بيروت – «القدس العربي»: «نايلة وفراس» مثال لكثير من العلاقات العاطفية بين شباب لبنانيين، تنتهي إلى لا شيء. شباب يعيشون نزاعاً داخلياً بين نداء الرحيل أو البقاء. لماذا لا يريد الشباب الاستثمار في بلدهم؟ هم لا يعرفون. يعرفون فقط أنهم مشتتون. غنى ضو، مخرجة لبنانية في تجربتها فيلمان قصيران، وفي مهرجان بيروت الدولي للسينما عُرض فيلمها الجديد «ونمضي» أو «As We Go» في قائمة الأفلام القصيرة. وكان واحداً من أفلام متعددة سلطت ضوءاً على جانب من حياة الشباب، بل تجاوز المرحلة للسؤال عن نهايات العمر. «القدس العربي» إلتقت ضو وكان الحوار التالي:
■«ونمضي» هو حكايتك مع الرحيل. ومتى مضيت من لبنان؟
ـ نعم استوحيت بعضاً من تفاصيل الفيلم من أفكار راودتني في السنوات الخمس الماضية. كذلك من حوارات مع شباب لبنانيين حكوا عن علاقاتهم الغرامية، ومن ثم كتبت هذا السيناريو قبل أن أترك لبنان سنة 2014. قبلها مررت في رحلة ضياع عن القرار الذي يستوجب اتخاذه. جاء قبولي في الجامعة لدراسة الماجستير في الإخراج وكتابة السيناريو في باريس مساعداً ليكون القرار تلقائيا. كتبت السيناريو لأني وجدت في «نايلة وفراس» النموذج المعبر عن غيرهم من الشباب. هما في العمر الذي يفرض تحديد المستقبل. فراس أكثر ارتباطاً بوطنه من نايلة. وفي نهاية الفيلم لا نصل منها إلى جواب نهائي، لكننا نشعر ونعيش قلقها.
■ أولى مشاهد الفيلم بدت نايلة ومن ثم دودة تحاول قطع الطريق. كم يشبه الانسان هذه الدودة في سعيها؟
ـ قصدت تشبيه نايلة بالدودة. وتصويرها كان الأصعب في الفيلم. كانت الصعوبة في إيجاد الدودة أولاً، وفي اجبارها للسير في الطريق، الذي وضعته لها من نقطة ألف إلى باء. وقد أعيدت اللقطة أكثر من مرة. وهذه الدودة تم اختيارها من بين العشرات من الديدان في بلدتي كفرشيما.
■ إن كان البقاء في الوطن مصدر قلق، فهل الإستقرار العاطفي والنفسي ينتظرهم في الرحيل؟
ـ في رأيي يحتاج كل من يغادر وطنه إلى سنوات كي يفهم حالته النفسية والجسدية مع قدره الجديد. حيث تابعت دراستي وحياتي في باريس وجدت الراحة والاستقرار النفسي. برأيي أن الناس تبقى في الأماكن التي تختار أن تبدأ فيها الحياة من جديد لأنها تجد ما يناسبها. الأهم في حياتنا أن نعرف أن لا مكان مثالياً للحياة. أينما نكون سيبقى الحنين ملازماً لنا لأنه من طبيعتنا.
■ إلى جانب الشباب كان لأزمة الانسان الطاعن في السن حضورها الموازي في الفيلم. لماذا الجمع بينهما؟
ـ أعيش في كفرشيما منذ ولدت، وجيراني لم يتبدلوا. «وفاء» تمثل عدة نساء منسيات ومتروكات دون معيل وفي أوضاع صعبة. فهل من المقبول أن يكون كبار السن متروكين للقدر وشفقة من يحيطون بهم؟ تلك النسوة مات أزواجهن وليس لديهن أبناء. جمعت الموضوعين معاً لأن الشباب سيصبحون يوماً كباراً في السن. رأت نايلة مستقبلها في لبنان من خلال عيني وفاء المكسورة لوحدتها في الحياة. الحياة الكريمة في الكبر واحد من المعايير التي تساعد لحسم القرار في البقاء أو الرحيل عن مكان ما.
■ ماذا عن الأفلام التي قدمتها حتى الآن؟
ـ سبق وقدمت فيلماً وثائقياً بعنوان «علِّة غير علْتي» ويحكي عن العلاقات العاطفية بين الشباب المسيحيين والمسلمين. وثّقت ردات الفعل على تلك العلاقات من خلال رأي والديَ بها. وهذا ما يقع أيضاً من ضمن تجاربي الشخصية. وطبعاً هذه التجارب ليست مشتركة بين جميع من هم في عمر الشباب.
■ وماذا عن الفيلم الثاني؟
ـ هو روائي قصير عنوانه «بتعرف كفرساس»؟ هي قرية متخيلة تشبه الكثير من القرى اللبنانية. محور السيناريو سبعة من أعضاء بلدية لبنانية تلقوا دعوة للحوار في جلسة لمجلس النواب اللبناني. يتناول الفيلم رحلة هؤلاء الأعضاء في باص من قريتهم «كفرساس» إلى بيروت، دون أن يصلوها. يتناول الفيلم صراع النفوذ القائم بين سياسيي لبنان من خلال نموذج مصغر يشكله اعضاء البلدية. الرحلة في هذا الباص تعطي للمشاهد شكلاً عن كيفية اختيار اللبنانيين لسياسييهم أو ممثليهم في مجلس النواب.