هل صحّ قولٌ من الحاكي فنقبَلهُ
أمْ كلُّ ذاكَ أباطيلٌ وأسمار؟
أمّا العقولُ فآلتْ أنّه كذِبٌ
والعقلُ غَرْسٌ له بالصدقِ أثمار
نعم يا أبا العلاء المعرّي، أتتْ كلماتك على الجِراح، فكيف نقبَلُ هذه الافتراءات التي برزت فجأة من العَدم بين عشيَّة وضُحاها لتنال من دولة قطر، فما هي إلا أباطيل وأسْمار، تَؤول العقول إلى تكذيبها.
أنْ تُتّهم قطر جزافًا بدعم الإرهاب، لَهُو استخفاف بوعيِ الشعوب العربية والإسلامية، لقد عَانت السعودية الأمرّين من تهمة الإرهاب، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، التي قام بتنفيذها عرب أكثرهم من المملكة، إضافة إلى كثرة أعداد السعوديين في بُؤر القتال، في الصراعات الدائرة في العالم الإسلامي، كل ذلك وضع السعودية زورا وبهتانا تحت طائلة دعم الإرهاب، فهل يُعقل أن تسمح الشقيقة الكبرى لأن تكتوي أختها بالنيران ذاتها؟
وأتحدث عن السعودية تحديدا لما لها من ارتباط وَثيق بقطر في المذهب والتوجّه الديني، فكلاهما يوصف بالوهابية.
غير مقبول أنْ تُتَّهم قطر بدعم الإرهاب من أجل علاقتها الانفتاحية على التيار الإسلامي المعتدل، فهي ترى أن هذا التيار ليس هو العدو، وأن إقامة علاقات هادئة مُتَّزنة مع تلك الجماعات أفضل من التضييق عليها ومحاربتها، ودفْعها خارج المسار السلمي، وأنَّ الأوْلى أن تستثمر تلك العلاقات مع الفصائل المعتدلة باتجاه تقارب مع أمريكا والغرب، وهو ما يُعد استثمارا في صناعة السلام وانفراج العلاقات بين الشرق والغرب، وبين الإسلام وغيره.
وكيف تُتهم قطر بدعم الإرهاب بذريعة علاقاتها المنفتحة على جماعة الإخوان، رغم أن الدول التي تتهمها بذلك لها علاقاتها الواسعة مع ذلك الفصيل، فمنها من تنفَّذت في مؤسساتها رموز إخوانية، ومنها من ظلَّت عقودا تسمح لتلك الجماعة بممارسة الحياة السياسية والحزبية والتنافس على السلطة – بالتوازي مع التضييق عليها ـ ومنها من استضاف رموز الجماعة العلمية والدينية حينا من الدهر.
غير مقبول أن تُتهم دولة قطر بدعم الإرهاب استنادا إلى قبولها بافتتاح مكتب لحركة طالبان الأفغانية في الدوحة عام 2013، والتوسُّط بينها وبين الأمريكان لإطلاق سراح الجندي الأمريكي مقابل خمسة من عناصر الحركة.
قطر تتبنَّى منذ التسعينيات سياسة الباب المفتوح، التي تُركّز على بناء علاقات، والتوسط في حل النزاعات، بما تستفيد منه قطر والمجتمع الدولي معا، تلك السياسة سمحت لها بأن تقوم بدور الوسيط في العديد من المحادثات والاتفاقيات، ومنها الوساطة بين جيبوتي وإريتريا، والتوسط لإنهاء أزمة راهبات معلولا، والإفراج عن الصحافي الأمريكي بيتر ثيو كيرتس، الذي كان مختطفا في سوريا، كما توسطت قطر للإفراج عن 45 جنديا من فيجي، تابعين لقوات حفظ السلام في سوريا أيضا. فبأيِّ منطِق تُتهم قطر بدعم الإرهاب، وهي تنتهج دبلوماسية تعتمد على لغة الحوار وتعزيز السلام؟
وكما قلت سابقا وأكرر: الإرهاب تفريق لا تجميع، هدم لا بناء، تغليب لصوت الرصاص على صوت العقل والحكمة. واستنادا إلى هذه الدبلوماسية المُثْمرة التي يستفيد منها الجميع، ما الذي يمنع أن تتفاهم قطر مع حركة طالبان، التي كانت لاعبا بارزا على مسرح الأحداث في أفغانستان، وهي الحركة التي سيْطرت على معظم البلاد في فترة من الفترات؟
لقد أثْمر هذا التفاهُم مع الحركة صفقةً تم بمُقتضاها الإفراج عن رقيب في الجيش الأمريكي اعتقلته طالبان مقابل الإفراج عن خمسة من عناصر الحركة كانوا في سجن غوانتنامو، على أن يظلّ الأفغان الخمسة تحت رقابة قطرية لمدة عام.
ومما يضع علامة تعجب إزاء هذه التهمة، أن هذه الخطوة تمت بمباركة أمريكية، وأشاد بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
غير مقبول أن تُتهم قطر بدعم الإرهاب لأنها تدعم المقاومة الفلسطينية، فهو شرف ينبغي أن يسعى إليه الجميع، فإن قضية فلسطين هي قضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، ومقاومة المُحْتل الغاصب حقٌ مشروع بموجب قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وكلُّ موادِّها تُعطي الحق لأي شعب من الشعوب في تحرير أرضه ولو بالكفاح المسلح، دون اعتباره إرهابا، فكيف يُتهم من يدعم شعب فلسطين في تحرير أرضه، بأنه إرهابي أو داعم للإرهاب؟
تُهمة رعاية ودعم الإرهاب أصبحت ورقة ضغط أمريكية، لمُعاقبة الشرفاء وإجبارهم على التناغُم مع توجهات البيت الأبيض، ولوازِمِها من المصالح الصهيونية، وصار مصطلح الإرهاب فضفاضا، تُرمى به الدول والجماعات والأفراد دون تقديم حيثيات مُقنِعة مَدعومة بالأدلة المادية.
هناك رغبة محْمومة في وضع الدول والحكومات بين خيارين، إمّا التعامل مع كل الفصائل الإسلامية باعتبارها جماعات إرهابية، دون تمييز بين كيان وآخر، وإمّا التعرض لتهمة دعم الإرهاب، وهو أمر جدُّ خطير من شأنه التكريس لمزيد من العنف والإرهاب، إذ أنْ هذا التوجّه قد يدفع الفصائل التي تنبُذ العنف إلى انتهاجه.
ولا ريب في أن اتّهام قطر بدعم الإرهاب سيصبُّ في صالح الكيان الصهيوني، ويُخضع ملف القضية الفلسطينية لقبضة الحكومة الإسرائيلية. أضف إلى ذلك أنَّ تمرير هذه التهمة، سيكون تجربة قابلة للتكرار، مع كل نظام لا يقبل بحرفية الإملاءات الخارجية، فالهجمة على قطر واتهامها بدعم الإرهاب لا يمكن النظر إليه على أنه نزاع عربي عربي، ولا يمكن فصْلُه عن المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة.
كاتبة أردنية
إحسان الفقيه
السلام و عليكم
محمد من الجزائر، عندما رأيت أن بعض الدول العربية اتحدت فهمت ان قطر مظلومة.
اما بالنسبة الذين تحدثوا باسم الجزائر، فاعلم ان العدو الوحيد للجزائر هو اسرائيل وق
وطر اخوتنا
اياك و الاستاذ دراجي و الاستاذة خديجة بن قنة فانهم فخرنا،
صحيح أن قطر هي التي خصت بالهجوم لكنهم يقصدون الرأس الكبيرة تركيا ولكن أو تحركاتهم سوف تكون ضد حماس. قاتلهم الله.
احسان الفقيه بفكرها الحر الهائم في سماء الفكر ودنيا العلم وكلماتها الرقيقه الانسيابية التي تعرف طريقها الى القلوب دون عناء .. ولطالما صنعت من امواج الحزن والدموع لوحة ادبية تلامس العقل والضمير وتثير في النفس الشجون والذكريات الهائمه في سماء الابداع ..كلماتها كسنابل من ذهب في كل سنبلة الف جمال وعذوبة تنثرها على حقول الفكر فتملؤها روعة وجلالا وبهاء مقال سياسي بنكهة ادبية ..قوافل شكري وامتناني
الإرهاب تفريق لا تجميع، هدم لا بناء، هو التغليب المطلق لصوت الرصاص على صوت العقل والحكمه من مقال احسان الفقيه
بصدق هناك الكثير لا يعلم بهذا الواقع المرير.. انا أتابع كتاباتك من فترة قريبة بصدق اشعر برغبة عارمة لقرأة ما تكتبين
الله يجزيكي الخير و يكتر من امثالك والله نحنا بحاجة لناس و متلك خلي الناس النايمة تصحى
كلام في الصميم ..
كلام العقل و المنطق و الإنصاف !
.
ولكن على من تقرأين مزاميرك يا سيدة احسان ؟!
.
هؤلاء صموا وعموا ، فلما تكشفت الحقائق صموا و عموا كثيرا !!
.
فقط وددت توضيح ان الوهابية مدرسة و ليست مذهب ، و تنسب كما هو معلوم الى الشيخ محمد عبد الوهاب ، و هي في العقيدة لا غبار عليها ، فالعقيدة في الاسلام سلفية التوجه ، ثابتة الاركان و الحقائق.
المشكل في الوهابية حين تأتي الى المعاملات ، و تنزل التقاليد و بيئة البداوة التي نشأت فيها و لاتزال، منزلة الدين و الاسلام و تريد ان تفرض وسائل و معاملات و ازياء و افكار القرون الماضية على الزمن الحاضر ، فحصل و يحصل الصدام و الانفصام !
مشكلة هذه المدرسة ، انها تعيش باجساد مقلديها و اتباعها في القرن الحادي و العشرين و عقولهم في القرن الاول الهجري!
.
مع ذلك ارى فرقاً كبيراً بين وهابية السعودية و وهابية قطر (ان صح ان نطلق عليها ذلك) ، فسياسية قطر ، و اهل قطر و مثقفي قطر ، و اعلام قطر ، منفتح على الجميع و يستمع الى الجميع و كما اشار المقال ، و بالتالي هناك فرق كبير بين مدرستي الدولتين!
.
و ربما هذا تحديداً كان من اسباب النقمة الكبيرة غير المبررة و غير المفهمومة من الشقيق الكبير ، قابيل!!
ما يحاك ضد قطر هو بداية سياسة الصبيان و ثمن زيارة ترامب الذي دار في الكواليس بعيدا عن المليارات التي دفعها حكامنا الاشاوس استعطافا من البيت الاميريكي و توددا اليه حفاظا على المناصب و المصالح الشخصية ، ثمنه ايضا التقارب مع اسرائيل و هاهي الإمارات تضرب مقاومة حماس في غزة جنبا الى جنب مع قوات العدو حسب ما أعلنته اللاذعة الإسرائيلية و على المكشوف ليثبتوا انهم ضد الاٍرهاب و تحرير الأقصى اصبح اليوم ارهابا، نعم البدء بقطر سيصل الى تركيا بعد ان فشلت كل مساعيهم للقضاء على الطيب اردوغان و الإطاحة به و على عينك يا تاجر سنحقق للامريكان في وضح النهار ما عجز عنه خبراتهم كسبا للولاء و البراء الامريكي الصهيوني ، انه قلب للمفاهيم و المعايير المتفق عليها في مصطلحات العلوم السياسية، و ضربا لكل أصول الجوار و الشهامة و العروبة و الاسلام و ما تعلمناه
المقال جيد ..التحيز لجهة طبيعي لكل انسان المهم ان نفهم جميعا ان الخلافات سياسية و سيادية و لا ندخل احدا في دائرة التكفير بسبب موقفه من حزب او دولة ..الخلافات تحل و لو بعد حين و لكن التكفير و التعهير لا ينساهما التاريخ بسهولة و كذلك تكتب في ميزاننا عند الله… كلا الطرفين يحاربان لايجاد مكان لهما في المستقبل التفتيتي القادم على يد ايران و اسرائيل و الافضل دائما العودة الى الحضن العربي ضد المحتلين بدل التفاوض معهما