قاسم سليماني قائداً للجيش العراقي؟

حجم الخط
31

أعلن أحمد الأسدي، الناطق باسم فصائل «الحشد الشعبي» الشيعية، أن قائد «فيلق القدس» الإيراني الجنرال قاسم سليماني موجود الآن في العراق لقيادة هجوم فصائل «الحشد الشعبي» على الموصل، المدينة ذات الغالبية السنّية التي يسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» عليها، وهو أمر لا يحسم فقط أن الميليشيات الشيعية ستعيد ما فعلته في المناطق السنّية التي دخلتها من قتل واعتقالات وانتهاكات بل كذلك أن الأمر يتعلّق بمعركة تخصّ إيران أيضاً ومطلوب أن تضاف إلى رصيدها السياسي والعسكري.
ليست هذه السابقة الأولى التي يظهر فيها سليماني في العراق أو سوريا، كما أنها ليست أول مرة يُعلن فيها عن كونه يقود المعارك ويوجّه قادتها المحلّيين سواء كانوا من الميليشيات والتنظيمات الشيعية التي تأتمر بأمر إيران المباشر في العراق، كما في سوريا ولبنان واليمن (وربما السعودية والبحرين)، أو حتى من قادة الجيش والشرطة والأمن، في إعلان فظّ عن الولاية الإيرانية على تلك البلدان العربية وعلى قادتها ومسؤوليها وضباطها الذين تُعاملهم الجمهورية الإسلامية كوكلاء لها على شعوبهم (طبعاً مع الحفاظ على البروتوكولات الدبلوماسية اللازمة في الحفاظ على الألقابّ والمسميات).
يثير الحدث المتكرر طبعاً بعض الجدل بين المسؤولين العراقيين الذين يحسّ بعضهم بالصغار والإهانة التي يسدّدها سليماني لوظائفهم الافتراضية، من رئيس الجمهورية العراقية إلى رئيس وزرائها وصولاً إلى قادة جيوشها وأحزابها ونوابها والمسؤولين عن القانون والأمن و«السيادة» فيها، وانتهاء بمواطني العراق المفقرين والمعدمين والمقادين إلى المذابح والمعارك التي تخدم أجندة طهران في المنطقة العربية بقدر ما تدمّر البلدان التي تستولي على مقدّراتها وشؤونها وقراراتها.
لا يجب، مع ذلك، إنكار أن لإيران شريكاً كبيراً في إنجازها العراقيّ هذا وهو الولايات المتحدة الأمريكية التي قاد تيّار المحافظين الجدد اليميني خلال إدارة الرئيس جورج بوش وتيّار اليسار الملتزم بالبرنامج السياسي الامبريالي نفسه خلال إدارة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الحرب على أفغانستان والعراق عام 2003 وفتحا، عمليّاً، الطريق لتدمير الدولة العراقية وخلق واقع تاريخي جديد لم يحصل في العالم العربيّ والإسلامي من قبل وهو امتداد النفوذ الإيراني من أفغانستان حتى لبنان واليمن عبوراً بالعراق وسوريا.
لا يمكن القفز، مع ذلك، عن الطبيعة الاستبدادية للنظام العراقي السابق أيام الرئيس الراحل صدام حسين، والذي مهّد بنموذج جبروته وتسلطه على شعبه وقرار احتلاله للكويت، لكل ما حصل لاحقاً، ولكنّنا أيضاً لا يمكن أن ننكر أن ذلك النظام المركزي المستبد قام بإنجازات علمية وهندسية وعسكرية كبيرة، وأنه كان العقبة الأكبر أمام الاستيلاء الإيراني على مقدرات المنطقة العربية، وأن خطّة تدميره كانت حلماً كبيراً لإسرائيل، التي كان بعض أتباعها منظرين أساسيين لتيار المحافظين الجدد الأمريكي، وكان خراب العراق، وليس إسقاط نظامه فحسب، هو هدفهم الحقيقي.
يبدو هذا الحدث أيضاً مناسبة كاشفة لمناقشة دور بعض الأنظمة العربية التي استخدمت النظام العراقي السابق وجيشه العظيم لدرء مخاطر الهيمنة الإيرانية عنها لكنّها تكالبت عليه بعد أن دفع شعبه أثماناً هائلة من لحمه الحيّ خلال الحرب مع إيران، ولاحقاً خلال سنوات الحصار والتجويع، وانتهت بتحشيد الجيوش ضده والمشاركة في المشروع الأمريكي الإسرائيلي لتدميره، وها هي الآن تدفع ثمن تواطئها وقراءتها الاستراتيجية الركيكة للتاريخ.
من المؤكد أن تنظيم «الدولة الإسلامية» زاد في آلام العراقيين وخراب بلادهم وحرف بوصلة نضالهم ضد الاستبداد والفساد والاحتلالين الإيراني والأمريكي، لكن المؤكد أيضاً أن هذا التنظيم هو أحد نتائج مظالم وفساد السياسات الأمريكية والإيرانية وانفلات العنف الطائفيّ وانسداد الآفاق السلميّة والديمقراطية للتطوّر في العراق.
لعلّه صار من الأفضل لقادة العراق أن يعيّنوا قاسم سليماني قائداً للجيش العراقي بدل تكليلهم بالإهانات كلّما أراد الجنرال الإيراني القيام باستعراضاته الحربية أمام حكام وشعوب هذه المنطقة الذليلة والمقهورة على أمرها.

قاسم سليماني قائداً للجيش العراقي؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سلام عادل:

    اعتقد انكم بقصد او من دون قصد جعلتم من قاسم سليماني سوبرمان وكانه لا يوجد غيره في ايران او المنطقة مرة في العراق يقود المعارك واخرى في سوريا وثالثة في لبنان ولاادري هل سنجده المرة القادمة في اليمن او حتى ليبيا.انكم تصنعون سوبرمان من لاشيء.

  2. يقول سلام عادل:

    فقط مرة اخرى للتوضيح حول مسالة الانجازات العلمية والهندسية وغيرها للنظام السابق.ان جميع المشاريع العلمية في العراق كانت موجودة قبل النظام السابق ومنها( منظمة الطاقة الذرية) تم بناء اول مفاعل في عهد عبد الكريم قاسم 1959 وكذلك مشروع او قرار التاميم وغيرها كلها مشاريع رات النور بعد عام 1958 واثناء الحرب الايرانية تحولت كل المشاريع السلمية والمدنية الى تصنيع عسكري ويمكن مقارنة النهضة في المجال العسكري العراقي كما في الاتحاد السوفيتي السابق او كوريا الشمالية حاليا فالهم الوحيد لهذة الانظمة حماية نفسها من الاخرين.

  3. يقول Sultan:

    كل ما رد بتعليق الأخ محمد قطيفان/ الشرق الأوسط كان صحيحا مائة في المائة ان داعش أوجدتها ايران وأمريكا وإسرائيل لو كانت ضد الشيعة لماذا لم تدخل المدن الشيعة وتحتلها بدلا من مدن السنة وكما قال الأخ قطيفان استمرار دخول داعش المدن السنية إلا لتهديمها وقتل اهلها ومن بقي علي قيد الحياة يتم تشريده ويحل محلهم الطائفيون الشيعة هذا هو المخطط الذي ينفذ علي ارض الواقع في العراق وفي اليمن وفي سوريا وفي لبنان .

  4. يقول مهند العراق:

    بارك الله فيك يا أخ سلام كفيت عني بالرد على موضوع الانجازات العلمية لنظام صدام ، ولكن الشيء الذي اريد ان اقوله بتعجب ان البعيد والقريب يتحدث بأسمنا نحن العراقيون وكأننا غير موجودون ولا رأي لنا ، وكما قد اعطينا الجميع صك على بياض للحديث نيابة عنا ومص الشفاه اسفا وحسرة لما وصلنا اليه او اوصلونا اليه !!!
    لا ياسادة خلوا اسفكم وحزنكم لكم ولبلدانكم ،فنحن كنا وما زلنا وسنبقى بألف ألف خير . بلد الخيرات والخيرين ، بلد النخيل الباسق ،حضارتنا اقدم ماعرفت البشرية من شرقها الى غربها ……… وكفى !!!

  5. يقول عبدالحق فرجيوة الجزائر:

    المشكل المطروح ليس فى العراق او قاسم سليمانى ولكن المشكل هو انكفاء هده الامة على نفسها وسلمت امرها للدى حدرها منه بارؤها ومصورها فجنت على نفسها ان هده الامه ولحد الان مازالت تبحث عن جادة الطريق التى توصلها ……من يرتض فى غير الاسلام طريقا فالحصرم مداقه

  6. يقول سلام عادل:

    شكرا لك يا اخ مهند ان غايتنا الوحيدة هي الحقيقة كما عرفناها وعشناها ولا يمكن ان نساوم عليها اما الاخرين فهم معذورون لان الحقائق وصلتهم هكذا والبعض يمكن يعرف الحقيقة ولكن لغايات في النفس يعيدون ويكررون نفس الاسطوانة .راينا في صدام او نظامه وكذلك مع من اتى بعده نقوله بكل وضوح.كل النتائج الحالية مترتبة ون سوء ادارة البلد سابقا فلو كان النظام حريص على وحدة العراق وشعبه وجيشه الذي ملك خبرة عظيمة منذ تاسيسه لما زجه في حرب الكويت وما بعدها لان اي عاقل يعرف النتيجة وما ستؤول الامور اليه.

  7. يقول حسام الدين مصطفى/السودان:

    المؤامره ليست من إيران
    .. وإنما العرب انفسهم عملاء يتاجرون بشعوبهم لارضاء الغرب
    .. اليس هم من أيدوا اسقاط صدام من اجل الثأر الشخصي والعداوه ، ونسيو القوميه

  8. يقول أ.د. خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    شكراً لرأي القدس العربي…
    لقد نشر لي تعليق يوم أمس على مقال الاستاذ المذحجي أدناه أرجو أعادة نشره

    ” أ.د خالد فهمي – تورونتو- كندا
    Aug 7, 2016 at 1:23 am

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته أستاذ مذحجي وشكرا على المقال المهم من داخل أسوار نظام ولاية الفقيه…
    أعتقد والله تعالى أعلم أن الاعدامات لآهل السنة والجماعة في العراق ستبدأ عما قريب وعلى غرار ما يجري في أيران الفرس المجوس !!! والذي سينفذها هو الحاكم العسكري ” الفعلي ” للعراق…ألا وهو قاسم أبن سليماني (أغا) ولا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم !!!

    أذاً هو سليماني برأيي ليس قائد للجيش العراقي وأنما هو ” الحاكم العسكري الفعلي ” للعراق بتفويض ولاية الفقيه خامنئي وانا لله وأنا اليه راجعون !!!

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية