غراهام يزاود على نتنياهو والسيسي يسترضي زعماء اليهود

حجم الخط
1

حتى الرياء والنفاق والتملق والمزايدة، لها حدودها عند معظم البشر، إلا عند سياسيي الولايات المتحدة، خاصة أولئك المشرعين في الكابيتول هيل في واشنطن من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، فالرياء والنفاق وحتى الكذب عند معظم أعضاء هذين المجلسين، هو احتراف بلا حدود.
وتزداد جرعة التملق في كل قضية تخص إسرائيل أو لها علاقة بمصالحها، عندها تراهم يغالون في مواقفهم المؤيدة «للطفل المدلل» ويحطمون كل أرقامهم القياسية في هذا المضمار، ويصبحون أكثر ملكية من الملوك انفسهم، كما يقولون، ويتصرفون بتشدد أكثر من اللوبيات الصهيونية، مثل لجنة العلاقات العامة الإسرائيلية الامريكية المعروفة بمختصرها «ايباك»، ويزاودون حتى على ساسة اسرائيل من غلاة اليمين، وتصدر عنهم تصريحات يندى لها جبين حتى اصدقائهم الصهاينة، وينسون بل يتناسون القيم الأخلاقية التي يختبئون وراءها ويحاضرون بها علينا بين الحين والآخر عندما يكون الامر بعيدا عن إسرائيل، ولا يرون الخطأ الأخلاقي في دعم الاحتلال.
وهذا التملق والدعم لاسرائيل ليس نابعا من حب لها، بل حب رأس المال اليهودي الذي يمول حملات هؤلاء المنافقين من اعضاء مجلس الشيوخ والنواب معا وهم للأسف كثر.
ولا مبالغة في ما اقول، ففي الاسبوع الماضي اختتمت ادارة باراك اوباما الذي توسمنا به خيرا في بداية ولايته الاولى في 2009، عندما أطلق مقولته الشهيرة من جامعة القاهرة «لا مفاوضات مع الاستيطان» وهيج مشاعر العرب الرسميين في حينها، لينهيها بتوقيع اتفاق أضخم مساعدات عسكرية مع اسرائيل بقيمة ثلاثة مليارات و800 مليون دولار بالسنة ابتداء من عام 2019 ولمدة عشر سنوات، أي بزيادة قدرها 700 مليون دولار في السنة عن الاتفاق المطبق حاليا. وجاء في البيان الامريكي ان اتفاق المساعدات الامنية يعتبر أكبر التزام عسكري امريكي يجري تقديمه لدولة اخرى في تاريخ الولايات المتحدة.
وعبّر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وكذلك اركان حكومته اليمينية المتطرفة عن سعادتهم بتوقيع هذا الاتفاق الضخم واعتبروه انتصارا بعد مفاوضات مضنية، وتأخر توقيع الاتفاق لاسابيع، ليس بسبب خلاف بين المفاوضين من الطرفين أو بسبب عدم رضى الجانب الاسرائيلي، وخلافا لما يقوله المثل «اذا عرف السبب بطل العجب» فانه لمَا عرف السبب زاد العجب، فسبب التأخير لم يكن اسرائيليا بل امريكيا مصدره ليس البيت الابيض، وانما «كابيتول هيل» خصوصا غراهام، لاستحقاق اسرائيل تمويلا ومساعدات أكبر بكثير مما قدمته لها ادارة اوباما. وانطلاقا من هذه «القناعات» أو بالاحرى المزايدات مع اقتراب موعد الانتخابات التي تشمل أيضا انتخابات جزئية للكونغرس، أعلن غراهام وهو رئيس لجنة ميزانية المساعدات الخارجية، أن الكونغرس غير ملزم بهذا الاتفاق لانه لم يكن طرفا فيه، ومزايدا على نتنياهو المعروف بقدرته على انتهاز اي فرصة يمكن ان تعزز نفوذه، قال إن اسرائيل ارتكبت خطأ عظيما بالتوقيع على الاتفاق، لأنه كان بإمكان نتنياهو ان يحصل على اتفاق أفضل لو انه انتظر رحيل الرئيس اوباما عن البيت الابيض. ومجيء الرئيس الجديد سواء كان هيلاري كلينتون الديمقراطية او دونالد ترامب الجمهوري.
ويزعم وربما يكون في ذلك صادقا، أن هناك دعما واسعا في اوساط الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، لزيادة هذه المساعدات. تصوروا ان غراهام يزاود على نتنياهو نفسه باتهامه بأن توقيعه على الاتفاق والالتزام بعدم المطالبة بالمزيد من المساعدات وضع أصدقاء اسرائيل في الكونغرس في وضع محرج. وتوضح صحيفة «هآرتس» أن غراهام لزعماء الجالية اليهودية» هذا كنت سأقوله لنتنياهو «انك تقوم بعمل ممتاز في شرح الاحتياجات الامنية لإسرائيل والتهديدات التي تواجهها خلال زيارة اعضاء من الكونغرس لاسرائيل، لذلك لا يمكنك ان تحكي لنا عن كل هذه الاحتياجات، وتفعل العكس».
وسيعمل غراهام من أجل سن قانون يمنح اسرائيل مساعدات إضافية خارج نطاق الاتفاق الحالي، بقيمة 600 مليون دولار خلال عامي 2017 و2018. وهو لا ينوي التراجع عن طلب زيادة المساعدات لإسرائيل. وتابع تصريحه لـ»هآرتس» «انا أقول لكم إن رئيس الحكومة ارتكب خطأ، انه خلق وضعا لا يستطيع فيه اصدقاء اسرائيل في الكونغرس، من الحزبين، مساعدتها. في نهاية الأمر اريد القول لاسرائيل ان الكونغرس صديقكم، فلا تسحبوا البساط من تحت ارجلنا.
ومن نافلة القول إن غراهام وعد في العام الماضي برد عنيف اذا ما حاول مجلس الامن فرض حل على اسرائيل بتبني مشروع السلطة الفلسطينية الشهير الذي لم ير النور بسبب التلويح بالفيتو الامريكي.
والشيء ذاته يتكرر هذا العام ولكن على نحو أكبر وأوسع.. فمن أصل 100 هم مجمل اعضاء المجلس، وقع 88 سيناتورا على رسالة تدعو الرئيس أوباما إلى إجهاض اي مشاريع قرارات أحادية الجانب في مجلس الأمن بشأن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والمقصود بذلك المشروع الذي تحدث عنه الرئيس عباس في خطابه أمام الجمعية العامة أول من امس، ويدعو لإدانة الاستيطان الخ. وطالبوا الأسرة الدولية بالامتناع عن اتخاذ أي خطوات قد تمس بفرص تحقيق تقدم ملموس لاستئناف المفاوضات.. إنهم بعد كل هذه السنوات ما زال لديهم الامل، والحقيقة انني أحسدهم على تفاؤلهم الفائق، ويؤكدون أيضا ان الولايات المتحدة لا تزال وسيطا حيويا في هذا الصراع.
ولا لوم على هؤلاء فمصلحتهم هي في ارضاء الصوت او بالاحرى الجيب اليهودي في الولايات المتحدة وتقديم الولاء والطاعة للممول. وهناك من يقنعهم بأن أملهم في الفوز بمقاعدهم في مجلسي الشيوخ والنواب، كأمل ابليس في الجنة من دون الدعم المالي والاعلامي والسياسي اليهودي، وهذا لا يمكن الحصول عليه الا من خلال المبالغة والغلو في التصريحات والافعال الداعمة لاسرائيل، فاذا كان ذلك التملق والتزلف لكسب رضى اللوبيات اليهودية، غريبا ومستهجنا من المسؤولين الامريكيين، فكيف يكون رد الفعل عندما يصدر عن رئيس اكبر دولة عربية.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى قبل أيام، وراء الابواب الموصدة في نيويورك مع عدد من زعماء اليهود، ولا غضاضة في ذلك فيمكن تبرير ذلك بانه يأتي تحت عنوان التعايش بين الأديان أو التسامح الديني إلى آخره من هذه الديباجة، لكن ما سربته صحيفة «جيروساليم بوست» يقول غير ذلك، فالسيسي لم يطلب من زعماء اليهود التدخل لوقف الحملة المسمومة ضد الاسلام والمسلمين، ولم يناشدهم الضغط على حكومة اسرائيل لإنهاء محنة «الاشقاء الفلسطينيين» بتحقيق السلام وإنهاء المشاكل التي تعصف بالشرق الاوسط، بل جاء لكسب رضى زعماء الجاليات اليهودية خاصة الامريكية، بطمأنتهم على مستوى التنسيق الأمني السلس القائم بين السلطات المصرية وإسرائيل في موضوع محاربة ما اتفق على تسميته دوليا «الارهاب» لضمان وضع آمن في شبه صحراء سيناء. وفي السياق ذكرت الصحيفة أن سلاح الجو الإسرائيلي يشارك في الهجمات ضد تنظيم «الدولة» في سيناء. وطمأن السيسي الحاضرين بأن مصر تسيطر على الوضع في سيناء، وثمّن التعاون الوثيق بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل في الحرب على «الإرهاب». وأكد امامهم، التزامه بالإصلاحات الدينية وحقوق الإنسان في مصر. واخيرا إذا كان هذا الحال هو حال زعيم اكبر دول العرب، فلا يحق لنا ان نستهجن مواقف الاخرين لا سيما مزايدات غراهام على نتنياهو في حبه لاسرائيل.

كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

غراهام يزاود على نتنياهو والسيسي يسترضي زعماء اليهود

علي الصالح

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hadib:

    من الأمور التي كانت تحيرني تحريم الإسلام القاطع للربا لدرجة أن القرآن جعله الجريمة الوحيدة التي عقوبتها الإذان بحرب من الله ورسوله. ولكن عندما علمت كيف تستخدم الصهيوماسونية الربا to subvert societies أي للسيطرة علي المجتمعات وتخريبها عرفت الحكمة الربانية. ولذا يؤسفني أن أقول للكاتب علي الصالح أن الأمور أسواء بكثير من تصويرك لها. فالصهيوماسونية حركة شيطانية لا تسيطر علي كثير من أعضاء الكنغرس الأمريكي (بمجلسيه الشيوخ والنواب) عبر المال فحسب، بل عبر أشياء قبيحة مثل إستدراجهم لممارسة pedophilia أي الاعتداء الجنسي على الأطفال وتصويرهم في أوضاع فاضحة لإبتزازهم إذا حادوا عن أداء ماتريده منهم. ومن أراد الدليل عليه بالإنترنت وكتاب أعتبره eye opener أي (يفتح عيون العميان كما نقول بالعامية) إسمه Trance Formation of America (بالمناسبة هذا الكتاب يفضح فعائل رؤساء مثل ريغان وبوش الأب). أيضاً راجع أربعة اشرطة فيديو علي اليوتيوب بعنوان Illuminati Wife Tells All تتحدث فيهن زوجة أمريكية مكلومة فجعت في ما شاهدته من إفساد الصهيوماسونية لكبار ضباط الجيش الأمريكي (وحتي بعض الضباط العرب الذين يتم إبتعاثهم الي أمريكا). أيضاً هذا الفيديو القصير الذي يوضح ال Heart Attack Gun أي مسدس النوبة القلبية الذي تستخدمه مخابرات الصهيوماسونية لقتل ضحايها من دون ترك أثر (لربما كان الوسيلة التي تم التخلص بها من الرئيس جمال عبدالناصر).
    https://www.youtube.com/watch?v=BSEnurBApdM

    راجع الشريط الأول، الذي شاهده قرابة الخمس مليون شخص، لل Illuminati Wife Tells All أي زوجة أحد المتنورين تحكي القصة بحذافيرها علي:
    https://www.youtube.com/watch?v=S8ly0c0_Rnk

    وبالمناسبة أنا لا أورد هذا الكلام للتحبيط، وأنما ليدرك الناس أن الصهيوماسونية حركة شيطانية وأن المولي جلّ وعلا حتما سوف ينصرنا عليها. (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)(النساء 76).

إشترك في قائمتنا البريدية