الناصرة – «القدس العربي»: قالت مصادر في إسرائيل نقلا عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض، إن نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس قرر تأجيل زيارته لإسرائيل لمدة شهر بعدما كانت مقررة اليوم الأربعاء. ووفق السبب المعلن فإن التأجيل مرتبط بعملية تصويت داخل الكونغرس.
وحسب المسؤول المذكور الذي تحدث لصحيفة «هآرتس»، فقد طلبت الإدارة من بينس البقاء في واشنطن، من أجل المشاركة في التصويت الذي جرى في الكونغرس أمس على الإصلاح الضريبي الذي يدفعه الرئيس دونالد ترامب. ورغم تأجيل الزيارة، سيصل مبعوث الرئيس الأمريكي جيسون غرينبلات الى اسرائيل، كما هو مقرر، لـ «تعزيز جهود البيت الأبيض للتوصل الى اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين».
وبعد التصريحات المتحيزة للاحتلال وآخرها استخدام حق النقض الفيتو في الأمم المتحدة عرض الرئيس ترامب في واشنطن، أمس، استراتيجية الأمن القومي لإدارته، التي تصرح بشكل قاطع ان «اسرائيل ليست المسؤولة عن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط». ويعني ذلك أن البيت الأبيض يتبنى مجددا لرؤية دعائية تحاول إسرائيل تسويقها في العالم، مفادها أن القضية الفلسطينية ليست منبع عدم الاستقرار في المنطقة وذلك بهدف غير معلن لتخفيف أو منع ضغوط عليها لإنهاء الاحتلال وإحراز تسوية مع السلطة الفلسطينية.
وجاء في وثيقة السياسة المفصلة انه «على مدار عقود تم اعتبار المواجهة بين اسرائيل والفلسطينيين بمثابة العامل الرئيسي الذي يمنع السلام والازدهار في المنطقة»، زاعمة أن التهديدات الناجمة عن تنظيمات «الإرهاب» الجهادية، الى جانب ايران، تخلق، اليوم، الاعتراف بأن اسرائيل ليست مصدر المشاكل في المنطقة». وتؤكد الوثيقة «التزام الولايات المتحدة بدفع اتفاق شامل يكون مقبولا على الاسرائيليين والفلسطينيين».
وبعد نشر الوثيقة السياسية، ألقى الرئيس ترامب خطابا في واشنطن أعلن فيه أن «الدولة غير المستعدة للانتصار في الحرب لا يمكنها أن تمنع الحرب»، ووعد «بتعزيز سياسة السلام من منطلق القوة».
مقارنة وزير الخارجية الألماني
ومقابل الموقف الأمريكي أدلى زيغمار غابرييل، أحد قادة الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني، الذي ما زال يشغل منصب وزير الخارجية، بتصريحات اعتبرتها أوساط في إسرائيل «استفزازية» وخلال نقاش حول «معاداة السامية» مع ناشطين عرب ومسلمين في برلين، عقب المظاهرات التي جرت ضد إسرائيل في ألمانيا، ردا على تصريح ترامب حول القدس قارن غابرييل سياسة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بسياسة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من نتنياهو انه خلال المناقشة، قيل إنه بدلا من الحديث عن «معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال، تتحدث ألمانيا عن مزاعم انتشار معاداة السامية بين الشباب». وردا على ذلك، قال غابرييل للمشاركين: «هذا ليس صحيحا، لقد انتقدت الحكومة الألمانية على الفور قرار ترامب وتحتفظ بالحق في التعبير عن انتقاد لسياسة الحكومة الإسرائيلية» في هذه المرحلة، وذكر أنه خلال زيارة قام بها قبل بضع سنوات الى الخليل، أعلن بنفسه أن ما شاهده هناك ذكره بالفصل العنصري.
لماذا تعارض أوروبا دائما؟
ويعتبر المؤرخ الإسرائيلي البروفيسور ايال زيسر ان إعلان ترامب أثار، كما كان متوقعا، ردود فعل غاضبة بين الفلسطينيين وحلفائهم، أما رد فعل أوروبا الغاضب فهي أقل قابلية للتوقع، بل ربما لم يكن متوقعا. وتابع في مقال نشرته «يسرائيل هيوم» «يبدو أن العاصفة الناجمة عن إعلان ترامب في القارة الأوروبية كانت أكثر قوة من تلك التي خرجت من البلدان العربية».
في معرض تفسيره يزعم زيسر ان موقف أوروبا من إسرائيل سيتأثر دائما بالماضي، بتلك الآراء الراسخة إزاءها كدولة للشعب اليهودي. ويتابع ساخرا «في الثلاثينيات من القرن العشرين، تم تلطيخ الكثير من الجدران في أوروبا بشعار «أيها اليهود اخرجوا إلى فلسطين». اليوم يمكن أن نجد على الجدران نفسها شعار «أيها اليهود أخرجوا من فلسطين». وحول «التأييد الأوروبي للقضية الفلسطينية» قال إن الأسباب لا تكمن بالضرورة في غياب المودة لليهود أو التعاطف الخاص مع الفلسطينيين، ولكن في المصالح الساخنة والباردة. مدعيا ان مثل هذه المصالح، وقفت على سبيل المثال، في قاعدة التنكر الأوروبي للأكراد ومطالبتهم بتقرير المصير. ويخلص للقول «هذا مزيج من المصالح الاقتصادية – النفط في الماضي، والتجارة والاستثمار مع الدول العربية والإسلامية، اليوم – وإلى جانب ذلك الخوف من المهاجرين؛ من الذين هاجروا بالفعل إلى القارة، وأصبحوا قوة انتخابية كبيرة، ولكن أيضا الخوف من انتشار المتطرفين الإسلاميين وحتى الإرهاب. كما ان الخوف ينبعث من المهاجرين المحتملين، الذين ما زالوا يعيشون في الشرق الأوسط، ويسعى الأوروبيون إلى منعهم من الوصول إلى القارة.
وديع عواودة: