب اسمه، أشار إلى نجاح العملية التي وصفها بـ «الدقيقة»، مؤكداً مقتل ستة عناصر من الميلشيات، وحصول المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام على أسلحتهم، والعودة دون أي خسائر بشرية في صفوفهم.
تجمع «سرايا داريا»، وهو تشكيل عسكري جديد، ولد في الشمال السوري، أواخر شهر- آذار- مارس من العام الحالي، ويضم مقاتلي المعارضة السورية، ممن تم تهجيرهم من مدينة داريا، في غوطة دمشق الغربية، ويعرف التجمع عن نفسه بأنه يتعاون مع التشكيلات العسكرية كافة للمعارضة في الشمال السوري، ويتجنب أي اقتتال أو نزاع داخلي بين الفصائل.
وأكدت وتبنت أيضاً هيئة «تحرير الشام» العملية العسكرية المنفذة ضد مواقع عسكرية في كفريا والفوعة، وذكرت الهيئة في بيان لها، إن الهجوم تم تنفيذ خلال ساعات الفجر، واستمرت الاشتباكات لنحو ساعة، ما تسبب بمقتل ستة عناصر من الميليشيات الموالية لقوات النظام.
ويذكر أن هذه العملية هي الثانية من نوعها حيث قامت هيئة تحرير الشام بعملية مشابهة في بلدة الفوعة قتل على إثرها عدد من الميليشيات بالاضافة لاغتنام كمية من الأسلحة والذخائر، وفق ما أعلنته المعرفات التابعة للهيئة.
ظهور في إدلب
وشهدت بلدتا كفريا والفوعة خلال الأيام الماضية اشتباكات عنيفة إثر عمليات تسلل للمعارضة تارة ولقوات النظام تارة أخرى، خلفت قتلى وجرحى بصفوف قوات النظام والميليشيات الإيرانية المحاصرة فيها.
في تطور، ليس بمفاجئ، ولكن توقيته مكمن السر، وفق ما قالته مصادر مطلعة في الشمال السوري، أعلن تنظيم «الدولة»، عن ظهوره في محافظة إدلب، شمالي سوريا، عبر إصدار جديد، من الإصدارات التي يتقنها التنظيم ضد خصومه، معلناً عن قتل خمسة عناصر يتبعون لهيئة تحرير الشام.
وفي التفاصيل، أعدمت مجموعة قالت إنها تنتمي لتنظيم «الدولة»، خلال يومي السبت، والأحد، ثلاثة عناصر لـ»هيئة تحرير الشام» في محافظة إدلب شمالي سوريا، ونشرت الخلية صوراً للعناصر الثلاثة مقطوعي الرأس، وعنونتها بعبارة «ولاية إدلب»، وقالت إن عملية الإعدام رداً على اقتحام «تحرير الشام» معسكراً لتنظيم «الدولة» قرب بلدة سلقين.
كما أعدم تنظيم «الدولة» شنقاً عنصرين آخرين أحدهما من «الهيئة» أيضاً، وعلقت جثة أحد القتلى على جسر الحديد في مدينة أريحا وألقت بجثة الآخر على الطريق، وعلقّت على ملابسهما البرتقالية عبارات مكتوبة على ورق مقوى، تشير إلى أن التـنـظيم هو الـقـاتل.
وقال التنظيم في بيان له أن عملية الإعدام جاءت رداً على العملية الأمنية التي استهدفت بها «هيئة تحرير الشام» قبل أيام عدة معسكراً للتنظيم في قرية كفرهند قرب مدينة سلقين في ريف إدلب الغربي، والتي قتلت الهيئة فيها 22 عنصراً من عناصر التنظيم وأسرت 6 آخرين بينهم قيادي.
المرصد السوري لحقوق الإنسان كان وثق اغتيال 137 شخصاً على الأقل، في ريف إدلب وريفي حلب وحماة، هم 35 مدنياً بينهم 6 أطفال ومواطنتان، اغتيلوا من خلال تفجير مفخخات وتفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار واختطاف وقتل ومن ثم رمي الجثث في مناطق منعزلة، و87 مقاتلاً من الجنسية السورية ينتمون إلى هيئة تحرير وفصائل المعارضة السورية، و15 مقاتلاً من جنسيات أوزبكية وآسيوية وقوقازية وخليجية، اغتيلوا بالطرق ذاتها، منذ الـ 26 من نيسان / أبريل الفائت من العام الجاري. ويتجاوز عدد سكان إدلب 2.65 مليون نسمة، بينهم 1.16 مليون مهجر داخليًا، حسب إحصائية لمنظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.