«غزوة» الجامعة الأردنية تمد لسانها… ونواب الشعب «شفطوا» الحكومة … وإسرائيل تقرأ القرآن

كان لافتا تصدر أحداث الشغب الأخيرة في الجامعة الأردنية النشرة الإخبارية لمحطة «الجزيرة» القطرية.
من قرروا تنفيذ «غزوة الجامعة» الفضائحية بكل حال أردنيون يتشدقون ليلا نهارا ويزاودون على الجميع بالولاء والإنتماء.
نعم الصحافة الأردنية أطلقت عليها إسم «غزوة الأردنية»، حيث اقتحم 200 ملثم مسلحون بالهراوات والشباري «جمع شبرية وتعني سكينة» وبعض السيوف الحرم الجامعي ونفذوا عرضا ميليشياتيا بامتياز على مرأى من العالم وتحديدا أجهزة الأمن في عرض يمد تماما لسانه ساخرا من غرق النخب في «مدنية الدولة».
شاهدت أشرطة الفيديو المتسرية عن العرض الميليشياتي وأكثر ما لفتت نظري صيحات المجموعة المنظمة .. «هينا جينا ..هينا جينا».. تلك عبارة باللهجة الأردنية تعني «ها نحن قادمون».

غزوة بامتياز

العبارة توحي بأن قبيلة تغزو أخرى..عندما دققت في التفاصيل وسألت أقاربي الطلاب تبين لي أن الملثمين الذين حضروا من أبناء مدينة السلط والخطاب موجه لميليشيات مماثلة تنتحل صفة طلاب تحدتهم بالحضور من أبناء مدينة الطفيلة.
نعم هذا ما يحصل في القرن الواحد والعشرين وبعد أيام فقط من ورقة ملكية نقاشية تتحدث عن «دولة مدنية» ودولة مؤسسات وقانون وفي حرم أبرز جامعة محلية ومن قبل شبان جامعيون وتم تحطيم كلية «العلوم الإنسانية».. لاحظوا معي مفردة «الإنسانية».
شخصيا لا أعرف كيف تمكن القوم من إدخال مسدسات وأسلحة رشاشة وسيوف للحرم الجامعي، رغم احاطة الجامعة بقوات الأمن؟ في لحظة من هذا النوع يبدو سؤالي ساذجا وما أعرفه شخصيا أن استدعاء ذهنية القطيع الجهوي أو السماح لها بالانفلات يهدف لشيء وليس بمحض الصدفة، فالفيسبوك قبل الغزوة بيومين كان مليئا بالمعلومات من نوع «.. ننتظركم.. وسنحضر».

شعب يشفط الحكومة

حتى كاميرا التلفزيون الأردني لم تتجاهل اللقطة النادرة.. برلماني «عريض المنكبين شلولخ» يتحرك كالبلدوزر بمجرد إعلان منح الثقة لرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي بهدف التهنئة.. لم يكن عناقا عاديا ولم تكن قبلة عادية بل «شفطة» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وعلى رقبة رئيس الوزراء المشفوط.
البرلماني بدا وكأنه من فرط الفرح في حالة «إغماء» على رقبة الرئيس وأحد الزملاء سأل علنا .. هذه بوسة أم حجامة؟
المشهد ذكرني بأفلام «أم بي سي 2 « المتخصصة في مصاصي الدماء، لكنها تهنئة حيوية بكل حال على الطريقة الأردنية وإن كان الملقي نفسه لم ينتبه لرقبته المشفوطة فقد هاجمه المهنئون من كل صوب وحدب حتى أن رئيس مجلس النواب صاح أكثر من مرة لتفريق ممثلي الشعب المندفعين على رقبة وأكتاف وعناق الحكومة.
نعم شاهدت بعيني بعض حاجبي الثقة وهم يبادرون قبل غيرهم بالتهنئة على أمل أن لا تعاقبهم الحكومة وتمنع عنهم الخدمات.. نعم بين هؤلاء رصدنا بعض الإخوان المسلمين.

سكاكين ومطبخ

كان يمكن لكابتن الطهاة في برنامج «توب شيف» المستر جون التغاضي عن جزئية «تسليم السكاكين» عندما قررت لجنة الحكم طرد ممثلة فلسطين الطاهية جمانة من المسابقة التي دخلت البيوت عبر «أم بي سي» مجددا في صرعة تقليد جديدة للشاشات الغربية.
ببساطة قالت إحدى عضوات لجنة التحكيم للمشاركة الفلسطينية.. «جمانة سلمي سكاكينك» وأضافت» قد نزورك في القدس ونأكل من طعامك».
في القدس ثمة إنتفاضة سكاكين والشهداء يسقطون بالعشرات بسببها ومنتج البرنامج كان يمكنه التبرع ولو رمزيا لإبنة القدس بطقم السكاكين بعدما أنفق الملايين على عرضه الجديد الذي خطف قلوب ربات البيوت.
كيف يمكن لمن يطبخ أن يبدع تحت الضغط؟ شخصيا لا أعرف وسعدت لأن المشارك المصري بتاع «الطعمية» فاز في الجولة الأخيرة وأتوقع قريبا بعد لفت أنظار الجماهير أن تدخل شركات الإتصالات على الخط قريبا.. ترقبوا حفلة الإحتيال الإستثمارية الوشيكة وهذه المرة بدون كتاب «أبله نظيرة».

إسرائيل تقرأ القرآن

خطر في ذهني وأنا أشاهد قناة إسرائيل الثانية وأتصفح موقع «سي أن أن» في الوقت نفسه أن أسأل رجال الإطفاء الفلسطينيين الذين شاركوا في إخماد حريق اسرائيل بـ «مهنية رفيعة»، كما قال الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية السؤال التالي: أين كانت هذه المهنية مختبئة عندما أشعلت عصابة جيش الدفاع قطاع غزة؟ هل تحركت إطفائيات «الجار الإسرائيلي» لإنقاذ الطفل أبو خضير بعدما أحرقه المستوطنون بالديزل وألقوا به في بئر عميقة؟!
إسرائيل وهي تحترق أطلقت على منابرها الرسمية آيات عدة من القرآن الكريم لتذكير الشامتين العرب بقيم الدين التي ترفض الشماتة.. فجأة إسرائيل تقرأ القرآن على أصحابه وفجأة لا تخجل الدول العربية وهي تستمتع لتقرير التلفزيون الإسرائيلي يعلن «وافق نتنياهو على إلحاح مصر والأردن على تقديم المساعدة».
يعني الجماعة لم يطلبوا المساعدة بل عرضناها وتأملنا أن يقبلها نتنياهو.. إسرائيل تعلن «جارك – حبيبك – والصديق وقت الضيق» .. أنا لست بصدد تلك المناقشة البائسة حول أيهما يحترق شجر إسرائيل أم شجر فلسطين المحتل، وأعرف أن تل أبيب تقدم لمصر ولبلادي الأردن معلومات استخبارية يوميا عن إرهابيين محتملين هي دعمتهم ويمكن للقوم إرسال إطفائيات، كما يحلو لهم لكن مطالبي متواضعة جدا وبسيطة.. فقط طالبوا بمحاكمة قاتل القاضي الأردني الشهيد رائد زعيتر في الأثناء.

مدير مكتب «القدس العربي» في عمان

«غزوة» الجامعة الأردنية تمد لسانها… ونواب الشعب «شفطوا» الحكومة … وإسرائيل تقرأ القرآن

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    مخطط تمام مثل ما حدث في اميركا هم من افتعل الحريق الله يستر ما بعد الحريق سوف يحرقوا الأخضر والايابس والاقصى وتهجير الفلسطنيون وغزو البنان وسوريا وضرب ايران اتذكر كلامي

  2. يقول محمد حسنات:

    ،،…مع أن قوانين جامعتنا الأم،هي نفس قوانين جامعة إكسفورد،، !.بس الحشوة مختلفة،عقليآ وثقافيآ !.
    لدينا ، بوابات بمداخل بطاقات إلكترونية،وأسوار حديدية وحراس أمن جامعي !. ورغم ذالك الغوغاء يقتحمون حرم الدار! هل هذا معقول ؟!.

  3. يقول سيف.السودان:

    فعلاً ، الكوارث الطبيعية تجعل العالم يتوحد ويتعاون لمعالجة الكارثة ،لكن ان تكون هذة الكارثة هي نار او الجحيم ومع اليهود في بلدهم ، لها مفاهيم كثيرة تتراقص في مخيلة الشخص ، اعجبتني اشادة الاسرائيليين برجال الاطفاء الفلسطييين مما يدل التوحد لمواجة هذة الكارثة……..

  4. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. اليس وسام شرف ان يمتدح الاعلام الاسرائيلي اداء اطفائيات سلطة رام الله في اخماد حرائق اسرائيل؟ . ثم اليس وسام شرف آخر على جبين مصر والاردن اعلان التلفزيون الاسرائيلي موافقة ( نتنياهو على إلحاح مصر والأردن على تقديم المساعدة)؟. شهامة الثلاثي اعلاه تقول (الجار ولو جار) وكذلك (الجار قبل الدار.) الم تسمع بهذه الامثال وغيرها كثير؟ يا بسام اعقل.
    ويا اخ بسام كيف تطالب الاطراف الثلاث اعلاه بان يطفئوا حرائق غزة وهي تشتعل على جثث ارهابيين؟ امرك عجيب يا بسام. والاعجب في امرك انك تطالب بمحاكمة قتلة القاضي الاردني
    رائد زعيتر وكيف تسلل الى عقلك انه ليس ارهابيا؟.

  5. يقول سامح //ا الاردن:

    * ما حصل ف (الجامعة الاردنية) فضيحة
    ومهزلة ومسخرة بكل المقاييس.
    * أين صوت (الحكومة ) من هيك مهزلة؟؟؟!
    * لماذا لم تحاول قوى الأمن المختلفة التدخل
    وحفظ كرامة الجامعة والوطن ..؟!
    * هل معقول ما زالت (العشيرة) أقوى من الدولة ؟؟؟!
    حمى الله الاردن من الحاقدين والمخربين
    والفاسدين.
    سلام

  6. يقول محمد حاج:

    نعم في دول عربية كثيرة تكون القبلية والعشائرية في مكانة أقوى من الدولة نفسها ، عندا تطغى العصبية والعنصرية لأبناء القبيلة الواحدة ضد الآخرين فتلك القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في أية لحظة ، ورأينا أن الدولة لا تستطيع السيطرة عليها لوحدها ، إذا كان وجهاء القبيلة وزعماؤها هم من ينادون بتكريس تلك الآفة التي تنخر في مجتمعاتنا ، لا سيما أنها تبرز بوضوح أثناء الانتخابات البلدية أو البرلمانية ، ليس مصيبتنا في الحكومات فقط ، بل في العديد من أفراد الشعوب العربية الذين يهاجمون حكامهم بيدٍ ويبطشون بالاخرين بيد أخرى ، إنها أزمة أخلاق .

  7. يقول حسام محمد:

    من احرق الأشجار لا يستحق العيش على تلك الارض كان فلسطينيا او اسراءيليا!!

  8. يقول خليل ابورزق:

    مقال جميل و على الوتر الحساس و دقيق الى حد كبير
    اما عن غزوة الجامعة و ما قبلها وما بعدها وما يماثلها كثير، اليس عجيبا وجود بل ازدهار العشائرية في الاردن و هي تنظيم ما قبل الدولة الحديثة؟ و بعد 95 عاما على نشوء الدولة الاردنية؟ وفي مجتمع اغلبيته على مستوى جيد من التعليم و الكفاءة ؟؟ بل في دولة مكتملة الانشاء و القوانين؟ و ذات جهاز امني هائل و جيش كبير و قوي؟؟ اليس عجيبا ضعف مؤسسات المجتمع المدني مثل الاحزاب و النقابات و الجمعيات بالنسبة للتنظيم العشائري؟ وكل هذا على الرغم ان اغلبية المجتمع غير قبلية و لا عشائرية؟ و ان نحو 80% من السكان يعيشون في مدن مختلطة تسود فيها سلطة الدولة الحديثة؟؟
    من المسؤول عن كل هذا؟ من المسؤول عن اعاقة التطور الطبيعي للمجتمع؟ من المسؤول عن النفخ في العشائرية بدون مقوماتها؟
    و للعدل فان مثل هذا موجود في معظم الدول العربية حيث يتم تغذية الفروق الدينية ان وجدت او الطائفية او المذهبية او المناطقية او اي شيء. وفي نفس الوقت خنق الاحزاب و النقابات و الجمعيات واي تنظيم مدني طبيعي.

إشترك في قائمتنا البريدية