غامبيا: توقعات ببدء استخدام القوة اليوم لطرد الرئيس جامع من العاصمة

حجم الخط
0

نواكشوط – «القدس العربي» : مع صدور هذا العدد اليوم الجمعة، وإذا لم تحدث تطورات مفاجئة، وحسب تأكيدات مصادر سنغالية معنية بهذا الشأن، ستكون قوات مجموعة غرب إفريقيا تتقدمها وحدات الجيش السنغالي الخبيرة بالمنطقة، قد أخذت مواقعها على التراب الغامبي لطرد الرئيس يحيى جامع من السلطة التي رفض مغادرتها أمس في آخر يوم من مأموريته لصالح خلفه الفائز أداما بارو في انتخابات كانون الأول/ديسمبر الرئاسية.
ويأتي انتشار هذه القوات، بعد أن أدى الرئيس المنتخب بارو اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية غامبيا مساء أمس بمقر سفارة غامبيا في العاصمة السنغالية داكار، وهو الأداء الذي يجرد يحيى جامح الرئيس المهزوم من أي صفة دستورية له كرئيس لغامبيا، كما أنه يسمح اعتماداً على مباركة المجموعة الدولية، باستخدام القوة لطرد الرئيس المهزوم من العاصمة.
وتتوقع المصادر العسكرية السنغالية أن تجري عملية طرد الرئيس الغامبي المخلوع من العاصمة بانجول بكل سهولة، لأن قوات مجموعة غرب إفريقيا الجاهزة جواً وبراً وبحراً، لن تواجه مقاومة مربكة، ما دامت غالبية الشعب قابلة لذلك، وما دام قائد أركان الجيش الغامبي قد أكد أن القوات المسلحة الغامبية التي هي في الأصل قليلة العدد والعدة، والتي رفعت رايات بيضاء في مقارها، لن تشارك في أية عمليات قتالية.
وتتولى نيجيريا القوة الجهوية والقارية الأكبر في غرب إفريقيا، الجانب المهم في العملية العسكرية في غامبيا، حيث أعلنت قيادة أركان الجو النيجيرية عن إرسال كتيبة من مئتي مظلي مع أسطول جوي يضم طائرة حربية وطائرة مراقبة واستطلاع وطائرة هيلوكوبتر.
هذا وأكدت مصادر مقربة من الرئيس الغامبي المخلوع «أن يحيى جامع قد اتخذ جميع احتياطاته للجوء الى موريتانيا في مرحلة أولى قبل استقراره للإقامة في المملكة المغربية».
وتحدثت هذه المصادر عن إقلاع طائرة شحن قبل أيام من مطار بانجول لوجهة غير معروفة قيل إنها العاصمة الموريتانية نواكشوط، محملة بسيارات فخمة للرئيس الغامبي المهزوم يحيى جامع، وبصناديق تحوي خزائنه وشؤونه الخاصة، وذلك تمهيداً لهروبه إذا اقتضت الظروف ذلك.
وكان الوسطاء القادمون من غينيا والمملكة المغربية وموريتانيا قد فشلوا كلهم في إقناع جامح بمغادرة السلطة والسماح لخلفه باستلام مهامه الدستورية، مع أن مراقبين في العاصمة الموريتانية يتوقعون تجدد فرصة أخيرة للوساطة الموريتانية، إذا تغير موقف الرئيس المهزوم وتأخر التدخل العسكري في غامبيا المتوقع اليوم.
وبسبب صداقة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مع الرئيس جامع، فقد علقت الجهات المهتمة بغامبيا وكذا المراقبون لأزمتها، أمس آمالاً على وساطة الرئيس الموريتاني التي قام بها في الساعات الأخيرة قبل منتصف ليلة الخميس موعد انقضاء ولاية الرئيس جامح الدستورية.
وأجرى الرئيس الموريتاني محادثات مطولة ليلة الخميس مع الرئيس جامع في بانجول وكذا مع الرئيس الغامبي المنتخب آداما بارو بمطار داكار الدولي بحضور الرئيس السنغالي مكي صال.
وأدلى الرئيس الموريتاني بتصريح متفائل للوكالة الرسمية قال فيه «لا يمكنني أن أبرر غيابي عن غامبيا في هذه الفترة الحاسمة، أنا هنا للوقوف مع الأشقاء الغامبيين في هذه المرحلة الصعبة، وأجريت مباحثات مع الرئيس وأخرج منها أقل تشاؤماً، وسأعمل من أجل حل يرضي الجميع ويخدم مصلحة غامبيا».
وبرغم هذا التصريح المتفائل فلم تتمخض وساطة الرئيس الموريتاني كسابقاتها الوساطة المغربية والوساطة الغينية، عن قبول الطرفين لأي اتفاق لأن القضية، حسب توضيح مصدر دبلوماسي سنغالي، لا تقبل أنصاف الحلول فإما أن يغادر جامح الرئاسة بجميع ما يطلبه من ضمانات وإما أن يبقى فيها لتطبق في حقه مقتضيات القوة حسب الخيار «ب»، بعد استنفاد متاحات الخيار «أ» القائم على الدبلوماسية.
وفي هذه الأثناء تشهد غامبيا خضوعاً لحالة طوارئ خفيفة تقتصر على بعض الدوريات المتحركة، كان الرئيس جامح قد سنها قبل يومين قبل أن يمددها البرلمان الغامبي لثلاثة أشهر.
ويشهد الصف الموالي للرئيس جامع، مع الزمن، تناقصاً كبيراً من الناحيتين الكمية والكيفية، حيث استقالت نائبة الرئيس عيساتو انجي سايدي، واستقال عدد كبير من الوزراء بينهم وزراء الخارجية والمالية والإعلام، إضافة لعدد من السفراء والمسؤولين السامين.
وتشهد العاصمة الغامبية بانجول حسب أخبار مساء أمس هدوءاً حذراً، وبدت شوارعها شبه خالية من المارة، وعم الإغلاق معظم متاجرها ودكاكينها، كما أن السكان بدأوا يشعرون بنقص في مواد التموين وبخاصة رصيد الهواتف والخبز والسمك.
ونقلت الأخبار الواردة من غامبيا أخباراً عن ازدحام السياح الهاربين في مطار بانجول، بعد أن اضطرتهم الأوضاع لقطع عطلهم وسياحتهم قبل موعد انقضائها بعدة أيام.
ويولي نظام الرئيس السنغالي مكي صال، اهتماماً كبيراً للأوضاع في غامبيا ولطرد الرئيس المزعج يحيى جامح من رئاسة جمهورية غامبيا التي يعتبرها سياسيو ومؤرخو السنغال أرضاً اقتطعها الاستعمار من السنغال.
كما تولي موريتانيا اهتماماً للأوضاع في غامبيا بالنظر لوجود جالية موريتانية كبيرة ناشطة في المجال التجاري في هذا البلد منذ عقود، وبالنظر لسياسات التوازن الإقليمي في شبه المنطقة؛ وللمملكة المغربية هي الأخرى اهتمامها الخاص بغامبيا الداخل ضمن توجهاتها الإفريقية وفي إطار تضامنها الإستراتيجي المعروف مع السنغال.
وبين طموحات دول شبه المنطقة وأطماع قوى الاستعمار، تدور هذه الأيام حول غامبيا التي تملك ميناء تجارياً حياً على المحيط الأطلسي، تجاذبات كبيرة بين من مصلحته في الإبقاء على الرئيس المهزوم ومن يريد كنس نظامه وتولي خلفه الرئيس المنتخب مهام الرئاسة في هذا البلد الصغير الذي تحيط به الأراضي السنغالية من الشمال ومن الشرق والجنوب.
هذا ووصف يعقوب الشيخ سيديا الخبير الموريتاني المختص في الشؤون الإفريقية تنصيب رئيس غامبيا الجديد توصيفاً طريفًا، حيث كتب في تدوينة له مساء أمس «أصبحت غامبيا برئيسين أحدهما على الأرض ينكره المجتمع الدولي وتغاضبه أغلبية الشعب في نفسها، والآخر في «السماء» تعضده شرعية شعبية ودولية عارمة، وفي انتظار ذلك ونظراً لضيق مقر السفارة الغامبية في داكار؛ فسيكون حفل التنصيب من الناحية الإخراجية، أقرب إلى زفاف امرأة ثيب لرجل يحتفظ باثنتين قبلها في إحدى ضواحي بانجول».

غامبيا: توقعات ببدء استخدام القوة اليوم لطرد الرئيس جامع من العاصمة
بعد أداء الرئيس بارو اليمين في سفارة غامبيا في داكار وفشل الوساطات
عبد الله مولود

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية