قبول جائزة القدس (أورشليم) من قبل الكاتب إسماعيل قادري (كاداريه) الألباني و(مسلم الأصل) كما يرغب في التعريف عن نفسه، وهي جائزة تُمنح كل سنتين لكاتب متميز، حيث جاء في أسباب منحه الجائزة أنه «كاتب متميز بالتعبير عن الحرية الإنسانية»، إلا أن هذه الكذبة المقحمة، لا يمكن أن تصمد إذا ما نبشنا التاريخ الحقيقي لهذا الكاتب، الذي كان مقربا بصورة استثنائية من الزعيم أنور خوجا الذي أدار بلاده و»عباده» بديكتاتورية عنيفة، قامعة للحريات ومتسلطة على الناس. كما أنه كان من سدنة النظام ومن أركانه البارزين.
هذا في التطبيق العملي والحياتي، ومنذ عشرات السنين؛ أما ما جاء في نتاجاته الأدبية كـ»جنرال الجيش الميت» و»العام السيء» و»الخليفة» و»الهرم والعرش» وغيرها، فإن فيها استيحاءات تاريخية أسقطها على المواجهات التي خاضها الشعب الألباني ضد الاحتلال العثماني وما سبقه. وعندما استشعر كاداريه بأن سفينة السلطة الألبانية القامعة مقبلة على غرق محقق، خصوصا أنه المقرب من السلطة والمسموح له بالسفر والتنقل خارج ألبانيا بحرية، وبحكم اتصالاته بمصادر خارجية، ازدادت قناعاته بقرب سقوط نظام أنور خوجا، فلجأ على وجه السرعة إلى فرنسا، خصوصا أن الاتحاد السوفييتي بعظمته وجبروته أخذ يتهاوى ويتفكك. وكذلك حصل الأمر في كتلته الشرقية، وأن تكون بلاده ألبانيا تنتمي حضاريا إلى أوروبا، نافضة عن نفسها ثوب المرحلة العثمانية القريبة أو غيرها البعيدة، فإن ذلك هو من تفاعل ومفاعيل الجغرافيا ومآسي وضغوط التاريخ في صعود وهبوط القوى في العالم.
نعم ألبانيا جغرافيا، هي في قارة أوروبا، لكن الجنوب الأوروبي ليس كشماله أو وسطه. وألبانيا هي مساحة تحاذي تركيا العثمانية الأتاتوركية ثم ما تلا ذلك، ومن الطبيعي أن تتأثر بكل ما جرى ويجري في حدود جاراتها من جميع الجهات. أما عن قوله «إنه كاتب يكتب أدبا»، فإن النتاج الأدبي في أغلبه هو سياسة في النهاية، وتاريخه الشخصي وما جاء في نتاجاته يؤكد أنه كان وما زال يتعاطى السياسة كـ «مدمن» سعى ويسعى بإلحاح نرجسي منقطع النظير، للحصول على ترشيحات لجائزة نوبل العالمية، كما سعى غيره من الأدباء إلى التمرغ على أعتاب السلطات التي احتلت و»انتفشت» واستعلت، وأصبحت تعطي من الصكوك والأموال والدعاية ما يغري ويدغدغ نرجسية بعض الأدباء، ويجعلهم يقعون في مصيدة المحطات والمضامير التي على من يمكن ترشيحه لجائزة نوبل الأدب أن يمر فيها، ويتعمد في محاريبها ودهاليزها، وينال شهادات براءة وإبراء من قتلة ومحتلين وظالمين.
أما عن فريته الأخرى المتعلقة بقوله «إن إسرائيل وألبانيا تناضلان من أجل البقاء في محيط كريه» فإن ذلك يعتبر من جوهر العمى الذي جعله وغيره لا يرون ما يفعله المحتل الصهيوني بالفلسطينيين، و«الكريه» هو الضحية الذي لم يترك له الجلاد «براكية» أو «بيت شعر» يلوذ تحتهما من قر وحر الطبيعة، ليوالي الجلاد مطارداته وإرسال جرافاته لتمارس السادية في أوضح تطبيقاتها ومعانيها في الهدم والتشريد والنسف لبيوت الفلسطينيين في جميع مناطق فلسطين، في القدس والنقب والجليل، وآلاف البيوت في غزة والمئات منها في الضفة الغربية، وقبلها نسف وتدمير نحو 530 قرية وبلدة ومدينة عام 1948. هذا هو حليف ألبانيا في نضاله لإفناء الشعب الفلسطيني وتطبيق القوانين المجافية لحريته التي تنضح عنصرية وتمييزا، إلا أن الذات النرجسية لم تر إلا ما يمكن أن يوصلها إلى عتبات نوبل الأدب، بعد أن حصلت على البوكر من قبل.
إلا أن ذلك في الحساب العاقل والمعقول، لا يمكن أن يحصل، نظرا للماضي القريب لكاداريه في تعاونه مع نظام شمولي ديكتاتوري وقامع للحريات ومصادر للديمقراطية. وجوهر منح الجائزة إضافة إلى المستوى الأدبي الراقي والمبدع، يركز على من تبنى ونشر قيم الحرية وعدم التمييز، علما بأن لجان التحكيم تحيد أحيانا ولاعتبارات سياسية عن القيم والمبادئ التي راعتها وتراعيها في مجمل دوراتها، ولنذكر أنها منحتها ذات مرة إلى كاتب صهيوني هو يوسف عجنون وكان يكتب بلغة «الييديش»، وهي لغة شبه منقرضة.
ضربة إيتماتوف
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، والذات بالذات تعلن وتعلم، فإن الأديب السوفييتي القيرغيزي جنكيز إيتماتوف، سبق كاداريه بالوصول إلى القدس المحتلة في نهاية ثمانينات القرن الماضي، وقابل وتباسط مع إسحاق شامير رئيس الوزراء الإسرائيلي يومذاك، وهو الموثق في سجله أنه كان من القيادات الصهيونية التي ارتكبت المجازر بحق الفلسطينيين قبل وبعد عام 1948، وأن مذكرة سطرتها القوات البريطانية بحقه نظرا لارتكابه جرائم ضد قواتها وقياداتها، ومع ذلك فإن إيتماتوف جاء إلى القدس المحتلة طالبا «الرضا وبركات شامير»! علما بأن الاتحاد السوفييتي كان ما زال على قيد الحياة، وهو الذي لم يقصر في منح إيتماتوف أرفع الأوسمة الأدبية والجوائز واعتبره من ضمن أدبائه الكبار، وهو فعلا يستحق التكريم والتقدير، بعد أن ترجمت أعماله إلى أكثر من مئة لغة، مثل: «المعلم الأول» و«جميلة» و»المنديل الأحمر» و»السفينة البيضاء» و»الكلب الأبلق» و«وداعا أيها الطير» و«نمر الثلج» و«وداعا يا غوليساري»، وهي الأروع من بين رواياته.
وغوليساري هذا هو الحصان الذي أبدعته قريحة إيتماتوف وجعلته يتبارى في العطاء والتعاطف والمتناوب في تقديم التضحيات، وفهم وإدراك الصعوبات والتحمل والصبر على المكاره، تماما كأنه ذات إنسانية واعية ومدركة لما تفعل.
وهذا ما دفع أديبنا سعيد حورانية في سبعينات القرن الماضي، إلى كتابة مقدمة بشر بها وحذر من إصابة من يقرأ كتابات إيتماتوف «بضربة شمس» تأثرا وإعجابا وتقديرا لاجتراح إنجازات للتوغل في فهم أعماق النفس الإنسانية وحتى الحيوانية. ذكر الأديب العالمي ماركيز حائز جائزة نوبل عن أدب إيتماتوف «لقد جمع في أدبه واقعية إنسانية مع الأسطورة والفلسفة والمشاعر الإنسانية النبيلة».
مع ذلك فإن إيتماتوف وصل إلى القدس المحتلة عله ينال «بركات» شامير، اجتهادا منه بأن ذلك قد يوصله إلى عتبات نوبل العالمية، ولتكون خطوته تلك «ضربة» حقيقية للقيم والمفاهيم والمبادئ، وذلك الغنى الإنساني الذي وزعه في مؤلفاته. حقا إن نرجسية بعض الأدباء لا تطاق أحيانا، بل وتكون مدمرة لإنجازات ومبادئ قيمة في أحيان أخرى. وهي في إلحاحها للفت الأنظار إلى ذاتها المتضخمة، وسعيها إلى الشهرة، تسيء إلى جل ما أنجزته وضمنته في مؤلفاتها من قيم ومبادئ تربت وتتربى عليها الأجيال.
كاتب فلسطيني
سليمان الشّيخ
هذا نوذج من ضحايا النظام الفاشي الشيوعي الذي حكم البانيا بالحديد والناس وكان اسوأ نظام دكتاتوري ولد من رحم الشيوعية فقد دمر الحرث والنسل ومسخ ثقافة الشعب فلا تستغرب ان تجد مسلمة البانية متزوجة من صهيوني او من بوذي او إنسان يمتلك هذا النوع من الفكر وهكذا تكون خصائص الممسوخين.