غازي الشوّاشي: لا توجد معارضة هدّامة في تونس والحكومة هي من تسبب في أحداث قرقنة

حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: قال الأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» غازي الشوّاشي إن الائتلاف الحاكم في تونس يسعى لـ«تمييع» عمل اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في «وثائق بنما» كي لا تصل إلى نتائج في هذا الملف، كما حمل الحكومة مسؤولية الاحتجاجات الأخيرة في جزيرة «قرقنة»، وانتقد اتهامها للمعارضة بإثارة الفوضى في الجزيرة، معتبراً أن «ليس هناك معارضة هدامة في تونس»، كما وصف ملف النفط في بلاده بأنه «صندوق أسود ينخره الفساد»، وأشاد، من جهة أخرى، بقرار وزارة الشؤون الدينية استغلال المدارس لتحفيظ القرآن، مشيراً إلى أن هذه الخطوة ستعزز وجود خطاب ديني معتدل يواجه الخطاب المتطرف للجماعات الإرهابية.
وأضاف في حوار خاص مع «القدس العربي»: «قدمنا عريضة لتكوين لجنة تحقيق برلمانية للبحث والتحقيق في موضوع وثائق بنما، وتمت المصادقة عليها لاحقاً، لكن مكتب البرلمان قرر إحداث هذه اللجنة من 22 عضواً أي باعتماد قاعدة التمثيل النسبي، وبالتالي فإن أغلب أعضائها (18 عضواً) من الأحزاب الحاكمة و4 فقط من المعارضة، ونحن نعتقد أن إحداث لجنة بهذا العدد الكبير من الأعضاء وأغلبهم من الأحزاب الحاكمة ربما يكون رغبة لتمييع عمل اللجنة وتهميشها كي لا تصل إلى نتائج، فلجان التحقيق في العالم يكون عدد أعضائها محدوداً كي تصل لنتائج سريعة وناجعة، وكان الأفضل تشكيل لجنة مكونة من بضعة أعضاء فقط (عضو من كل كتلة) كما حدث في لجنة التحقيق البرلمانية السابقة في شبهة التعذيب والتي كان عدد أعضائها 7 فقط».
واعتبر أن اعتماد قاعدة التمثيل النسبي في تشكيل اللجنة المذكورة سيؤدي بالضرورة إلى اختيار رئيسها من الأحزاب الحاكمة و»هذا لا يعطي مصداقية لهذه الأحزاب ولا صورة إيجابية للداخل أو الخارج، ويتناقض مع روح هذه اللجان البرلمانية، والإشكال الثالث، طبقاً للنظام الداخلي للبرلمان، هو أن هذه اللجنة ليس لها صلاحيات واضحة، واللجان بدون صلاحيات من الصعوبة أن تحقق أهدافها وأن تتوصل إلى نتائج ملموسة، ونحن نخشى أن لا نلقى تعاوناً من الجهات الرسمية وحتى الأجنبية باعتبار أن صلاحيات اللجنة غير واضحة وليس هناك نص قانوني يهيكل صلاحيات مثل هذه اللجان البرلمانية».
من جهة أخرى، حمل الشواشي الحكومة مسؤولية الاحتجاجات في جزيرة «قرقنة» (جنوب شرق) والتي تخللتها بعض أعمال الفوضى، مضيفاً «مشكلة قرقنة معروفة للجميع وهو أن الدولة أخلّت بالتزاماتها، فهناك محضر جلسة تم إمضاؤه في شباط/فبراير 2015 على أساس أن الحكومة تتعهد بموجبه بتسوية وضع الشباب الحاصلين على الشهادات العليا في نهاية كانون الثاني/ديسمبر 2015، ولكن للأسف الشديد الحكومة لم تلتزم بتعهداتها وهو ما حرك الشباب في قرقنة وقاموا بالاعتصامات، بالطبع هناك تجاوزات من قبل بعض الشباب، التسبب بإغلاق شركة بتروفاك ومنع العمل والنشاط والدخول والخروج منها وهذا شيء مرفوض وتجرمه جميع القوانين، ولكن الاحتجاجات مشروعة ومضمونة في الدستور التونسي».
وكان رئيس الحكومة الحبيب الصيد اتهم قبل أيام أطرافاً من «الجبهة الشعبية» وحزب «التحرير» الإسلامي بتأجيج الأوضاع في «قرقنة»، وهو ما دعا الجبهة لاتهامه بمحاولة «تشويه» صورتها.
وعلق الشواشي عل الأمر بقوله «الخطاب الرسمي بتوجيه الاتهامات للمعارضة في الاحتجاجات الشعبية هو أمر معتاد، وهذه ممارسات وخطاب قديم، والمعارضة من دورها المساهمة في الاحتجاجات على أن تحافظ على الحالة السلمية واحترام القوانين، ولكن أن يتم اتهام المعارضة بأنها المحرك الوحيد والساعي لتأجيج الاحتجاجات الاجتماعية فهذا كلام مردود على رئيس الحكومة، وهو (رئيس الحكومة) مطالب بإيجاد حلول حقيقية وجدية لمواجهة الاحتقان الاجتماعي والتهميش والفقر والبطالة وليس توجيه الاتهامات جزافاً للمعارضة مهما كان موقعها، فليس هناك في تونس معارضة هدامة أو تسعى لتخريب الأوضاع البلاد او إسقاط الحكومة».
وكان الشواشي توجه بسؤالين إلى وزير الطاقة والمناجم منجي مرزوق يتعلقان بالتناقض في مداخيل النفط الخام بين عامي 2008 و2013، فضلاً عن تعاقد الشركة التونسية للغاز مع شركة «جنرال الكتريك» الأمريكية بما يخالف الدستور التونسي.
وأوضح هذا الأمر بقوله «وجهت سؤالين لوزير الطاقة والمناجم، يتعلق الأول بتقرير المراقبة لسنة 2014، والذي ذكر أن هناك فوارق لإنتاج وتصدير النفط وأنا ذكرت بالأرقام وطلبت من الوزير أن يقدم لنا جواباً شافياً لهذا الأمر، لأننا ما زلنا نعتقد بأن ميدان انتاج وتوريد واستغلال وتصدير النفط يكتنفه الغموض وهو ما زال صندوقاً أسود حتى الآن وينخره الفساد من كل مكان».
وأضاف «السؤال الثاني يتعلق بالتعاقد بين شركة الكهرباء والغاز وجنرال الكتريك بدون احترام القوانين وبدون منافسة وعدم احترام الفصل 15 من الدستور الذي يقتضي أن كل عقد يتعلق بالطاقة يجب أن يمر على البرلمان لأخذ المصادقة».
من جهة أخرى، أشاد الشواشي بقرار وزارة الشؤون الدينية استغلال المؤسسات التربوية في العطلة الصيفية في تحفيظ القرآن للتلاميذ، مضيفاً «لا بد أن يكون لدينا خطاب ديني يتجه لمكافحة الخطاب المتطرف الذي تروجه الجماعات الإرهابية، فالإرهاب في الأصل فكر متطرف ولا بد أن نواجهه بفكر معتدل يبث السلام ومستمد من ديننا الحنيف، وتحفيظ القرآن شيء محمود وجيد ويدخل في هذا المجال، ولا بد من تشجيع هذه المبادرة».
وحول خوف البعض من أن يؤدي الأمر لنتائج عكسية، قال «بالعكس أعتقد أن الأمر سيؤدي لنتائج إيجابية، في حال كان الأمر مدروساً بحكمة ووعي، ويمارسه أشخاص دارسون وكفاءات تعرف كيف تروج الخطاب المعتدل بطريقة جيدة، فنحن بحاجة لهذا الخطاب غير الموجود في الإعلام أو المساجد كي يعرف شبابنا أن لدينا ديناً سمحاً ومعتدلاً، وليس متطرفاً يدعو إلى القتل وإرهاب الآخرين ونشر الإسلام بالقوة والعنف (كما يروّج البعض)».

حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية